التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,862
عدد  مرات الظهور : 162,370,361

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > تحرير فلسطين قضيتنا > فلسطين تاريخ عريق ونضال شعب > إسرائيليات > اعرف عدوك
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 07 / 11 / 2008, 05 : 07 PM   رقم المشاركة : [1]
مازن شما
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )

 الصورة الرمزية مازن شما
 





مازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond repute

الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية وتطور مفاهيمها(1948 - وحتى الان)

[frame="13 95"] [align=justify]
الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية
وتطور مفاهيمها(1948 - وحتى الان)
المقدمة
نشأت الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية تحت تأثير السياسة الصهيونية المتمثلة بسياسة التوسع والاغتصاب، والمتماثلة في جوهرها ومضمونها مع الاستراتيجية الاستعمارية. ومن هنا كانت استراتيجية إسرائيل ذات خصائص مشتركة ومتشابهة مع استراتيجية الدول الاستعمارية، وان ظلتّ كل دولة من الدول الاستعمارية تتسم بسمات خاصة بها نابعة من ظروفها الخاصة. وفي توضيح المهام الرئيسية للسياسة الإسرائيلية منذ قيام الكيان الصهيوني وحتى الان لا بد لنا من اظهار دور ووظيفة الكيان الصهيوني الذي حددته الحركة الصهيونية قبل ولادة هذا الكيان باكثر من خمسين عاماً. ففي اواخر القرن التاسع عشر اعتبر «تيودور هرتزل» مؤسس الحركة الصهيونية في كتابه «الدولة اليهودية » أن جميع يهود العالم يشكلون «عناصر غريبة في مجتمعاتهم ولهم قومية خاصة، ومن اجل جل مشكلتهم يجب تهجيرهم الى منطقة خاصة». وطالب سائر اليهود بالمساهمة في تشييد «الدولة اليهودية». وحدّد «هرتزل» وظيفة الكيان الصهيوني في نفس الكتاب بقوله «نبني من أجل اوربا مخفراً اماميا في فلسطين للوقوف ضد آسيا، وسيكون هذا المخفر طليعة العالم المتمدن ضد البريرية، وسيشكل جداراً فاصلاً بين السكان العرب في آسيا والسكان العرب في شمال افريقيا». ومن اجل تحقيق هدف ووظيفة الكيان الصهيوني عملت السياسة الإسرائيلية منذ عام 1948 وحتى الان على انجاز عدة مهام رئيسة منها: (1) - في السياسة الخارجية: تشجيع هجرة يهود العالم الى فلسطين وتطوير العلاقات مع دول العالم وخاصة مع الولايات المتحدة - وتأمين الخيار السياسي لاستخدام القوة العسكرية عند الحاجة - والدعوة للتفاوض المباشر مع كل دولة عربية من الدول العربية المجاورة لدون شروط مسبقة - والوقوف في وجه اظهار شخصية مستقلة للشعب الفلسطيني . - في السياسة الداخلية: بناء قوات عسكرية متفوقة على كافة الجيوش العربية المجاورة للتمسك بالاراضي العربية المحتلة - وانشاء قاعدة لصناعات عسكرية متطورة. من هنا يتضح لنا أن مؤتمر «بال» الذي كان يرأسه هرتزل نفسه كان بداية الاستعداد لحرب عام 1948 التي انتهت، بفضل الخداع الدولي، بهزيمة الجيوش العربية كلها وبطرد اكثر من نصف مليون عربي واغتصاب حوالى 77% من ارض فلسطين، وكان ايضاً بداية لما حدث بعد ذلك في عدوان 1967 من ابتلاع كامل التراب الفلسطيني ومعه تراب عربي آخر. والان، وفي الظروف الراهنة، ما هي الاسس التي يقوم عليها التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي؟ يقوم التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي على ركيزتين اساسيتين مترابطتين: «الامن» و «الحدود الامنة». - ان مفهوم الامن الإسرائيلي ليس مفهوم اً جامداً، بل هو مفهوم متحرك يواكب السياسة التو سعية الاستعمارية التي تنتهجها إسرائيل، وهذا المفهوم يتبدّل باستمرار بتبدّل الظورف السياسية والعسسكرية المحيطة. ومن ناحية ثانية فان مفهوم الامن الإسرائيلي لا يعني الدفاع عن ارض محددة، بل يتحقق على اساس ردعي يمنع بمعطياته نشوب حرب اخرى، الى ان تحين الظروف المناسبة التي تقرّر فيها القيادة الإسرائيلية أن الثوب الذي تلبسه قد ضاق فتخترقه لتحتال ارضاً عربية جديدة. كما يعني أن أمن إسرائيل مطلق لا يتحقق الا من خلال سيطرة إسرائيلية فعلية على المنطقة، ورفض مطلق لامكانية أن يصاب الجيس بالهزمية، وذلك لان الهزيمة تعني ابادة قومية وشخصية» (2). كما تعتبر إسرائيل أن الامن لا يعتمد فقط على القوة العسكرية، بل كذلك على الهجرة اليهودية الى إسرائيل وعلى اقامة مستوطنات جديدة في المناطق الخالية والاستراتيجية وعلى تحسين وتطوير الوضع الصناعي في إسرائيل. وبالاضافة الى كل ذلك فان الامن الإسرائيلي يعتمد عل يأمن الزمان الناجم عن أمن المعلومات وعن التدابير المتخذة لتفتيت العرب ومنع وحدتهم السياسية والعسكرية. - اما مفهوم الحدود الاآمنة فانه يرتبط بالعمل عل يضمان امن إسرائيل بالعمل على ضمان «حدود آمنة» لإسرائيل، فما هو المقصود بالحدود الامنة؟ ان مفهوم «الحدود الامنة» لإسرائيل مفهوم متحرك يتغير بتغيير الظروف الذاتية والموضوعية التي تعيشها إسرائيل، ومع ذلك فان هناك بعض التحديدات لهذا المفهوم لم تتغير منذ المذكرة الصهيونية الى مؤتمر السلم في العام 1919 وحتى الان. وبما انا لسنا في سياق تاريخي فلن نتعرض للتصورات التي وضعتها الحركة الصهيونية وإسرائيل في فترات متعددة، وسنكتفي هعنا بالحديث عن تصور القيادة الحالية لحدود إسرائيل الامنة: جاء في الخطة الاستراتيجية العامة التي وضعتها هيئة الاركان الإسرائيلية للعام (1957 - 1957) والتي نشرها الصحفي الهندي «كارانجيا» في كتاب « خنجر إسرائيل»: «ان الغاية من الحرب بين العرب وإسرائيل هي تغيير الحدود الحالية... ان احتلال اراضي عربية جديدة يهدف الى تعزيز مركز إسرائيل السياسي عن طريق سيطرتها عل يالطرذق ذات الاهمية الاستراتيجية في الشرق الاوسط، وعن طريق شق ممرات من الاقطار العربية » (3). وقد حددت الخطة الاستراتيجية الإسرائيلية السالفة الذكر المناطق التى ترى ضرورة لاحتلالها والتي تعتبرها الحد الادني لمطامعها الاقليمية. حيث قسمت هذه المنطقة حسب اهميتها الى المجموعات التالية: (4) 1 - غربى الاردن، غزة، ارض نفتالي، الجولان. 2 - شبه جزيرة سيناء، مضائق تيران، العقبة، جبال موآب، 3 - منطقة العربية السعودية الخازنة للنفط. 4 - ارض ماكير. ان الحد الادنى للمطامع الإسرائيلية حسب ما ورد في الكتاب المذكور يشمل المجموعتين الاولى والثانية. وهي المناطق التيى تسميها القيادة الإسرائيلية «بالحدود الامنة» وهذا ما حققته إسرائيل في حرب 1967 التي كانت بمثابة التطبيق الفعلي الشبه كامل لهذه الخطة.. وهذا ما تؤكد إسرائيل عليه منذ انتهاء تلك الحرب وحتى الان على ألسنة قادتها المختلفين: هو استمرار في نفس الخط وتثبيت لنفس التطور لفمهوم « الحدود الامنة » لإسرائيل وهي الخطوط التي تشكل الركيزة الاساسية لتفكير القيادة الإسرائيلي الاستراتيجي. ويتضح من بحث «ايجال آلون» لهذه النظرية: « انه لا يمكن لإسرائيل أن تحصل على الامن وان تحافظ عليه الا ببقائها متفوقة عسكريا وسياسياً واقتصاديا على البلدان المحيطة بها. وان على إسرائيل لكي تبقى في الوجود أن لا تقيم وزنا ولا تقبل بالاعتماد على اية اتفاقية أو تفاهم سياسي، ولو توفر لها هذا، ان لم يكن هذا التفاهم حاصلا في ظل سيطرة إسرائيلية فعلية) (5). وفق هذا المنهج العام، صاغت إسرائيل استراتيجيتها العسكرية انطلاقاً من ادراكها لوضعها العدواني في المنطقة، ولكونها كياناً عدوانياً، اقيم داخل رقعة اقليمية يحيط بها الاعداء من كل جانب. لقد اخذت إسرائيل بهذه العوامل لاجل صياغة استراتجيتها السياسية العليا التي تموضعت في اتجاهين: الاول اتجاه استراتيجي سياسيى. والثاني استراتيجي عسكري وتقني ، وتابع للهدف السياسي للاستراتيجية العليا وخاضعه للمؤثرات السياسية = الجغرافية، وهو مجال بحثنا الذي سنتعرض له ضمن النقاط الرئيسية التالية: 1 - المفهوم العام للاستراتيجية العسكرية. 