[د. ناصر شافعي]

التبول الليلي اللاإرادي


د. ناصر شافعي

إن مرض التبول الليلي اللاإرادي , والذي يعرف أيضاً بمرض سلس البول الليلي , من الأمراض الشائعة في الأطفال . ونسبة حدوثه كبيرة في المجتمعات المختلفة . و تتفوات هذه النسب حسب الفترة العُمرية للطفل , و الوسط الإجتماعي الذي يعيش فيه الطفل .

يسأل الكثير من الآباء : متى نعتبر التبول الليلي اللاإرادي للطفل أو " بلل الفراش الليلي" حالة مرضية ؟

عادة يبدأ الطفل التحكم في البول أثناء فترة النهار , في منتصف العام الثاني من العمر .. و يصبح التحكم في التبول أثناء فترة الليل ممكناً عن بلوغ الطفل العام الثاني أو الثالث من العمر .. وقد يتأخر هذا التحكم قليلاً .. لكن إذا إستمر " سلس البول الليلي " حتى السنة الخامسة من العمر , يجب معرفة السبب و عرض الطفل على الأطباء المتخصصين لعلاجه .

أما إذا حدث التبول الليلي اللاإرادي للطفل على فترات متباعدة ( مرة كل شهر مثلاً ) , وبعد ظروف خاصة , مثل تعرض الطفل للبرد أو شربه لكميات كبيرة من الماء في الليلة السابقة للتبول في الفراش , فإننا لا نعتبر هذه الحالة مرضية تستدعي العلاج .. لكن في حالة تكرارها بمعدل عالٍِ ( كل يوم .. أو ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع ) , فيجب عرض الطفل على الطبيب فوراً لمعرفة سبب المرض , ولتحديد خطة العلاج .

ماهى أسباب التبول الليلي في الفراش ؟

هناك أسباب عديدة لهذا المرض .. ويمكن إيجاز هذه الأسباب كما يلي :

أولاً : وجود أمراض عضوية في الجهاز البولي ( مثل التهاب مجرى البول أو خلل في وظيفة المثانة البولية ) .

ثانياً : أمراض عضوية في الجهاز العصبي للطفل .. أو أمراض النخاع الشوكي .
ثالثاً : وجود خلل في الهرمون الذي يفرز من المخ و يساعد على تقليل إنتاج البول و زيادة تركيزه , فيفرز هذا الهرمون في المريض بكمية أقل من الكمية الطبيعية , وبالتالي تزداد كمية البول المنتجة من الكلى عند هؤلاء الأطفال في فترة الليل . وتكون هذه الكمية من البول أكثر من سعة المثانة البولية , فيحدث التبول الليلي اللاإرادي .

رابعاً : اسباب نفسية قد يعاني منها الطفل , نتيجة تعرضه لظروف إجتماعية أو بيئية خاصة , مثل تعرضه لسوء المعاملة أو القسوة أوالعنف أو الضرب .. أو خوف الطفل و الأحلام الزعجة .. أو عدم إشباع حاجات الطفل النفسية , مثل حرمان الطفل من الحب و العطف و الحنان .

خامساً : ثبت أن بعض حالات التبول الليلي اللاإرادي قد تكون وراثية .. في بعض الحالات وجد أن آباء هؤلاء الأطفال كانوا في فترة طفولتهم أو صباهم مصابين بهذا المرض .. وأنه ليس هناك سبب واضح للمرض .

سادساً : أمراض عضوية أخرى .

ولق وجد أنه ليس هناك علاقة بين درجة عمق النوم لدي الطفل , وعدم تحكمه في البول أثناء الليل .. فبعض الآباء يظن أن السبب الرئيسي للمرض أن درجة نوم الطفل عميقة للغاية , وأنه لهذا السبب يتبول في الفراش .

علاج المرض :

ولمواجهة هذا المرض يجب علينا أولاً التأكد من عدم إصابة الطفل بأي مرض عضوي , سواء في الجهاز البولي أو العصبي أو أي مرض آخر . . وذلك بعرض الطفل على الأطباء المتخصصين .

بصورة عامة , يمكن اتباع الخطوات التالية , كخطوات للتعامل مع الطفل المصاب بهذا المرض :

1.لابد من دراسة الظروف البيئية المحيطة بالطفل , و التعرف على الظروف الاجتماعية والنفسية التي يعيشها الطفل .. و بالتالي التعرف على الاضطراب النفسي الذي يعاني منه.
2.يجب أن نوضح للطفل كافة الأسباب التي تؤدي إلى حدوث التبول الليلي اللاإرادي.. وأنه يمكن التغلب على هذه المشكلة بالإرادة القوية و العزيمة , و الرغبة الحقيقية الصادقة في الشفاء من المرض .
3.إرشاد الآباء و الأمهات و أفراد الأسرة على ضرورة التوقف عن السخرية و الإستهزاء من الطفل بسبب مرضه . لأن ذلك قد يجعل الطفل إنطوائياً أو مكتئباً .. وقد تزيد من درجة المرض , وتعرقل مراحل التحسن .
4.ننصح الطفل بالتقليل من شرب الماء بكثرة , قبل ذهابه إلى النوم في الفراش بفترة ..
5.ننصح الأم بإيقاظ الطفل وأخذه إلى دورة المياه للتبول أثناءالليل كلما أمكنها ذلك , مرة أو مرتين ليلاً .
6.إذا ثبت وجود سبب عضوي أو نفسي , يجب علاج الطفل من قبل الأطباء المتخصصين .

يختلف نوع العلاج حسب سبب المرض :
·علاج للمرض العضوي أو العصبي .
·علاج هرموني إن كان السبب نقص الهرمون ( الذي يساعد على تقليل كمية البول المنتجة ) .
·علاج نفسي , مثل العلاج الجماعي , أو إستخدام بعض العقاقير النفسية .. وهذه العقاقير يجب عدم استخدامها إلا بأوامر الطبيب المختص و تحت إشرافه .
·غستعمال بعض الأجهزة الطبية , كمنبه الفراش الذي ينبه الطفل من النوم عند بدء بلل الفراش .

ونظراً لما يسببه هذا المرض من آثار جانبية عديدة , خاصة الآثار النفسية التي يتركها على الطفل الذي يعاني من هذا المرض .. لذا ننصح الآباء بعدم التأخر في إستشارة الطبيب المختص , لتحديد سبب المرض ونوع العلاج اللازم .

تحياتي .

حقوق النشر و الطبع محفوظة للمؤلف . د. ناصر شافعي . حياة صغيري . القاهرة .

[غانية رستم]

معلومات قيمة
شكراً لك دكتور
أنا أستفيد من مواضيعك جدا خصوصا وأنها تهمني في مجال دراستي
تقبل أسمى آيات التقدير