طريق بلا عودة
كان( مسعود) يسير ليلا ووحشة الليل هى أنيسه الوحيد، نظر إلى الطريق فلم يشاهد إلا أعمدة الإنارة تضوى وتنظر إليه شذرا ، نظرة ذكرته بحديث والده الأخير إليه عندما قال له :وبعدين معاك علمتك وصرفت عليك دم قلبى وأنت إتخرجت بقالك تلت سنيين ، وآخرتها معاك إيه يابنى لازم تشوف لك شغلانة أنا مش قادر على مصاريفكم خلى عندك دم
تذكر هذا الحديث الذى كان يتكرر كثيرا من والده عندما يراه ،ولكنه زاد فى آخر مشاحنة بعد أن عاد والده من السوق محملا ببعض المشتريات البسيطة ثم جلس يصرخ: الزيت بأه بتمانية جنيه وشوية ، والعيش الحاف مش عارفين ناكله وكل ما أروح أشترى حاجة ألاقيها زادت الله يخرب بيت اللى كان السبب وأنت قاعد لى كده فى البيت لا شغله ولا مشغله، بتاكل فى(أته محلوله)، أخذ مسعود يبتسم إبتسامة مُغتصبه وهو يقول لنفسه: أبويا طول عمره يقول لى الكلمة دى وعمرى ما عرفت يعنى إيه (أته محلوله)لكن المضمون دايما يوصلنى
ياترى مين السبب فى اللى أنا فيه؟ أنا عملت اللى عليا إتعلمت وأخذت شهادة الهندسة ويا فرحتى بكلمة باشمهندس..لفيت على كل أبواب الشغل وقلت لهم معايا تقدير جيد جدا ، وكل الأبواب تترزع فى وشى لأن مفيش معايا المفتاح اللى يفتح الباب... مفتاح الواسطة
آه لو أبويا كان سمع كلامى وسابنى أشترك فى الحزب الوثنى..ليه ياوالدى ما سبتنيش ..حزب كا فر عارفين بس أهوه كافر لنفسه لكن بيفتح الأبواب اللى ما بيعرفش يفتحها الغلابة أصحاب العقيدة والمبدأ زى حالات والدى، خلاص بكرة هروح للحزب الوثنى أشترك فيه من غير ما أبويا يعرف مفيش ظلام ولا كفر أكتر من اللى أنا فيه ..هكذا قال (مسعود) لنفسه فى نهاية حواره معها ولاحت على وجهه بوادر إبتسامة فرحة بالقرار الذى أقنع نفسه به فى نهاية الحوار معها
بطاقتك يا أخينا....كان هذا هو الصوت الذى أغتصب أفكاره ودوت غلظة الصوت داخل نفسه الخاوية....ونظر فرأى عربية (البوكس) بجواره ومخبر عملاق يمد له يده مطالبا بتحقيق الشخصية...يا (دياب) هات الواد ده فى البوكس ناخده القسم الليلة مفيش زباين كتير ومحتاجين ناس نسدد بيهم المصايب و البلاوى اللى عندنا فى المحاضراللى مش لاقين لها حد
وصل إلى أذن (مسعود) صوت من داخل البوكس عرف أنه الضابط عندما رد المخبر (دياب) حاضر ياباشا أًمشى قدامى يابن ال.......مشى (مسعود) وهو لا يعلم أنه يسير إلى نفق أكثر ظلاما وكفرا مما كان فيه منذ لحظات وساد الليل سكون لم يقطعه سوى صوت إطارات سيارة البوكس المتآكلة وهى تسرع بغنيمتها إلى أبواب جهنم
قصة بقلم/أحمد التابعى
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|