2 - الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية وتطور مفاهيمها (1948 - حتى الان). 3 - قوة وتشكيل القوات الإسرائيلية (1988 - 1989).المفهوم العام للاستراتيجية العسكرية تعرّف الاستراتيجية العسكرية بانها فن استخدام كافة القوات المسلحة ووسائط الدولة في الحرب، وهي جملة معارف علمية عن قوانين الحرب كصرلاع مسلح من اجل مصالح وطنية أو قومية، وتنسق اعمالها وتوحّد جهودها لبلوغ الهدف السياسي العسكري الموحّد. وترتبط الاستراتيجية العسكرية ارتباطاً وثيقاً بفن العمليات الوتكتيك. فهي التي تحدد الهدف الرئيسي لاعمالها، والقوى والوسائط اللازمة لذلك، وطرق تنفيذ المهمات المسندة اليهمام. وكل نجاح جزئي في الحرب يخضع للهدف الرئيسي، لذلك فان مبادىء التكتيك يجب أن تنسجم مع فن العلميات، وهذان (أي فن العلميان والتكتيك) ينبثقان من هدف الاستراتيجية. والاستراتيجية العسكرية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعوامل الاقتصادية، والسياسية، والعلمية، والتكنيكية. وتؤثر الاستراتيجية على بعض العلوم التي لها مساس بالانتاج الحربي، حيث تحدد الصفات الفنية والتكنيكية للنماذج الجديدة للاعتدة والاسلحة الحديثة. وهي تبحث، على اساس خبرة الحروب السابقة، في شروط الحرب المقبلة وطبيعتها واستنباط طرق واشكال خوضها، وتحديد قوام القوى والوسائط اللازمة لتحقيق الاهداف الموضوعة امامها، والاتجاه العام لتطور القوات المسلحة واعدادها للحرب، ووضع اسس التأمين المادي والفني للصراع المسلح، وقيادة القوات المسلحة، مع تقديرذ وجهة نظر العدو المحتمل، وامكانياته، ودراسة وجهة نظر العدو في طرق وقيادة وخوض الحرب، ووجهة نظره في بناء قواته المسلحة، وفي استعداده الاقتصادي للحرب، واعداد موطنية وبلاده للاعمال الحربية (6). وتتبع الاستراتيجية العسكرية للسياسة التي تحدّد لها طابع الاهداف الاستراتيجية العامة والخاصة، وفي اختيار طرق واشكال خوض الحرب. ويقع على عاتق السياسة خلق الشروط الملائمة لتنفيذ هذه الاهداف بنجاح من الناحية الديبلوماسية والاقتصادية والمعنوية وانشاء الائتلافات وتوقيع مواثيق مركز الثقل للصراع المسلح من شكله اللاحربي الى الشكل الحربي. وتعرّف الاستراتيجية في الغرب « دول حلف الناتو » ( بانها فن استخدام المعارك كوسيلة للوصول الى هدف الحرب، أي أن الاستراتيجية تضع مخطط الحرب، وتحّد التطوّر المتوقع لمختلف المعارك التي تتألف منها الحرب. وأهي علم وفن وتوزيع واستخدام مختلف الوسائل العسكرية بتحقيق اهداف حددتها السياسة عن طرذيق القوة أو التهديد بها - وهي علم وفن استخدام القوة للوصول الى اهداف حددّتها السياسة. انها فن حوار القوى وخيار الارادات التي تستخدم القوة لحل خلافاتها (7). وكما قال المنظر الاستراتيجي كلاوزفير: «الحرب ما هي الا استمرار السياسة ولكن بوسائل اخرى». ويجب أن يؤمّن النظام الاقتصادي للبلاد سهولة تحوّله الى اقتصاد لصالح الحرب، ويجب أن تعطى الاستراتيجية للاقتصاد معلومات دقيقة عن المطالب ولو للمرحلة الاولى من الحرب، وكذلك معدلات الاستهلاك والخسائر، واستعراض الوسائط المادية الفنية، وذلك عبرذ اجهزة السلطات الحكومية. ولمجاح العمليات الحربية يجب توفر مستوى عال من الروح المعنوية - السياسية لافراد الشعب ولدى افراد القوات المشتركة في التقال. وبالمقابل خفض الروح المعنوية في صفوف افراد الشعب والجيش المعادي، وهذا ما يسمى بالحرب النفسية التي تتحول الى فكرة «الضربة القاضية معنوياً» والتي تعتمد على الحرب النفسية، والتي لا يمكن أن تعطي النتائج الموجوة الا عند القتال مع العدو المنهار معنوياً. اللاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية وتطور مفاهيهما تحدد العقيدة العسكرية للاستراتيجية العسكرية الاسس والمبادىء العامة التيى يجب أن تسير عليها، وخاصة الاسس والمواضيع التفصيلية المتعلقة بطبيعة الحرب القبلة واعداد البلاد للحرب وتنظيم القوات المسلحة وطرق ادارة الحرب. تكلمنا في مقدمة هذا البحث عن الجوهر العنصري الصهيوني للاستراتيجية الإسرائيلية، حيث لا يجوز اغفال موضوع طبيعة السياسة الصهيونية العالمية التي تعبّر عن مضمون هذه السياسة، الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية وجوهرها التي تتطلب منها المحافظة على القوة في اعلى درجاتها. وان المسائل المتعلقة مع العرب لا يمكن حّلها ألا عن طريق « القوة » فقط، وعلهيا أن تتبنى مبدأ «الهجوم الفعال» . وعن هذا الطريق يمكن بلوغ اهداف إسرائيل في خلق «إسرائيل الكبرى»، لفرض ارادتها على من لا يملك قوة، واجبار الذين لا يملكون بعض القوة على التساهل. ض وفي الوقت الحاضر بلغ سباق التسلح في الدولة الصهيونية حداً كبيراً، فالجرء الاكبر من الدخل القومي الإسرائيلي والمساعدات الخارجية والاميركية ينفق للاحتفاظ بجيش ضخم، وكذلك فان ثلث العلماء والمهندسين في إسرائيل يعملون في الصناعة الجربية، ويشكل الانتاج الحربي من 15 الى 20% من مجموع انتاج الدولة. وتبلغ الطاقة الكاملة للتعبئة والحشد حوالى 67 أ 17% من مجموع المستوطنين اليهود في فلسطين المحتلة لعام 1989 (يبلغ عدد المستوطينين اليهودئ 659 . 3 مليون، وعدد افراد القوات الإسرائيلية المسلحة عندئذ اعلان التعبئة حوالي (546) الف رجل)(8). وهي اعلى نسبة تجنيد في دول العالم. وفي كثير من المؤلفات السياسية العكسرية التي صدرت في إسرائيل في السنوات الاخيرة اعتبر مبدأ «ـ الامن» و «الحدود الامنة» كمبدأ وحيد في السياسة الإسرائيلية مع الدول العربية كما كتب عبلى صفحات المطبوعات الإسرائيلية وظهرت عناوين كثيرة مثل: «الحرب الوقائية»، «الضربة الاولى»، «طبيعة الحرب المقبلة»، «استراتيجية التقرب غير المباشر»، «الحملات المحدودة»، «الرد الانتقامي».. الخ. والهمسات والاشاعات تنتشر في صحف العالم عن امتلاك إسرائيل للسلاح النووي ووسائط قذفه (الصواريخ الباليستية ارض / ارض). وهنا يمكن القول بان عنصراً جديداً دخل في حلبة الصراع العربي - الإسرائيلي الا وهو السلاح النووي. وتتكرّر في الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي الاشارات الى ضرورة منع أي تقدم عربي نووي يمكن أن يؤدي الى انتاج اسلحة نووية، وتفادي نشوء حالة «توازن الرعب النووي» في الشرق الاوسط والتي لن تكون لصالح إسرائيل. وهذا ما دفع إسرائيل الى تدمير المفاعل النووي العراقي عام 1981، والتهديد بشن حرب وقائية فيى حال حصول أي دولة عربية على السلاح النووى. وهكذا يتبين لنا انه طرأت على الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية تبدلات وتطورات مستمرة، وذلك نتيجة تبدل موازين القوى العسكرية والسياسية