ما للبصائر لا تبصر والمرأى لائح,وما للقلوب لا تفقه والدليل راجح,وما للجوارح لا تستقيم والطريق واضح,وما للنفوس لا ترجع إلى الله ومنادي الموت بها نائح ,ها هي أوراق عام هجري تساقطت,وها هي شهوره وأيامه ولياليه تلاحقت,توالت علينا جمعاته في تجديد,و أقمنا الصلاة فيه وصمنا رمضان واحتفلنا بالعيد,وهانحن نودعه ونستقبل عاما جديد,وكل واحد منا لا يدري أيتم عامه أم يهلك قبله ويبيد.. نحن على مشارف عام جديد نحتفل فيه بذكرى عظيمة تخلدهاأمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها, ذكرى الهجرة النبوية الشريفة الحافلة بدروس الصبروالثبات ودروس الإيمان الحق واليقين في الله تعالى,لكننا في أحسن الأحوال جعلنا من هذا الحدث العظيم ومن معانيه السامية ومغازيه الجليلة مجرد حكاية مسلية نرويها للأطفال تتحدث عن خروج تحت جنح الظلام للنبي عليه الصلاة والسلام ,وعن غاروعنكبوت وبيض حمام فواأسفاه على أمتك من بعدك يا محمد , سيدي يا رسول الله , نسيت أمتك هجرتك وباعت دينها بدنياها,سيدي يا حبيب الله تركت أمتك سيرتك الطاهرة وأعرضت عنأهدافها فتمزقت أوصالها وساءت أحوالها,سيدي يا رسول الله,سلكت أمتك من بعدك السبيل المعوجة وضاع منها الطريق وزاغت عن المحجة , فيا عجبا كيف يكون هذا حالنا ونحن أصحاب الدين البالغ والبرهان الساطع,ووالله لن تقوم لهذه الأمة قائمة ما لم ترعو عن غيها ,وما لم ترجع إلى ربها ودينها فيكون لها التمكين ...يتطاول المشركون على رسول الله (ص) فيسبونه ويأذونه,ويسفهونه ويقذفونه بالحجارةويدمونه بالأشواك,ومحمد (ص)صابرعلى البلاء, ويموت عمه أبو طالب الذي كان يحميه,وتموت زوجته خديجة التي كانت تؤنسه, ويضيق به الحال فيرفع يديه الكريمتين ضارعا إلىالله تعالى والدموع تفيض من مقلتيه الشريفتين وتبلل لحيته الطاهرة ويقول :"اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين,اللهم أنت رب المستضعفين وأنت ربي,إلى من تكلني,إلى بعيد يتجهمني أم إلى عبد ملكته أمري,إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي,غير أن عافيتك أوسع لي,أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحل علي غضبك,أو ينزل بي سخطك,لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك" ..فداك أبي وأمي يا رسول الله .. وتجيء البشرى بعد الكربة,ويأتي الفرج بعد الشدة,ويأمر الله تعالى نبيه (ص) أن يهاجربدينه من مكة إلى المدينة المنورة , ويبكي الحبيب ثانية على مشارف مكة وهو يغادرها مكرها ويقول (ص):" أيا مكة,والله إنك لأحب البقاع إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت" . فيأتيه المدد من فوق سبع سماوات ويهون عليه الرحمان عزوجل ويبشره بأنه سيعود إلى مكة فاتحا غازيامنتصرا" لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا" .ما أشبه اليوم بالأمس ,بالأمس قذفت قريش محمدا بالحجر وبالقاذورات ,واتهمته في سلامة عقله فقالت محمد كاهن وقالت محمد ساحر,واليوم يشنع برسول الله (ص) ويصورفي أقذع الصوروالأوضاع,اليوم تشن الحملات الرخيصة على دين الإسلام ,دين خير الأنبياء محمد (ص) وتصفه بأنه دين إرهاب يسفك الدماء ويزرع الرعب ويقهر النساء, بالأمس بيتت قريش قتل محمد (ص) على يد فتى من كل قبيلة عربية حتى يتفرق دمه بين القبائل ولا تقوى بنو هاشم على مجابهة العرب كلها والثأر لمحمد (ص),واليوم تحرق نسخ القرآن الكريم أمام الكاميرات حتى تتفرق كرامتنا نحن معشر المسلمين بين الدول ولا نقدر على مجابهة الأمم المتداعية علينا,اليوم ندس وجوهنا في التراب من فرط الهوان الذي نحن فيه ,ونلتمس الأعذار لمن يتحامل على رسولنا الكريم (ص) ويهينه تحت مسميات حرية التعبير وحرية الصحافة والإعلام,ولكن حاشى لله أن تنال من المصطفى (ص) حملات تقطر حقدا وتفيض مقتا وعنصرية بغيضة ,لأن الله تعالى ناصره قبل أن ننصره نحن ,ولأن درس الهجرة العظيم فيه من الآيات البينات والآثار النيرات والعبر البالغات ما لو استلهمناه وعملنا على ضوئه في أيامنا الحالكة هاته ,ونحن نعيش على مفترق الطرق موزعين مشتتين متنافرين متناحرين,لو استلهمناه وعملنا به لتحقق للأمة عزها ومجدها ولاستعادت هيبتها الضائعة,فوالذي بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا ,ماقامت الدنيا إلا بقيام الدين وهيهات أن يحل بنا الأمن والرخاء ونحن عن نهج الهداية من الزائغين.
