[align=justify]* منظمات إرهابية تحت مسميات أجهزة أمنية:
- جهاز الموساد:
تكونت من خلال منظمة (الهاجاناه)، وحدة سرية خاصة سميت (مكتب المعلومات)، وعرفت باسم (شاي)، وفي عام 1937 أنشأت (الهاجاناه) أيضاً منظمة (موساد لي اليافي بيت) أي (مكتب الهجرة)، واسمها الأول (موساد)، وهو الاسم الذي استعاره جهاز الاستخبارات الصهيونية عام 1951، ليكون اسمه حينما ظهر لأول مرة بشكل رسمي، كما ورث أيضاً شبكة الجواسيس التي كانت تنشط لصالح (مكتب الهجرة).
ونظراً لتعدد تنظيمات التجسس الصهيونية رأت قيادة العدو أن تنشئ جهازاً خاصاً لتنسيق أنشطتها، سمي (في خدمة إسرائيل)، وقد تولى تأسيسه روفين شيلوح الذي رأس جهاز (الموساد) بعد تأسيسه رسمياً.
وقد عمل أغلب زعماء الكيان الصهيوني خلال فترات مختلفة من حياتهم كعملاء وجواسيس للموساد من أمثال حاييم هيرتزوج (رئيس الكيان الأسبق) ورؤساء الحكومات الصهيونية السابقين إسحاق شامير ومناحم بيجين وشيمون بيريز وإسحاق رابين وإيهودا باراك. وحتى جولدا مائير، التي كانت بدورها تعمل لحساب (الموساد) قبل أن تتولى رئاسة الحكومة الصهيونية.
وطبقاً لإحصائية نُشرت عام 1996، يبلغ عدد العاملين في جهاز (الموساد) نحو 1200 إلى 1500 شخص، من بينهم 500 ضابط يعمل الواحد منهم حتى سن الثانية والخمسين، ويحال بعدها للمعاش. وللـ(موساد) شبكة من العملاء تغطي أنحاء العالم تضم حوالي 35 ألف شخص (20 ألفاً عاملون والباقي في حالة كمون مؤقت).
ويتكون جهاز (الموساد) من عدة أقسام رئيسية لكل منها دور أو مهمة خاصة به، وتتراوح مهام هذه الأقسام بين جمع المعلومات وتصنيفها ودراسة هذه المعلومات وتقييمها، والمراقبة والتجسس، والتجنيد وتنفيذ العمليات الخارجية الخاصة من قتل وتصفية، إضافة إلى قسم خاص بالتصوير والتزوير والشفرة وأجهزة الاتصال، فضلاً عن قسم خاص بالتدريب والتخطيط ورفع كفاءة العاملين بالجهاز. كما يضم جهاز (الموساد) قسماً لمكافحة التجسس والاختراق. ويعتبر قسم العمليات أكبر فروع (الموساد)، ومهمته تنظيم نشاط وعمل الجواسيس المنتشرين حول العالم.
وهناك أيضاً وحدة خارجية أخرى تسمى (عل) أي رفيعة المستوى، وهي تقوم بجمع المعلومات عن كل الدول العربية من داخل الولايات المتحدة الأميركية بواسطة تعقب البعثات الدبلوماسية.
وثمة لجنة خاصة بـ(الموساد) تجتمع أسبوعياً يطلق عليها اختصاراً (وادات)، وهي لجنة تختص بتنسيق السرية والتجسسية خارج وداخل فلسطين المحتلة، ورئيس لجنة (وادات) هو نفسه رئيس جهاز الموساد الذي يطلق عليه زملاؤه اسم (مأمون)، أما أعضاء لجنة (وادات) فهم مدير جهاز المخابرات العسكرية الذي يسمى (آمان)، ومدير جهاز الأمن الداخلي الذي يسمى (الشين بيت) أو (شاباك)، ومدير مركز الأبحاث الإستراتيجية والتخطيط بوزارة الخارجية المتخصص في التجسس الدبلوماسي، ومعهم أيضاً مدير قسم العمليات الخاصة لإدارة الشرطة (ماتام)، والمستشارون الشخصيون لرئيس الوزراء في الشؤون السياسية والعسكرية وشؤون المخابرات ومكافحة (الإرهاب)، وخلال هذا الاجتماع الأسبوعي (ترسم السياسات الأمنية، داخلياً وخارجياً).
كما يضم جهاز (الموساد) أيضاً شعبة أبحاث تشمل خمسة أقسام و15 مكتباً لدراسات الدول العربية وبعض دول العالم الأخرى.