في منطقة الشرق الاوسط وفي العالم، وكذلك نتيجة تطور الامكانيات الاقتصادية وظهور وسائط صراع جديدة (الصواريخ الباليستية ارض / ارض والاسلحة الكيمائية) في ايدي اطراف الصراع العربي - الإسرائيلي، الى غير ذلك من العوامل الاخرى. وفي الحديث عن الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية انه يجب الخوض فيها لا من زاوية ما تعنيه هذه الاستراتيجية بالنسبة للقيادات الإسرائيلية فقط / بل من زاوية الوجود الموضوعي الذي عبرت منه إسرائيل في المنطقة وعن الدور الذي تقوم به، وبالتالي،الاستراتيجيات التي وضعت من اجل تمكينها من القيام بذلك، دون اغفال طبيعة العلاقات والمتغيرات الدولية التي صارت تشكل بعد سياسة الوفاق بين الدولتين العظيميين عنصراً هاماً من عناصر عدم الاستقرار الامني في المنطقة بعد هيمنة الولايات المتحدة على مجريات السياسة العالمية. لقد ارتدت الاستراتيجية العسكرية الاسرائيية في المنطقة اربعة مظاهر رئيسية تضمنتها اربع مراحل تاريخية رئيسية تحدّها الحروب العسكرية. هذه المراحل هي : الاولى (1948 - 1956)، الثانية (1956 - 1967)، الثالثة (1967 - 1974 )، المراحلة الرابعة ( 1974 - وحتى الان).اولاً: المرحلة الاولى: (1948 - 1956): (استراتيجية الحرب الوقائية وذريعة الحرب): بنت إسرائيل استراتيجيتها العسكرية بالاعتماد على ادراك دقيق لامكانيات الدول العربية المواجهة لها، واهما: العامل البشري، والتفوق السكاني العددي، والقاعدة الاقتصادية للدول العربية، واتساع الرقعة الجغرافية والسياسية لهذه البلدان، مما يوّفر لها عمقاً استراتيجياً وهامش مناورة واسعة في الاعمال القتالية، دفاعية كانت ام هجومية، مما يمدّها بالقدرة علاى تحمل حرب طويلة الامد، لا تستطيع إسرائيلا تحملّها بسبب امكانياتها البشرية والاقتصادية والجغرافية المحدودة، في نفس الوقت الذي تعتمد فيه إسرائيل على المعونات الاقتصادية والعسكرية الخارجية وخاصة من الولايات المتحدة. ولذلك فان إسرائيل، ونظراً لوضعها الجغرافي - السياسي ، ولكونها داخل رقعة اقليمية مهددة في وجودها لتماسها الحدودي مع اعدائها المباشرين (الدول العربية )، فانها صاغت استراتيجيتها العسكرية على أساس الحرص على كسب النصر في كل معركة أو حرب مع العرب، ونقل الحرب الى عمق ارض «الخصم». لان هزيمة إسرائيل لمرة واحدة في معركة أو حرب تعني تهديد وجودها القومي. فبعد حرب 1948 بدأ اهتمام إسرائيل في بناء قوات ملحة قادرة على شن الحرب الخاطفة ضد الدول العربية المكجاورة، والتمسك بالارض المغتصبة، واعتبرت جميع مؤسساتها تخدم هدف الحرب. وتبنت في استراتيجتها العسكرية عقيدة عسكرية قائمة على ذريعة الحرب، أي تحويل عمل عربى الى ذريعة حرب واعتباره خرقاً لحالة قائمة، وبالتالي يسمح لها بشن هجمات وقائية وضربات مسبقة تتحول الى نقل الحرب الى ارض «الخصم». ولتنفيذ هذه الاستراتيجية كان لا بد من بناء الجيش المتفوق، حيث يتطلب هذا البناء ايجاد الحلول لجميع المسائل المتعلقة بانجاز بناء الهيكل التنظيمي لهذا الجيش، وتأمين تسليحه وتجهيزه، واعداد انظمة قتال وتربية افراده، وخطط التعبئة العامة. وترتبط عملية البناء هذه، بجميع جوانبها المذكورة اعلاه، بالهدف السياسي للدولة الذي أشرنا اليه سابقاً، الى درجة يتحدد معها الطابع العام للاعمال القتالية المستقبلية التي تخوضها هذه القوات، من حيث كونها اعمالاً هجومية واسعة او دفاعية محدودة، لقد حددت القيادئات الإسرائيلية بوضوح الهدف السياسي للكيان الصهيوني، وهو ما يسمى «جمع الشعب اليهودي في وطنه ». واعلنت هذه القيادات أن بناء هذا (الوطن) سيتم على مراحل فيما يسمى بـ «ارض إسرائيل الكبرى». وهذا الهدف يتطلب من القيادة الإسرائيلية بناء قوات مسلحة بفكرة هجومية - دفاعية، لكي تتمكن من تنفيذ تدمير القوات العربية المجاورة، واحتلال المزيد من الارض العربية، وتغيير واقعها الديمغرافي لمصلحة الاستيطان والتوسع الصهيوني. ولقد اعتبرت مذدكرة « يغال يادين » رئيس اركان الجيش الإسرائيلي عام 1948 دليل عمل القيادة الإسرائيلية في عملية بناء الجيش الإسرائيلي في تلك الفترة، وقد ورد فيى هذه المذكرة المبادىء التالية: (9) - تأكيد الاهمية القصوى للعامل المعنيوى في إسرائيل للرد على التفوق الكمي والاستمرار هجرة اليهود الى إسرائيل.- الاستقادة الكلية من المجهود الحربى للجالية اليهودية المنتشرة في العالم. - انشاء قيادة موحدة لجميع قوى الجيش لنتمكن من تأمين الحشد والمناورة. - التأكيد عل ياهمية المستعمرات الحدودية لا عاقة تقدم « العدو » وتطويقه.- الاستفادة التامة من مزايا استراتيجية التقرب غير المباشر.- تأكيد مبدأ المفاجأة كأهم مبدأ من مبادىء الحرب. وعلى هذا الاساس قامت القيادة الإسرائيلية ببناء الجيش وتنظيم وتشكيل القوات البرية والجوية والبحرية، وجرى تنظيم التسلسل القيادي، بهئية اركان عامة تضم فروع القات المسلحة البرية والجوية والبحرية يترأسها رئيس الاركان والذي درجت العادة على تعينيه من القوات البرية، وصدر في 8/9/1949 « قانون الحخدمة العسكرية » الذي تعرض لتعديلات طفيفة بعدئذ. وقد تطور حجم وتسليح الجيش الإسرائيلي بشكل مستمر وباطراد متزايد: فحين اعلان مولد « إسرائيل » في مساء 14/5/1948، كان مجموع القوات العاملة يقارب ( 70 ) الف جندي.. اضافة الى 800 مدفع هاون من عيارات مختلفة و 75 مدفع مضاد للدبابات و 4 مدافع ميدان. ولم تنقض خمسة اشهر على قيام إسرائيل حتى تطور حجم الجيش الإسرائيلي واصبح في شهر تشرين عام 1948، ( 80 ) الف جندي، لديهم 1200 مدفع هاون خفيف ومتوسط و 12 مدفع هاون ثقيل و 675 مدفع م / د ، بالاضافة الى 250 مدفع ميدان، الى جانب عدد من الطائرات الخفيفة والزوارق الحربية (10). فى عام 1953 طلب « يغال يادين » اعادة النظر بالمبادىء التي تم على اساسها بناء الجيش فقال: « يجب أن تنقل الحرب الى ارض العدو، وان بناء الجيش يجب أن يتطلب ذلك. واذا ما تعرضنا للهجوم فسوف ندافع، ونهاجم من الاتجاه الذي نراه اكثر ملائمة ». ويوضّح لنا الجنزال الإسرائيلي « تال » الاسس التي اعتمدت في بناء الجيش الإسرائيلي بعد ذلك اذ يقول: « لقد قام مفهوم بناء القوات الإسرائيلية في تلك المرحلة على اساس تحويل إسرائيل الى مجتمع عسكرى، أي أن الشعب كله جيش. فى السلم يعمل في التطوير والتعليم والبناء، وفي الحرب يتحوّل الى خدمة الاعمال العسكرية ». ويتابع الجنزال « تال »: « ولمواجهة جيوش عربية كبيرة ونظامية يجب تشكيل جيش احتياطي يكون فيه من الضروري سيلاح الجو، وسلاح المخابرات، اسلحة نظامية، فسلاح المخابرات يجب أن يعطي انذاراً ومهلة لتعبئة الجيش الاحتياطي وسلاح الجو عليه أن يؤمّن تغطية نارية للتعبئة والانتشار وان يصد « العدو العربي » الى أن تعبأ كافة قوات الاحتياط ...... ويجب علينا ايجاد عمق استراتيجي بواسطة الدفاع الاقليمي.. وضرورة نقل الحرب بسرعة الى عمق اراضي العدو بسبب صآلة العمق الاسترايتجي... ويجب أن تكون الاعمال القتالية حاسمة وسريعة بسبب احتمال تدخل الدول الكبرى سياساً، وتجنب الخسائر الكبيرة، ويجب انهاء حروبنا بتفوق واضح » (11). وفق هذه المبادىء التي ذكرها الجنزال « يسرائيل تال » اعادت القيادة الإسرائيلية بناء الجيش الإسرائيلي بمساعدة فرنسا وبريطانيا استعداداً لعدوان 1956 . وعشية حرب 1956 كانت القوات الإسرائيلية قد بلغت حجماً يمكنها من تنفيذ اهداف الحرب، فقد كان لديها: (12)- في القوات البرية: 21 لواء مشاة ومدرع لديهم 250 دبابة و 990 مدفع ميدان وهاون- في القوات الجوية: 336 طائرة قاذفة ومقاتلة.