مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
رد: من دير ياسين وصولا إلى غزة مروراً بمجزرةمخيمي صبرا وشاتيلا الفلسطيني يباد ولا من
صبرا وشاتيلا أو قصة المجزرة المعلنة
[align=justify] يتابع الجيش الاسرائيلي في الضفة وغزة سياسة الاستيطان وحصار المدن وتدمير المؤسسات المدنية ومطاردة الفلسطينيين والاغتيالات المركزة. وقد اعترف للمرة الاولى انه يستخدم "الدروع البشرية" في عملياته وهي جريمة حرب بحسب المعاهدات الدولية. انها جلجلة طويلة لا تنتهي. اما مجزرة صبرا وشاتيلا التي وقعت قبل عشرين عاما في ايلول/سبتمبر 1982 والتي قتل فيها مئات المدنيين في مخيمات لبنان على يد الميليشيات اللبنانية اليمينية والجنود الاسرائيليين المتواطئين بقيادة شارون، فيعتبرها الفلسطينيون محطة اضافية في تاريخ من المجازر واعمال الاضطهاد من دير ياسين الى عملية "السور الواقي" مرورا بقبية. بالنسبة اليهم الماضي هو الحاضر. بيار بيان* Pierre PEAN
بعد مضي عشرين عاماً على المجزرة، لا تزال الكلمات في الكتب التي أعيد فتحها (١)، كما الكلام الجاري على ألسنة الناجين ممن بقي من صبرا وشاتيلا، تقطر دماً. فالزمن لم يمحُ كل شيء. وطوال مدة إجرائي تحقيقي هذا كنت أشعر بالتقزز لهذه الروايات التي تنقل في تسلسلها أخبار الأولاد يُنحرون أو يُخوزقون، والنساء الحوامل تُشق بطونهن، والرؤوس والأطراف تُقطع بالفؤوس، الى الجثث المكدسة... حتى لتشعر بالغثيان. لم أدخل الى ما تبقى من مخيمي صبرا وشاتيلا عبر المدخل الرئيسي، بل عبر حي موبوء في محيطهما، يعيش فيه الوافدون الجدد، وخصوصاً الآسيويين، وقدأفضى بي المرور في هذا الحي الى "الشارع الرئيسي" الذي يربط مستشفى غزة (لم يعد موجوداً الآن)بالمدخل الرئيسي من جهة السفارة الكويتية، المتناقضة معهما بفخامتها كما منشآت المدينة الرياضية المجددة القريبة منهما حيث جُمّع واستجوب الفلسطينيون واللبنانيون البالغون الذين كانوا نجوا من المجزرة. وفي الحي يختلط الناس ما بين الحوانيت وبسطات باعة الفواكه، والأقراص المدمجة (CD) والسلع الجديدة والمستعملة، وما بين السيارات والدراجات النارية الخفيفة. فكيف أصل في هذا الجمع الى الشهود المباشرين أو غير المباشرين على المجازر والذين، من دون أن أسمع صوتهم، يحيون في ذاكرتي مشاهد الرعب في أواسط أيلول/سبتمبر من العام 1982؟ أم شوقي، البالغة من العمر 52 عاماً، فقدت سبعة عشر شخصاً من عائلتها بينهم زوجها وابن لها في الثانية عشرة. كانت تقطن في حي بئر حسن بالقرب من سفارة الكويت. وهي أقامت بعد المجزرة مع اولادها المتبقين في الشارع الرئيسي لمخيم شاتيلا. وتسكن في الطابق الرابع من مبنى لم تراعَ فيه كثيراً أصول الهندسة المعمارية. بيتها من الداخل نظيف حيث باقات من الزهور الاصطناعية تتناسب مع ألوان الكنبات، ولوحات منسوخة ملصقة أو معلقة على الجدران، تمثل القدس والجامع الأقصى وراية حركة “حماس”، مع انها لا تنتمي اليها:“أنا لا أنتمي الى أي تنظيم. ولن ألتزم الا عندما تكون النتائج مضمونة." وعن اولادها تقول:“لا أريدهم ان يستشهدوا مجانياً، لكن يوم أتأكد من أنني سأروي تعطشي الى الثأر سأشجعهم وسأكون الى جانبهم..." في كل يوم وكل ليلة تتراءى لها صور الجثث، والناس المشوهين، صورة ابنها وزوجها الذي لم تره بعد ذاك اليوم ولا تعرف عنه شيئاً. الألوان التي في الصالون لا تكسر من حدة سواد ثوبها وشعرها وعينيها. أم شوقي لا تبتسم وهي تتحرق من دون أن ترفع صوتها عندما تستعيد المأساة الثانية التي عاشتها عائلتها (الأولى كانت يوم تهجيرهم في العام 1948 من ترشيحا، وهي بلدة بالقرب من حيفا). تروي:“سمعنا طرقاً على الباب، وصوتاً يقول: نحن لبنانيون، جئنا نقوم بعملية تفتيش عن السلاح...فتح زوجي الباب من دون أن يكون خائفاً على الإطلاق لأنه لم يكن ينتمي الى أي من التنظيمات . كان يعمل في نادي الغولف بالقرب من المطار”. ثم تحدثت أم شوقي عن الجنود الاسرائيليين الثلاثة وعن عنصر من “القوات اللبنانية”، الميليشيا المسيحية اليمينية، الذين دخلوا المنزل واخذوا أساور ابنتها وانتزعوا الحلق من اذنيها ثم ضربوها. هي متأكدة من ان هؤلاء الجنود قدموا من فلسطين المحتلة من أجل القيام بهذه المجازر. ـ كان لباسهم العسكري مختلفاً عن لباس “القوات اللبنانية”ولا يتكلموا العربية. لا اعرف إن كانت اللغة التي تكلموا بها هي العبرية، لكني متأكدة من أنهم اسرائيليون. ومنطقة بئر حسن، خارج محيط المخيم، كانت تحت سيطرة الجيش الاسرائيلي. وكغيرها من العائلات الفلسطينية نقلت عائلة أم شوقي من بئر حسن الى داخل المخيمين. ـ أصعدونا في شاحنة صغيرة سارت بنا نحو مدخل مخيم شاتيلا. قام هؤلاء العسكريون بفصل الرجال عن النساء وعن الاطفال. أحد اللبنانيين اخذ اوراق ثلاثة من أقاربنا قبل أن يقتلهم امامنا، اما زوجي وأبني وآخرون من أقربائي فقد أخذهم الاسرائيليون. نقل النساء والأولاد سيراً على الأقدام الى المدينة الرياضية. وعلى حافة الطريق كان بعض النسوة يصرخن ويبكين مؤكدات أن جميع الرجال قد قتلوا... وفي المساء تمكنت ام شوقي، في جو البلبلة هذا، من ان تهرب مع أولادها الى شارع ثكنة الحلو، وعند انبلاج الفجر تركت أولادها في إحدى المدارس وذهبت سيراً في اتجاه المدينة الرياضية كي تستعلم عن مصير زوجها وابنها. فلم تستطع التحدث الى احد الضباط الاسرائيليين الموجودين هناك، لكنها سمعت أوامر بالعربية الى الرجال بأن يختموا بطاقات هوياتهم، ورأت شاحنة اسرائيلية تغص بالرجال البالغين والشباب. وقد ارشدتها امرأة غارقة في البكاء كانت فقدت عائلتها بأكملها الى المكان الذي رميت فيه الجثث. فاتجهت عند ذاك المرأتان الى حي عرسال حيث ساروا فوق جثث قتلى لبنانيين وفلسطينيين. وتقول أم شوقي إنها رأت المئات منها، وفي الحقيقة تبين أن اكثر الضحايا سقطوا في حي عرسال.ـ لم يكن في الامكان التعرف عليهم. وجوه مشوهة، منتفخة... رأيت 28 جثة من عائلة لبنانية واحدة، بينها جثتان لامرأتين مبقورتي البطن... حاولت ان أتعرف الى ابني وزوجي من خلال ثيابهما، فتشت طول النهار، وعدت في اليوم التالي... فلم أتعرف الى اي جثة من اهل بئر حسن. رأت ام شوقي جنوداً لبنانيين يفتحون حفراً ويدفعون الجثث اليها... ولم تجد زوجها واولادها من بعد. الموضوع الذي يصعب على أم شوقي الحديث عنه هو موضوع ابنتها التي أغتصبت... ـ أفكر في هذا كله ليلاً ونهاراً. لقد ربيت أولادي بمفردي...وقد اضطررت الى طحن المر، ولن أنسى أبداً، وسأنتقم لكل ذلك. قلبي أسود مثل ثوبي هذا، وسأخبر أولادي، وأولاد اولادي، بما رأيت..
