بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
بصمة وراية" دينا الطويل"
الشاعر الكبير العملاق المشهداوي
هذه الأطروحة او البحث..قمت بكتابتها يوم امس
ويسرني ان أقدمها اهداء اليك..
أحببت في البداية طرح بعض من المغايرات الحضارية بين العرب وبالأخص أروبا وبين حضارة العرب في العصر العباسي عندما زار أحد الرحالة العرب بلاد اروبا انذاك.
يستحضرني في هذا السياق كتاب الرحالة العربي ابن فضلان في عهد المقتدر بالله عندما قام بزيارة الدول الإسكندنافية وأروبا سنة 921 ميلادي قبل ألف وتسعين عاما واصفا أروبا بالحياة البدائية والسلوك الهمجي العدائي..الفايكنج.. والإفراط في الشرب.
نبذة مما ورد عن ابن فضلان في وصف أروبا..والذي يعكس مدى الجهل في أروبا انذاك وتقدم العرب عليهم في سائر العلوم الانسانية.
((رغم أن الطعام كان رديئا ، وتخلل الحفل كثير من قذف الطعام والشراب ، ومن الضحك والمرح ، وقد كان شائعا وسط هذا الاحتفال الجامح أن تري أحد الأعيان ****مع إحدي الجواري على ملء النظر من زملائه .. أمام هذا المنظر ، إستدرت وقلت .. استغفر الله . فضحك رجال الشمال كثيرا على إرتباكي ، وقد ترجم لي أحدهم أنهم يعتقدون أن الله ينظر بعين الرضا إلي المسرات المفتوحة ، وقال لي ( إنكم يا معشر العرب ، مثل عجائز النساء ، توجفون وترتجفون أمام منظر الحياة
..) .
السؤال..ترى كيف تحولت تلك الدول والشعوب الجاهلة الفتاكة التي كانت تقتل وتسفك بدم بارد (الفايكنج) الى أعظم دول في شتى مجالات التقدم والرقي و الدفاع عن حقوق الانسان والمساواة والعدل وو..؟؟؟
إن ما حدث فعليا لتلك الشعوب أنها انتفضت على واقعها وثارت ضد سلوكيات بعض الأفراد والفئات التي تروج لإحلال الخرافة بدلا من الحقيقة العلمية في القرن التاسع عشر..الى أن وصلت الى ما هي عليه الان من نهوض فكري ونهوض ...الخ
نتج عنه إخضاع المشاكل البشرية الى التجربة الذاتية والتي نتج عنها تطور ذاتي واستقلالية تلك الشعوب.
هناك قصة طريفة حصلت معي اثناء فترة رمضان..تقدمت نحوي إحدى المدرسات الأروبيات وقالت لي لاحظت أنك تجلسين على مقعد في باحة المدرسة منذ عدة أسابيع في فترة الاستراحة الجماعية..أي فترة الغذاء..وأكملت قائلة هل هو رمضان..ابتسمت وقلت نعم..
في اليوم الثالث من حديثنا جائت نفس المعلمة وقالت لقد صمت أمس نصف نهار ولكني لم أستطع تحمل العطش..استغربت أنا من موقفها وقلت لها لماذا قمتي بالصيام؟؟؟
قالت بالحرف الواحد أريد أن أستكشف ذاتيا لماذا تصومين وما هو شعورك عندما تصومين..
قلت لها ..وهل حصلتي على الإجابة..قالت نعم
حال العرب في تلك الفتره التي شهدت تطورا حضاريا غير مسبوق أي في العصر العباسي عندما أرسل الحليفة ابن فضلان في رحلة استكشافية الى أروبا
لا يسعني ان أقدم من خلال بحثي ودراستي الا هذا الموجز عن أحد المستشرقين
.
