رد: أيهما تختار : العتاب ثم الرحيل أم الرحيل بصمت دون عتاب ...
سيدتي الفاضلة
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
في البدء كان الحرف وكانت الكلمة , فالكتابة استفزاز جميل يلامس الشغاف ولاخير في حرف لا رواء فيه ولا حياة. وحين استظللنا هنا تحت سقف نور الأدب , فعلنا جميعا لأننا من عشاق الحرف كتابة وقراءة وسماعا وتعلقا . عليه اجتمعنا وببهائه انبهرنا , وحتى حين كنا نغضب بين الفينة والأخرى كان غضبنا يشبه غضب الأطفال إذا ضاعت منهم لعبتهم . كنا أبرياء وكان حرفنا بديعا وبريئا مثلنا , وذات صباح ليس كالصباحات العربية ,هبت نسائم لم نعهدها على حرفنا العربي فاستحال مهمازا في يد البعض ومسدسا في يد البعض الآخر, صار لحرفنا أشواك جعلته عسير الهضم مهما كانت نيتنا صالحة . لبسنا الدروع الواقية من رصاص الحروف لكنها أصابتنا في مقتل . أصابتنا في لحمتنا وفي لمة البوح التي كانت تزين مجالسنا حول فنجان قهوة السيدة ميساء أو على ضفاف واحات النور التي كانت صافية وما عادت .
إنغرست سكين الحرف في الصدور وفعلت فعلها في النحور , فهل ينفع العتاب مع من كشر عن الشر بالقواطع والأنياب؟؟؟
ويا لهذا القلب الذي لا يتوب عن محبة من يشقيه , ومن مر كأسه يسقيه . ويا لهذا الحرف المتمرد الذي يأبى أن يسطر في مقام غير هذا المقام , فيجبرك على أن تنحني انحناءة المعتذر الجاثي أمام باب النور غير آبه بسهام الحروف اللاهبة .
وددت لو أنني أسترسل لكن يبدو أن دمعتي ستغلبني , فأنا بكل بساطة صاحب حرف مجروح , أداوي جرحي بحبكم وليس عيبا أن تسيل دموع الرجال .
|