وبعدما تجولت في متاهة رهيبة في مختلف الأزقة حيث تتدلى الأسلاك الكهربائية في كل مكان وتسيل في الأرض مياه المجارير، وصلت أخيراً الى مركز مؤلف من ثلاثة او أربعة مكاتب. في احدها، في العمق، تجلس السيدة سهام بلقيس، رئيسة رابطة العودة، مستقيمة وراء مكتبها. وفي محيط الغرفة مسؤول فلسطيني واثنان من الناجين. والسيدة بلقيس، الأربعينية، هي مناضلة ملتزمة وصلبة. عائلتها أتت من قابا في منطقة عكا في اسرائيل. شرعت في الحديث فوراً.
ـ بدأت المجزرة مساء يوم الخميس في حوالى الخامسة والنصف. لم نصدق في بداية الأمر... وقد بقينا داخل منزلنا حتى صباح السبت ولم نعرف كثيراً عما يجري الا ان مجموعة صغيرة من الفلسطينيين واللبنانيين حاولت يومي الخميس والجمعة أن تدافع عن نفسها، لكن ان إفرادها كانوا قليلي العدد وليس معهمما يكفي من الذخيرة. وليلاً رأينا قنابل إسرائيلية مضيئة وسمعنا إطلاق نار. اعتقدنا أن الاسرائيليين يريدون فقط مهاجمة المقاتلين والعثور على الأسلحة... وعندما عاد الهدوء تماماً صباح يوم السبت خرجنا الى الشرفة ورأينا مجموعة من “القوات اللبنانية”في صحبة ضابط اسرائيلي. صرخ فينا اللبنانيون طالبين الينا الخروج، فخرجنا وسط الشتائم. كان الاسرائيلي يحمل جهاز توكي ووكي فأخذه منه أحد اللبنانيين وتكلم فيه قائلاً: "لقد وصلنا الى آخر المنطقة المستهدفة."
وهي متأكدة من أنه كان إسرائيلياً لأنه بحسب ما تقول كان ثمة على ثيابه شارة بالعبرية ونجمة داوود ولم يكن وجهه وجه عربي، وكان يتكلم مع اللبنانيين بالفرنسية.
اقتيدت السيدة سهام مع آخرين نحو مستشفى غزة، قام مرافقوهم بتجميع الأطباء الأجانب ومن التجأ عندهم في المستشفى ومحيطه.
ـ قتلوا حوالى عشرة من الشباب، واكتشفوا شاباً فلسطينياً يرتدي قميصاً أبيض بين الأطباء والممرضين فقتلوه. وعندما اكتمل تجميع الناس ذهبنا بالمئات في اتجاه السفارة الكويتية. كانت الشوارع مليئة بالجثث، فتيات مقيدات من معاصمهن، ومنازل مدمرة، ودبابات اسرائيلية، وعلى حديد إحداها التصقت بقايا طفل. وقبل وصولنا الى المدينة الرياضية فُصل عنا الرجال، وراح بعض العسكريين يطلبون الى الشباب أن يزحفوا، فمن زحف جيداً اعتبر مقاتلاً وقتل على أيدي “القوات اللبنانية”، اما الآخرون فكانوا يُرفسون بالأرجل...
ـ رأيت سعد حداد (٢)مع آخرين امام مبنى السفارة الكويتية. ثم لدى وصولنا الى المدينة الرياضية شاهدت عدداً كبيراً من الجنود الاسرائيليين. قال كولونيل اسرائيلي ان في امكان النساء والأولاد أن يعودوا الى منازلهم، وفي ما بعد رأيت أخي يصعد الى سيارة جيب فيما صعد الآخرون الى الشاحنات، ركضت نحوه، لكن عبثاً، سمعت ضابطاً يقول بالعربية:“سنسلمكم الى“القوات اللبنانية”، فهم يعرفون أكثر منا كيف يجعلونكم تتكلمون."
وفي الاجمال فإن الشهود جميعاً يروون الأخبار نفسها، والرعب نفسه. وقد التقيت أيضاً السيدة كاملة مهنا، وهي لبنانية من حي عرسال:
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
رد: من دير ياسين وصولا إلى غزة مروراً بمجزرةمخيمي صبرا وشاتيلا الفلسطيني يباد ولا من
ـ[align=justify]
كل الذين بقوا في حيّنا قتلوا، وهم في غالبيتهم من اللبنانيين المسلمين. وعندما عدت الى المكان كان هناك كومة من الجثث المتكدسة. بالقرب من منزلي كان هناك فلسطيني متدلٍّ على تعليقة الجزار وقد شطر نصفين مثل الذبيحة. ورأيت كيف وُضعت في الحفرة الكبيرة طبقة أولى من الجثث وتم تغطيتها بالرمل لتوضع فوقها طبقة أخرى من الجثث.وهكذا دواليك... وقد رأيت أيضاً لبنانياً آخر من حي عرسال، حمد شمص، وهو أحد الناجين القلائل من المجزرة في هذا الحي. لقد اختبأ في الملجأ لدى وصول ضابطين اسرائيليين في سيارة جيب مع 7 أو 8 جنود.
ـ أنا متأكدة من أن هؤلاء الجنود هم اسرائيليون لأنهم كانوا في بدلات عسكرية اسرائيلية ولا يتكلمون العربية بطلاقة. طلب الينا الجنود الخروج من الملجأ وهم يشتموننا، وطلبوا اليّ أن انزل الطفل الذي كنت احمله على ذراعيّ وان أقف في الصف مع الآخرين. وقام أحدهم، وهو يتكلم العربية جيداً بتفتيش الجميع وأخذ الأموال من الرجال، ثم راحوا يطلقون النار علينا. وجدت نفسي مصابة بجروح فقط في رأسي ومؤخرتي تحت كومة من الجثث. سقط 23 قتيلاً ...اختبأت في أحد الملاجئ طول الليل. وعند الفجر عبقت رائحة الجثث في كل مكان.
ما من جديد في كل هذه الشهادات، فهي تتوافق مع ما جمعته من شهادات ليلى شهيد، الممثلة العامة لفلسطين في فرنسا، التي كانت من أوائل الذين زاروا المخيمين بعد المجزرة، وحدها او مع جان جينه. وهي، باستثناء ما تخونه الذاكرة، متطابقة أيضاً مع شهادات عناصر الفريق الطبي في مستشفى غزة من الانكليز والنروجيين والأسوجين والفنلنديين والألمان والايرلنديين والأميركيين، ومع الشهادات التي سجلها العديد من الصحافيين إثر المجزرة.
يروي الياس خوري، الكاتب اللبناني المعروف (٣) بالكثير من التأثر المعركة المستحيلة للذاكرة بالنسبة الى الشعب الفلسطيني بشكل عام وبالنسبة الى مجازر صبرا وشاتيلا بنوع خاص.
