سلسلة 12
إني راحلة
هذه آخر كلماتي إليك ، أتمنى ألا تقرأها الآن كي يبقى الأمل يعيش بداخلك أنني هنا
ولم أرحل بعد .
ربما كنت تعيش على هذا الأملوربما كان وجودي لا يعني لك شيئا ًعلى الإطلاق .
ربما كان وجودك في الأصل وهما ً أنا زرعته في حديقة عمري كي تخضرّ أوراقها من جديد ،
لم أستطع أن أراها تذبل أمامي وتموت .. كان لا بد من وجود طيف يراقصها في ساعات
المساء الثقيلة .. يؤنس وحدتها بأحاديث الصباح .. يرتشف معها قهوة الظهيرة
.. العصر وساعات الغروب.
ربما كُنتَ وهما ً لونته بألوان مشرقة زاهية كي أحارب فيه موجات الضباب التي اجتاحت
أيام عمري كالجراد فلم تبق ِ لي فيه بصيص نور .
ربما زرعتك وهما ً في أنية الزهور كي أستنشق عبيرها كلما اختنق الجو برياح
داكنة لا تحمل في طياتها إلا الشر والحقد .
ربما نثرتك وهما ًعلى سطوري كي أقرأك في لحظات الغياب فأراك في زهوة الحضور
وأسمع رنة كلماتك تخترق جوفي المتيبس وتنثر نداها في مرارة حلقي فأستطيع في حينها
أن أبتلع ريقي وأبتلع غصة كبيرة هي وهمٌ أنت .
وهما ً كنت أم سرابا ً حديقة عمري لم تعد تعنيني ؟ لم أعد أرغب بتجميلها
.. لم أعد أرغب بمراقصة طيفك في ساعات المساء .. أحاديث الصباح انتهت .. قهوة الصباح
والظهيرة وما قبل الغروب بردت .. لم يشربها معي أحد .
إني راحلة وكما بدأت أول حرف هنا أنهيه .. من قلبي على ورق .. لا أحتاج وساطة
بينك وبين قلبي فأنت منه وله وهذه الحروف هي لك إقرأها على مهل .. ما زال العمر
أمامك وربما تحتاجها في يوم ما تزرعها وهما ً في حديقة عمرك
أما أنا فإني راحلة .