عصفور يوم أخير في يناير ـــ نصيرة تختوخ
تعودّتُ أن أقتني باقاتٍ من الأزهار وأضعها بعناية في مزهريات تناسبها. عندما تذبل و تهترئ أطراف سيقانها أفصلها عن منازلها ويحدث أن لا أعوضها بغيرها مباشرة. الغرفة، التي تعيش مع الأزهار لفترة، تنبهني لصمتها بعد الفراق، تشير للمزهريات الفاغرة أفواهها وتتركني لي. أقوم غالبا إن لم أتجاوز فقر المكان ولومه بوضع فاكهة في مزهرية أو اثنتين. تمتدّ يدي إلى التفاح أو اللّيمون مثلاً، اليوم عرقلتني حبّة مانغو. توجّهت يدي إليها ولامستها، لو كانت حبة أفوكادو لفكرت فيها كبيضة تنين مجبول على الظهور مع الخطر أو منح البطولة وأدرينالين للمغامرة، لكن يدي انزلقت على عصفورٍ ألوانُهُ من نعومة بشرة الفاكهة ورائحتها، المختلفتين عميقا عن لون الثمرة الداخليّ ألحقيقيّ. فهي مزيج أكثر رقّة من سلطة لونٍ و طغيانهِ وهي نتيجة سفر. يمكن أن نعتبرها انعكاسًا أو نراها سحبا لونيا من ألوان الروح بعد رحلة تشبه في خِفَّتها رحلة الضوء.
الحبّة الصلبة على راحتي تذكرني بثقلها ومع ذلك يغيب الوزن كلّ ما أعدت أصابع اليد الأخرى لتذهب وتجيء على رأس العصفور. حتّى السّكين لن يستطيع إراقة لون الرّيش الرّوحيّ، إنّه جميل حقًّا وكلّ الأزهار التي عاشرتني نظرت فيه.
Nassira 31-1-2016
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|