ـلم يعد قانون الذاكرة يعمل لدى الفلسطينيين بسبب المجازر المستمرة: دير ياسين وقبية (٤)وصبرا وشاتيلا، واليوم جنين. يستحيل عليهم النظر الى الماضي لأن هذا الماضي لا يزال مستمراً حالياً. فهم منذ العام 1948 يعيشون في خضم آلية جهنمية... الفلسطينيون هم ضحايا استغلال الحكومة الاسرائيلية لقضية "المذبحة اليهودية”.إن المعايير الأخلاقية تسقط عند الحدود الاسرائيلية، وفي هذا السياق تصبح فكرة مأساة صبرا وشاتيلا هامشية...
أضف الى أن هذه القضية هي من المحرّمات في لبنان، فالمتهم الرئيسي فيها، إيلي حبيقة (٥)أصبح وزيراً في الحكومة فيما بعد... ويتابع الياس خوري:
ـبعد الحرب تولى المجرمون السلطة، أضف الى أن الفلسطينيين صاروا كبش المحرقة لحرب لبنان وهم يخضعون في هذا البلد لقوانين أين منها قوانين حكومة فيشي إزاء اليهود.
ـحتى الأرقام في ما يتعلق بالضحايا والمفقودين يلفها الغموض منذ عشرين عاماً، وهي تراوح بحسب التقديرات بين 3500 الى 5000 قتيل. الا أن المؤرخة بيان الحوت حاولت على مدى عشرين عاماً أن تسد هذه الثغرة. فهذه الباحثة اللبنانية المولودة في القدس حيث عاشت حتى التاسعة من عمرها، والاستاذة في جامعة بيروت قامت بعمل دؤوب في أوساط عائلات الضحايا والمفقودين وحللت مئات استمارات الاسئلة وقابلت بين لوائح المنظمات الانسانية والصليب الأحمر وحاولت ان تعثر على جميع المقابر... حتى باتت اليوم شبه متأكدة من الأرقام: لقد سقط 1906 قتلى من 12 جنسية نصفهم من الفلسطينيين... وفقد 1484 منهم 1000 من المؤكد أنهم خطفوا إلى داخل فلسطين المحتلة. أي ما يعادل 4490 ضحية تمّتحديدها. حتى الآن
هذه المجازر والاختفاءات جاءت في سياق الحرب التي شنتها الحكومة الاسرائيلية في 6 حزيران/يونيو عام 1982 من أجل القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية. وقد كلف اجتياح لبنان يومذاك سقوط أكثر من 12000 قتيل مدني و30000 جريح وتشريد 200000 شخص.
وفي أواسط حزيران/يونيو بدأ الاسرائيليون حصارهم على بيروت مطوّقين 15000 مقاتل من منظمة التحرير وحلفائها اللبنانيين. وفي اوائل تموز/يوليو أوفد الرئيس الأميركي رونالد ريغن السيد فيليب حبيب ومساعده السيد موريس درايبر لحل هذه الأزمة التي كادت أن تشعل الوضع في الشرق الأوسط، مهددةً المصالح الأميركية. وسرعان ما تبين أن حل الأزمة يجب ان يمر بترحيل المقاتلين الفلسطينيين والسيد ياسر عرفات من بيروت، وقد اقتنع عرفات على الأثر بأنه ليس هناك حل آخر.
وقد تعقدت الأمور لأن الاسرائيليين والأميركيين لم يرغبوا في التفاوض مباشرة مع الفلسطينيين (٦)، فقام بدور الوسيط كل من الياس سركيس رئيس الجمهورية اللبنانية الماروني، ورئيس وزرائه السني شفيق الوزان. ذاك ان الاسرائيليين أرادوا مواصلة الضغط العسكري الوحشي وفرض الاستسلام التام والمذل على السيد عرفات.
وقد قدم عرفات الكثير من العروض للحصول على ضمانات للعائلات الفلسطينية التي ستبقى في لبنان، إذ خشي عليهم من اعتداءات الجنود الاسرائيليين أو حلفائهم الكتائب، وقد رأى السيد عرفات أن هذه الضمانات لا يمكن أن تكون الا أميركية أو دولية.
وتوصل السيد حبيب الى الحصول على تأكيدات من رئيس الوزراء الاسرائيلي بأن جنوده لن يدخلوا المنطقة الغربية من بيروت وبأنهم لن يعتدوا على فلسطينيي المخيمات، وعلى تأكيد من الرئيس اللبناني العتيد بشير الجميل بأن الكتائبيين لن يتحركوا، وعلى تأكيد من البنتاغون بأن رجال المارينز سيكونون الضمان الأخير لهذه التعهدات. وإذتسلح بهذه الوعود، تعهد ممثل الرئيس ريغن خطياً بالحفاظ على امن المدنيين، في رسالتين موجهتين الى رئيس الوزراء اللبناني. وهذا التعهد الأميركي سيرد في البند الرابع من اتفاق ترحيل منظمة التحرير الفلسطينية الذي نشرته الأمم المتحدة في 20 آب/أغسطس، اي عشية ترحيل المجموعات الأولى من المقاتلين الفلسطينيين (7).
الا ان السيد عرفات أبدى قلقاً متزايداً على مصير المدنيين الفلسطينيين. فقام السيد حبيب (8)بخطوة أخرى مع بشير الجُمَيِّل الذي أكد مجدداً وعوده. وشدد حبيب على دور القوة المتعددة الجنسية المؤلفة من 800 فرنسي و500 إيطالي و800 أميركي. وقد وصلت القوة الأولى، الفرنسية، في 21 آب/أغسطس وتكفلت عملية الاخلاء وجمع السلاح. وكان من المفترض ان تستمر مهمة هذه القوة ثلاثين يوماً لتمنع أي مخالفة وتحمي العائلات الفلسطينية، وهكذا اقتنع السيد عرفات في النهاية بمغادرة بيروت...
الا ان احداً لم يحترم تعهداته، بدءاً بالحكومة الأميركية. فقد أصدر السيد غاسبار واينبرغر، وزير الدفاع الأميركي، اوامره الى المارينز بمغادرة لبنان، في حين أن الميليشيات المسيحية تمركزت في 3 أيلول/سبتمبر في منطقة بئر حسن على تخوم مخيمي صبرا وشاتيلا. وقد استتبع رحيل الأميركيين تلقائياً رحيل الفرنسيين والايطاليين. وفي 10 أيلول/سبتمبر غادر بيروت آخر جندي، في حين أن مشروع السيد حبيب قام في الأساس على أن تتم عملية الاخلاء ما بين 21 و26 ايلول/سبتمبر. في 14 أيلول/سبتمبر، اغتيل الكتائبي بشير الجميل، الرئيس اللبناني الجديد الذي أوصله الاسرائيليون الى سدة الرئاسة. فتذرع أرييل شارون بهذا الحدث كي يجتاح بيروت الغربية ويطوّق مخيمي صبرا وشاتيلا ويشجع الميليشيات اللبنانية على تنظيفها.
يومذاك جرى تحقيق رسمي واحد، هو تحقيق اللجنة الاسرائيلية الذي تولاه اسحق كاهان، رئيس المحكمة العليا، والذي نشر في شباط/فبراير عام 1983 وقد حمّلت اللجنة حزب الكتائب المسؤولية وفي درجة اقل السيد أرييل شارون. تحدث التقرير أولاً عن خطأ فادح ارتكبه شارون الذي "لم يتخذ أي إجراء لمراقبة المجزرة ومنعها”.وقد بدا "مرتبكاً" بالنسبة الى موقف السيد شارون الذي لم يبلّغ بيغن بالقرار الذي اتخذه بالسماح للكتائبيين بدخول المخيمات. وفي النهاية يعترف "بمسؤوليته لأنه لم يأمر بأن تتخذ الاجراءات الملائمة لمنع حدوث المجازر المحتملة”.فالسيد شارون يتحمل "مسؤولية شخصية" و"عليه (تالياً) ان يتحمل التبعات في شكل شخصي”.