وخلال الستين عاماً من القرن الماضي، فقد مجتمع المخابرات الصهيوني 360 عميلاً قتلوا أو فقدوا حياتهم بسبب التجسس لحساب "الدولة العبرية".
وكان أول جاسوس صهيوني فقد حياته بسبب خدمته في (الموساد)، هو يعقوب بوكاي وهو يهودي من أصل سوري تم إعدامه في آب / أغسطس 1949 بعد أن تم القبض عليه في الأردن متخفياً في زي لاجئ عربي.
ومن أبرز العمليات الإرهابية التي نفذها عملاء (الموساد): سلسلة الاغتيالات التي استهداف قيادات العمل الوطني الفلسطيني في العديد من البلدان العربية والغربية وفي الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً، وكذلك قيام وحدات خاصة من (الموساد) بعمليات قتالية خارجية، أشهرها عملية مطار(عنتيبة) في أوغندا في تموز/ يوليو عام 1976، كما لم تقتصر عمليات (الموساد) الإرهابية على استهداف الفلسطينيين فقط، بل طالت العديد من الشخصيات والدول العربية والآسيوية والغربية، وحتى الحليف الإستراتيجي للكيان الصهيوني الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك شخصيات ومنظمات وتجمعات يهودية، من ذلك أنه في 15 نوفمبر 2003 كشفت وسائل الإعلام التركية عن تورط جهاز (الموساد) في التفجيرات التي استهدفت معبدين يهوديين في إسطنبول. والتي أودت بحياة العشرات، وإصابة المئات، إضافة إلى تدمير منشآت هامة ومعبدين يهوديين.
وذكرت صحيفة (ينى شفق) المقربة من حزب العدالة والتنمية، نقلاً عن مصادر من المخابرات التركية، أن جهاز (الموساد) هو من شكلَّ (منظمة تكفير) في تركيا، وأن هذه المنظمة هي التي قامت بتنفيذ تفجير الكنيسين اليهوديين، بهدف إثارة الرأي العام العالمي ضد المسلمين، خاصة في الدول الأوروبية.
وفي 2 آذار/ مارس 2004 كشف مسؤولون عراقيون النقاب عن أن جهاز (الموساد) يتولى ملف العلماء العراقيين ويقود حملة اجتثاث ضدهم لتهجيرهم من العراق أو اغتيالهم. وذكر أسامة عبد المجيد رئيس دائرة البحوث والتطوير في وزارة التعليم العالي العراقية في تصريح نشرته صحيفة (السبيل) الأردنية الأسبوعية: (أن 15500 عالم وباحث وأستاذ جامعي عراقي فصلوا من عملهم في إطار الحملة الصهيونية).
وبحسب وكالة الأنباء السورية فقد أكدت أوساط عراقية مطلعة في بغداد أن جهاز (الموساد) طلب من المخابرات الأمريكية ترك ملف العلماء العراقيين برمته إلى عملاء (الموساد) في العراق مشيرين إلى أن (الموساد) يريد تهجير هؤلاء العلماء أو اغتيالهم إذا رفضوا التعامل معه.
- جهاز الأمن الداخلي (الشين بيت):
عند تأسيس "الدولة العبرية" وصل تعداد رجال المخابرات الصهيونية إلى 184 شخصاً، وقد شكّل هؤلاء، في حينه بناء على أمر عسكري، وحدة عسكرية تابعة للجيش أطلق عليها (الشين بيت)، اختصاراً لكلمة (خدمة أمن). ورئس الوحدة ،آنذاك، أيسر هرئيل، الذي أصبح عام 1952 رئيساً لجهاز (الموساد). وكانت مهمة جهاز (الشين بيت) في العقد الأول من احتلال فلسطين، مراقبة تحركات خصوم حزب العمل الصهيوني الذي حكم الكيان الغاصب حتى العام 1977. وقد استطاع حزب العمل خلال هذه السنين الطويلة أن يحوّل جهاز (الشين بيت) إلى (أسطورة صهيونية تحمي البلاد من المؤامرات الداخلية، ومن العملاء السوفييت)، وكذلك من الفدائيين الفلسطينيين الذين بدأوا يعبرون الأسلاك الشائكة، سعياً لتنفيذ عمليات فدائية ضد المحتل. وقد كانت تحركات (الشين بيت) سرية للغاية حتى أن اسم رئيسها لم يعرف للجمهور، وعملت طوال السنين تحت مسؤولية مكتب رئيس الحكومة.
