رد: المقدمات التي جعلتنا خير أمة
وإذن ، فإن المقدمات الكثيرة التي تميزت بها أمتنا عبر آلاف السنين وضعتنا في حِسبان الله ...
وكانت مشيئته تعالى انه أكرمنا وخصّنا بدين الإسلام منذ سيدنا إبراهيم حتى النبي الخاتم
عليهم السلام ، ومن أجل مهمة عُظمى ؛ فهل كانت تلك المسألة صدفة أن نكون أرحم شعب
فاتح عبر تاريخ البشرية ..؟ ومن جهة أخرى : هل هي الصدفة التي جعلت معظم أمم
الغرب تتكالب علينا منذ فجر التاريخ .. وعملت تلك الأمم مجتمعة من أجل ألا تستقر أمتنا
وفي جميع الأحوال : لا وهي فقيرة ولا وهي غنية .. لا وهي قوية ولا وهي ضعيفة..
لا وهي فاتحة ولا هي منكفئة .. لا خارج حدودها ولا داخلها .. وحتى وهي جانحة للسلم
لا يقبلون منها ذلك ولو حتى لو تنازلت عن بعض حقوقها .. فقط انظروا في خارطة أمم
الأرض كلها إن وجدتم أمة تعرضت وتتعرض إلى ما تعرضت له وواجهته أمتنا ومنذ فجر التاريخ ..!
فمن الذي سبق أمتنا إلى المعرفة من أجل خدمة الإنسان الذي فضّله الخالق على جميع خلقه ،
فالإيمان مستبطن في وجدانها والسعي إلى الله سمة من سماتها وهو مكون من مكونات أسلوب حياتها..ّ!
فالنهي عن الفواحش والكبائر .. وترشيد المجتمع في سلوكه الاجتماعي كان يستلزم
وضع الضوابط لمراقبة الأفعال : فلا تسرق ولا تزني ولا تقتل ولا تعتدي ،
من "الوصاية العشر " تلك المصطلحات التي سبقت دعوة الأديان إليها وكانت
تتجدد مع كل رسول للعمل فيها وتطبيقها وعبر جميع المراحل ..
وأما تنظيم المجتمع فكان عبر سنّ القوانين الرادعة والوازعة ورافقها اختراع
الأدوات لتطبيقها مثال : ( اختراع الكيّل والميزان ) أدوات العدل والقسط .
ومن سبق أمتنا أيضا إلى النظر في الوقت \ الزمن وأهميته فاخترعوا نظاميّ السباعي
والإثنا عشري وغير ذلك ليس المجال لذكره هنا ... ومن ثم التفتوا نحو معرفة الكون
وخلقه فتبصروا ونظروا إلى أعماق الأشياء وتحدثوا عن الإله الخالق وأيضا في جميع المراحل ..
و قبل الرسالات والرسل .
إنها أمة أثبتت جدارتها عبر التاريخ فأختارها الله لتثبيت الأسس الإنسانية وليجعل على يديها
تهذيب النفس البشرية ليكون هذا الإنسان في جوهره على قدر المستوى الشكلي والتركيبي
المميز وهو جل وعلا القائل " في أحسن صورة ما شاء ركبّك "
إنها أمة صاغت لغتها على درجة عالية من الرقي مما جعل لغتها لغة المشاعر والأحاسيس ..
وليس صدفة أن تسبق جميع الأمم في نظمها اللغة شعرا جميلا ذات سلم موسيقي
ناجينا فيها الله والحبيب والغائب والفقيد والوطن وسنابل القمح والطير والحقل وحتى الإبل والخيول ..
وهي أمة استعمرت الأرض قبل غيرها من الأمم فأقامت المدن والأوابد المعمارية وسكنتها
وأشاعت فيها العلم والعلماء ومجالس الدين والتقوى وأنشئت دوائر الكهنوت طبقة رجال الدين
: " أولي العلم " والمعرفة .
إن جميع هذه المركبات والتراكمات عبر مرّ التاريخ قد صنعت حضارات متوالية .. تعلو في الأرض مرة
وتنكفئ في مرة أخرى حتى أذن لها الله بولادة الرسل والأنبياء ؛ وعبر قانون التجربة الذي يحمل في
ذاته عوامل الفشل والنجاح نجح قِلّة من ألأنباء وفشل منهم الكثير ..فهذا أول الأنبياء إبراهيم (ع )
الذي دعا قومه فما استجابوا ولم يمكث فيهم بل انتهى به الأمر مهاجرا من حضارة ما بين النهرين
إلى بلاد الآراميين التي " لجئ " إليها بعد رحلته إلى ارض العظيمة مصر كما أخبرتنا " الروايات "
– وللمفارقة – إنها لم تخبرنا أنه انه مضى بالدعوة لا في مصر ولا في أرض الكنعانيين في بلدة " الخليل " ..!
ثم توالت دعوة الأنبياء ولكنها كانت دعوات خاصة وفي " بيت " واحد .. لعل الحكمة من ذلك أن " ينصلح "
أبناء ذلك البيت وتنطلق منه الدعوة إلى الله تعالى لجميع الناس ... ولكن .. !
وباقي القصص تعرفونها جيدا حتى أذن تعالى من جديد بولادة عيس ابن مريم عليه السلام والذي
أحدث ثورة كبرى على واقع لم يكن مهيئا لتلك الثورة ... ولكن " السيد " قد أقفل الباب بثورته على
استيلاد مزيد من " الأنبياء " المزيفين ، والأهم على استيلاد مزيد من " الخرافات " التوراتية التي أضلّت البشرية ..
ولذلك قام ذلك الجزء " الضالّ " من الكهنوت بالتآمر مع المحتل لإجهاض تلك الثورة التي انتهت
دون تحقيق الأهداف التي كانت قد هدفت منذ بداياتها إلى تحرير الإنسان أولا ..!
إن الأمة بأسرها في ذلك الزمن كانت تعيش تحت سلطات احتلال لحضارات سائدة توالت عليها
من كل حدب وصوب ولم يطل الزمن حتى أذن الله بميلاد سيدنا محمد ابن عبدا لله صلى الله
عليه وسلم أوحى له بشيء عظيم وكلّفه بمهمة تختلف عمن سبقه من الرسل والأنبياء :
بعث الأمة وتوحيدها وإقامة العدل والمساواة فيها وهو سبحانه العالم إنها أمة خير .
واسمحوا لي بوضع بعض الملاحظات التي لفتتني منذ زمن :
- إن معظم الرسل كما علمنا عملوا في ظروف احتلال مباشر باستثناء الرسول محمد عليهم
السلام .
- جميع الرسالات عملت في ظل " نظام كهنوتي " يعمل وفق توجيه السلطات الغاشمة أو المحتلة .
- إن معظم الأنبياء عملوا ضمن دوائر عائلية ضيقة باستثناء السيد المسيح عليه السلام ؛
ولم يدعوا أحدا منهم إلى قيام دولة أو نظام
إلا الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وهو النبي الذي لا يلفه ضباب الأساطير
ولا الحكايات المتسائلة وهو واضح النسب يتحدث بلسان عربي فصيح ..
لغة ارتضاها الخالق كما جاء في وحيه تعالى قائلا :
|