وقد نشرت الصحف الاسرائيلية، وخصوصاً في العام 1994، العديد من المقالات التي أكدت هذه الاستنتاجات وتوسعت فيها. وهكذا أكد عامير أورن في صحيفة “دافار”الصادرة في الأول من تموز/يوليو عام 1994، واستناداً الى وثائق رسمية أن المجازر كانت جزءاً من خطة وضعها السيد أرييل شارون وبشير الجميل اللذين استخدما المخابرات السرية الاسرائيلية التي كان يقودها آنذاك أبراهام شالوم الذي تلقى الأوامر بإبادة جميع الارهابيين. مما يعني ان عناصر الميليشيات اللبنانية لم يكونوا سوى عملاء في التسلسل القيادي الذي يقود، عبر أجهزة المخابرات، الى السلطات الاسرائيلية.
كما ان برنامج "بانوراما" الذي بثته محطة "بي.بي.سي." في 17 حزيران/يونيو عام 2001 تحت عنوان "المتهم" قد توسعت في المعلومات وخصوصاً بفضل شهادات من الصعب إنكارها، جاءت على لسان السيد موريس درايبر، مساعد السيد حبيب. فعندما أُتي على ذكر تأكيدات السيد شارون أنه لم يكن في امكانه توقع ما وقع في المخيمات، اكتفى درايبر بتعليق بسيط:“عبثية مطلقة”.ثم تحدث عن اجتماعه بشارون و يارون، رئيس أركانه، في وزارة الدفاع في تل أبيب، يوم الخميس بعدما كان الاسرائيليون قد دخلوا بيروت الغربية بالرغم من الوعد الذي قطعوه. وقد برر يارون هذا القرار برغبته في منع الكتائبيين من الانتقام من الفلسطينيين بعد اغتيال الرئيس بشير الجميل. "وقد لاذت مجموعتنا المؤلفة من حوالى عشرين شخصاً بالصمت، كانت لحظة مأسوية." وإذ أكد أن الولايات المتحدة رفضت الاقتراح الاسرائيلي بنشر قوات الكتائب في بيروت الغربية "لأننا كنا نعرف أن هذا الأمر سيتسبب بمجزرة إذا دخل هؤلاء القوم" أضاف:“ما من أدنى شك في أن شارون هو المسؤول عن المجازروالأمر نفسه كان سيحدث لو أن اسرائيليين آخرين شاركوا في تحمل هذه المسؤولية."
ولم يسأل الديبلوماسي الأميركي عن مسؤولية الأميركيين ولا عن مسؤولية إيطاليا وفرنسا اللتين سحبتا جنودهما بعد رحيل المارينز...
وبعد مضي عشرين عاماً يحق لعائلات الضحايا والمفقودين في مخيمي صبرا وشاتيلا معرفة الحقيقة، وذلك كي يتمكنوا في النهاية من إقامة مأتمهم. وهذا لا يعني سوى العائلات. لكنيحق للجميع أن يعرف لماذا وكيف ومن نظّم ونفّذ اعمالاً على هذا المستوى من الوحشية.
1. من كتاب:
Amnon Kapeliouk, Le Seuil, 1982 ; Israël de la terreur au massacre d?Etat, d?Ilan Halevi, Papyrus, 1984 ; Genet à Chatila, Babel,199X, Opération Boule de neige, de Shimon Shiffer, J.C.Lattès., 19XX, Revue d?Etudes palestiniennes, n?6 et 8.
2. قائد “جيش لبنان الجنوبي”، وكان يتعامل مع الاسرائيليين.
3. راجع في نوع خاص:
Les Portes du Soleil, publié par Le Monde diplomatique et Actes Sud,
يستعرض خمسين عاماً من المأساة الفلسطينية، وقد لاقت مسرحيته "مذكرات أيوب” Les mémoires de Job نجاحاً كبيراً في باريس.
4. ديرياسين قرية صغيرة واقعة على بعد حوالى عشرة كيلومترات من القدس، حيث قتل ما يزيد على 100 قروي في ربيع العام 1948 ، وفي قبية في الضفة الغربية وخلالعملية انتقامية في تشرين الأول/أكتوبر عام 1953، قادها أرييل شارون، فجر الجيش الاسرائيلي 45 منزلاً فوق رؤوس سكانها. وقد قضى تحت الأنقاض تسعة وستون شخصاً نصفهم من النساء والأولاد.
5. يعتبر إيلي حبيقة الجزار الأول في صبرا وشاتيلا، وقد اغتيل في 24 كانون الثاني/يناير عام 2002 في بيروت، فيما كان يستعد للحضور الى بروكسيل للإدلاء بشهادة. وبحسب المحامي اللبناني شبلي الملاط، الذي يتولى قضية أصحاب الدعوى، لم تكن اعترافات حبيقة هي التي ستشكل خطراً على السيد شارون بل مجرد حضوره الى بروكسيل. فلو انه مثل امام المحكمة وحمل حكماً المسؤولية، لما طرحت صلاحية المحكمة على بساط البحث.
6. مع أن المفاوضات المباشرة، لكن السرية، كانت جارية منذ سنوات في بيروت، بين المسؤولين الفلسطينيين والسفارة الأميركية كما مع وكالة المخابرات المركزية الأميركية. ففي العام 1979 مثلاً، نجح السيد عرفات في تحرير 13 رهينة اميركية في طهران.
7. وردت في:
American Foreign Policy 1982 (Current Documants) : …Law abiding Palestinian non-combatants left behind in Beirut, including families of those who have departed, will be subject to Lebanese laws and regulations. The Governments of Lebanon and the United States will provide appropriate guarantees of safety in the following ways…The United States will provide its guarantees on the basis of assurances received Lebanese groups with which it has been in touch.
8. حول المفاوضات التي قادها السيد حبيب راجع:
Cursed is the Peacemaker de John Boykin
الذي قدم له جورج شولتز، وزير الخارجية آنذاك
Applegate Press, Washington(2002) et The Multinational Force in Beirut 1982-1984, sous la direction d?Anthony McDermott et Kjell Skjelsbaek, Florida International University, Miami (1991).
[/align]
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
رد: من دير ياسين وصولا إلى غزة مروراً بمجزرةمخيمي صبرا وشاتيلا الفلسطيني يباد ولا من
بينما تصادف اليوم الذكرى الثامنة والعشرون لمجزرة صبرا وشاتيلا التي قادها واشرف عليها الثنائي مناحيم بيغن وارئيل شارون في ايلول ـ 1982 ، نستحضر المشهد الفلسطيني برمته منذ بدايات النكبة ، ونستحضر على نحو خاص منها ، ذلك السجل الصهيوني الطويل المزدحم بالمجازر الدموية الصهيونية التي اقترفتها التنظيمات الارهابية الصهيونية قبل وخلال نكبة 48 ، وتلك التي نفذت على ايدي الجيش الاسرائيلي بعد قيام دولتهم.
فكما هو وارد موثق في عدد لا حصر له من الكتب والدراسات والوثائق ، فقد أقدمت التنظيمات الإرهابية الصهيونية من أجل تحقيق هدف الاستيلاء على أرض فلسطين واقتلاع وترحيل أهلها عنها ، على ارتكاب سلسلة مفتوحة من المجازر الجماعية البشعة شملت النساء والأطفال والشيوخ والرجال ، وذلك عبر ذبح أكبر عدد من الفلسطينيين ، وإرهاب وترويع الآخرين وإجبارهم على الرحيل والهروب أو اللجوء بغية تفريغ الأرض ، فكانت أخطر وأكبر المذابح التي نفذتها تلك التنظيمات خلال حرب 1948 ، والتي ما تزال تفاعلاتها وتداعياتها الإنسانية مستمرة حتى يومنا هذا.