- في القوات البحرية: 2 بارجة و 2 مدمرة و 5 فرقاطة و 22 زروق طوربيدو 26 سفن مساعدة. وفى هذه المرحلة بدأ الاهتمام والعمل لبناء قوة مدرعة قادرة على التحرك السريع بعد أن حصلت إسرائيل على عدد من الدبابات، واصبح لدى إسرائيل (3) لوية مدرعة، فضلا عن 2 - 3 كتائب دبابات مستقلة. بالاضافة الى ذلك شهدت هذه المرحلة ايضاً تطوراً حيث تم تحويل المشاة الى قوة محمولة، وايجاد قوة جوية للدعم الناري في ارض المعركة، كما شهدت قوات المظليين مزيداً من التوسع والتدريب والتهجيز. وفي هذه المرحلة كان سلاح المشاة يشكل القوة الرئيسية في القوات البرية، حيث اعتبر لواء المشاة الوحدة التكتيكية في الجيش الإسرائيلي، الا انه جرى خلق قيادات عاملة تضم عدة اللوية في وقت واحد سميت « الاوغدا » والمشكلة من ( 3 - 4 ) الوية مشاة ومدرعة، وهي تعادل الفرقة في الجيوش الاخرى. وتعتبر « الاوغدا » وحدة تكتيكية مشتركة تضم كافة مختلف الصنوف وقادرة على تنفيذ « مهام مستقلة ». في هذه الفترة التي سبقت حرب 1956 بقيت العقيدة العسكرية الإسرائيلية تتبنى نظرية « الحرب الوقائية » وحينما اشتركت إسرائيل بعدوانها مع برطيانيا وفرنسا عام 1956، سميت حربها بانها هجوم مضاد لاحباط هجوم متوقع، متذرعة بسماح مصر للفدلائيين الفلسطينيين بالعمل في قطاع غزة، واغلاق خليج العقبة في وجه السفن الاسلرائيلية. والحرب الوقائية هي حرب توسعية وعداونية، لان نتائج الحروب التي خاضتها إسرائيل كانت تنتهي دائما بالتوسع والاحتلال. والحرب الوقائية كما يعرفها المارشال السوفيتي سوكولوفسكي هي « الهجوم المدبر من احدى الدول على الاخرى، اي الاعتداء الذي لا يعتبر نتيجة عدوان ما، أو نتيجة اعمال مباشرة ومكشوفة من قبل دولة معادية. وان الهدف الرئيسي والمباشر لذلك الهجوم هو تدمير القوات العسكرية لهذه الدولة، لفرض الشروط التي تريدها عليها، والهام فيها هو تحقيق اقصى قدر من المفاجأة» (13).ثانياً: المرحلة الثانية: ( 1956 - 1967 ): « استراتيجية الحرب الوقائية وذريعة الحرب ». بعد انتهاء حرب 1956، كات اهم العظات التي استخلصتها القيادة الإسرائيلية حول بنية الجيش الصهيوني ما يلي: - صحة مبدأ الهجوم الوقائي - صحة مبدأ نقل الحرب الى ارض العدو بشكل حاسم وسريع - التفوق الجوي هو الشرط الاول لكسب حرب حديثة - انتقال الدور الاساسي في القوات البرية من وحدات المشاة الى وحدات وتشكيلات الدبابات - وتطوير قدرات القوات البحرية للقيام بدور هجومي ضد البحرية العربية وموانئها. وبموجب هذه المعطيات تمّ بناء الجيش الصهيوني استعداداً لخوض الحرب الثالثة في حزيران 1967 التي تمكنت إسرائيل فيها من احتلال مساحة من الاراضي العربية تقدر باربعة اضعاف المساحة التي تم احتلالها في حرب 1948، مما وفرت للجيش الإسرائيلي القدرة على المناورة العملياتية - الاستراتيجية البرية والجوية والعمق الاستراتيجي، واسندت خطوطه القتالية الجديدة الى حواجز طبيعية» (14). ظلتّ إسرائيل في هذه المرحلة تتبنى اسلوب « الحرب الاستباقية» او «الضربة الاولى» وذريعة الحرب، حيث شهدت في هذه المرحلة ايضاً تطوراً كبيراً في مجال استعدادها العسكري وفي تطوير قواتها العسكرية تنظيما وتسليحاً. وتبلورت عقيدتها العسكرية لتأخذ ابعاداً جديدة، وتمسكاً اكثر من ذي قبل بعقيدة الضربة الاولى المعتمدة على ذريعة الحرب. حيث وضعت في اعتبارها حتمية الحرب مع العرب، وكسب هذه الحرب، وردع العرب بجعلهم يدركون أن اية مجابهة مع إسرائيل ستكون خاسرة وباهظة الثمن. ويجب على إسرائيل الاخذ بعين الاعتبار انها ستحارب على اكثر من جبهة فى آن واحد، وان عليها في هذه الحالة أن تتبع أسلوب القتال مع العرب، «اسلوب العمل على الخطوط الداخلية مع مواجهة الخصم العربي الذي يقاتل على الخطوط الخارجية ». والمناورة على الخطوط الخارجية هي: «حركة عدة قوى تهاجم على اتجاهات متلاقية ضد خصم واحد يقع في نقطة التلاقي ». اما المناورة على الخطوط الداخلية فهي : « حركة هذا الخصم ضد هذه القوى » (15)، وهذا الاسلوب طبقته إسرائيل في كافة حروبها السابقة مع العرب، وفي هذه المرحلة قررت إسرائيل الا تعتمد في اعمالها القتالية على مساعدة عسكرية مباشرة من دول خارجية كما حدث في العدوان الثاني على مصر عام 1956 ، ولكن مع الاحتفاظ بعلاقتها الخاصة مع دولة كبرى يتيح لها التدخل ان يأخذ مداه ومجراه اذا تطلب الموقف العسكري ذلك، كانتقال المبادأة الاستراتيجية الى يد خصومها العرب قبل او اثناء الاعمال القتالية. في بداية عام 1967 كانت إسرائيل قد انتهت من استعداداتها العسكرية، وباتت تنتظر الفرصة لتضرب، وعيشة يوم 5 حزيران 1967 كانت القوات الإسرائيلية قد بلغت حجما يمكنها من تنفيذ اهداف الحرب، فقد كان لديها: (6) - فى القوات البرية: 257 الف جندي و ( 800 ) دبابة و 250 مدفع ذاتي الحركة. - في القوات الجوية: 273 طائرة حربية و 69 حوامة حربية. في 5 حزيران 1967 هاجمت إسرائيل كلا من مصر وسورية والاردن، متذرعة بطلب مصر من القوات الدولية الانسحاب من المناطق المتواجدة فيها في سيناء وغزة. لقد وضعت إسرائيل هدفها الاستراتيجي في الهجوم ضمن امكانية تعبئة وحشد كامل لقواتها العسكرية لخوض العمليات، والبدء بالضربة الاولى، التي حققها في هذه الحرب الطيران الجوية، ضمن مبدأ « السيطرة في الجو قبل السيطرة في الارض». وقد استغرقت الضربة الإسرائيلية الاولى حوالي 3 ساعات وكانت موجهة ضد القوات الجوية المصرية، وفيى خلال اليوم الاول للحرب حققت إسرائيل السيطرة الجوية فوق مسرح العمليات بعد أن هاجمت حوالي 27 مطاراً مصرياً وسورياً واردنياً، ودمرّت اغلب طيرانهم المقاتل، وبهذه الطريقة استطاعت إسرائيل تأمين السيطرة الجوية، وركزت جهودها بعد ذلك لدعمن اعمال القوات البرية. استخدمت إسرائيل على الجبهة المصرية تشكيلات مجموعة الاولوية ( الاوغدا )، حيث قامت بالهجوم على تلك الجبهة بثلاث مجموعات الوية ( اوغدا ) بهدف السيطرة على شبه جزيرة سيناء والوصول الى قناة السويس . نستنتج من هذه الحرب أن إسرائيل قفزت من العمل على مستوى الالوية في حرب 1956 الى العمل على مستوى التشكيلات الملياتية « مجموعة اوغدات ». وهذا التشكيل العلمياتي يعادل قوة جيش ميداني في الجيوش الاخرى. وهذا يعني تقدماً في مستوى القيادة الميدانية والشؤون الادارية القادرة على تزويد هذا العدد من الجنود بما يلزمهم من ذخيرة ومؤن واصلاحات فنية. وقد تحقق ذلك بفضل استخدام إسرائيل في هذه الحرب لاحدث الانظمة اللوجستية المؤلفة من اجهزة الكترونية وعقول الكترونية كانت الولايات المتحدة قد زودت إسرائيل بها، بالاضافة الى جهاز حديث لقيادة الاركان لا يتوفر الا للقيادات العسكرية في الدول الكبرى... ثالثاً: المرحلة الثالثة: ( 1967 - حزيران 1974 ): استراتيجية «الردع » و«الدفاع»: في هذه المرحلة، اي بعد حرب حزيران 1967، تبنت إسرائيل استراتيجية دفاعية تقوم على مبدأ «الردع» و«الدفاع» على اعتبار ان حدودها الجديدة ستؤمن لها عمقاً استراتيجيا يمكنّها من امتصاص الضربة