وقد اختفت كلمة (الشين بيت)، ليحل محلها اسم (الشاباك)، ومعناها (خدمة أمن عام) أو (شين بيت عام)، بعد انفضاح عدوانية رجالها فيما عرف بـ(فضيحة باص300) في عام 1986، وقد أسفرت هذه الفضيحة عن استقالة أبراهام شالوم، رئيس (الشين بيت)، وبعدها بدأت تُنشر في الداخل المحتل كتب وروايات عن جهازي (الشاباك) و(الموساد)، بعضها كتبها باحثون، والبعض الآخر كتبها رؤساء سابقون.
- جهاز الاستخبارات العسكرية (أمان):
يعد جهاز الاستخبارات العسكرية (أمان)، أحد مؤسسات جهاز الاستخبارات الصهيوني، وهي إدارياً قسم من أقسام رئاسة الأركان العامة لجيش العدو، وتتبع رئيس الأركان مباشرة، أما في التخطيط العام فتلتزم بما يقرره مجلس أمن الدولة الأعلى، وهي بذلك تماثل إدارة المخابرات العسكرية أو ما يشابهها في الجيوش الأخرى.
وقد اشتق مصطلح (أمان)، من العبارة العبرية (أغاف موديعين) ومعناها (مكتب الاستخبارات). وتختص بأمن القوات المسلحة وجمع المعلومات العسكرية الإستراتيجية والتكتيكية والميدانية عن القوات المسلحة العربية، والطاقات العربية السياسية والاقتصادية التي يمكن توظيفها لصالح القوات المسلحة واستثمارها في العمليات الحربية. ويقوم جهاز (أمان) بتحليل هذه المعلومات واستقرائها واستخراج النتائج منها.
ويلعب الجهاز دوراً رئيسياً في وضع الخطط الحربية والتنسيق مع الأجهزة الأخرى، ويقوم بجمع المعلومات ضباط استخبارات الميدان المنتشرون على الحدود وفي مناطق العمليات، وضباط الاستطلاع الذين يستخدمون وسائل الرصد والاستطلاع البري والبحري والجوي واللاسلكي والإلكتروني والأقمار الصناعية وغيرها من وسائل الرصد والاستطلاع.
هذا فيما يتعلق بالحدود، أما المعلومات الخارجية فتأتي عن طريق الملحقين العسكريين التابعين لجهاز (أمان) والعاملين في السفارات الصهيونية. كما تأتي المعلومات أيضاً من شبكات التجسس العاملة في الخارج، ومن أجهزة الاستخبارات التابعة للدول المتعاونة مع (إسرائيل) في مجال المعلومات العسكرية وتبادلها.
ويضم جهاز (أمان) عدة أقسام منها قسم للاستخبارات التكتيكية، وقسم لكل من الاستخبارات البرية والجوية والبحرية، وتشارك في إعداد الدراسات الإستراتيجية الخاصة بتقدير إمكانيات الدول العربية وقدراتها العسكرية وتقييم المواقف السياسية المختلفة. وتضم أيضاً قسماً خاصاً بالإعلام له صلة وثيقة بالصحفيين الأجانب العاملين في الوطن المحتل، وبخاصة المراسلين الحربيين. ولهذا القسم حق المراقبة على كل ما ينشر عن الجيش.
وقد حقق جهاز (أمان) شهرة بالحرفية الفائقة، عندما تمكن اختصاصيو الاستخبارات العسكرية من تقديم معلومات غاية في الدقة عن سلاح الطيران المصري، سمحت لجيش العدو عام 1967 في حرب الأيام الستة أن تدمر في هجوم مباغت تقريباً كامل الأسطول الجوي لمصر.
غير أن الجهاز تعرض للتطهير والتطوير بعد فشله في التنبؤ بحرب أكتوبر 1973.
* خلاصة نهائية:
بعد استعراضنا لأبرز الحركات والجماعات والمنظمات الأصولية اليهودية والصهيونية وإبراز دورها الإرهابي في القرنين الماضيين، لا بد من الإشارة إلى أن ما ذكر ليس هو كل ما يمكن رصده من تشكيلات وتجمعات يهودية وصهيونية، عنصرية، عملت وما زالت تعمل في السر والعلن، على اجتثاث جذور الوجود العربي الفلسطيني في أرض فلسطين التاريخية، وزرع الجسد الصهيوني "الاستيطاني" في موقعها، فهناك إضافة إلى ما سبق عشرات المجموعات النشطة والكامنة التي تضغط لتحقيق الغايات الإستراتيجية للمشروع الصهيوني بشقيه الديني والعلماني في فلسطين المحتلة والمنطقة العربية.