,, والكفار واقفون على غار ثور ,يهمس أبو بكر الصديق (ض) لصاحبه (ص) ويقول: يارسول الله لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا. فيجيبه الحبيب (ص) بلسان الواثق الموقن في ربه عز وجل ويقول :"يا أبا بكر ماظنك باثنين الله ثالثهما لا تحزن إن الله معنا" ويسجل القرآن الكريم هاته اللحظة الرهيبة إذ يقول رب السماوات في محكم الآيات :" إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا" . إلا تنصروه فقد نصره الله,لا حزن على محمد حتى ولو أهانوه حيا وميتا,حتى ولو صوروه إرهابيا سفاكا للدماء قاهرا للنساء, لا حزن على كتاب الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه,حتى ولو أحرقوه,حتى ولو استبدلوه بقرآن جديد سموه الفرقان الحق,فالله تعالى ناصر لنبيه حافظ لكتابه ,إنما الحزن على أمة محمد التي هان عليها دينها فهانت على الشعوب والأمم, الحزن على المسلمين الذين أصبحوا عرضة للتشهيروالسخرية حيثما كانوا, لأنهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم, إنما الحزن على أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله الذين غرقوا في بحورالشهوات,و باتو أسرى للشيطان وعبيدا للملذات,تمر بهم الأيام فلا يعرفون لها قدرا ,ويحل بهم شهر محرم الحرام فلا يكسبون فيه أجرا, يعيشونه عيشة الهوام ولا يعلمون أنه شهر معظم في الجاهلية وفي الإسلام , شهرله عند الله تعالى مزية ليست لغيره من الشهور,ففيه خلق الله تعالى آدم عليه السلام,وفي هذا الشهر نجى الله تعالى خليله إبراهيم (ع س) إذ قال للنار يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم , وفي هذا الشهر المبارك أخرج الله تعالى يونس (ع س) من بطن الحوت بعد أن التقمه وهو مليم, فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين, وفي شهر محرم نجى الله تعالى موسى وهارون من بطش فرعون وهامان,وفي شهر محرم إستوت سفينة نوح على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين, وفي شهر محرم, أعطى الله تعالى الملك لسليمان (ع س) ,وفي شهر محرم كشف الله تعالى الضرعن أيوب (ع س), وفي شهر محرم أخرج الله تعالى يوسف (ع س) من الجب ورد البصر إلى يعقوب (ع س) وفي شهر محرم هاجر محمد (ص) من مكة إلى المدينة ,فكان لنا بهجرته عيد مجيد ,عيد ننساه وننسى فضائله ونغفل عن معانيه ومغازيه ونحتفل بأعياد النصارى واليهود ولا نجد منهم من يحتفل معنا بعيدنا ,عيد الهجرة النبوية الشريفة ,عيد سيدنا محمد (ص) الذي لن تنال منه صحف الدنيا,والذي لا تزيدنا الإساءة إليه إلا حبا فيه وشغفا به وتعلقا بسنته واتباعا لمنهجه وسيراعلى هديه وشرعته[/align]
عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف
رد: إلا تنصروه فقد نصره الله
وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت سلط عليها حسود
سينتصر إسلامنا، هذا ما وعد به القرآن
عام هجري سعيد، عام سلام ومحبة نتمناه
جزاك الله الخير أخانا الكريم أ.حسن الحاجبي
مع التحية
نعم أيتها الفاضلة : عروبة شنكان
وعد الله للأمة بالنصر أكيد لا مراء فيه , غير أن الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ,فاللهم أعنا على أن نغير ما بأنفسنا حتى يتغير حالنا يارب العالمين .
عام سعيد لكل أهل النور ولطاقمه الإداري ولجميع المسلمين .