[align=justify]
ذكريات يربطنا بها على الدوام لحنٌ وعطر.... عطر ولحن وأوتار ذاكرة خلايا عصبية!..
نسير على طريق الحاضر والبال خالِ سوى من مشاغل اليوم وهمومه وشجونه في طاحونة الحياة..
فجأة.. عطر ما يمر مع النسيم يأخذنا خلفه إلى صفحات ذكريات ظنناها نسياً منسياً!..
لحن ما يطرق مسامعنا فيعيدنا إلى زمن طوى صفحاته الزمن .. أو هكذا ظننا ، لأنّ لكلّ لحن عشناه بصمة من بصمات ذواتنا وعطر زهرة من زهور أيامنا وشدو عصافير أرواحنا !..
دو ري مي فا .. هي الحياة بكلّ إيقاعاتها .. سعيدها وحزينها .. حتى الأصوات المزعجة والروائح المنفرة تذكرنا بأحداث معينة وأشخاص بعينهم .. إيقاع موسيقى وروائح الأيام نعيشها.. تختزنها ذاكرتنا على قيثارها تبقى تشدنا لتفتح فجأة نوافذ ظننا أن الأيام بعدما تجاوزتها أقفلتها إلى الأبد !..
كم مرّة سمعتُ لحنا فرددت رأسي بنزقٍ إلى الخلف! .. لحن ما ..كنتُ أسمعه وأنا لم أزل في السادسة عشر من عمري وشعري الأشقر المنسدل يصل للخصر وتطير خصلاته الناعمة أو تتحرك من المشبك مع أي نسيم فتنسدل فوق وجهي تضايقني؛ فأحرك رأسي للخلف بشكل تلقائي لأعيدها إلى ما كانت عليه حتى اعتدت الحركة - ناسية – أنه مرّ على الزمن زمن ..!
- طفلة.. عشرة احد عش ر تنعش ر .. فجأة دق الباب وأنا وحدي...
- على مشارف التفتح.. حبيبي أنت وروحي أنت ...
- بدنا نتجوز عالعيد وبدنا نعمر بيت جديد
- أم وطفل بدأ يتعلم الكلام.. على بابي واقف قمرين واحد بالسما والثاني أغلى من العين بيفهم بالوَما .. ليقول الطفل : " أنا " أنــــــــا(هو القمر الثاني) الناس عندهم قمر وأنا عندي قمرين ..
وتمر الصفحات وفي كل محطة يرافقني بها صوته وألحانه حتى اليوم .. والغد أيضاً..!
وللضحك والأوقات اللطيفة والطرب ..
لا تهزي كبوش التوتِ ة..
جيت بوقتك يا حبيبي..
تعا ننسى تعا ننسى أيام اللي راحوا ..
سلِّم عليها يا هوى ..
حبيبي أنت وروحي أنت ولا حد قبلك ولا بعدك أنت..
ولا مرّة .. لعيونك غنيت..
.. تمر السنوات وفصول الغربة ...!
يغادرني بعض الأهل و..ترحل أمي وتستكمل ألحانه مرافقتي ...
- يا حبي اللي غاب من عمري أنا حياتي عذاب حرمت الهنا
من بعدِك لمين الزهر ينحني وبتشرق لمين شمسك يا دني ( يا دنيا) يا حبي يا غالي سواد الليالي حياتي أنا..
- ارجعي لي .. دخيلك ارجعي لي..
قولك صحيح؟
https://www.youtube.com/watch?v=BDycZlvJxgY
وتستمر الألحان التي أحببت ..
واليوم في الثامن والعشرين من شهر تشرين الثاني/ أوكتوبر 2016
توفي الموسيقار اللبناني..!
ترجل ملحم بركات عن جواده .. ملحن سهلٌ ممتنع في ألحانه الرائعة، من زمن العمالقة والذوق والفن الأصيل وصاحب الصوت القوي الشجي والحضور اللبناني الجبلي الآسر ...
في زمن التشوه البصري والسمعي والقيمي نفتقد هؤلاء العمالقة .. مع ألحان ملحم بركات كان لي ذكريات وصفحات من الحياة....
أما على المستوى الشخصي والإنساني فقد أحببت ملحم بركات ...
قلّة من الناس تتذكر وتفتح نوافذ الذاكرة على مشاهد بعيدة وتحكي عنها بصدق..
في إحدى مقابلاته تحدث عن التنكر القبيح للدور الذي قام به عدد من نخبة الفلسطينيين بعد النكبة في لبنان وخصوصاً الدور الثقافي الحضاري..ظننت أني سمعت الإسم خطأ .. لكنه أعاد ذكر الاسم في الحديث عن دوره الثقافي في الصحافة اللبنانية عموماً وتحدث عن صحيفة " لسان الحال " ..
نعم.. هو من قلّة تذكرت وتحدثت عن دور نور الدين الخطيب البالغ الأهمية في مجال النهضة الأدبية الثقافية والصحفية اللبنانية...
من يومها أحببت ملحم بركات أكثر .. جزء من المحبة شخصي يتعلق بوالدي وامتناني القلبي للموسيقار وحفظه له ولاسمه ودوره البنّاء على الساحة الأدبية والصحفية .. رغم مرور الزمن .. تذكّر وشهد في زمن الجميع فيه ينسى !..
وداعاً ملحم بركات .. وداعاً للإنسان والصوت واللحن اللبناني الأصيل الذي يغذي فينا الحنين.. ووداعاً للألحان العذبة الجميلة .. وداعاً ملحم بركات..
مونتريال 28 تشرين الأول 2016
هدى نور الدين الخطيب
[/align]