وبالرغم من أن مصادر تمويل هذه الحركات والجماعات والمنظمات من الأمور التي لم يتم الكشف عنها نهائياً، إلا أن العديد من الدلائل والاعترافات تذهب إلى أن سلطات الاحتلال الصهيوني نفسها تسهم في عملية التمويل هذه بصورة مباشرة أو غير مباشرة حين تغدق الأموال على منظمات "الاستيطان" التي تُعَد المظلة الأساسية التي تنمو أسفلها العديد من هذه الجماعات الإرهابية، وحين تغدق الرواتب الحكومية على "المستوطنين" في الضفة الغربية. ويُعَد التمويل الخارجي عنصراً لا يجب تغافله في سياق طبيعة الكيان الصهيوني العامة. فأبرز المتطرفين الصهاينة، أمثال مائير كاهانا كان يقول: (إن حركة كاخ تعتمد على تبرعات تصل من مؤيدينا بالولايات المتحدة ).
بينما يذهب الاعتقاد بأن المخابرات المركزية الأمريكية تقوم بدور هام في تمويل هذه الحركات والجماعات والمنظمات امتداداً لتبنيها لـ(رابطة الدفاع اليهودي) من قبل.
كما أن لبعض هذه الحركات والجماعات والمنظمات ارتباطات واضحة مع كبار الرأسماليين الصهاينة في الولايات المتحدة.
ولعل الدارس لطبيعة المجتمع الصهيوني، يلاحظ تلك الملاءمة والتوافق القوي بين أهداف التربية اليهودية من جهة وأهداف الحركة الصهيونية وحاجات المجتمع الصهيوني من جهة أخرى، فلقد كانت التربية اليهودية بخلفيتها الدينية والتوراتية التلمودية العنصرية، وبفلسفتها المستمدة من تعاليم الصهيونية العدوانية، هي الوسيلة الأولى والأهم التي استخدمت لتحقيق أهداف الصهاينة في إنشاء الكيان الصهيوني وبقائه.
وبعد كل ما تقدم فإنه لا بد لنا من التأكيد أن العقلية الصهيونية الاحتلالية العنصرية العدوانية لن تتغير. وأن الجرائم الصهيونية بأشكالها المختلفة الدموية والاستيلائية الاستيطانية الاحتلالية، والانتهازية السافرة لحقوق الفلسطينيين منذ بدايات القرن الماضي وحتى يومنا هذا ستتواصل. كما أن سياسات المصادرات و"الاستيطان" والتهويد ستزداد بصورة مسعورة أكثر من السابق، ذلك لأن كل هذه الممارسات تقترف تحت مظلة أوهام السلام والمصالحة التاريخية، التي شكلت ضربة مميتة لخيار المقاومة، وكرست جريمة احتلال الوطن الكبرى، التي توجت بتوقيع اتفاق (أوسلو) بعيوبه وثغراته الكثيرة ليشكل بدوره الجريمة الخطيئة في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني. الذي سيستمر إلى أن يعي الفلسطينيون والعرب من خلفهم، بأن لا سبيل للخلاص من الاحتلال، وتحرير الأراضي الفلسطينية كلها (التي احتلت عام 48 و67) والعربية المحتلة، إلا باختيار نهج المقاومة بكل أشكالها، وفي مقدمتها الكفاح المسلح. [/align]
[line]-[/line]
[align=justify]* مصادر و مراجع هامة
1. الإرهاب السياسي.. بحث في أصول الظاهرة وأبعادها الإنسانية، د. أدونيس العكرة، دار الطليعة، بيروت 1993.
2. الصهيونية: أصل الإرهاب وأصوليته، سالم الصفار، دار المحجة البيضاء، بيروت، 2005.
3. في الأصولية الصهيونية، يحيى الكعكي، دار النهضة العربية، بيروت، 2005.
4. منابع الإرهاب: الصهيونية "إسرائيل"، موفق النقيب، دار الرائي، دمشق، 2005.
5. الموسوعة الفلسطينية، القسم الثاني، هيئة الموسوعة الفلسطينية، بيروت، 1990.
6. الموسوعة الفلسطينية، ط 1، هيئة الموسوعة الفلسطينية، دمشق، 1984.
7. موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، د. عبد الوهاب المسيري، دار الشروق، القاهرة، عام 1999.
8. النزعات الأصولية في اليهودية والمسيحية والإسلام، كارين آرمسترونج، دار الكلمة، دمشق، 2005.
9. حول تعريف الإرهاب الدولي وتحديد مضمونه من واقع القانون الدولي وقرارات المنظمات الدولية، عبد العزيز محمد سرحان، المجلة المصرية للقانون الدولي، مجلد 29، 1973.