ولكن - ليس فقط لم يتوقف نهج المذابح والمجازر التي ارتقت إلى مستوى "المحرقة" على مدار الاثنين والستين عاما الماضية منذ النكبة ، بل باتت هذه السياسة العمود الفقري للإستراتيجية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ، الذي أصبح يواجه في كل يوم المزيد والمزيد من النكبات والمحارق التي لا حصر لها...،
قاطرة الإرهاب الصهيوني
تشير المعطيات الموثقة إلى أن قاطرة الإرهاب الدموي الصهيوني والمجازر الجماعية المروعة ضد عرب فلسطين ، قد انطلقت مبكراً ، ومهدت عملياً إلى اقتراف التنظيمات الصهيونية خلال حرب 1948 سلسلة متصلة من المجازر الدموية المروعة ، وفي هذا الصدد يعترف الكاتب السياسي الإسرائيلي حاييم هنغبي في مقالة نشرتها صحيفة معاريف العبرية تحت عنوان :"63 سنة إرهاب ،؟"مؤكداً : -
"لقد لخص زئيف جابوتنسكي السياسة الإرهابية الصهيونية بما يلي:"في الحرب.. في كل حرب وحرب أليس كل طرف وطرف هو برئ ؟ ، وإذا لم تشأ المس بالأبرياء ستقتل ، وإذا كنت لا تريد أن تقتل أطلق النار ولا تثرثر"، لقد مرت 63 سنة منذ ذلك وكما لو لم يتغير شيء :"يقدسون الحياة بالموت ويفرضون السلام بالدم ".
ويوثق هنغبي : "لقد نفذت التنظيمات الصهيونية سلسلة تفجيرات إرهابية في الأسواق العربية في حيفا والقدس والناصرة وغيرها أسفرت عن مئات الإصابات بين الفلسطينيين".
السجل الأسود للمجازر الصهيونية
فاستنادا إلى تلك الخلفية الأيديولوجية - تراث الإرهاب الصهيوني لا حصر له - انطلقت قافلة الإرهاب الصهيوني منذ مطلع القرن الماضي لتقترف التنظيمات والدولة الصهيونية مسلسلا مفتوحا من المجازر...ولتفتح سجلا اسودا لتلك الدولة ...
الباحث جميل عرفات يوثق بإن ما جرى في دير ياسين مثلا لم يكن المجزرة الفظيعة الوحيدة في فلسطين التي شهدت 74 مذبحة كهذه عام 48 لافتا إلى أن دير ياسين اكتسبت تميزا بسبب حالة الهلع التي سببّتها لدى الفلسطينيين فور انتشار وقوعها سيما وأن الصهيونية اهتمت بتضخيمها وترويجها إلى كافة أنحاء البلاد بكثير من التهويل بهدف التخويف كوسيلة للترحيل ـ "الخليج 2007 - 04 - 10".
فنحن هنا اذاً أمام:
62 عاما على النكبة وسياسات التطهير العرقي والمجازر الجماعية والتهجير الجماعي...
62 عاما على دير ياسين والطنطورة والدوايمة وابو شوشة ..
62 عاما على نحو 74 مجزرة صهيونية جماعية موثقة ضد نساء وأطفال وشيوخ فلسطين...
54 عاما على مجزرة كفر قاسم...
23 عاما على المجازر الصهيونية خلال الانتفاضة الأولى...
10 أعوام على مجازر انتفاضة الأقصى...
28 عاما على مجزرة صبرا وشاتيلا...
- عامان على محرقة غزة..
انه سجل أسود طويل مفتوح من المجازر الصهيونية الجماعية التي اقترفتها التنظيمات والدولة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني منذ ما قبل عام النكبة ـ 1948.
غير أن المجزرة الأشد ترويعا وخطورة وبشاعة في ذلك السجل الصهيوني...تبقى مجزرة صبرا وشاتيلا...
المنقوشة على لوحة لم ينجح غبار الزمن والأحداث والكوارث والمجازر الأخرى في إخفائها ولم تنجح كل محاولات التزييف ومحو التاريخ طمسها...،
وتبدأ حكاية المجزرة عام 1982 وبعد ساعات قليلة من دخول جيش الإحتلال إلى مناطق بيروت الغربية وضاحيتها الجنوبية إبان الإجتياح الإسرائيلي للبنان ، في إطار خطة مبيتة متفق عليها مع الكتائب اللبنانية حيث اتفق الحليفان على ضرورة تطهير المخيمات.
تفاصيل المجزرة
ففي الساعة الخامسة من صباح يوم الأربعاء 15 ـ 9 ـ 1982 ، ابتدأت العمليات الإسرائيلية باجتياح بيروت الغربية بعدما كانت الألغام والمتاريس قد رفعت من معابرها وشوارعها ، وفيما كانت قوات الحركة الوطنية اللبنانية منزوعة السلاح أو مشتتة ، وبدأ الاجتياح بألفي جندي نقلتهم الطائرات على عجل إلى مطار بيروت وقبل مضي أربع وعشرين ساعة ، أي في صباح الخميس ، كان طوق المهاجمين قد أحكم تماماً حول المنطقة.
الدخول باتجاه المخيمات
باشرت القوات الإسرائيلية مساء الثلاثاء 14 ـ 9 ـ 1982 ، دخول العاصمة اللبنانية باتجاه ثلاثة مخيمات للاجئين الفلسطينية في غرب بيروت .
لم تقابل هذه القوات أية اعتراضات قتالية وهي في طريقها للمخيمات ، وجاء هذا بعد أن أذيع نبأ نسف المبنى الذي تشغله قيادة حزب الكتائب في الأشرفية ، حيث كان بشير الجمَيِّل يرأس اجتماعاً لقادة القوات اللبنانية ، وقبل أن يتأكد وجوده بين ضحايا النسف ، اتخذ شارون بالتشاور مع رئيس وزرائه مناحيم بيغن قراراً بدخول الفاكهاني ( تجمع الحركات الوطنية اللبنانية) ومخيمي صبرا وشاتيلا للفلسطينيين، والطرقات المؤدية إليها مقطوعة...
وفي ظهيرة يوم الخميس 16 ـ 9 ـ 1982 وفي الخامسة منه بدأت أعمال القتل بعد أن صدر القرار الحكومي عن اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي.
وقد استخدمت في عمليات الإبادة أدوات كثيرة ، من القنابل اليدوية والعنقودية ، إلى السكاكين والخناجر والبلطات والفؤوس والحبال ، وهناك دلائل تشير إلى أن عدداً من القتلة أن لم يكن كلهم كانوا في حالة طبيعية مساء يوم الخميس بل كانوا مخمورين أو مخدرين ، وقد أشير أيضاً إلى استخدام عقاقير مهيجة ، ووجدت في ساحة الجريمة مخلفات تدل على ذلك ، ولا شك في أن بشاعة التمثيل بالأحياء من الأطفال والنساء والرجال قبل الإجهاز عليهم ، وكذلك بالجثث نفترض وجود قتلة من نوع خاص جداً .
وقد جرت أعمال التقتيل وسط طوق عسكري وإسرائيلي محكم على المنطقة ، ووسط تكتم إعلامي أشد إحكاماً .
كان القتل على أشده والثناء على القتلة في ذروته والتركتورات والجرافات الإسرائيلية تهدم وتكوم الضحايا في حفر تحولت إلى مقابر جماعية .
