سقراط لا يعرف الكثير عن سقراط ، إلا ما يخبرنا به التمثال النصفي الذي وصل من أثينا. كان سقراط بعيدا عن الوسامة،برأس أصلع،ووجه كبير مستدير،وعينين عميقتين ذات فراسة،وأنف كبير عريض زاهر،ويقال أنّ رأسه كان أقرب إلى رأس عتّال منه إلى رأس أعظم الفلاسفة شهرة. وفيه شئ من دماثة الأخلاق واللطافة والإنسانية. نراه وهو يسير على مهله في الأماكن المغلقة لابسا ثوبه المهلهل، غير مهتمّ بسخافة السياسة، يجمع الشباب والمتعلمين حوله ويجالسهم في إحدى الزوايا المظلمة في أروقة المعابد، ويسألهم أن يحددوا ويعرّفوا كلامهم. كان يدعوا إلى ان نعطي كلّ شئ تعريفه الخاص به. إلى حدّ كان يرهق تلامذته في التعريف والتحديد. دعا إلى عدم الإيمان بتعدّد الآلهة الذي كانت تعتقد به أثينا، كما دعا الشباب إلى التحرّر من الخرافات والأساطير القديمة . حكم عليه بالإعدام بتهمة الفساد الخلقي، وأعدم بشرب السمّ ـ من أقواله: ( تزوّج يا بني، فان وفّقت في زواجكعشت سعيدا، وان لم توفّق غدوت فيلسوفا ) يقول أفلاطون تلميذ سقراط: (أشكر الله أنني ولدّت يونانيا ولم أولد بربريا، وحرا لا عبدا،وذكرا لا أنثى،ولكن أشكر الله قبل كل شئ على أنني ولدتّ في عصر سقراط )
حبا وكرامة أستاذة نصيرة تختوخ
ــ سقراط وفكره: كما قلت أستاذة نصيرة، فسقراط كان معتادا على طرح الأسئلة كثيرا وكما أسلفت أنا سابقا كان يجهد طلابه والملتفين حوله بتعريف الأشياء وتحديدها،مثل(الشرف والحب والوطنية والوفاء....) لم يكن هو الذي يعرّفها ومن ثم يقدمها إلى طلابه على طبق من ذهب وإنما كان يستثير عقولهم بهذه الأسئلة ويترك هذه المهمة الشاقة لهم. التفّ حوله الكثير من الشبان ساعدته في خلق فلسفة أوربية. كان من بين تلك الجماعات رجال أغنياء مثل أفلاطون والسبيادس وكانوا يستمتعون بتحليه وهجومه وقدحه للنظام الديمقراطي في أثينا. وكان من بين الشبان أيضا اشتراكيون مثل أنتيثيناس الذي أحب في سقراط عدم اهتمامه بفقره، وكان هناك الفوضويون مثل أريستيبوس. الذي تاقت نفسه إلى عالم لا وجود فيه للأسياد والعبيد. إن هذه الجماعات اليونانية الصغيرة برفقة معلمهم سقراط، أدركوا أنّ الحياة بغير بحث وحديث ليست جديرة بان تعاش. ــ سقراط لم يدّع الحكمة، ولكن كان يبحث عنها بشغف واهتمام، فقد كان هاويا للحكمة لا محترفا لها، وقيل أن الرّب قد أعلن أن سقراط أحكم أهل اليونان، وقد أثبت سقراط هذه المقولة بقوله:( لا أعرف سوى شيئا واحد، وهو أنني لا أعرف شيئا ) ــ أستطرد وأقول: لست أفتخر بعظماء الغرب أكثر من افتخاري بعظماء العرب والمسلمين، ولكنني أحب أن أعطي لكلّ ذي فضل فضله،وأرى بقول سقراط السابق قمّة الحكمة، وانّه ولو لم يدّع الحكمة وقال عن نفسه انه هاويا لها، الاّ أنه كان بحق محترف الحكمة. ومقولته تلك تعرّج بي إلى مقولة للإمام مالك(رضي الله عنه) عندما قال: ( لا أعلم... نصف العلم ) .
