أديب وقاص معروف ومتميز حاصل على عدد من الجوائز (انتقل إلى رحمة الله)
خرج و لم يعد - أقصوصة - نزار ب. الزين
خرج و لم يعد
أقصوصة
نزار ب الزين*
كان صراخ الطفلة ذات الثمانية عشر شهرا يتزايد ، نهض أبو راشد من فراشه و توجه نحو غرفتها ، عندما لمح ضوء غرفة الجلوس ساطعا و ثمت حديث يدور بين إبنه و زوجته ، فعاد أدراجه نحوهما :
- لعلكما لم تسمعا صراخ الطفلة !
قال منبها فأجابه ابنه :
- بل نسمعه و نتجاهله متعمدين ، إنه ( دلع ) الأطفال ، بابا ، ليس ما يستوجب قلقك .
عاد أبو راشد إلى غرفته ، لم يتمكن من الاستلقاء فصوت الطفلة يتعالى و صراخها أصبح صادراً من الصميم " لا يمكن أن يكون مثل هذا الصوت تدللا " همس لذاته ، و لكنه سكت على مضض .
إلا أن صوت الطفلة أخذ يرتفع أكثر و أكثر ، لم يعد أبو راشد يطيق صبرا ، فتوجه ثانية إلى غرفة الجلوس :
- من المستحيل أن يكون هذا الصراخ بكاء ( دلع ) كما تقول يا راشد يا ابني ، لدي من التجارب ما يجعلني أميز بين بكاء ( الدلع ) و بكاء المرض ، دعني أهدئها يا بني ! .
تجيبه كنّته :
- ( عمو ) كتاب سلوك الأطفال بين أيدينا كما ترى ، و الكتاب يؤكد أن بكاء الطفل في هذه المرحلة العمرية غالبا ما يكون رغبة منه أن يُحمل أو أن ينام ملتصقا بأمه ، و كلا الأمرين يفسدا تربيته .
يعود أبو راشد ثانية إلى غرفته ، و لكن صوت الطفلة أخذ يتحول إلى ما يشبه نواح إمرأة بالغة ثكلى ..
عاد مرة أخرى إلى غرفة الجلوس ، لائما :
- حرام والله هذا الذي تفعلانه ، لعلها تشكو من مرض ما ، صدقاني ، هذا البكاء لا يمكن أن يكون تدللا أو كما تقولان ( دلع ) .
يصيح راشد في وجه أبيه ناهرا :
- و آخرتها معك .. أنت ؟؟!!!
تصدمه العبارة ، لا يصدق ما سمعه من فم إبنه ، يشعر أن الأرض تميد به ، يدخل غرفته مرتعشا من هامة رأسه حتى أخمص قدمه ، ثم يقرر أمرا ...
يرتدي ملابسه على عجل ، ثم يغادر المنزل تسللا ...
*****
بعد عدة أشهر ، و في مدينة بعيدة ، شاهد أبو راشد صورته في إحدى الصحف ، و قد أدرج تحتها نداء تحت عنوان كُتب بالخط العريض : " خرج و لم يعد " .
------------------
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب
رد: خرج و لم يعد - أقصوصة - نزار ب. الزين
من حسن حظه أن عبارة "خرج و لم يعد" لم تضف ‘ليها كلمة "مجنون"..
كثيرة هي الأمثلة على تمسك البعض بما تقدمه الدراسات الحديثة عن التربية ويتم إغفال الجانب الانساني و العاطفي.. أي تصم الآذان عن نداء الأمومة أو الأبوة الذي يعلو فوق كل دراسة مهما كان مستواها ..
ينطبق هذا على مجال التعليم أيضا .. بحيث نرى كتبا تلم بحياة التلميذ وشخصيته وتقدم النصائح .. لكن يكفي أن يستمع المدرس مباشرة إلى تلميذه ليضع الحل المناسب بكل هدوء .
دائما ألمس في كتابات أخي نزار تلك النكهة القصصية الممتعة التي تجرنا لخوض نقاش واسع وممتع أيضا .
شكرا لما تنفثه فينا من متعة نحن أحوج ما نكون إليها .
بكل الحب و التقدير,
أديب وقاص معروف ومتميز حاصل على عدد من الجوائز (انتقل إلى رحمة الله)
رد: خرج و لم يعد - أقصوصة - نزار ب. الزين
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الميموني
من حسن حظه أن عبارة "خرج و لم يعد" لم تضف ‘ليها كلمة "مجنون"..
كثيرة هي الأمثلة على تمسك البعض بما تقدمه الدراسات الحديثة عن التربية ويتم إغفال الجانب الانساني و العاطفي.. أي تصم الآذان عن نداء الأمومة أو الأبوة الذي يعلو فوق كل دراسة مهما كان مستواها ..
