إِلَيْكُمَا أَيُّهَا الصَّدَفَانِ الشَّاعِرَانِ الصَّارِخُ الطَّاسِيلِيُّ وَالْقُطْبِيُّ الْحَوَاسِّيُّ الْعَاتِرِيُّ وَعَلَى شَرِفِكُمَا الْمَلَكِيِّ أُهْدِيكُمَا نَبْضَ قَلْبٍ أَسْلَافِيٍّ أَخْضَرَ رَدًّا عَلَى عَصْمَاءِ الْبَدْءِ "نُبُوءَةُ أَطْلَسِيٍّ مِنْ غَيَابَاتِ الطَّاسِيلِيّ".
(((عَاشِقُ الْآصَال)))
أَنَا مِنْ تُرَابِ الْأَرْضِ يَافِتْنَةً وَسْنَى**وَمِنْ جَبَلِ الْأَوْرَاسِ يَرْفَعُنِي الْمَعْنَى
أَنَا الْأَطْلَسُ الْجَبَّارُ أقْصَايَ لَمْ يَزَلْ**يُعَانِقُ فِي عَيْنَيْكِ جُلْجُلَةَ الْمَبْنَى
تَعَالَيْ تَدَلَّيْ قَابَ ضِلْعَيَّ فِتْنَةً**وَهُزِّي بِجِذْعِ الطُّهْرِ فِي عَالَمِي الْأَدْنَى
إِلَيْكِ عُطُورَ الْبِئْرِ أَرْسَلْتُ رُوحَهَا**تُهَدْهِدُهَا الْأَشْوَاقُ مِنْ نَبْضِيَ الْأَسْنَى
أَنَا عَاشِقُ الْآصَالِ يَرْكُدْنَ حَوْلَهُ**لِتَمْلَأَ سَفْحَ الْكِيحِ شَقْرَاءَهُ الْوَسْنَى
نَقَشْتُكِ تَارِيخًا مِنَ الْعِشْقِ خَالِدًا**عَلَى صَفَحَاتِ الرِّيحِ مُرْسَلَةً حُسْنَا
فَتَحْتُ مَزَامِيرَ الْبِدَايَاتِ شَاعِرًا**وَأَهْدَابُكِ الشَّقْرَاءُ لَاتَعْرِفُ الْإِذْنَا
دَنَتْ فَتَدَلَّتْ قَابَ حُزْنَيْنِ بَيْنَنَا**تَكَاثَفَ فِيهَا الْهَمْسُ وَاخْضَوْضَرَتْ حُزْنَا
دَعِيهَا دَعِي الْأَحْزَانَ تُوقِظُ ثَوْرَتِي**سَأَمْشِي عَلَى أَرْضٍ لِأَذْرَعَهَا هَوْنَا
لِأَشْهَدَ مِيلَادِي بِصَحْرَاءِ تِيهِنَا**وَفَرْحَةَ أُمٍّ لَمْلَمَتْ قَلْبَهَا وَهْنَا
صَرَخْتُ وَجَدَّاتُ الْخَفَاءِ سَمِعْنَنِي**طَفِقْنَ لِيَسْتُرْنَ الصَّدَى إِذْ دَنَا مِنَّا
قَدِمْنَ سِرَاعًا مُذْ أَحَطْنَ ضَمَمْنَنِي**لِيَعْزِفْنَ مِنْ إِمْـﮋَادِ قِصَّتِنَا لَحْنَا
هَدَأْنَا وَأَوْتَارُ الْبِدَايَاتِ أَشْرَقَتْ**وَمُغْرَةُ جَدِّ الْأَرْضِ تَنْثُرُنَا لَوْنَا
هَدَأْنَا عَلَى جُدْرَانِ شُطْآنِ رَمْلِهَا**وَبَيْنَ مَسَافَاتِ الْمَوَاوِيلِ كَمْ بُحْنَا
حَزِينٌ أَجَلْ يَا صَارِخَ الشِّعْرِ مُرْهَقٌ**وَظُلْمُ ذَوِي الْقُرْبَى أُجَازِيهِ بِالْحُسْنَى
هُوِيَّةُ أَرْضِ الْجَدِّ فِي صَخْرِ حِقْبَةٍ**مُخَلَّدَةِ الْأَلْوَانِ عَنْ حَرْفِهَا ذُدْنَا
سَلُوا يَازَنَا الدَّهْرِيَّ كَمْ كُنْتُ عَاشِقًا**وَأَهْدَابُهَا الشَّقْرَاءُ تَسْجُنُنِي سَجْنَا
مُمَرَّدَةُ الْعَيْنَيْنِ مِنْ عَصْرِ فِتْنَةٍ**غَمَامَاتُهَا الْعَذْرَاءُ قَدْ أَمْطَرَتْ مُزْنَا