العربية الاولى (17). وذلك لاعتبارات سياسية ودولية. وقال «دايان» بعد حرب حزيران 1967: «ان هدف إسرائيل هو تحويل خطوط وقف اطلاق النار الى سلام دائم مع العرب، وللوصول الى ذلك فان علينا حماية حدودنا الجديدة بطريقة تطرد ادنى شك قد يعلق في اذهان العرب بقدرتهم على طردنا من الاراضي التي احتلت بقوة السلاح» (18). وبمعنى آخر، ردع العرب عن القيام باي هجوم ضد إسرائيلا. حيث يحدد «آلون» معنى الردع الإسرائيلي بقوله: «انه لا يكون بكمية او بنوع الاسلحة، ولكن بالاستعداد القائم ضد الهجوم المباغت» (19). وتعتمد فعالية الردع الإسرائيلي على مدى تصديق الخصم للتهديد، وعلى القدرة على الضرب والانتقام ووجود الارادة لذلك. ان مفهوم الردع الإسرائيلي لا يقوم اذن على اساس الاكتفاء بالطاقة الردعية، بل يعني حسب قول «شمعون بيريز» زعيم حزب العمل الإسرائيلي «القوة القادرة على افناء الخصم ان لم يرتدع». ويضيف بيريز قائلاً: «ان حرب حزيران 1967 كشفت عن الحاجة الى اضافة مقومات جديدة لقوة إسرائيل الرادعة، وانه من الضروري ان تكون الدول العربية على علم بذلك» (20). اما الدفاع فانه يعني خفض الاتلاف والمخاطر المتوقعة في حال فشل الردع، وانزال العقاب بالخصم. وقد يتخذ الدفاع، كما هو بالنسبة لإسرائيل، اسلوب الهجوم المضاد المسبق الذي يستهدف توجيه ضربة قاصمة للخصم تسبق هجوماً وشيكاً او محتملاً ان يشنه، ويجب ان يكون الهجوم المضاد المسبق هذا مفاجئاً وان يكون بمبادرة من القوات الإسرائيلية. وهكذا يمكن تلخيص الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في هذه المرحلة بانها استراتيجية دفاعية تتبنى عقيدة عسكرية قائمة على امتصاص الضربة العربية الاولى. وكان هذا التغيير في الاستراتيجية يقوم على اعتبار ان حدود إسرائيل الجديدة تؤمن لها عمقاً يمكنها من امتصاص الضربة الاولى. وقد اكد «آلون» على ان الامر الوحيد الذي تتبناه إسرائيل الى جانب «الحدود الامنة» هو: «وضعية دفاعية، تمكّن الجيش الصغير من صّد جيوش عربية غازية، الى حين استدعاء الاحتياط، مما يتيح الوقت الكافي للبدء بهجوم مضاد لدحر العدوان»! (21) كما عارض «آلون» بالتحديد اية خطة إسرائيلية للقيام بحرب وقائية. ولاسباب سياسية يجب على إسرائيل تجنب الضربات الوقائية حتى في وجود دلائل لهجوم عربي ضخم. في المرحلة السابقة لبدء حرب 1973، وتأكيداً للتفوق العسكري الإسرائيلي الذي توضّح في الحروب السابقة، خاصة بعد حرب حزيران 1967، اعطت إسرائيل في تحضيراتها لحرب جديدة اهمية خاصة لتأمين السيطرة الجوية وتأهيل وحداتها المدرعة والميكانيكية للعمل بالتعاون مع الطيران، لتوجيه وتنفيذ ضربة سريعة ومفاجئة ومركزّة ضد جيرانها العرب، عندما يقرر هؤلاء الحرب ضد إسرائيل. ركزت إسرائيل جهودها في جبهات القتال على الحّد الامامي وفي العمق التكتيكي في سيناء ومرتفعات الجولان، وقامت ببناء وتشييد التحصينات وتحويلها الى دفاع محصّن بالابراج يصعب اختراقها ويمنع عنها الخطر من هجوم جارتين متمكنتين هما سورية ومصر. تلك كانت اسس الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية واتجاهاتها في هذه المرحلة لتحضير قواتها المسلحة للحرب بايحاء مركز بان الحرب لن تحدث، وان حدثت فانها ستنفذ باسلوب «الحرب الصاعقة» وسيكون استغراقها لوقت قصير. قبل هذه الحرب كانت القوات العربية (المصرية والسورية) مرغمة على التحضير للقتال الطويل الامد على نحو ما تجلى في حرب الاستنزاف، وهي الفترة التي سبقت حرب تشرين الاول عام 1973. وقد شمل التحضير السابق للحرب بناء وتحديث كلا قوات الطرفين العربي والإسرائيلي واستكمال بناء الانظمة التقليدية واسلحة مختلف الصنوف وفروع القوات المسلحة. في الفترة السابقة للحرب كان حجم القوات الإسرائيلية اقل ما يمكن. وفي حال اعلان التعبئة العامة تأخذه هذه القوات بزيادة حجمها لتأخذ تشكليها النهائي بعد الانتهاء من تنفيذ هذه التعبئة التي يجب ان تنتهي في خلال فترة لا تتجاوز 72 ساعة، حيث يصل حجم وتشكيل هذه القوات في حالة الحرب الى (3) اضعاف ما كانت عليه قبل اجراء هذه التعبئة. كان لدى إسرائيل عشية بدء الحرب (يوم 6 تشرين الاول 1973) حوالي (115) الف جندي في القوات المسلحة. وكان في القوات البرية من (7 - 10) الوية مختلفة. وعند تنفيذ التعبئة العامة لاحتياطيها الاستراتيجي فان القوات البرية الإسرائيلية كانت تنتظم في: 18 لواء مدرع + (9) الوية ميكانيكية + (9) الوية مشاة + (5) الوية انزال جوي (مظلات) تعمل ايضاً كمشاة ميكانيكية، حيث يصل عدد افراد القوات المسلحة الإسرائيلية الى حوالي (350) الف جندي(22). وتعتبر القوات المدرعة هي القوات الرئيسية في القوات البرية وعليها يقع عاتق المناورة الرئيسية للقوات البرية، اما باقي القوات من مشاة ومدفعية ومهندسين، فتنتظم في صفوف قتالية معاونة لوحدات الدبابات. وكانت مهمة بعض وحدات المشاة والانزالات الجوية والدفاع الاقليمي بكامله القيام بالاعمال التأمينية والتمسك بالمواقع والخطوط الدفاعية. وكانت قوات الدعم مشكّلة من الطيران والمدفعية الصاروخية. اما في القوات الجوية الإسرائيلية، فقد كان لدى إسرائيل 635 طائرة حربية و100 حوامة اعطي لها دور اعتراضي في هذه الحرب بسبب فعالية الدفاع الجوي العربي. وكان لدى إسرائيل 45 كتيبة مدفعية وهاون للدعم و15 كتيبة مدفعية مضادة للدبابات منها 8 كتائب صواريخ مضادة للدبابات. اما قوات الدفاع الجوي فكانت منتظمة في وحدات مدفعية م - ط تدخل في تشكيل الالوية. وللدفاع الجوي الاقليمي كتائب صواريخ مضادة للطائرات وسرايا مدفعية م - ط خفيفة. وكان في جبهة سيناء 8 كتائب صواريخ م - ط من نوع «هوك» (23). رابعاً: المرحلة الرابعة: (منتصف حزيران 1977 - حتى الان): الانتقال من استراتيجية الردع الى الحرب الوقائية: ويمكن تقسيم هذه المرحلة الى فترتين زمنيتين: الفترة الاولى من حزيران 1974 وحتى حزيران 1977، عندما كان حزب العمل يتولى الحكم في إسرائيل. وفي هذه الفترة ظلت إسرائيل تتبنى استراتيجية دفاعية - هجومية، تستند الى مبدأ امتصاص الضربة العربية الاولى، اما الفترة من حزيران 1977 وحتى الان (1991) حيث استلم حزب الليكود مقاليد الحكم في إسرائيل، فقد عادت إسرائيل الى تبني استراتيجية الحرب الوقائية وذريعة الحرب. أ - الفترة الاولى: حزيران 1974 - حزيران 1977: «استراتيجية الردع والدفاع»: بعد حرب عام 1973 استمرت إسرائيل في الاعتقاد بانها لا تزال قادرة على امتصاص الضربة العربية الاولى، اذ لم تكن إسرائيل قادرة في ذلك الوقت على القيام بضربات استباقية. وقد جاء التأكيد الإسرائيلي على الاستراتيجية الدفاعية مع احتمال قيامها بالمبادرة الى عمليات هجومية في حال الضرورة ولمنع تكرار ما حدث في الايام الاولى من حرب 1973، اخذت بالعمل على اجراء ترتيبات امنية في مناطق منزوعة السلاح تحققت نتيجة الحرب، وبالاعتماد على وسائل انذار مبكر، وقامت بتوسيع حجم قواتها المسلحة في فترة الهدوء (فترة وقف اطلاق النار)، واعتمدت على انظمة الاسلحة الدفاعية، وعلى اعادة تبني الدفاع الاقليمي الذي يستند الى انشاء مستوطنات محصنة على طول وعمق خطوط وقف اطلاق النار مع العرب. وقد تميزت هذه الفترة بالتنسيق في استخدام استراتيجية دفاعية - هجومية، وبناء الجيش المتفوق الذي من