مسرحية : الدّّرس
المشهد الأول :
المكان : قاعة الدّرس
الراوي: ما إن دقّ جرس الثامنة حتى التحق كل فوج من التلاميذ بقسمه . بصورة منتظمة . و بعدما حيّ المعلم تلامذته تحية الصّباح , أشار لهم بالجلوس , فجلسوا في هدوء و راحوا يخرجون أدواتهم في بهجة وسرور.
المعلم : نفتح الكتب يا أطفال على نص : " أبي في البستان " .
بعد هنيهة يسأل المعلم : هل فتحنا الكتب يا أطفال ؟
التلاميذ بصوت واحد : نعم يا معلمي .
يقرأ المعلم النص بدقة . والتلاميذ يتابعون باهتمام قراءته على كتبهم الخاصة . وبعد أن ينهي القراءة يسأل :
المعلم : من يقرأ النص يا أطفال ؟
ترفع الأصابع .. كل يريد أن يقرأ .
المعلم : اقرأ يا "أحمد ".
أحمد : يقرأ أحمد النص قراءة جيّدة مسترسلة .
المعلم : جيّد يا "أحمد" ..أحسنت بُنيَ.
يضيف المعلم متوجها إلى الأطفال : من يريد أن يقرأ مثلما قرأ " أحمد "
تنشأ حركة في القسم كل يريد أن يقرأ.
يرتفع المعلم بهامته قليلا إلى الأمام ثمّ يقول : ما الذي يشغلك يا سرحان ؟
وقبل أن يردّ سرحان يضيف المعلم : اقرأ يا سرحان .
سرحان : ....آ....آ......آ......
المعلم : لماذا لم تحضر النص يا سرحان ؟
سرحان : آ...نسيتُ ...لا كنتُ مريضا ...نعم كنتُ مريضا تذكرت الآن .
المعلم بلغة الأسف : اليوم كنت مريضا , و أمس ماتت جدتك , و قبله كان في بيتكم عرس .! ألا تكف عن الكذب ؟!
سرحان ممتعضا : و لكني لا أكذب .
المعلم : اعلم يا ولدي أنّ طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة . و العلم نور لأنه طريق النجاة . و الجهل ظلام لأنه طريق الهلاك .
أخبرني الآن هل تحبّ أن تكون في النّور أم في الظلام ؟
سرحان : ( بصوت خافت ) : أحبّ أن أكون في النّور .
المعلم : عليك إذن أن تجتهد . و أن تحسن استغلال وقتك قبل الندم .فكلّما سخرت يومك في الاجتهاد والعمل كلّما أوقدت شموع مستقبلك .
أحمد : هذا صحيح يا سيدي , لذلك أمرنا الله بطلب العلم فقال عزّ وجلّ : بعد بسم الله الرحمن الرحيم " اقرأ باسم ربّك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربّك الأكرم الذي علّم بالقلم ."
التلاميذ بصوت واحد : صدق الله العظيم .
الراوي : تمضي الأيام في حلقات متسلسلة ليفض آخرها بما ملء به أولها .فكل إناء بما فيه ينضح .
يسدل الستار .
المشهد الثاني :
المكان : عيادة الطبيب
يسمع جرس الباب يضرب .
يفتح الطبيب الباب : صباح الخير .
المريض : صباح الخير سيدي .
الطبيب : تفضل إلى قاعة الفحص .سأعود بعد حين .
الراوي : يغيب الطبيب و لا يعود إلاّ بعد سماع صلصلة الباب . يدرك بعدها أن المريض قد خرج بعد أن سرق بعض المعدات الطبية . يحمل الهاتف يتصل بالشرطة . بعد كم من الزمن تتمكن الشرطة من القبض على السارق . فتسوقه إلى عيادة الطبيب .
الشرطي مصافحا الطبيب : صباح الخير سيدي الطبيب .
الطبيب : صباح الخير سيدي تفضلوا .
الشرطي : آهذه معداتك سيدي ؟
الطبيب : نعم و أظنه السارق .
الشرطي : لقد وجدناه يبيع هذه المعدات في السوق .
( ثمّ يتوجه إلى السارق يعنفه ) : أجب أأنت من سرقها ؟
السارق : ( ينفض كتفه من يدي الشرطي ) : لا لم أسرقها . قلت لك لم أسرقها .
الشرطي ( ماسكا بقميص السارق من جديد ) : و تكذب ؟! هيا معي إلى مقر الشرطة وهناك نكمل التحقيق .
( ثمّ يتوجه إلى شرطي آخر كان يقف أمام الباب ) : ضع الحديد في يديه من فضلك .
الشرطي 2 : يضع الحديد في يديه وهو يسأله : أجب ما هو إسمك ؟ أخبرني ما إسمك ؟
السارق : إسمي سرحان
الشرطي 2 : إسمك بالكامل ؟
السارق : سرحان الذيب .
الطبيب ( يتقدم من السارق ) : سرحان ؟ سرحان الذيب ؟
السارق : نعم ..ما شأنك أنت ؟
الطبيب بلطف : أنا زميلك " أحمد " أتذكرني ؟ " أحمد الخالد " لقد درسنا في نفس الصّف.
السارق : "أحمد " ؟! ..نعم تذكرتك ! لكن أخبرني كيف أصبحت طبيبا ؟
الطبيب ( يضم يدي سرحان إليه و يقول ): لأني كنت أحبّ العلم . فأحفظ دروسي , و أقوم بواجباتي . و أتبع توجيهات معلمي .
السارق نادما : اليوم فقط فهمت درس معلمي . و لكن بعد أن صرت انت طبيبا ناجحا و أنا سارق سأدخل السّجن .
الطبيب أحمد : لكن يا صديقي ..ألا ترى أنه قد تأخر الوقت ؟
يحرك سرحان رأسه متأسفا .
الراوي : تأسف أحمد على سرحان .لكن ما الحيلة و المرء يجني من جنس ما زرع .
هكذا أعزائي نرى أن الجهل كالنار لا تلد إلاّ الرماد .
انتهى ..يسدل الستار .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|