أكدت صاحبتها وضعها بالمنتدى دون ذكر اسمها
( المشكلة )
عندي ولد عمره خمس سنوات ودائم البكاء ولا يسكت إلا بالضرب والعقاب !! مع أنه ذكي جداً في المدرسة .......يرفض أن يتكلم مع المدرِّسة ولكن ما أن يعود حتى يسرد لي كل شيء حصل معه... ولا يمكن له أن يحل أي مشكلة بنفسه , ويحب كثيراً اللعب بالتراب , في الوقت الذي يعاني من الغضب السريع ويكسر أي شيء يراه أمامه , ويعاني أحياناً من التبرز اللاإرادي ,وأحياناً يكون عدواني يعمل على أذية أي أحد مما جعلني لا أفكر أن أُخَلِّف مرة أخرى , كرهت الأطفال .... أفيديني أستاذة ناهد جزاك الله خيراً ماذا أفعل ؟
( رأي )
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الراحمون يرحمهم الرحمن ) ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ( رواه أحمد والترمذي وأبو داود ) .
الرسول الكريم عبَّر عن رحمته بالأطفال وشعوره الخاص نحوهم بطرق مختلفة فكان تارة يقبلهم وتارة يسلم عليهم ويلاطفهم في الحديث ويضمهم إليه إذا كانوا من أبنائه أو أبناء بناته وإذا كانوا صغاراً في أيام ولادتهم الأولى يتناولهم بيديه الكريمتين .
هناك نقاط كثيرة طرحتيها لنا ولنأخذ كل نقطة ونبدأ بمناقشتها , فما هذا العقاب عزيزتي بالضرب , لنتبع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم كيف كان يعامل الأطفال بالرأفة والحنان والحب . فالطفل لا يستطيع التعبير عن نفسه إلا بالبكاء أو التبرز اللاإرادي فهو إشارة إلى أنه يعاني من عدم الإستقرار النفسي فيجب عليك تشجيعه وأن تحفزيه وتعطيه الثقة بأن له شخصيته لذلك عليك مشاورته في أمور الأسرة , وإذا لم يفيد ذلك حاولي عرضه على الطبيب , تقولين أنه ذكي ولا يتحدث مع المعلمة فهل سألت نفسك لماذا لا يتقبل الطفل معلمته التي هي بمثابة أمه وكيف تعامله شخصياً وهل بيئة المدرسة آمنة للمشاركة أم أنه غير متقبل أصلاً ذهابه لهذا المكان ؟ وهل هناك أنشطة يشارك فيها طفلك مدرسَتْهُ الحوار أو المشاركة أم هذا لم يحصل وهل سألت نفسك مرة بأنك أعطيتيه الثقة بالتعبير عن نفسه دون خوف أو خجل ولو حصل ذلك سيكون سهل عليه أن يعبر عن نفسه خارج الأسرة أما بالنسبة لحل مشكلاته بنفسه ! فعلاً شيء غريب عزيزتي هل بإمكان طفل عمره خمس سنوات أن يحل مشاكله بنفسه وهل أنت دربتيه على ذلك أم لا ؟ هل حدثتيه عن بعض القصص في حل المشكلات وتركت له فرصة لذلك وعنده من الخبرة والفطنة والثقة ليواجه مشكلاته وهل الضرب وسيلة لحل المشكلة , قومي بأي مشكلة بسيطة في البيت وامنحي طفلك الثقة وليقم بمساعدتك على حلها وامنحيه الثقة دائماً ليشارك في حل مشكلات الآخرين من خلال الواقع والقصص وبرامج الأطفال . يرسم لنا النبي صلى الله عليه وسلم صورة رائعة لمعاملة الطفل وإدخال السرور على نفسه والنزول إلى مستواه ، ومعاملته بالطريقة التي يألفها ويحبها والدخول إلى العالم الذي يحيا فيه ومشاركته لخيالاته وأحلامه وانفعالاته ، فيسر الطفل بذلك أيما سرور، وفى حديثه صلى الله عليه وسلم \"التراب ربيع الصبيان\" تبدو لنا وثيقة تربوية رائعة يصدرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في تربية الطفل عن طريق اللعب بالتراب حيث أقر الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الوثيقة حقيقة تعليمية معاصرة في سيكولوجية التعلم فى مرحلة رياض الأطفال ، حيث لا تخلو روضة من رياض الأطفال من أحواض الرمال داخل الفصول أو في الفناء وقيمة هذا الحديث الشريف تظهر وتتضح حين نعلم أن أغلب مفاهيم الأطفال تكون وتفرز من لوحة من الرمل واللعب فيها. فأنا برأي لعب طفلك في التراب سيزيد من نمو شخصيته والتعبير عن ذاته فاتركيه يلعب بالتراب مع مراقبته .