قال( ميشيل كريشتون ) ، أحد محققي ومترجمي بعض أجزاء رسالة ابن فضلان إلي اللغة الإنجليزية ، أن يقول في مقدمته للطبعة الإنجليزية ( .. كانت بغداد ، مدينة السلام في القرن العاشر ، أكثر مدن الكرة الأرضية حضارة ، وقد عاش بين جدرانها الدائرية الشهيرة أكثر من مليون مواطن .. كانت بغداد مركز التأثير التجاري والفكري ، في محيط عام من رغد العيش والأناقة والفخامة ، لقد كانت فيها حدائق معطرة وأشجار وارفة الظلال ، وثروة متراكمة تعود لامبراطورية شاسعة ، لقد كان عرب بغداد مسلمين ، وقفوا أنفسهم بشدة لهذا الدين ، ولكنهم كانوا منفتحين علي شعوب تختلف عنهم في المظهر والمسلك والعقيدة . وفي الواقع ، كان العرب في عالم ذك الزمان أقل الشعوب إقليمية ، وهذا ما جعلهم شهودا أفذاذا للثقافات الأجنبية ).
السؤال..ترى كيف تحولت تلك الدول والشعوب العربية المتقدمة الى دول منقادة لا تملك زمام امورها..؟؟؟
ماذا ينقص مجتمع ما ليكتسب الحضور والتقدم والوحده والاستقلال الذاتي وسيادة القرار الفكري والسياسي والمادي والمدني والتكنلوجي؟؟؟؟
ما هي الاليه التي ستحدث النقلة النوعية على تلك الصعد السابقة وما هي المعوقات التي تحول دون ذلك؟؟؟؟
هل نحن كشعوب عربية تنقصنا الإمكانيات البشرية والمادية وباقي الإمكانيات المختلفه ؟؟
هل هو عجز القيادات الى الإرتقاء الى المستوى القيادي التحديثي الديمقراطي المطلوب؟؟؟
لماذا يصل عداد الإحصاء الى ما يقارب المنازل الستة عند رصد فئة الأميين في المجتمعات العربيه؟؟؟
لماذا نسمع مؤخراَ أن دول عربية تشتري أسلحة بما يعادل (123 مليار دولار) على الرغم من ان الغرب يستطيع تشفير مفعوليتها في لحظة واحدة وتحويلها الى أدوات صماء..
من هنا وجب علينا تفعيل ما يسمى بالنهضة والتجربة الذاتية والتطوير والتأسيس الذاتي.
انا اعتقد ان 123 مليار مبلغ كافي لإنشاء جمعيات أبحاث العلماء الصغار لتطوير مهارات وأفكار الفئات الشابة وجيل المستقبل والنهوض بفكرة ما وتطويرها وامتلاك قالبها بدلا من استيرادها بملايين الدولارات جاهزة دون التطرق لعناء معرفة من ماذا صنعت..تاركين اليتها بيد الغرب..
وكما نعلم الغرب يطرح في الأسواق الداء لتسويق الدواء كما برامج الحماية التي تعد لها الفيروسات مسبقا لتضمن تسويق المنتج فالغرب لا يبيعون الفكرة قبل أن يكون الترياق والبديل بيدهم .
هنا وجب علينا التفريق ما بين الحداثة والإستحداث
ما بين النهوض بالفكرة واستيراد الفكرة.
ما بين التجديد والإستقلال الذاتي وما بين الأخذ عن الاخر والتبعية.
إذا ما يلزمنا كشعوب عربية النهضة.. والنهضه لغويا تعني القيام والإنتقال عن المكان وعدم التقوقع
أتسائل ماذا يختلف ما طرحه بيكون وديكارت عن مقدمة ابن خلدون في علم الفلسفة.
ماذا قدم غاليلو وكبلر زيادة على الإدريسي وابن النفيس والبيروني ووو
الى أين تصل احداثياتنا نحن كشعوب عربية الان..في المسار الذي خطه العرب السابقون للعالم أجمع.
وفي النهاية..أستحضر قول الشاعر التونسي الذي لا نستغرب اذا علمنا ان وزارة الثقافة التونسية نحتت له تمثالا في الصخر أعتقد في توزر عندما قال
و من لا يحب صعود الجبال يعش ابد الدهر بين الحفر
الراية للشاعر الجزائري..عادل سلطاني
بقلم..دينا الطويل