ــ ( اعرف نفسك ) : اتجه سقراط ـ بعكس الفلاسفة الطبيعيين الذين سبقوه والذين اهتموا بدراسة الطبيعة ـ إلى الإنسان نفسه، والى سبر أغوار الرّوح الإنسانية، يستطلع الافتراضات، ويستجوب اليقينيّات، وإذا تحدّث الناس عن العدالة المتعارف عليها، كان يسألهم بهدوء، ما هي العدالة ؟؟ وماذا تعنون بهذه الكلمات المجرّدة...( الشرف،الفضيلة،الأخلاق، الوطنية ؟) وماذا تعني بنفسك ؟؟!! ــ اعترض عليه البعض وانتقده الكثيرون، وقالوا له انه يسأل أكثر ممّا يجب، ويترك عقول الرجال أكثر اضطرابا ممّا كانت عليه قبل المحاورة النقاش أو الحديث.ومع ذلك فقد قدّم سقراط إلى الفلسفة جوابين ثابتين لسؤالين تناولا مشكلتين من أكثر المشاكل تعقيدا وهما: ما هو معنى الفضيلة ؟ ...... وما هي أفضل دولة ؟
ــ حياته : كانت حياته صعبة ومثيرة للجدل ولتّأفف أحيانا، فهو لم يعمل قط، ولم يهتمّ بالغد، وكان يأكل عندما كان يشرف على موائد تلامذته ـ وهذا يدلّ على أنهم أحبوا عشرته ومرافقته ـ أمّا في بيته فلم يكن مرحبا به لأنه قد أهمل زوجته وأولاده، وكان في نظر زوجته كسولا لا يصلح لشئ، ولم يوفّر لعائلته الغذاء أكثر من الخبز. ويقال أنّ زوجته أحبت الحوار والحديث مثله تماما، وكان يدور بينهما حوارات وسجالات أخفق تلميذه أفلاطون في تسجيلها لنا. وكما كان سقراط فيلسوفا عظيما كان أيضا رجلا عظيما، فقد عرّض نفسه للخطر يوما لينقذ حياة أحّد تلامذته في المعركة.
ــ الحكم عليه بالإعدام : ان هذه الأسئلة التي كان يثيرها سقراط كانت السبب في أن يحكم عليه نظام أثينا بالموت متّهمة إياه بالفساد الخلقي والهرطقة وإفساد الشباب وردّهم عن دين آبائهم..كما وكان من بين الأسباب هو محاربته للنظام الديمقراطي الذي كان يقول عنه أنه نظام فاسد وفاشل، إذ أنها توصل إلى سدّة الحكم عن طريق الانتخاب من لا يستحق ، فالجماهير لدى سقراط ساذجة لا تعرف مصلحة نفسها فكيف لها أن تختار رجلا من بينها ليحكمها ويدير مجتمعا كبيرا كالدولة. وثارت الدنيا على سقراط الذي جاء بإنجيل ارستقراطي جديد، واشتعلت الثورة بين الديمقراطية والارستقراطية، وكان الفوز للديمقراطية، عندها تقرّر مصير سقراط الزعيم العقلي والرّوحي للحزب الارستقراطي الثائر ومفسد الشباب الذين أسكرهم النقاش. وحكموا عليه بالإعدام، وكان الاعدام يتمّ في أثينا في ذلك العصر عن طريق شرب السّم. وعندما جاءت لحظة الفراق دخل عليه السّجّان فسأله سقراط: ( أنت يا صديقي السجان المجرّب في هذه الأمور،هل تدلني كيف أفعل وكيف أتقدّم في شرب السّم )فأجابه السجان: (عليك أن تمشي إلى أن تشعر بثقل قدميك فتستلقي، وبهذا يسري السم في جسدك ) عندها قدم السجان السّم لسقراط، وكان حوله ثلّة من أصدقائه وتلامذته، وعندما شرب السم أجهش البعض بالبكاء،والبعض الآخر بكى خفية، وكان من بين الموجودين من أرسل صرخة عالية، وسقراط وحده الذي كان محتفظا بهدوئه وقال : ( ما هذا الصراخ والصخب؟ لقد أبعدت النساء من هنا كيلا أشعر بالاهانة، فقد سمعت بوجوب ترك الرجل يموت في سلام، اهدؤوا واصبروا ) ظلّ سقراط يمشي في غرفة السجن حتى شعر بثقل قدميه فاستلقى على ظهره منتظرا أن يصل السّم إلى قلبه، عندها ستكون النهاية.
شاعر - رئيس ومؤسس الديوان الألفي ( ألف قصيدة لفلسطين)
رد: سقراط
ما أطيب صهيلك أيها الفتى السوري , وما أحلاك بحب وكرامة للأستاذة اأختنا الغالية نصيرة
أرمح , وارم , واصهل , ايها الفارس , فميدانك من طنجة إلى اليمن ,
وقاسيون إمامك , وأمك الشهباء , أرضعتك اللبأ العروبي , في زمن خرائط الحليب المستورد
اصهل يابني , وثق لن تحرر الأوطان , إلا بالنجيع .
لا كما يدعي بعض المتأمركين , بصحون الحمص , والفلافل , فأبي يامحمد نزف دماءه في كعوش
1948, ولن يعوضها إلا كمشة من تراب البيارات, أوكأسا من عصير اليوسف أفندي , من حيفا
, وعكا , وغزة . كذب المنافقون , فأهلي ماتوا في فلسطين , ولم يوقعوا صكوك البيع كما يدعي
الدجالون , فلي بمدين , حكايا , وبقمران قضايا , وبحائط البراق وبنات شعيب ,والإسراء بقية شرف عربي
لايبدل , ولا يتغير ,اكتب أيها الفتى السوري , يا أستاذنا الشاعر
واقبل مروري المتواضع في محاريب الجمال
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمه شرف الدين
جميل هذا السرد حتى تمنيت لو كنت سقراط :- ) لتسردني بهذا الشغف الراقي والممتع جميل جدا
مرحبا بك في محراب الفلسفة ـ يا فاطمة ـ ودعيني أخالفك الرغبة في أن تكوني سقراطا ( أعطاك الله البركة في عمرك ) هذا أولا ، وثانيا .. فإنّ طريقة الموت عندنا مختلفة .. فاحذري ... وإن كنتِ تملكين عقلا مفكرا ، وغواصا في بحور النفس الإنسانية ، كسقراط وغيره ، فالفلسفة هي التفكير ، وكلنا مفكرون، إنْ أردنا أن نعمل ما أعطانا الله من نعمة العقل والتفكير .. وهذا ما لحظته فيك من خلال خواطرك ذوات المعنى العميق ، وخاصة خاطرتك الأخيرة .. وهذه شهادة خالصة من شوائب المجاملة ... أتمنى لك دوام الصحة والعطاء الفكري المبهر ..
