إشتريت ما برأس أديب ! (من الأدب الساخر)
د. ناصر شافعي
كنت أول مشتري .. أديب يعرض ما برأسه من آمال و أحلام وكلمات, وحقل للياسمين , يعرضها للبيع , .. فرصة نادرة .. وعرض مغري أن يقتني أديب , رأس أديب مفكر آخر .. يمتلكها و يتحكم فيما بداخلها !.. تماماً كما يفعلون بلاعبي الكرة و الرياضيين , أو إحتكار الفنانين .
فأجبت البائع الأديب قائلاً : " أنا أول المشترين .. أشتري أفكرك , أحلامك , آمالك .. كل ما برأسك حتى حقل الياسمين . سوف أشتري بأغلى الأثمان , وأعلى الأسعار . لن أجادل في الثمن مهما كان باهظاً .. أرجو ألا تتردد في البيع وتتراجع في عرضك .الشئ الوحيد الذي لاأستطيع شراءه هى أيامك ".
كان الرد هو " السكوت " .. وبما أنه يقال أن السكوت علامة الرضا , فقد قبل الإتفاق .. هو باع لي رأسه بما فيها .. وأنا قبلت وإشتريت .
أخذت أفكر ماذا أفعل بهذا الرأس المليئ بالأفكار و الآمال و الأحلأم .. كان أول خاطر مر بي أن أفرغ هذه الرأس من الأفكار وأبدأ في تنظيمها و ترتيبها , ثم الإستفادة منها , أو الإستغناء عنها .. ثم تراجعت عن هذه الفكرة . ثم فكرت في محاولة عمل وصلة بين هذه الرأس و رأسي لأنقل بيانات و معلومات الأديب إلىّ عقلي وفكري . . ثم عدلت أيضاً عن هذه الفكرة .. لماذا لا أحتفظ بهذه الرأس في مكان أمين ! .. في خزانة بيتي أو في خزانة بنك مثلاً ! .
لا .. سوف أؤمن على هذه الرأس في إحدى شركات التأمين !.. تأمين ضد السرقة , سرقة الأفكار و الأحلام .. تأمين ضد التلف و التخريب .. تأمين ضد الضياع و الفقدأن .. أم تأمين ضد المسح و االشطب و الحذف .. أم تأمين ضد الرفض أو الاعتراض أو العصيان !.
سوف أضع الشروط و القواعد و العقود للإستفادة القصوى بهذه الرأس .. لا تفكر إلا بإذني .. لا تبدع إلا بموافقتي .. لا تكتب إلا بشروطي .. هذا يجوز ..وهذا لا يجوز .. هذا مسموح , وهذا ممنوع ! . . أو سأعرض هذه الرأس للبيع في المزاد العلني .. وحسب قواعد المزايدة , من يدفع أكثر , يربح الصفقة .
ورغم شرائي للرأس بأفكارها وإبداعاتها .. إلا أنني في النهاية قررت أن أستثمرها أفضل إستثمار .. سأتركها لصاحبها يفعل بها ما يشاء , واضعاً شروطي الخاصة و مطالبي , وهي أن لا يحرمنا من إبداعاته الأدبية المستمرة , وأن لا يوزع أعماله بين المنتديات الأخري .. فأنا صاحب حق الإنتفاع الأول .
تحياتي للبائع : الأستاذ رعد يكن
تحياتي أنا المشتري : د. ناصر شافعي
القاهرة . 15 يونية 2009