فكانت حصيلة المجزرة نحو خمسة آلاف شهيد هم ضحايا صبرا وشاتيلا ، دفعوا حياتهم خلال أيام ثلاث أزالوا من خلالها القناع الحديدي عن وجه الصهيونية ، ليرى العالم وجهها الحقيقي سافراً.
لم يرحموا أحدا
حول تفاصيل المجزرة البشعة تحدث عدد من أبناء المخيمين ليقدموا لنا أنصع شهادات حية عن المجزرة.
روى الحاج أبو إبراهيم زعيتر ، وزوجته أم إبراهيم مشاهد حية عن المجزرة ، وقد فقدا (42) شخصاً من عائلتهما في مذبحة العصر ، وقال الحاج زعيتر : لم يرحموا أحداً ، حتى القطط والكلاب الشاردة لم تسلم من حقدهم ، وحرابهم السامة ، لقد جمعنا ضحايانا في أكياس من الخيش والنايلون ، بعد يومين من الجريمة ، وهم في ضمير كل المسؤولين والعالم ، وقضيتهم برسم كل المنظمات الإنسانية .
وقالت أم إبراهيم : كانوا كالنعاج المذبوحة ، في الشارع ، والدماء تغطي كل مكان الكبار ، والصغار ، والشيوخ والشباب ، مكدسون في أكوام من اللحوم البشرية ، بعضهم مذبوح من الوريد إلى الوريد ، والبعض الآخر مقطع الأوصال والرأس ، والأجساد كلها مشوهة إلى درجة تعذرت علينا معرفة أولادنا .. ( كأنك في مسلخ ) .
ويضيف الحاج زعيتر : الصدفة وحدها أنقذتنا ، إذ حالفنا الحظ وتمكنا في غفلة من المجرمين من مغادرة المكان ، وراعنا ما شاهدناه عندما عدنا بعد يومين من فظائع لا يتصورها أي إنسان عاقل ، ولا يقبلها أي ضمير - المأساة كانت كبيرة جداً بحجم الدنيا ، وكان سلاحنا الصبر ، والإيمان بعدالة قضيتنا ، وحقنا المقدس في الحياة ، لقد ظنوا أنهم يقتلون وطناً ، وفاتهم أن موت هؤلاء الشهداء الأبرياء من شأنه أن يفجر ثورة ، ويصنع مقاومة ، ويولد من رحم المأساة أبطالاً يعرفون كيف يهزمون الأعداء ويحققون النصر .
ذكر أن الشاهد الحي الوحيد على وقائع المجزرة هو محمد شمص (لبناني 38عاماً ) ، نجا بأعجوبة ، وقام من بين الأموات بعد 36 ساعة على وقوعها .. وكان من الذين كتبت لهم الحياة بقدرة قادر ، "رجل هادئ رزين له سبعة أطفال كانوا يتحلقون حوله" ، تحدث قائلاً : عصر ذلك اليوم المشؤوم طوق العدو الحي من جميع الجهات ، وكان إيلي حبيقة يقف على ذلك السطح مع شارون ( وأشار بيده إلى مبنى مقابل لمدخل مخيمي صبرا وشاتيلا ) ، وجمع المسلحون كل السكان في الشارع العام ، كباراً وصغاراً ، نساء ورجالاً ، وأمروهم بالركوع ، ففعلوا ، ومن لم يحالفه الحظ ويجد مكاناً ، وقف ووجهه إلى الجدار المقابل .. ويسكت قليلاً ، ويكاد يتفجر ، ويضيف : آخر مشهد قبل بدء"حفلة"الاغتيال ، كان جارنا أبو مرهف بحوزته حافظة نقود تحتوي على 500 ليرة لبنانية ، فطلب من المسلح الذي صادرها منه اقتسام المبلغ معه لأنه لا يمتلك غيره ، وقبل أن يجيب بدأ إطلاق النار عشوائياً ، وفي لحظات تهاوى آلاف الضحايا مضرجين بدمائهم ، وتكررت عملية القتل عدة مرات لضمان موت الجميع ، كانوا ينتقلون بين الضحايا ، يذبحون بحرابهم من بقي به رمق من حياة ، يفجرون الرؤوس بفؤوس فولاذية ، من دون رحمة ، يقطعون الأوصال ، يغتصبون النساء حتى تحول المكان إلى"مسلخ".
وكيف نجوت من المجزرة ؟
تنهد شمص ، وهز رأسه قائلاً : عندما بدئوا إطلاق الرصاص ارتميت على الأرض فوق أبي وأخي ، ولم ينالوا مني في الجولة الأولى ، ولكنهم عادوا في الجولة الثانية يطلقون رصاصهم الحاقد على الجميع فرداً فرداً ، وكان من نصيبي سبع رصاصات استقرت في جسدي وشاءت الأقدار أن يقع فوقي بعض الضحايا ، الذين حالوا بأجسادهم دون الإجهاز عليّ .
ألم يلاحظ أحدهم أنك لم تمت ؟
لا .. لأنني تظاهرت بالموت ، وعندما وقفوا فوق رأسي قطعت أنفاسي ولم أحرك ساكناً لمدة تتجاوز عشر دقائق ، فهم لم يغادروا المكان إلا بعدما تأكدوا من موت الجميع ، وداسوا بنعالهم على الرؤوس وأجساد الأطفال والنساء بهمجية ووحشية .. كانوا يغتالون كل شيء حي ، حتى القطط والكلاب الشاردة لم تسلم من رصاصهم الحاقد ، وربما فقدت الوعي لفترة وثقل أجساد الموتى التي تكدست فوق جسدي حال دون انسحابي بسهولة من بين الأموات ، وكان حبيقة يراقب ما يجري من بعيد بواسطة منظار كان بحوزته وشاهدته بأم عيني .
وفي اليوم الثالث للمذبحة أي صباح يوم 18 ـ 9 ـ 1982 ، تمكنت من الحراك بعدما أزحت عن صدري جثتي أبي وأخي ، وزحفت بين آلاف الجثث المكدسة في كل مكان طلباً للنجاة ، وجراحي النازفة حالت دون وصولي إلى مكان آمن ، الأجساد كلها كانت منتفخة ، ولا مجال أمامي سوى العبور من فوقها ، وأذكر جيداً عندما كانت تلامس يدي جسد أحدهم ، ينسلخ جلده ويعلق بيدي .
وبعد عراك طويل مع الحياة والموت ، خلت الساحة من المسلحين وحضرت سيارات الصليب الأحمر اللبناني ، والهلال الفلسطيني ، ولا أدري بعدها ما جرى ، ولم أستعد الوعي إلا وأنا في المستشفى .. إنها جريمة العصر .
شهادة ماهر مرعي
ماهر مرعي - أحد الناجين من مجزرة صبرا وشاتيلا - يصف ما حدث ليلة السادس عشر من أيلول 1982 ، قائلا:رأيت الجثث ، أمام الملجأ مربوطة بالحبال لكني لم افهم ، عدت إلى البيت لا خبر عائلتي ، لم يخطر في بالنا أنها مجزرة ، فنحن لم نسمع إطلاق رصاص ، اذكر أنى رأيت كواتم صوت مرمية قرب الجثث هنا وهناك ، ولكني لم أدرك سبب وجودها إلا بعد انتهاء المجزرة. كواتم الصوت "تتفندق" بعد وقت قصير من استخدامها ، ولذا يرمونها ، بقينا في البيت ولم نهرب حتى بعد أن أحسسنا أن شيئا مريبا يحدث في المخيم ، رفض والدي المغادرة بسبب جارة أتت للمبيت عندنا ، وكانت أول مرة تدخل بيتنا. زوجها خرج مع المقاتلين على متن إحدى البواخر ولم يكن لديها أحد ، فقال أبى لا يجوز أن نتركها ونرحل. كان اسمها ليلى. كانت الجثث التي رأيتها أمام الملجأ لرجال فقط. ظننا أنا ووالدي أن الملجأ كان مكتظا فخرج الرجال ليفسحوا المجال للنساء والأطفال بالمبيت واخذ راحتهم ، فماتوا بالقصف. كنت ذاهبا يومها لإحضار صديقة لنا - كانت تعمل مع والدي - تبيت في الملجأ. كانت تدعى ميسَّر. لم يكن لها أحد هي الأخرى.
