هكذا ضاعت وهكذا تعود - دور النفط والمدفع تحرير فلسطين
هكذا ضاعت وهكذا تعود دور النفط والمدفع في تحرير فلسطين
الطبعة الأولى: سبتمبر 1963
الطبعة الثانية: بيروت 1964
الكاتب: نقولا الدرّ حيفا 1909 – بيروت 1967
إلى جميع الإخوة والأخوات من مسؤولي وأعضاء منتديات نور الأدب الغراء، أستأذنكم في نشر تلخيصٍ لكتاب "هكذا ضاعت وهكذا تعود – دور النفط والمدفع في تحرير فلسطين" من طبعته الثانية في بيروت عام 1964. للكاتب نقولا إبراهيم الدر المولود في بلدة شفا عمرو من قضاء حيفا عام 1909. أتم الأستاذ نقولا دراسته الثانوية في القدس، ونزح إلى مصر ثم لبنان بعد النكبة، واختير عضواً في اللجنة التنفيذية الأولى لمنظمة التحرير وتوفي في بيروت عام 1967.
لعل خير ما نفتتح به موضوعنا هو مقدمة الكاتب بعنوان "كتاب مفتوح" الذي قال فيه المؤلف:
إلى كل عربي يؤثر الصدق على الكذب، والصراحة على النفاق
يا أخي
هذا كتاب فيه من الحقائق الناصعة والوقائع القاسية ما قد يؤذي سمعك ويجرح شعورك..
فإذا كنت لا تقوى على التحديق في ضياء الشمس، فأولى لك ثم أولى أن تطرحه ظهريّاً..
لقد درج معظم ساستنا ورؤساؤنا – رؤساء كارثة 1948 – على سياسة الدجل والكذب والتبجح والنفاق، فبدَوا إخوة وهم أعداء، ورؤساء وهم أذناب، وأسوداً وهم ذباب، ووحدة وهم أسر وشيع وقبائل وأنساب، فجعلوا من أمتهم – كما رأيت في العام الأسود – أضحوكة الدنيا وسبايا يهود وخرافة من خرافات التاريخ...
وبعد، فهذه أول محاولة جدية مخلصة لمعالجة القضية الفلسطينية بالصراحة العربية الأصيلة التي تحدت عمر بن الخطاب قائلة له:
"والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بحد السيف".
ورؤساء الكارثة، ولا شك، أصغر من عمر، وأحرار اليوم أكبر من ذلك البدوي الذي استباح لنفسه أن يتهدد عمراً بالسيف.
ولا سيف لي – علم الله – ولا سهم، إلّا هذا القلم يجريه الشمم والإخلاص، وأرجو أن يقع من نفسك الكريمة الأبية موقع الشمم والإخلاص.
المؤلف
بدأ المؤلف كتابه بسرد محتويات الكتاب، فهو مؤلف من ثلاثة كتب رئيسية:
الكتاب الأول "بريطانيا أس البلاء، الصهيونية خادمة الاستعمار" ويقع في ستة فصول.
الكتاب الثاني "من الذي قهرنا عام 1948؟ اليد الخفية وأعوانها" ويقع في عشرة فصول.
الكتاب الثالث "سلاحنا الفتاك الذي رفضوا استعماله، النفط العربي" ويقع في عشرين فصلاً.
ثم ختم المؤلف كتابه بستة ملاحق، ثم المصادر فالفهرس الأبجدي.
الكتاب الأول: بريطانيا أس البلاء / الصهيونية خادمة الاستعمار
الفصل الأول: تصريح بلفور
هو خطاب أرسله وزير خارجية بريطانيا "جيمز بلفور" في 2 نوفمبر 1917 إلى اللورد "ولتر روتشفيلد"
وطلب منه إبلاغه إلى الاتحاد الصهيوني .