واجبه ايقاف «العدو» (الدول العربية) على الحدود الخارجية وليس في مناطق إسرائيل الحيوية وان يتوفر لهذا الجيش شن هجوم مضاد على جبهتين في آن واحد وسحق الجيوش العربية قبل تدخل الدول الكبرى. وتوقعت إسرائيل ان يكون لدى العرب في الحرب المقبلة جيوش اكبر عدة وعدداً من حرب 1973، وان ترتفع نسبة الخسائر في القوى البشرية والاسلحة والعتاد وايضاً في نسبة استهلاك الذخائر في اي مجابهة واسعة قد تحدث مستقبلاً عما كانت عليه عام 1973. ولقد ارتبط تطوير الجيش الإسرائيلي في هذه الفترة بعملية تسليح مستمرة خصصت لها ميزانية ضخمة، وبالاعتماد على المساعدات المالية والعسكرية الامريكية والغربية تمّ انشاء صناعة عسكرية إسرائيلية متطورة، وقادرة على سد الاحتياجات الثانوية والعاجلة في المجال العسكري تسهم بشكل كبير في بناء الجيش الإسرائيلي. وفي الحفاظ على مبدأ تفوق هذا الجيش على الجيوش العربية مجتمعة، وعززت إسرائيل التحسينات التكنولوجية في انظمة اسلحتها الهجومية والدفاعية وفي توازن وتناسب حركية هذه الاسلحة في ميدان المعركة. واعطت اسلحة معينة الافضلية الاولى في التوسع والتطوير كالدبابات والمدفعية ذاتية الحركة وسلاح الطيران، اضافة الى ناقلات الجنود المدرعة. وللبرهان على قدرة إسرائيل امتصاص الضربة الاولى، قامت بانشاء تحصينات كثيفة في الجولان ووادي الاردن والحدود اللبنانية وفي سيناء. واعادت التأكيد على اهمية الدفاع الاقليمي، وادخلت تعديلات هامة على التنظيم الدفاعي للوجود الإسرائيلي في الارضي المحتلة عام 1967، شملت تقوية وزيادة المستوطنات، وزيادة التنسيق ما بين حركة الاستيطان وقيادة الجيش، واعتبار كل مستوطنة موقعاً دفاعياً امامياً، وشيدت نظام هذه المستوطنات على الطرق المحتملة للهجوم العربي. ويمكن القول ان سياسة بناء المستوطنات على طول الحدود القائمة مع الدول العربية تحقق لإسرائيل العمق الاستراتيجي الذي يتيح لها الوقت الكافي لدعوة الاحتياط وجعل إسرائيل قادرة على مواجهة العرب. اولاً، فوق الارض المحتلة عام 1967، وثانياً، نقلها الى عمق الارض العربية، وتحقيق حماية المناطق الحيوية الإسرائيلية والمتواجدة في السهل الساحلي لفلسطين المحتلة. وهذه المناطق تشمل (حيفا - تل ابيب) اضافة الى منطقة القدس. ب - الفترة الثانية: منتصف 1977 - حتى الان: (الحرب الوقائية وذريعة الحرب واللجوء للسلاح النووي). ان القواعد التي سبق ذكرها، وهي مكونات جوهرية في البناء العام للعقيدة العسكرية الإسرائيلية، التي تعتمد على مفهومين رئيسين مترابطين هما: «الردع» و«الحسم». ويفسر الجنرال «يسرائيل تال» ابرز المنظرين العسكريين الإسرائيليين هذين المفهومين بقوله: «يجب على الجيش الإسرائيلي هذين المفهومين بقوله: «يجب على الجيش الإسرائيلي ان يحتفظ بقدرته على الردع، واذا لم يكن الردع كافياً فان عليه ان يحسمه، واكد، «تال» على ضرورة احتفاظ إسرائيل بتفوقها النوعي لمواجهة «الكم العربي» والعمق الاستراتيجي من جهة اخرى مؤكداً على التمسك باستراتيجية الضربة الاولى بهدف نقل المعركة في اسرع وقت الى عمق الطرف المعادي» (24). ويبدو ان القدرة على «الردع» و«الحسم» قد تزايدت بعد خروج مصر من دائرة الصراع العربي - الإسرائيلي اثر توقيعها معاهدة الصلح مع إسرائيل، مما يسمح لإسرائيل بتدارك مسألة الحرب على جبهتين في آن واحد. في هذه الفترة خرج حزب العمل الإسرائيلي وتسلم حزب «الليكود» المتطرف السلطة، حيث قامت القيادة الإسرائيلية الجديدة تدريجيا بادخال تغيرات في عقيدتها العسكرية. فبعد تولي «شارون» لمنصب وزير الحرب الإسرائيلي في هذه الفترة اعاد الاعتبار «لذريعة الحرب» كحجر اساسي في العقيدة العسكرية الإسرائيلية، كما وسعت إسرائيل مجال اهتماماتها الامنية الى ما هو ابعد من جيرانها العرب، والوطن العربي عامة اذ قال شارون، ان الدائرة الاستراتيجية والمصالح الاستراتيجية لإسرائيل يجب ان تتوسع في الثمانينات لتشمل تركيا وايران وباكستان واقاليم الخليج الفارسي وافريقيا، وعلى الاخص دول شمال ووسط افريقيا» (25). وتمت اعادة ذريعة الحرب التي كانت غائبة منذ حرب 1967 وفي العشر سنوات التي تلتها. وكان لإسرائيل عدة اسباب في هذا التحول، اهمها: رفع المستوى العسكري للجيوش العربية كمياً ونوعياً، بالاضافة الى انسحاب إسرائيل من سيناء، مما جعلها تشعر بانها معرضة للخطر في وضع مشابه للوضع الذي عاشته إسرائيل قبل حرب حزيران 1967، اضف الى ذلك ان إسرائيل قررت من جانب واحد التوقف عن المنافسة مع العرب في مجال الاسلحة التقليدية; بالاضافة الى ان نقص العمق الاستراتيجي بعد ان اصبح لدى اطراف عربية في حالة مواجهة مع إسرائيل صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى (ارض - ارض) يمكنها ان تنال من كامل العمق الاستراتيجي الإسرائيلي ولديها امكانية شل وتدمير الحياة في اغلب تجمعات سكانها، قد جعلها اقل ثقة بقدراتها على امتصاص الضربة العربية الاولى، ثم القيام بهجوم مضاد كما حدث في حرب 1973. وهكذا قررت إسرائيل العودة الى «ذريعة الحرب» و«الحرب الوقائية». ان اعادة ذريعة الحرب واستخدامها كمحرك رئيسي لردود الفعل العسكرية الإسرائيلية بدت واضحة في الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982. وقد طبقتها إسرائيل في الرد على خطر استراتيجي غير عسكري يهدد وجودها، ولكن ليس من لبنان، وانما من تصاعد المشكلة الفلسطينية على شكل شعب فلسطيني يحتاج الى حل سياسي بالدرجة الاولى، ويشكل خطراً عليها. وان اي حل لهذه المشكلة سيكون على حساب اراضي تعتبر إسرائيل انها حررّتها، وانها لن تسمح باعادة تقسيمها، ولن تسمح بانشاء كيان فلسطيني على اي جزء من الاراضي المحتلة (26). وهناك عنصر جديد آخر في الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي، وهو الموقف الذي يمكن ان تتخذه إسرائيل عندما تفقد تفوقها العسكري، وعندما تبطل فعالية استراتيجية «الردع» و«الحسم» والحرب الوقائية... الخ، وعندما تتأكد بان انتصارها في معركة قادمة لم يعد مؤكداً، وان هناك بالتالي امكانية لهزيمتها! ان الموقف الذي يمكن لإسرائيل ان تتخذه هو اللجوء الى السلاح النووي الذي تمتلكه منذ سنوات مع وسائط قذفه سواء كانت جوية ام صاروخية (ارض - ارض) والذي يشكل اعلى مرحلة من مراحل الردع. ولتفادي نشوء حالة «توازن رعب نووي» في الشرق الاوسط، عمدت إسرائيل الى اتخاذ قرار بمنع اي تقدم عربي نووي يمكن ان يؤدي الى نتاج اسلحة نووية لدى العرب او الحصول عليه من الخارج (27). ومن هذا المفهوم قامت إسرائيل بتدمير المفاعل النووي في حزيران عام 1981. ان حيازة إسرائيل للسلاح النووي تعطي إسرائيل عاملاً امنياً وراحة نفسية حتى مع عدم اعلانها عن هذه الحيازة، لان إسرائيل تدرك ان الزمن على المدى الطويل يعمل لمصلحة العرب لانهم يملكون طاقات، وبالتالي فان تفوقها على المدى الطويل غير مأمون الا بامتلاك السلاح النووي والتهديد باستخدامه بشكل محدود، او بشكل شامل كجزء من استراتيجية الردع الإسرائيلي. كما ان إسرائيل تستطيع استخدام السلاح النووي من خلال ضربة نووية استباقية، في حال قيام حرب قد ينتصر فيها العرب. وفي حال امتلاك العرب للسلاح النووي، فهذا يعني بالنسبة لإسرائيل بُطلان الميزات التي تحصل عليها من خلال امتلاكها لهذا السلاح. وذلك