التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,865
عدد  مرات الظهور : 162,383,338

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مجتمع نور الأدب > شرفة البوح وبيت العائلة النورأدبية > فنجان قهوة ومساحة من البوح
فنجان قهوة ومساحة من البوح نلتقي على فنجان قهوة ونفرد مساحات للبوح إشراف عروبة شنكان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 27 / 08 / 2016, 15 : 01 AM   رقم المشاركة : [31]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: دعوة إلى فنجان قهوة....

شكراً لكِ أُستاذة عروبة على قبولك غير المشروط لاستقبال بهلول في (نور الأدب)،
وإن كنتِ قد أقلقتِني بخصوص الحزن الذي تحدثتِ عنه.. فلم أشعر، من قبل، بمثل نبرة الحزن التي شعرتُ بها تنبض الليلة بقوة لافتة في كلماتك وطريقة صياغتك لعباراتك..
خيراً إن شاء الله..
تقبلي تعاطفي مع حزنك أيّاً كانت أسبابه، وأرجو أن تعودي قريباً جداً تلك المبدعة التي تتدفق حيويةً يسري الحزنُ في نصوصها الإبداعية فناً، وليس في أعصابها ألماً وفي عيونها دمعاً..
أبدلَ الله حزنَك فرحاً..
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 27 / 08 / 2016, 26 : 01 AM   رقم المشاركة : [32]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: دعوة إلى فنجان قهوة....

أسعدَ الله مساء الجميع، وأعتذر عن التأخر بالنشر إلى الآن، إذ لم أحسم أمري بالنسبة لنشر ما ستطالعونه الآن إلا قبل دقائق فقط..

لعل من المفارقات الغرائبية التي تُثير الكثير من الدهشة أن يبدأ تعارفُنا، أنا وبهلول، عن طريق الانترنت، على الرغم من أنَّ معرفةَ كلينا بعالم الانترنت أقرب إلى معرفة اللَّحام بجراحة الأعصاب..
كان ذلك في أواخر العام الأخير من القرن الماضي.. عندما وجدتُ بين الرسائل الواردة إلى بريدي الالكتروني رسالة لا أعرف صاحبها.. وحين فتحتُها عرفتُ أنها ليست لي بل لأخي طلعت سقيرق بوصفه مدير الموقع الالكتروني الذي أسسه آنذاك باسم (أوراق 99) خلفاً لموقع (العنقاء) الذي أسستُه مع طلعت أيضاً قبل ذلك، وأَغْلَقَه لنا أدعياءُ الحرية والديموقراطية في أوروبا والولايات المتحدة، لأننا حاولنا من خلال المواد التي كنا ننشرُها فيه، باللغتين العربية والإنكليزية، تغييرَ الصورة النمطية السلبية للإنسان المسلم عموماً والعربي خصوصاً، وتقديمه في صورته الحقيقية المغايرة لتلك النمطية تماماً.
أمَّا سبب وجود رسالة بهلول في بريدي لا في بريد طلعت، فكان وجود عنوان بريدي إلى جانب عنوان بريده على صفحة موقع (أوراق 99)، دون أن يعرف غالبية المُرسِلِين أن هذا العنوان لي وذاك لطلعت..
على أيِّ حال، ما إن شرعتُ في قراءة رسالة بهلول حتى أغربت في الضحك، لخفة دم كاتبها وغرابة أسلوبه في الحديث عن الموضوعات التي تَطَرَّق إليها في تلك الرسالة التي وعدني، البارحة، بإعادة نشرها في (نور الأدب) إن حظيَ بالعمل مديراً لمقهاه النقدي..