ولو أتينا على الغضب السريع والعصبية الذي ينتاب طفلك فنوبة الغضب هي صورة عنيفة من حالة الغضب وتظهر في شكل حالات من الغضب الشديد والهياج والعنف وتكسير الأشياء والتدحرج على الأرض والصراخ والشتم وتخف هذه الحالات عندما يتمكن الطفل من التعبير عن أفكاره في صوره لفظية أما في فترة المراهقة فتحدث في أحيان متباعدة , فيجب أن تبتعدي عن أسلوب إجبار الطفل على الطاعة لمجرد الطاعة وينبغي إشعاره بأهميته وعدم إكراهه على القيام بأي عمل أياً كانت أهميته وتعليمه الإقتداء بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس الشديد بالصرعة , ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب ) . حاولي توجيه طاقات طفلك لعدة أنشطة وأتيحي له الفرصة اللعب مع أقرانه خاصة الموثوق بهم لأن الطفل يتعلم من الطفل ويتفاعل مع الطفل بصورة إيجابية والحرص على متطلبات التربية الإسلامية فهذا يساعد الطفل أيضاً في بناء شخصيته
حاولي عزيزتي أن تعلمي طفلك بأسلوب مبسط كيف يصفح ويعفو ويتعلم الإحسان في مقابل الإساءة والعفو مقابل الغيظ , وقصي له حكايات تدل على ذلك واذكري له الآيات القرآنية التي تتحدث عن كظم الغيظ والتعامل الحسن بأسلوب سلس وبسيط ليتمكن من استيعاب ما تقوليه ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس وقال الله تعالى : ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) .
وفى حوار سيدنا عمر بن الخطاب رضوان الله تعالى عليه ما يوحى بأنه كان حريصا على أن يقدم الآباء القدوة الحسنة والعظة للأبناء وذلك بالحرص عليهم وعلى التربية الصالحة التى ينشئون فيها فقد \"جاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه يشكو عقوق ولده فأحضر عمر الابن لينبهه إلى ضرورة طاعة والده ، فقال الابن : أليس للولد على أبيه حق يا أمير المؤمنين ؟
قال عمر : بلى .. للولد على أبيه أن ينتقى أمه ، ويحسن اسمه ويعلمه القرآن .
فقال الولد : فإنه لم يفعل شيئا من ذلك … فأمى رنجية كانت لمجوسى وسمانى جعرانا ولم يعلمني من القرآن حرفا .
فالتفت عمر إلى الأب قائلا : أجئت تشكو عقوق إبنك وأنت عققته قبل أن يفعل وأسأت إليه قبل أن يسئ إليك .
وخلاصة القول أن الأطفال قد نالوا مكانة كبيرة فى الإسلام وتجلت هذه المكانة من عناية القرآن بالأطفال والحفاظ عليهم ، والدعوة بين الحين والأخر للحفاظ عليهم ، والقرآن الكريم حين يفعل ذلك يحاول أن يضع اللبنات الأولى القوية ، لبناء مجتمع مسلم قوى قائم على أسس ومبادئ ترعى أول ما ترعى وتحافظ أول ما تحافظ على البذور التي سوف تثمر فيما بعد مكونة شعرة إسلامية وأرفة الظلال ، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن بمنأى عن هذا الاهتمام وهذه الرعاية ، فقد تعهد صلى الله عليه وسلم الطفولة وأخذ بيدها بكل رفق ولين ، وسار الصحابة رضوان الله عليهم خلف الرسول صلى الله عليه وسلم في الاهتمام بالأطفال ورعايتهم والحفاظ عليهم من أجل خير الأمة التي هي خير أمة
لهذا عزيزتي ربما لو كان له أخ أو أخت سيكون افضل حال بإذن الله تعالى
أسأل الله أن يحميه وأن يجعله قرة عين لكما .
والله من وراء القصد .
شاركونا ننتظر آراء الجميع