لان «توازن الرعب النووي» سيؤدي الى نوع من «الردع المتبادل» بين العرب وإسرائيل، وهذا ما ستعتمده إسرائيل في استراتيجيتها النووية المقبلة. ان كل هذه الخطط والبرامج العسكرية التي تخص الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في الفترة الزمنية القادمة هي خطط تتعلق بالحرب التقليدية سواء المحدودة منها او الشاملة، مع الاخذ بعين الاعتبار استخدام السلاح النووي والاشعاعي والكيميائي من احد اطراف الصراع او من كل الاطراف. الا انه من المعتقد ان تشكل اسلحة التدمير الشامل عاملاً اساسياً للردع يمنع قيام الحرب التقليدية المحدودة، خشية ان تتحول الى حرب يدخل فيها السلاح النووي الذي لا يستبعد ان يحصل عليه العرب في المستقبل. وفي هذه الحالة يكون ضرر ودمار إسرائيل عشرات الاضعاف، نظراً لضيق رقعتها الجغرافية والتواجد الساني الكثيف في مناطقها الحيوية (تل ابيب - حيفا - القدس). والفكر العسكري الإسرائيلي يتصور ان الحرب المقبلة ستكون حرباً شاملة في منطقة الشرق الاوسط، وستكون حربا ساحقة، لانها آخر الحروب في المنطقة على مدى نصف قرن على الاقل، ثم انها يجب ألا تكون حرب جيوش بل حرباً بين الارادات المتحاربة. والسؤال الذي يطرح نفسه، هل إسرائيل مستعدة لمواجهة التهديد العربي الناجم عن ميدان مليء بالصواريخ في الحرب القادمة!؟ ان التهديد الكبير للصواريخ العربية (ارض - ارض) بعيدة المدى الحاملة لرؤوس كيميائية يوجب على القيادة الإسرائيلية ان تعمل على خلق ردّ معين عليها من خلال اعتراض الصواريخ وهي في الجو، ومع توفر امكانية القضاء على قواعد هذه الصواريخ، الامر الذي يحتاج من قبل إسرائيل الى ضربة مفاجئة تقرب اكثر فاكثر الحرب القادمة. ويعتبر الإسرائيليون صاروخ «آدامز» خطوة لمواجهة الصواريخ العربية (ارض - ارض). ولقد اعتمدت الولايات المتحدة الصاروخ المذكور كنظام من انظمة حرب النجوم او على الاقل كمبدأ عمل لصاروخ آخر ذي مدى اطول تنوي تطويره مع إسرائيل، ضمن برنامج اطلق عليه برنامج الصاروخ «آرو» او «حتيس» بالعبرية، والذي يبلغ مداه 30 كلم، وبذلك تتوفر فرصة اكبر لمجابهة الصواريخ قبل وصولها الى اهدافها. لو جزمنا بقدرة إسرائيل على التعرض لكافة الصواريخ العربية المنطلقة باتجاه اراضيها وهي محملة برؤوس كيميائية، وان مدى الصاروخ «آرو» الذي تطمح إسرائيل الى تحقيقه في مواجهة هذه الصواريخ هو 30 كلم، ماذا يعني ذلك؟ انه يعني ان كافة هذه الصواريخ المحملة برؤوس كيميائية ستتساقط داخل الاراضي الإسرائيلية وبالتالي لن تفلت إسرائيل من امكانية التهديد بخطر الابادة والتهديد بالوجود، فهل تخاطر إسرائيل بحرب جديدة، وهل لديها امكانية تحمل ضربة صاروخية عربية كثيفة!؟ (28). قوة وتشكيل القوات الإسرائيلية (1988 - 1989) يقسم الجيش الإسرائيلي الى ثلاثة انواع اساسية من القوات المسلحة هي: القوات البرية والقوات الجوية والقوات البحرية، بالاضافة الى القوات شبه النظامية كحرس الحدود و«الناحال» والدفاع الاقليمي وحرس الشواطىء. يبلغ عدد اجمالي القوات النظامية الدائمة (141) الفا منهم (110) آلاف مجند (ذكوراً واناثاً) والاحتياط الاجمالى (504) الاف جندي (494 الفا في القوات البرية، 1000 في البحرية، و(9) آلاف في القوات الجوية)، مما يرفع اجمالي عدد افراد القوات المسلحة الإسرائيلية في حال الحرب والتعبئة العامة الى (645) الف رجل. وعلى هذا فان نسبة اجمالي القوات المسلحة البرية الإسرائيلية (الدائمة والاحتياط) تبلغ 72. 92% من اجمالي عدد القوات المسلحة الإسرائيلية (29). وتضطلع القوات البرية الإسرائيلية بالدور الاساسي والفعال في العمليات الحربية التي تخوضها إسرائيل ضد العرب منذ عام 1948 وحتى الان. ولذلك كان من الضروري دراسة قوة وتشكيل وتسليح القوات البرية الإسرائيلية حيث تملك هذه القوات وفق معطيات العام 1988 - 1989 (وهي آخر معطيات متوافرة لدينا حتى الان)، الاسلحة والمعدات القتالية التالية: (انظر الجدول رقم 1). نظمت القيادة العسكرية الإسرائيلية هذه المعدات والاسلحة والوسائط في تشكيلات برية قوامها: 11 فرقة مدرعة (بعضها يحتوي على الكوادر فقط) وهذه الفرق المدرعة تضم عند دعوة الاحتياط 33 لواءً مدرعاً كاملة الاعداد. و(9) الوية مشاة ميكانيكية و(3) الوية مشاة (عادية) و(5) الوية مظليين و(12) لواء مشاة (دفاع اقليمي وحرس حدود) و(15) لواء من مدفعية ميدان. اما بالنسبة للاسلحة والمعدات القتالية الاخرى المستخدمة في القوات البرية الإسرائيلية فيمكن الاطلاع عليها من (الجدول رقم 1). وتستقطب القوات البرية الإسرائيلية القسم الاكبر من القوى البشرية، سواء من المجتدين او الاحتياطيين، حيث تشير مصادر معهد الدراسات الاستراتيجية بلندن لعام 1988 - 1989 ان عدد القوات البرية الإسرائيلية كان نحو (104) الاف جندي، منهم (88) الف مجند (ذكوراً واناثاً)، ويرتفع هذا العدد الى حوالي (598) الف جندي حين التعبئة العامة(31). وتشكل القوات البرية الإسرائيلية مع القوات الجوية والقوات البحرية، في الوقت الحاضر، تنظيما عسكريا متكاملاً على المستوى الاستراتيجي، فليس هناك في الحقيقة سلاح جوي او بحري او جيش بري منفصل... ويستطيع الجيش الإسرائيلي ان يعبىء وينشر 11 فرقة برية خلال 72 ساعة، ولربما يرتفع هذا العدد الى 15 فرقة اذا استعين بالاحتياطيين وجرى التغاضي بعض الشيء عن موضوع اللياقة البدنية، كما ان القوات البرية الإسرائيلية تستطيع القتال في معارك مستمرة لمدة 28 يوماً(32). وبعد ذلك تنهار امكانات الجيش الإسرائيلي عن متابعة الحرب بسرعة وهو شيء مهم - كما يقول «ريتشارد غبرائيل» - لان الإسرائيليين يرفضون السماح للجانب العربي بخوض حرب استنزاف. ومنذ العام 1983 وافقت الحكومة الإسرائيلية على اقامة تنظيم قيادي جديد هو «قيادة، قوات الميدان» او «قيادة القوات البرية»(33) من اجل تنسيق العمل اثناء مجرى القتال بين الصفوف البرية الرئيسية (المدرعات، المشاة الميكانيكية، الهندسة، المظليون) وتحقيق التعاون بينها وبين الصنوف الداعمة كالطيران والبحرية، والصنوف المساعدة كالاشارة والتأمين الطبي والفني والمادي خلال الاعمال القتالية(34). الجدول رقم (1) قوة وتشكيل القوات المسلحة الإسرائيلية 1988 - 1989 الاعداد المقدرة التشكيلات والاسلحة والمعدات 11 فرقة = 33 لواء مدرع فرقة مدرعة 9 لواء الوية مشاة ميكانيكة 3 لواء الوية مشاة (عادية) 5 لواء الوية مظلات 12 لواء الوية مشاة (دفاع اقليمي - حرس حدود) 15 لواء الوية مدفعية 3921 دبابة دبابات قتال رئيسية 5900 - 6500 عربة نقل جنود ناقلات جنود مدرعة وحاملات هادفات واسلحة... الخ 400 عربة قتال مدرعة عربات القتال المدرعة 1373 قفطه مدفعية الميدان والهادتزر ذاتية الحركة والمقطورة 500 راجمة راجمات الصواريخ غ. م من لانس، داريحا، وزئيف صواريخ ارض - ارض 1100 قطعة هاونات 1000 قطعة مدفعية م - ط 1000 قطعة صواريخ م - ط 684 طائرة طائرات قتال نفاثة 60 حوامة هليكوبتر هجومية 22 زورق زوارق صواريخ المصادر: - The Military Balance 1988-1989 – op.cit.p.103.- Foreign Marker, Middle east- Africa. D M S Market Intelligence- Report, 1988,
Israel, Data. P 16-15 الهوامش والمراجع
1 - رزق، الياس، «الخارطة السياسية للكيان الصهيوني»، دار البعث، دمشق 1986، ص 47.