وسائل الإعلام لم تعلم
تواصلت المجزرة الصهيونية على مدى ثلاثة أيام على مدى ساعات اليوم ال24 ولم تعلم وسائل الإعلام بخبر المجزرة إلا بعد انتهائها فرغم ما تسرب من أخبار عن مجزرة تدور في المنطقة لم يستطع أحد إستيعاب الأحداث وما يجري إلا بعد انهائها ، ليدخل الصحافيون من بعدها إلى المخيم أو كومة الرماد كما صار ليتفاجئوا بأحد ضباط الجيش الكتائبي يصرح أن "سيوف وبنادق المسيحيين ستلاحق الفلسطينيين في كل مكان وسنقضي عليهم نهائياُ ، وتناقلت الصحافة صور أشلاء وأجزاء بشرية في الطرقات والزواريب.. شلالات الدماء تغطي المخيم فاضت فوق القبور الجماعية التي ضمت آلاف الفلسطينيين واللبنانيين. وحاول الجيش الإسرائيلي إخفاء آثار المذبحة ومعالم الجريمة مستخدماً الجرافات والآليات لكنه فشل.
وفي الحاصل والنتائج والتداعيات المترتبة على المجزرة..يجمع الباحثون المدججون بالوثائق على أن قضية ومأساة الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا ، أكبر من كل نكبات العالم .. جمعوا في غفلة عن أعين الضمير العربي والدولي أشلاء وأجساداً مقطعة إرباً إرباً، ودفنوا في قبر جماعي بصمت لا أحد يعلم حتى أسماءهم ..
وتكبر المأساة ويعتريك شعور غريب ، لم تألفه من قبل ملؤه الحزن والأسى ، إذا ما وقفت في حضرة الشهداء الذين سقطوا ظلماً وعدواناً ودون أي ذنب اقترفوه إلا لكونهم أصحاب قضية .. فلسطينيون ، ولبنانيون ، ورعايا عرب جمعتهم المحنة في يوم النكبة .
واليوم وبعد ثمانية وعشرين عاما على المجزرة...فإن كل شيء في مقبرة شهداء صبرا وشاتيلا في ضاحية بيروت الجنوبية يوحي للمشاهد بأن هناك مؤامرة مخططة مبيتة مع سبق الإصرار والترصد الإجرامي ، لمحو صورة مجزرة العصر الرهيبة التي ارتكبها جنود الاحتلال الإسرائيلي وعملاؤهم عصر يوم 16 ـ أيلول ـ 1982 ، من الذاكرة الفلسطينية والعربية والدولية.
وأخيرا يبقى السؤال الكبير متعلقا بيوم الحساب.. فمتى وكيف سيدفع قادة الإرهاب الصهيوني فاتورة الحسابات المتراكمة .. ؟، والتي لم تكن المجزرة المروعة في صبرا وشاتيلا سوى واحدة منها .. ؟،.
نواف الزرو
الدستور، عمّان، 16/9/2010
رد: من دير ياسين وصولا إلى غزة مروراً بمجزرةمخيمي صبرا وشاتيلا الفلسطيني يباد ولا من
و مما لاشك فيه مع أن استمرار إصرار الفلسطينيين على التمسك بأرضهم سيجعل دولة الاحتلال ترتكب المزيد من المجازر لكن تطور الآلة الإعلامية و التواصل الإلكتروني لايخدمها بالتأكيد فصورتها لا تزداد كل يوم إلا سوء ا وأصوات كثيرة من كل أصقاع الدنيا باتت تدينها .
تقديري لجهودك أستاذة هدى و كان الله في عون الفلسطينيين .
رد: من دير ياسين وصولا إلى غزة مروراً بمجزرةمخيمي صبرا وشاتيلا الفلسطيني يباد ولا من
الغالية استاذة هدى الخطيب بارك الله فيك على التذكير
لقد أخبرني والدي عن هذه المجازر رحمة الله وقال أنهم بدأوا بحصار المخيم ثم قاموا في الساعة الثالثة والنصف باقتحام البيوت
وقتل من فيها وكانوا على أطراف المخيم يقتلون الناس ثم يقومون بهدم البيوت لإخفاء الجريمة وكانونوا يقتلون الأطفال أمام أهاليهم لكي يذيقوهم حرقة
موت أطفالهم أمام أعيونهم قبل أن يقتلوهم على أساس بأن الله لا يراهم ولكن خسؤا
لأن المولى عز وجل يقول ((وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ))
أما عن حركة الكتائب في لبنان فهي كانت تقتل الفلسطينين على الهوية صغار او كبار
وأرجو أن لا ننسى مخيم تل الزعتر الذي أخبرتني عنه أمي فقد حوصر أهله وقتلو هناك وقد فرت امي مع اهلها وذلك قبل حصار المخيم باربعة ايام
هنالك الكثير الكثير من المصائب والابتلاء فيجب علينا الصبر الصبر
يقول الله عز وجل:
(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ *
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ )
صدق الله العظيم
يعني أحياء يرزقون عند ربهم ........الحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه
ولا اله الا الله محمد رسول الله
حسبي الله ونعم الوكيل
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
رد: من دير ياسين وصولا إلى غزة مروراً بمجزرةمخيمي صبرا وشاتيلا الفلسطيني يباد ولا من
[align=center][table1="width:100%;"][cell="filter:;"][align=justify]
تحياتي وشكراً من القلب لكل من تداخلوا وعبروا عن تضامنهم وهم قلة للأسف وشكراً أليماً لكل من لم يتداخلوا بأي من مواد سلسلة ذكرى مجازر صبرا وشاتيلا وما جاء فيها شعراً ( قصيدة الشاعر طلعت سقيرق ) في " جسد على الحجر الأخير " وتوثيقا أو تعبيراً في باقي الملفات
كيف نطلب من العالم أن يعرف ويتضامن إن كنا نحن لا نفعل ولا نتوقف لحظة مع المجازر التي ذهب ضحيتها آلاف الأبرياء ؟!
أستاذة رولا تحياتي
ما تفضلت به صحيح تماماً
من منا ينسى مجازر مخيم تل الزعتر ؟!
الحرب الأهلية اللبنانية بدأت عام 1975 حين أوقفت عناصر من حزب الكتائب حافلة فلسطينية وقتلت كل من كان فيها فكانت الشرارة الأولى فيها وفي اغتيال ابن صيدا المناضل اللبناني معروف سعد رحمه ورحمهم الله
لو تمعنا في عمق الحرب الأهلية وحللنا سنجد أن الموضوع كان سياسياً ولم يكن طائفياً بالمعنى الدقيق ، فإسرائيل استطاعت أن تجند فريقاً من المسيحيين الساسة وباعتهم الأوهام، بينما معظم اخواننا المسحيين من طائفة الروم الأرثوذوكس مثلا والطوائف الشرقية وقسم من الموارنة أنفسهم ( خصوصاً الشعب الذي لا ناقة له ولا جمل) وحتى الأرمن انقسموا بين اليمين " الطاشناق " مع الكتائب بقيادة إسرائيل و اليسار " الهاشناك " مع الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية وسمي يومهاً باليسار واليمين الإنعزالي ممثلا بحزب الكتائب اللبنانية الذي أسسه بيير الجُمَيِّل ( والد أمين وبشير ) وحراس الأرز الذي أسسه الشاعر الكبير سعيد عقل وقام بحملة اللغة اللبنانية أو الفينيقية ( تدعو لاستعمال العامية اللبنانية بدل الفصحى واستعمال الأحرف اللاتينية بدل العربية) والوطنيين الأحرار الذي أسسه رئيس الجمهورية الأسبق كميل شمعون وما عرف بجيش لبنان الجنوبي، فقد انقسم الجيش اللبناني إلى فريقين: الفريق الوطني باسم جيش لبنان العربي والفريق اليميني الانعزالي مع الكتائب بأمرة وتدريب وتسليح الكيان الإسرائيلي المعادي فكان لكل حزب منهم ميليشيا مسلحة وكان يتم تدريب عناصرهم في فلسطين المحتلة على أيدي العدو الصهيوني.