قَوَارِيرُهَا شَفَّتْ تُزَمْرِدُ ثَلْجَهَا**فَتَكْشِفُ عَنْ سَاقٍ لِتَعْبُرَنِي هَوْنَا
أَجَلْ عَبَرَتْنِي لَمْ تَجِدْ ذَلِكَ الْفَتَى**سِوَى ثَوْرَةِ الْمَظْلُومِ فِي كَهْلِهَا الْأَقْنَى
أَجَلْ عَبَرَتْ حُزْنِي وَمَأْسَاةَ أُمَّةٍ**يُسَجِّلُهَا التَّارِيخُ فِي سِفْرِهِ مَتْنَا
أَبَتْ حِقَبُ الْمَجْهُولِ أَنْ تَتْبَعَ الْهُدَى**وَفِي ظُلْمَةِ الْإِنْسَانِ أَنْوَارُنَا تَسْنَى
تُشِعُّ عَلَى الْأَحْقَابِ تَرْوِي انْتِشَارَنَا**وَتَنْثُرُ لِلْإِنْسَانِ مِنْ خَيْرِهَا الْأَغْنَى
وَتِفْنَاغُنَا الْمَنْحُوتُ مَازَالَ ثَوْرَةً**عَلَى كَاهِلِ الْأَصْدَافِ تَحْمِلُهُ يُمْنَا
حُرُوفٌ هَوَتْ حِينَ الْحَضَارَاتُ أَشْرَقَتْ**عَلَى جَنَّةِ الصَّحْرَاءِ فِي خِصْبِهَا مَثْنَى
مُقَدَّسَةٌ مِنْ سُدْفَةِ الْغَيْبِ أُنْزِلَتْ**تَشَافَهَهَا الْأَسْلَافُ مُذْ لَهَجُوا فَنَّا
يُهَاجِرُ سِحْرُ الْيَازِ مِنْ جَنَّةِ الرُّؤَى**إِلَى الْعَالَمِ الْمَهْجُورِ فَاكِهَةً تُجْنَى
قَدِيمٌ أَنَا يَا أَيُّهَا الْقُطْبُ أَوْغَلَتْ**عَذَابَاتِيَ الشَّقْرَاءُ فِي هُدْبِهَا الْأَدْنَى
بَكَتْنِي وَلَمْ أَعْلَمْ بِدَايَاتِ دَمْعِهَا**سِوَى شَهْقَةِ الثَّلْجَيْنِ فِي عَالَمِ الْمَعْنَى
بَكَتْ شَاعِرًا أَلْقَى نُبُوءَاتِ قَلْبِهِ**عَلَى مَذْبَحِ الْأَشْوَاقِ مُذْ أَنْسَنَ الْجِنَّا
أُنَادِيكَ عُدْ مِنْ رِقَّةِ الْإِنْسِ شَاعِرًا**لِنَنْشُرَ مِنْ بِئْرٍ مُمَرَّدَةٍ عَدْنَا
تَعَالَ وَجَدِّدْ نَبْضَ قَافِيَةِ الْهَوَى**وَفَجِّرْ مَعِينَ الشِّعْرِ فِي نَهْرِيَ الْمُضْنَى
غَرِيبٌ أَجَلْ مِنْ غُرْبَةِ التِّينِ ثَوْرَتِي**وَمِنْ غُصَّةِ الزَّيْتُونِ فِي ضِلْعِهَا الْأَحْنَى
أَعِدْنَا إِلَى الْخِصْبِ الْعَتِيقِ وَمَوْسِمٍ**مِنِ الْحُبِّ فِي بِئْرِ مَوَدَّتُهَا مِنَّا
تَنَزَّلْ إِذَنْ سَلْوَى مِنَ الشِّعْرِ أُكْلُهَا**وَلَاتَحْرِمَنّْ رُوحِي لِتُطْعِمَهَا مَنَّا
إِذَا بُحَّتِ النَّايَاتُ أَسْكَرْتَ خَمْرَةً**أَدَرْنَا كُؤُوسَ الْوُدِّ مُشْرِقَةً حُزْنَا
بَعَثْنَا حَكَايَانَا الْقَدِيمَةَ بَابِلًا**وَأَسْوَارُهَا حَدَّثَتْ هَارُوتَهَا عَنَّا
سَحَرْنَا عُيُونَ الْبِئْرِ بَلْ جَدَّةَ الرُّؤَى**وَفي عِطْرِهَا الْمَرْصُودِ يَا شَاعِرِي جُسْنَا
تَخَافَتَ صَوْتُ النَّقْرِ فِي ظُلْمَةِ الْمَدَى**وَإِزْمِيلُهَا الْمَبْحُوحُ فِي غُصَّةٍ أَدْنَى
تَدَاعَى رِجَالُ الْبِئْرِ حَوْلَ مَعِينِهِمْ**وَقَدْ أَبْدَعُوا مِنْ صَخْرِ تَلَّتِهِمْ حِصْنَا