2 - العابد، ابراهيم، مدخل الى الاستراتيجية الإسرائيلية، مركز الابحاث الفلسطيني، بيروت 1971 ص 19 - 20.
3 - التوسع في هذا الموضوع، انر: المصدر السابق، ص ص 21 - 33.
4 - كارانجيا «خنجر إسرائيل» «جهة النشر ومكان النشر لا يوجد»، 1957، ص 49. 5 - صحيفة جييروزاليم بوست الإسرائيلية (باللغة الانكليزية)، 20 - 3 - 1969 و10 - 7 - 1969.
6 - للتوسع في هذا الموضوع، انظر: المارشال سوكولوفسكي، «الاستراتيجية العسكرية» (مترجم من الروسية للعربية من قبل وزارة الدفاع السورية)، دمشق، 1964، ص ص 14 - 15. 7 - د. الكيلاني، هيثم «جولة في عالم الاستراتيجية»، مجلة الوحدة، العدد 69، حزيران 1990، ص 12. 8 - بالنسبة لعدد المستوطنين اليهود في فلسطين المحتلة انظر المصدر التالي: - بالنسبة لعدد افراد القوات المسلحة الإسرائيلية انظر المصدر التالي: 9 - رزق، الياس، «الخارطة السياسية للكيان الصهيوني»، مصدر سابق، ص 87. 10 - د. الكيلاني، هيثم «المذهب العسكري الإسرائيلي»، اصدرا وزارة الدفاع السورية، دمشق 1986، ص ص 85 - 87. 11 - رزق، الياس «الخارطة السياسية للكيان الصهيوني»، مصدر سابق، ص 87 - 88. 12 - د. الكيلاني، هيثم، «المذهب العسكري الإسرائيلي» مصدر سابق، ص 90. 13 - المارشال سوكولوفسكي، «الاستراتيجية العسكرية»، مصدر سابق، ص 113. 14 - صحيفة عمل همشمار الإسرائيلية، مقابلة مع الجنرال يسرائيل تال، 31 - 12 - 1976 15 - العابد، ابراهيم، «مدخل الى الاستراتيجية الإسرائيلية»، مصدر سابق، ص 50. 16 - 17 - يسرائيل تال (جنرال)، العقيدة الامنية الإسرائيلية، خلفيات وديناميكيات، مجلة معرخوت الإسرائيلية، العدد 253 - كانون الثاني 1976، ص 6. 18 - صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، 19 - 9 - 1967. 19 - صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، 10 - 2 - 1967. 20 - العابد، ابراهيم، مدخل الى الاستراتيجية الإسرائيلية، مصدر سابق، ص 49، في: شمعون بيريز، وايدنفيلد ونكلسون، 1970، ص 245. 21 - 22 - تطور القوى العسكري لدى مصر وسوريا والاردن 1972 - 1982 (اعداد محمود عزمي)، مجلة الفكر الاستراتيجي العربي، العدد 10، كانون الثاني 1984، ص ص 222 - 224 (الجدول رقم 1) و(الجدول رقم 2) 23 - 24 - د. طاهر، علاء «نظرية الامن القومي الإسرائيلي» مجلة الوحدة، العدد 28، ص 66. في: قاسم جعفر «ميزان القوى العسكري في منطقة الشرق الاوسط» (1984 - 1985)، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت - الطبعة الاولى، ص 34. 25 - كنفاني، غادة، «نظرية الامن الإسرائيلي» مجلة الفكر الاستراتيجي العربي، العدد 10، بيروت 1980، ص 123، في: ارئيل شارون «مشكلات إسرائيل الاستراتيجية في الثمانينات»، معاريف، 18 - 12 - 1981. 26 - المصدر السابق، ص 134. 27 - المصدر السابق، ص 130. 28 - للتوسع في هذا الموضوع انظر: امين عطايا، الصواريخ الباليستية ارض - ارض في منطقة الشرق الاوسط، وتأثيرها على التوازن الاستراتيجي العربي - الإسرائيلي، مجلة الارض، العدد 12، كانون الاول 1990، ص ص 64 - 77. 29 - 30 - 31 - 32 - ريتشارد غبرائيل، عملية السلام للجليل (دمشق، مركز الدراسات العسكرية، 1985) ص ص 19 - 20. 33 - انظر: «النشرة الاستراتيجية» (لندن: مركز العالم الثالث للدراسات والنشر) المجلد 4 - العدد 16، 8 ايلول - 1983، ص 13. 34 - للتوسع في موضوعات القوات البرية الإسرائيلية انظر: ابراهيم كاخيا، «الجديد في التسليح الإسرائيلي 1982 - 1988»، مجلة الفكر الاستراتيجي العربي، العدد 31، كانون الثاني، ص ص. (51 - 144).
المصدر: امين عطايا (باحث في شؤون الصراع العربي ـ الصهيوني في فلسطين ) الوحدة السنة الثامنة - العدد 87 كانون الاول / ديسمبر 1991
[/align]
[/frame]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع مازن شما
 
بسم الله الرحمن الرحيم

*·~-.¸¸,.-~*من هولندا.. الى فلسطين*·~-.¸¸,.-~*
http://mazenshamma.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*مدونة العلوم.. مازن شما*·~-.¸¸,.-~*
http://mazinsshammaa.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*موقع البومات صور متنوعة*·~-.¸¸,.-~*
https://picasaweb.google.com/100575870457150654812
أو
https://picasaweb.google.com/1005758...53313387818034
مازن شما غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من أجل عقلنة مفاهيمنا الثقافية نبيل عودة دراسات أدبية 0 03 / 08 / 2017 37 : 04 PM
سورية في الرؤية الاستراتيجية الإسرائيلية..؟! مازن شما الصحافة و الإعلام 0 11 / 04 / 2015 13 : 04 AM
الإستخبارات العسكرية ’’الإسرائيلية’’ تعترف : هكذا تخلينا عن عملائنا في لبنان. مازن شما اعرف عدوك 0 06 / 12 / 2012 52 : 03 AM
من 1948 وحتى 1650 والنكبات تتوالى عزام الحملاوي القضايا الوطنية الملحّة 1 16 / 05 / 2010 34 : 12 AM
الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية(من مواد الموسوعة الفلسطينية-المجلد الأول) بوران شما الموسوعة الفلسطينية 0 31 / 01 / 2009 34 : 01 AM


الساعة الآن 48 : 12 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|