كلمات
[align=justify] كلمات
الليلة أشعر بضيق .. تشملني كآبة غريبة نابعة من كوني لم أكتب شيئا منذ مدة .. لا أدري كم مر من الوقت منذ خططت آخر حرف لي .. تستعصي علي الكلمات .. لم تعد تطاوعني كما كانت من قبل حين أضطجع لأنام أو أجلس تناول وجبتي أو أخذ مقعدي في الحافلة حيث كانت تنهال علي فلا أشعر بما يمر بجانبي من أشجار وحقول ..
أحدق في عتمة الليل وكأنني أستلهمه وأصيخ السمع لعل نقيق ضفدع أو نعيق بوم يوحي لي بشيء أكتبه ..
أشعر بالضجر من تواجدي بين جدران حجرتي فأنهض وألملم اوراقي وقلمي ثم أخرج تاركا فنجان قهوتي مشدوها يتأملني في استغراب بعد أن اكتفيت برشفات قليلة منه .
خرجت اذرع الشوارع الغارقة في صمتها بعد أن خلت من المارة .. انتابني قليل من الارتياح لانعدام الزحام الذي أمقته .. ولفني الليل المائل قليلا إلى البرودة مع بداية هذا الخريف المنعش وهبوب الريح الشرقية .. أوغلت في دروب وأزقة حسبت سباتها كفيل بأن يمنحني زادا لخاطرتي . لكني غادرتها محبطا تطاردني نظرات بعض القطط المنبثة هنا وهناك .. بيد أن الأمل لم يفارقني وأنا أرى الجبل جاثما قبالتي وكأنه يحنو علي مشفقا علي وعلى الحيرة التي بدت على محياي ولا شك . ابتسمت وأنا أتطلع إلى الطريق الصاعد إليه وقد حفت بجانبيه أعمدة الكهرباء وبعض الدور الغارقة في صمت مهيب ..
جلست على ربوة مشعوشبة في السفح وقد بدت لي المدينة من بعيد غافية متلألئة أنوار شوارعها وأزقتها . تأملتها طولا وعرضا لبضع لحظات وقد تناهى لي ما يشبه النحيب .. ساءلت نفسي لم كل هذا الحزن المطبق على مدينة كانت إلى عهد قريب عنوانا للبشر والفرح ؟ .. تنهدت بعمق قبل أن أعود أدراجي وألوذ بسريري وأستلقي مسترخيا وقد عمت جسدي ونفسي راحة لم أدر كنهها ..
كم لبثت مستلقيا منذ عودتي من الجبل ؟ .. لا أدري .. كل ما أعرفه هو أنني نهضت في لحظة لأطل من شرفتي كي استمتع أكثر بالليل وهدوئه وأناجيه قليلا قبل أن أهمس له وأنا اعود إلى سريري لأخلد إلى النوم :
"وأخيرا كتبت شيئا ."[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|