رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
لي مع جدتي مواقف طريفة بحكم التصاقي بها ولكوني الأثير لديها من بين إخوتي .
كانت لها علاقة وطيدة مع بعض الإسبانيات اللواتي كن ولا يزلن مقيمات في تطوان .. وكن يستشرنها في بعض الأمور وتساعدهن في تدبير بعض شؤونهن .. وكانت تزورهن وتعود محملة ببعض الهدايا والمجلات الاسبانية فتمنحني إياها وأبيع اكداسا منها لبائع متجول كي أتمكن من جمع ثمن تذكرة السينما (ابتسامة).
الطريف في هذا انني كل ليلة ، وحين أخلد للنوم بجانبها ، كانت تطلب مني شيئا ربما يبدو غريبا لكون الجدات هن منبع الحكايات والأساطير .. لكن جدتي كان يمتعها أن أحكي لها ما قرأته من قصص في المدرسة او المكتبة مثل قصص عطية الأبراشي وسيف بن ذي يزن . وكانت تقول لي :"احك لي قصة ، أجلب لك مجلة ".. وبهذا كنا نتبادل الأدوار .. فتحكي لي أحيانا اساطير من بلاد الريف .. (بلادها) .. والريف عندنا لا تعني فقط البادية وإنما منطقة بشمال المغرب من ناحية الشرق .
حين كانت تعزم على زيارد "البلاد" ، كنت احجز لها تذكرة السفر ونذهب الى المحطة قبل ساعتين من انطلاق الحافلة تحت إلحاحها ، رغم اني كنت أوضح لها ان الانتظار سيتعبها وأن نصف ساعة كافية لهذا الانتظار في قاعة المحطة الفسيحة .. لكنها كانت ترفض وتلح خشية ان تفوتها الحافلة .. فأرضخ لرغبتها وارافقها عند منتصف الليل واقعد بجانبها.. فأرى علامات الاطمئنان على محياها وتلتفت إلى من تجاورها مفتخرة بكون حفيدها يهتم بها ويرافقها حتى موعد الانطلاق ليطمئن عليها .
حين تعود من زيارتها للريف كانت تحمل معها اكياس الدقيق والزيتون وزيت الزيتون .. مما كانت تدره أرض والديها .. أجدادي رحمهم الله . وكانت تصل بعيد الفجر فنسمع نداءها عند أسفل العمارة ونسرع مبتهجين لعودتها .. فتجلس ونحن متحلقين حولها نستمع إلى ما لاقته أثناء رحلتها فلا نشعر بطلوع النهار .. بينما رائحة الشاي والقهوة والبيض القلي ينبعث من المطبخ حيث كانت أمي تعد الفطور .
|