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن ابراهيم سمعون
ما أطيب صهيلك أيها الفتى السوري , وما أحلاك بحب وكرامة للأستاذة اأختنا الغالية نصيرة
أرمح , وارم , واصهل , ايها الفارس , فميدانك من طنجة إلى اليمن ,
وقاسيون إمامك , وأمك الشهباء , أرضعتك اللبأ العروبي , في زمن خرائط الحليب المستورد
اصهل يابني , وثق لن تحرر الأوطان , إلا بالنجيع .
لا كما يدعي بعض المتأمركين , بصحون الحمص , والفلافل , فأبي يامحمد نزف دماءه في كعوش
1948, ولن يعوضها إلا كمشة من تراب البيارات, أوكأسا من عصير اليوسف أفندي , من حيفا
, وعكا , وغزة . كذب المنافقون , فأهلي ماتوا في فلسطين , ولم يوقعوا صكوك البيع كما يدعي
الدجالون , فلي بمدين , حكايا , وبقمران قضايا , وبحائط البراق وبنات شعيب ,والإسراء بقية شرف عربي
لايبدل , ولا يتغير ,اكتب أيها الفتى السوري , يا أستاذنا الشاعر
واقبل مروري المتواضع في محاريب الجمال
حسن ابراهيم سمعون / سوريا /
ماذا أقول لكم يا مَن أعطيتم مجامع الكلم .. حق لكم سيدي أن تتفاخروا بآبائكم وأجدادكم ، وحق لكم أكثر أن تفخروا بأنفسكم ، هذه النفس المتواضعة لأبعد الحدود ، والعالمة بخافيا النفس ـ في حدود ما أعطاها الله ـ والمتفهّمة للغير فهما موضوعيا ، حصيفا ، ولعمري هذا من صفات العلماء المربين ، نعم سيدي .. نحن جيل كُذب عليه كثيرا ، وضلل كثيرا ، وغبشوا صورة الحقيقة أمام أعينه كثيرا ، ولكني أرى ـ ولله الحمد ـ في جيلنا بعضا من نور وتنوير ، استطاع به أن يكشف شيئا فشيئا كذب من كذبوا عليه ، ومن أضاع الحقوق ، ممن تعشّق بها حتى آخر رمق من روحه ، وهؤلاء تحكي عنهم أرض فلسطين ، وأرض العراق ، وأفغانستان ، والصومال ، وبلاد الشام ......
ـ أتعلم ـ أي أبي ـ لماذا لا أكتب القصائد الوطنية أو القومية ، أو الثورة ...... لأني لا أومن، ولا أريد أن أومن بهذه الأرض جمعاء ، إلا بشيء واحد فقط ، يستطيع أن يرد الحق والسلام والشرف والطهر والسيادة .. وهو السلاح ثم السلاح ثم السلاح ... والله وحده الحكم في الذين وقعوا على صكوك بيع شرفهم ، وأرضهم وناسهم ، وأرجو ألا يأتي ذلك اليوم ، فيسألني ولدي عن هذه الأرض وتلك ، بصدق لا أعلم بماذا سأجيبه ... ومهما كانت الإجابة، فلن أسلم ـ ساعتها.. إن كنتُ أبا ـ من لوم ابني لي .. هذه حقائق يجب أن نواجه أنفسنا بها ، قبل أن نُفاجأ فيها ..
سلاماتي لقلبك الرحب والحنون ..يا سيد مَن قال أنا عربي ..
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )
رد: سقراط
الرائع الجميل الأستاذ محمد
كم نحن فى حاجة إلى قراءات أخرى للعلم والفلسفة وإعادة قراءة التاريخ مرة اخرى والطبيعة مرة اخرى والنفس البشرية مرة اخرى والعلوم الإنسانية مرة اخرى, حتى نراجع انفسنا ونراجع ماهية ثقافتنا ونراجع نظرتنا الآنية واستشراف مستقبلنا , ولقد اسعدتنى كثيرا عرضك هذا لسقراط وليتك هنا اخى تعرفنا على بقية الفلاسفة وتزيل عن اعيننا غشاوة ما تراكم عليها من فساد وتزييف
كم انت رائع وجميل بعرضك هذا
لك كل محبتى أيها الرائع الجميل