يَسِيلُ مَعِينُ الْمَاءِ مِلْءَ ضُلُوعِهِمْ**لِيَحْضُنَهُ الْإِنْسَانُ فِي كَبَدٍ أَضْنَى
سَمِعْتُ أَنِينَ الْبِئْرِ مِنْ رُوحِ جَدَّتِي**وَمِنْ سِرِّهَا الْمَبْثُوثِ أَضْرِحَتِي تُبْنَى
أَسَلْنَا حِدَادَ الْقَلْبِ شَفَّ سَوَادُهُ**عَلَى تَلَّةِ التَّارِيخِ فِي لَوْنِهِ ذُبْنَا
شَقِيقَيْنِ كُنَّا تَوْأَمَ الشِّعْرُ بَيْنَنَا**وَهَا رَحِمُ الْإِبْدَاعِ تَحْمِلُنَا وَهْنَا
وُلِدْنَا فَكَانَ الرَّتْقُ حَرْفًا مُقَدَّسًا**وَمِنْ لِينِه الْمَبْثُوثِ نَفْتِقُهُ كَوْنَا
حَمَلْتُ أَزَامِيلَ الْقِيَامَةِ فِي دَمِي**لِأَنْحَتَ يَا إِنْسَانُ مِنْ حُرْقَتِي مَعْنَى
أُجَسِّدُ تِمْثَالَ الْحَقِيقَةِ شَاعِرًا**وَقِدِّيسَتِي الشَّقْرَاءُ تُلْهِمُنِي فَنَّا
أُحَاوِرُ أَهْدَابَ الْجَمِيلَةِ خَاشِعًا**وَسِحْرُ دَلَالِ الْهَمْسِ مِنْ ثَغْرِهَا عَنَّا
:"أَعِدْنِي إِلَى عَرْشِ الْجَلِيدِ أَمِيرَةً**وَفِي قَلْبِكَ الْمُمْتَدِّ أَخْلُدُ لَا أَفْنَى"
أَعَدْتُكِ يَاشَقْرَاءُ لِلْعَرْشِ مُذْ هَمَتْ**عِبَارَاتُكِ الْعَذْرَاءُ مِنْ ثَغْرِكِ الْأَسْنَى
يَمِيسُ حَرِيرُ الشَّوْقِ مِلْءَ نُعُومَةٍ**لِتَحْضُنَهُ عَيْنَاكِ فِي رِقَّةٍ وَسْنَى
حَزِينٌ أَجَلْ أَسْعَدْتُ عَيْنَيْكِ بِالْمُنَى**وَبِلْقِيسُ فِي هَمْسِ الْغِوَايَةِ هَلْ تَفْنَى؟
أَذَبْنَا جَلِيدَ الشَّوْقِ ذَاتَ سَعَادَةٍ**وَفِي سِحْرِكِ الِمُخْضَلِّ قِدِّيسَتِي ذُبْنَا
أَعِيدِي إِلَى الْأَحْقَابِ لَوْنَ ثُلُوجِهَا**وَسِرَّ اخْضِرَارِ الْخِصْبِ فِي مَوْسِمِي لَوْنَا
تَدَلَّيْ إِذَنْ مِنْ شَاهِقِ الْحُبِّ جَنَّةً**عَرَائِشُهَا الشَّقْرَاءُ فِي رِقَّةٍ تُدْنَى
جَدَائِلُكِ الْعَذْرَاءُ أَرْخِي حُقُولَهَا**لِتَنْضُجَ فِي شِعْرِي مُقَدَّسَةَ الْمَجْنَى
مُعَلَّقةَ الْعَيْنَيْنِ فِي أَرْضِ بَابِلٍ**حَدَائِقُكِ اخْضَلَّتْ مُعَرَّشَةً حُسْنَا
تَزُفُّ إِلَيَّ الْيَاسَمِينَ وَهَمْسَةً**مُجَنَّحَةَ الْإِحْسَاسِ فِي طُهْرِهَا طِرْنَا
نَزَلْنَا وَوَهْمُ الْكَهْلِ لَيْتَ يُعِيدُنِي**إِلَى دِفْئِهَا الْمَبْثُوثِ فِي صَدْرِهَا الْمُضْنَى
رَجَعْتُ إِلَى كَهْفِي وَوَقْعُ قُلُوبِنَا**يُغَازِلُ أَجْرَاسَ الْقِيَامَةِ مُذْ رَنَّا
أَثَرْتُ قَنَادِيلِي وَنَايَاتِ عَاشِقٍ**لِيَعْزِفَنِي الْأَسْلَافُ مِنْ حُزْنِهِمْ لَحْنَا
***
عادل سلطاني ، بئر العاتر يوم الجمعة 5 جوان 2015