ينطبق هذا على مجال التعليم أيضا .. بحيث نرى كتبا تلم بحياة التلميذ وشخصيته وتقدم النصائح .. لكن يكفي أن يستمع المدرس مباشرة إلى تلميذه ليضع الحل المناسب بكل هدوء .
دائما ألمس في كتابات أخي نزار تلك النكهة القصصية الممتعة التي تجرنا لخوض نقاش واسع وممتع أيضا .
شكرا لما تنفثه فينا من متعة نحن أحوج ما نكون إليها .
بكل الحب و التقدير,
*** أخي المكرم رشيد تحليلك لأهداف النص جاء صائبا و معمقا فالكتاب يتحدث عن عموميات و لكن على الدوام هناك الحالات الفردية التي قد لا تتطابق مع الكتاب جزئيا أو كليا *** إطراؤك الدافئ أسعدني و إشادتك بأسلوبي شهادة أعتز بها فلك الشكر و الود ، بلا حد نزار
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
رد: خرج و لم يعد - أقصوصة - نزار ب. الزين
[align=justify]
القاص المبدع أستاذ نزار تحياتي لشخصك الكريم
هذه القصة تمس شغاف القلب
الفرق بين جيل وجيل
جيل كان أكثر احتراماً للآباء وأكثر قرباً وتفهماً للأبناء
قصة رائعة مؤثرة لم أستطع معها أن أحجب دمعة سالت على غفلة مني
دمت ودام إبداعك
[/align]
يتناسى الأبناء أحيانا أن الإنسان حين يتقدم به العمر يصير أكثر حساسية و يتأثر أكثر, جاءت قصتك شففة مثقلة بالمشاعر و تحمل عبرة ليت كل الابناء يبصرونها.
تحياتي و تقديري أستاذ نزار
أديب وقاص معروف ومتميز حاصل على عدد من الجوائز (انتقل إلى رحمة الله)
رد: خرج و لم يعد - أقصوصة - نزار ب. الزين
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نصيرة تختوخ
يتناسى الأبناء أحيانا أن الإنسان حين يتقدم به العمر يصير أكثر حساسية و يتأثر أكثر, جاءت قصتك شففة مثقلة بالمشاعر و تحمل عبرة ليت كل الابناء يبصرونها.
تحياتي و تقديري أستاذ نزار
أختي الفاضلة هدى الإحترام المتبادل أساس كل علاقة سوية سواء في النطاق العائلي أو في المجال الإجتماعي و لكن غرور بعض الشبان و اعتقادهم أن الآباء يحملون "عقلية قديمة" غير متطورة يدفعهم إلى مثل سلوك راشد بل إلى ما هو أسوأ منه *** أختي الكريمة أسعدتني زيارتك و ثناؤك الدافئ مشيدا برقة مشاعرك فلك الشكر و الود ...بلا حد نزار
أديب وقاص معروف ومتميز حاصل على عدد من الجوائز (انتقل إلى رحمة الله)
رد: خرج و لم يعد - أقصوصة - نزار ب. الزين
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نصيرة تختوخ
يتناسى الأبناء أحيانا أن الإنسان حين يتقدم به العمر يصير أكثر حساسية و يتأثر أكثر, جاءت قصتك شففة مثقلة بالمشاعر و تحمل عبرة ليت كل الابناء يبصرونها.
تحياتي و تقديري أستاذ نزار
الأستاذ نزار / حفظك الله
حقاً إنها قصة مؤلمة وأشبه أن تكون واقعية في زمننا هذا
قصصك المتميزة أدباً ورقياً وموعظة ونصحاً وثقافة وعلماً وخبرة
كلها غيث لقلوبنا وإرواء لعقولنا وأفكارنا
دمت مبدعاً ودام يراعك
أديب وقاص معروف ومتميز حاصل على عدد من الجوائز (انتقل إلى رحمة الله)
رد: خرج و لم يعد - أقصوصة - نزار ب. الزين
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناهد شما
الأستاذ نزار / حفظك الله
حقاً إنها قصة مؤلمة وأشبه أن تكون واقعية في زمننا هذا
قصصك المتميزة أدباً ورقياً وموعظة ونصحاً وثقافة وعلماً وخبرة
كلها غيث لقلوبنا وإرواء لعقولنا وأفكارنا
دمت مبدعاً ودام يراعك
*** هي بالفعل أقصوصة واقعية و مؤكد أن مثلها أو قريبا منها كثير *** كل الإمتنان لزيارتك و تفاعلك أما ثناؤك فهو وشاح شرف يطوق عنفي و على الخير دوما نلتقي نزار