استغلت إسرائيل خوف الساسة الموارنة من زيادة عدد المسلمين بالمقارنة بهم، فكما نعرف لبنان هو البلد العربي الوحيد المسيحي ( بمعنى رئيس الجمهورية وقيادة الجيش إلخ.. ) وهذا ما كانت كرسته فرنسا أثناء انتدابها على سوريا ولبنان وشطر فلسطين والأردن من بلاد الشام لتكون تحت الانتداب البريطاني.
آخر إحصاء للطوائف في لبنان كان عام 1935 ، فالموارنة يرفضون أي إحصاء فمن المعروف أن كل الطوائف المسيحية في لبنان مع الفللسطينيين أتباع الديانة المسيحية كلهم حصلوا على الجنسية اللبنانية وكذلك الأرمن ومع هذا فما زالوا لا يشكلون أكثر من ثلاثين إلى خمسة وثلاثون بالمئة نسبة إلى المسلمين ( وهذا طبعا يخيفهم ) خصوصاً وأن هجرة الموارنة إلى الغرب هي الأعلى أي أنهم يتناقصون.
اقتطعت فرنسا لبنان ليكون بلداً مسيحياً بقيادة الطائفة المارونية ، حتى أن بعض الأمراء والعائلات السياسية والاقطاعية اللبنانية العريقة غيرت ديانتها وانتسبت للطائفة المارونية ، وعلى سبيل المثال لا الحصر من الأمراء آل أبي اللمع وشهاب ( عائلة الأمير بشير الشهابي ) الأمير بشير الثاني الشهابي المسى بالكبير وجاء منهم بعد الاستقلال رئيس جمهورية وهو الرئيس فؤاد شهاب.
يتبع
سأكمل لك هذا التلخيص الليلة إن شاء الله لكن مضطرة الآن أن أتوقف قليلا
[/align][/cell][/table1][/align]
مديرة وصاحبة مدرسة أطفال / أمينة سر الموسوعة الفلسطينية (رئيسة مجلس الحكماء ) رئيسة القسم الفلسطيني
رد: من دير ياسين وصولا إلى غزة مروراً بمجزرةمخيمي صبرا وشاتيلا الفلسطيني يباد ولا من
في ذكرى المجزرة
زهور تنبت من بين الركام
ياسـر عـلي
تعوّدتُ على المرور كل يوم قرب مقبرة شهداء صبرا وشاتيلا، وتَعوَّدَ الناس كذلك! نادراً ما كنت ألاحظ أن أحداً يتصرف بطريقة غير عادية أمام المقبرة (كأن يخشع أو يقرأ الفاتحة). اعتاد الناس عليها فباتت من عاديّاتهم اليومية!
في العام 2002، في أحد المؤتمرات في بيروت، التقينا ضيفاً من سيريلانكا، فاجأنا بطلبه زيارة مقبرة شهداء مجزرة صبرا وشاتيلا.. فخجلنا أن نخبره أن أحداً لا يزورها إلا في المناسبة فقط، وأنها لن تكون مرتّبة كما يعتقد، وأنها حتى العام 1999 كانت في الصيف ملعباً للأطفال الذين يقيمون مع أهلهم في أرض المقبرة، وفي الشتاء تصير مستنقعاً للمياه الآسنة، وتمتلئ المقبرة بكميات كبيرة من النفايات.
في طريق المجزرة، ترى البسطات والباعة والرواد يميناً ويساراً.. وغالباً ما يصادفك صحافي أو باحث أوروبي هناك، تنظر شمالاً في الطريق الذاهبة صعوداً إلى حي عرسان، حيث بدأت المجزرة. وتكمل الطريق. هنا حائط تم إعدام المدنيين عنده، وهناك مبنى كانت تركض خلفه امرأة عارية وملطخة بالدم يوم المجزرة، وذلك منزل شهد مقتل عائلة بكاملها، وهنالك نجا صديقي الذي اختبأ في عربة خضار وقضى ذلك الليل وهو يسمع الصراخ والعويل والرصاص والشتائم.. وعلى امتداد الطريق حتى جامع الدَّنا كان القتلى يملأون الأرض يميناً ويساراً وداخل البيوت.
لا تزال بيوت شاتيلا كما كانت، لكنها شهقت، بدون دهان، أحجار مصطفة فوق بعضها، عند زاوية الشارع الذي ينفذ إلى داخل شاتيلا يميناً، ما زال الشارع عريضاً، دخلت إلى زاروب ضيق بعيداً عن الشارع الرئيسي. الأزقة التي قتل فيها معظم ضحايا المجزرة تعجّ بالفلسطينيين، بقالة، صالون حلاقة، روضة أطفال، أرجوحة بالأجرة، عربة فول وعرانيس، ودكان ((سكّر يافا)) ومثيلاتها بأسماء المدن والقرى الفلسطينية.. ولوحة كاريكاتير معلقة على جدار في زاروب اسمه ((شارع الثقافة)) ومتحف لذاكرة القرية الفلسطينية.
غادرت المخيم، وأنا واثق أن هذا الشعب، ينبت من بين الأنقاض زهوراً، ويرسم الجداريات بدماء الشهداء، وتغرد عصافيره على الأغصان التي تحترق.. ليبني ((جسر العودة)) الحتمية، مهما طال الزمن!!
((( منقول )))
رد: من دير ياسين وصولا إلى غزة مروراً بمجزرةمخيمي صبرا وشاتيلا الفلسطيني يباد ولا من
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
ماذا عساي أن أقول أختاه إلا حسبي الله ونعم الوكيل ولا حول ولاقوة إلا بالله رب العالمين حينما نسأل عنك يافلسطين يوم تنطق الجوارح وتشهد الحواس أمام رب العزة وأنت أيتها العزيزة دين في عنق كل من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله " أمة المليار وما بعد المليار" أمة الأف والغثاء وحفنة ملعونة مفسدة في الأرض تغتصب قلبها لك الله يا مسرى النبي " صلى الله عليه وسلم " ..لك الله ياكل ذرة تراب طاهرة .. سيأتي النصر الموعود لا محالة .. سيأتي الجيل الأحبابي الوارث مخلص الأمة من تيهها وضياعها ..
تقبلي أختاه الفاضلة فائق حزني
رد: من دير ياسين وصولا إلى غزة مروراً بمجزرةمخيمي صبرا وشاتيلا الفلسطيني يباد ولا من
الغالية استاذة هدى الخطيب
بارك الله فيك على المعلومات والبحث
أنت بالفعل موسوعة تاريخية رائعة شاملة ومخضرمة على جميع الأحداث
وسأتابع ما تكتبينه باهتمام بالغ لأن ما لدي يقتصر على المشاهدات القليلة مما حدث في لبنان
فلم اكن معاصرة لذلك التاريخ المؤلم