لقد بات نص وفحوى هذا التصريح معروفاً للجميع
مزاعم وأضاليل
حرص الإنجليز وغيرهم على إخفاء الأسباب الحقيقية التي حملتهم على إصدار تصريح بلفور كما حرصوا على إخفاء غاياته ونواياه، مخترعين أسباب واهية يخدعون بها العقول، وهي أسباب ملفقة لا تثبت أمام البحث الصحيح والنقد الصريح وإن خُدع بها الكثيرون. فقد زعموا أنما أصدر تصريح بلفور لاكتساب عطف اليهود الأمريكيين وإغرائهم على إدخال بلادهم الحرب إلى جانب الحلفاء، وهذا وهمٌ محض، لأن أمريكا قد أعلنت الحرب على ألمانيا في السادس من إبريل 1917. وزعموا أيضاً أنما هو مكافأة لوايزمان على صنعه لمادة الأسيتون أو بالأحرى تزويدهم بسر صناعته وهو مادة ضرورية لصناعة البارود. هذا الزعم أيضاً باطل، فقد زعم وايزمان بأن الحكومة البريطانية قد كافأته على خدمته لبلاده وقيامه بواجبه بعد الحرب بعشرة آلاف جنيه فضلا عن مرتبه الذي كان يتقاضاه، حسبه ذلك. أما أن تمنحه مكافأة سياسية مثل "أرض فلسطين" فهذا شطط في الخيال لا يصدقه ذو عقل راجح. وتمضي المزاعم تترى فقد زعموا بأن تصريح بلفور كان أيضاً مكافأة لوايزمان عن خدماته السياسية للإمبراطورية في المهمات الاستخبارية وهذا أيضا محض اختلاق لنفس الأسباب السالفة الذكر. وهناك زعم رابع وهو أن بريطانيا قصدت كسب عطف الرأي العام اليهودي على قضية الحلفاء. فلماذا تتحمل بريطانيا وحدها إثم ذلك من دون حلفائها؟ كما زعموا ايضاً وبرروا جريمتهم هذه النكراء أن من أسباب إصدار ذلك التصريح جعل اليهود المحاربين في صفوف ألمانيا وحلفائها ينتقضون على حكوماتهم. ونقض ذلك هو أن اليهود ليسوا بالكثرة التي قد تؤثر في هذه الغاية. وقد ظل يهود ألمانيا على ولائهم لحكومة ألمانيا بالرغم من التصريح المشؤوم. وسادساً، فقد زعموا (ونقصد بهم الإنجليز وغيرهم) إنما كان السبب هو حث أثرياء اليهود في الولايات المتحدة على التبرع لقرض الحلفاء الذي كان بعض الأثرياء قد رفضوا التبرع له بسبب كرههم لروسيا. وهذا كلام مردود عليهم لأن روسيا صارت بلشفية بعد صدور التصريح بخمسة أيام فخرجت من صفوف الحلفاء إذ راحت تفاوض الألمان من أجل الصلح، إذاً لماذا لم يسحب التصريح؟ ثم إن كثيراً من الأثرياء والرأسماليين اليهود لم يكونوا قد انخرطوا بعد في الحركة الصهيونية. كما زعموا أن سببه إغراء البلاشفة بالبقاء في صفوف الحلفاء، وقد كان عددهم وافراً نسبيّاً. وهذه المزاعم أيضاً مردودة على الإنجليز فالعالم كله كان على علم تام بأن زعماء الحلفاء قد وطدوا العزم على عقد الصلح مع الألمان والخروج من الحرب بأي ثمن وفي أقرب فرصة ممكنة. ولقد شرعوا بمفاوضة الألمان بينما الحبر الذي كتب به هذا التصريح لم يجف بعد. وبعد أربعة أشهر فقط وقعوا معاهدة برست – ليتوفسك في 2 مارس 1918، فلماذا بقي هذا التصريح حياً بعد ذلك التاريخ؟ كما زعموا أيضاً بأن الإنجليز إنما أصدروا التصريح لأنهم يحبون اليهود حبّاً فطريّاً ويعطفون عليهم عطفاً خاصّاً. وهذا أيضاً محض افتراء لآن الساسة الإنجليز لا قلوب لهم وما يحركهم إلا مصلحة بلادهم، والإنجليز عامة يكرهون اليهود كرهاً متأصلاً ويفرضون على من أراد من يهود أوربا الشرقية المضطهدين الدخول إلى بريطانيا شروطا صعبة للغاية. ويحضرني هنا "أنه إذا أراد الإنجليزي أن يسب أخاه الإنجليزي يقول له يا يهودي".
إنه لمن المؤسف أن الكثيرين من الزعماء والساسة والأدباء العرب وغيرهم قد صدقوا هذه المزاعم (مع أنها مخجلة) ولم يفطنوا إلى السبب الحقيقي الخفي الذي أدّى إلى إصدار تصريح بلفور – لا وعده كما يتوهمون. إذاً فما هو السبب يا ترى؟
13 مارس 2017
3:07
موعدنا أعزائي مع الفصل الثاني من الكتاب الأول.
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|