ولكن ماذا سأكتبُ عنك يا بهلول، وكيف تُريدُني أن أُقدِّمَك لأعضاء الموقع؟

للإجابة عن هذا السؤال، سَهَّرني السيد بهلول البارحة إلى ما قبيل الفجر بقليل، وهو يحادثني حول الطريقة المثلى، في رأيه طبعاً، لتقديمه إلى أعضاء (نور الأدب) ومديرته السيدة هدى الخطيب.. ولم يتركني إلا بعد عودتنا معاً من صلاة الفجر في الجامع، ورؤيتِه لي كيف أدَّيتُها وأنا شبه نائم.
في البداية، رجاني ألا آتي على ذكر هيئته الخارجية، خشيةَ أن يظن به أعضاء الموقع الظنون، ثم تراجع عن طلبه هذا بحجة أنهم لابد سيعرفون، حين يرونه مستقبلاً، ما يريدُ أن يخفيه عنهم الآن..
ثم تردَّد كثيراً في السماح لي بالحديث عمَّا كانت عليه حياتُه قبل أن يَتَبَهْلَلَ.. وانتهى نقاشنا لهذا الجانب إلى ترجيح رأيه بأنَّ من الأفضل قيامه بالحديث عن تلك الفترة من حياته، بنفسه وبأسلوبه..
عند ذلك، قلتُ له: لم تترك لي سوى تقديمك لهم بوصفك بهلول الذي عرفتُه عن طريق صندوق بريد المرحوم طلعت.
فأجاب موافقاً: نعم.. لكن بشرط أن توافق على كل التعديلات التي أطلب منك إجراءها على ما تقوله عني..
بعد موافقتي على طلبه هذا، بدأتُ، في نحو العاشرة ليلاً، أكتب ما سمح لي بنشره عنه في هذا الموقع، ولم ننتهِ إلَّا قُبيل الفجر، كما سبقت الإشارة، لكثرة ما أجرى من تعديلات على ما أوردتُه في السيرة الموجزة لسيادته، حتى رضيَ عن صيغتها النهائية التي مَلَأَتْ ثلاثَ صفحات كبيرة، تركناها في البيت لنقرأَها مرةً أخيرة، قبل أن ننشرَها في الموقع، بعد عودتنا من صلاة الفجر..
لكن، وبعد هذا التعب الذي جَرَّعْنِيه السيد بهلول، كأساً تلو كأس طيلة الليل، إذا به يُمسكُ أوراق سيرته ويمزِّقُها، حالَ انتهائي من إعادة قراءتها عليه، ثم يلتفتُ إليَّ مُعلِّلاً فِعلَتَه الشنعاء تلك بقوله:
- سامحني يا معلمي.. لم تُعجبني.. شعرتُ وأنتَ تقرأها لي، كأنك تقرأ سيرة أحد آخر غيري، وليس سيرتي..
ومع كل ما اشتُهرِتُ به من قدرة على كظم الغيظ، لم أتمالك نفسي من الصياح به غاضباً:
- ماذا تقول؟ لم تُعجبْكَ؟! والله لستَ أنتَ البهلول بل أنا الذي قَلَّلْتُ عقلي وطاوعتُك ساهراً طيلة الليل لأُقدِّمَك في أفضل صورة ممكنة لأعضاء الموقع.. اللعنة على..
وقبل أن تصل لعنتي إلى حيث أردتُ إرسالها، وضع بهلول كفَّه الكبيرة على فمي بلطف، وهو يرجوني قائلاً:
- أرجوك يا معلمي لا تلعن.. ما حلوة بحقك، وأنتَ الرجل الرزين العاقل..
تراجعَ غضبي قليلاً وأنا أرى في عينيه نظرات أسف حقيقي وخجل لم تستطع غَسْلَهُما الدمعتان اللتان تَحَدَّرَتا على خدَّيه بصمت.. وفي الواقع رَقَقْتُ له.. وما إن شعرتُ بعودة الهدوء إلى أعصابي، حتى سألتُه:
- لماذا مَزَّقْتَ الأوراق يا بهلول؟ لقد رسمتُ لكَ فيها صورةً غاية في الروعة..
- لأنَّني شعرتُ أنَّ تلك الصورة الرائعة التي رسمتَها لي برغبتي ليست صورتي.. ومادامت كذلك فكيف أُقَدِّمُها لمَن أريد العمل عندهم مديراً لمقهى نقدي غايتُه ممارسة الصدق في النقد؟! أيْ ممارسة التعليق على النصوص الإبداعية دون تَحَيُّز لأصحابها أو ضدهم؟.. أيْ قول الحق دون مواربة ولا تحوير ولا تزوير..؟!
ثم أضاف وهو يرمي ببصره على الأرض، حياءً مني:
- أليس حراماً يا معلمي أن أحاولَ بالكذب الحصول على منصب المدير لمقهى يريد زوَّرُاه التعبيرَ عن آرائهم فيما يقرؤونه بصدق؟! والله يا معلمي ما استطعتُ أن أهضم أن أغشهم..
أمام موقفه هذا الذي عبَّر عنه بكلماته البسيطة السابقة، وقفتُ حائراً مُشتَّتاً بين مشاعر متناقضة آلمتني مداهمتُها لي في آنٍ معاً، فلم أدرِ ما أقولُ له.. ولذلك طال صمتي بقدر طول معاناتي للتناقض بين إحساسي باحترام موقفه النبيل وخجلي من قبولي أصلاً لتعديل صورته، بقصدِ مساعدته في الحصول على إدارة مقهى النقد في الموقع.. لَكَمْ تمنيتُ لو أنَّني كنتُ البادئ برفض تزوير الحقيقة وليس المذعن لرفضه تزويرها.. لكن ما حصل قد حصل.. وكانت النتيجة هكذا أفضل..

عن أي نتيجة تراني أتحدث الآن؟

قصدتُ النتيجة التي انتهينا إليها في ختام سهرة البارحة ، والتي يُمكنُ تلخيصها بالكلمات التالية:
- سيُقدِّمَ بهلول لمحة سريعة عن نفسه غداً، واعداً بالحديث عن نفسه قبل البَهْلَلَة وبعدها، ابتداء من استلامه العمل في المقهى الذي اقترح تعديل تسميته إلى (مقهى الدردشة النقدية).
- يقترح بهلول أن يتمَّ افتتاح منتدى خاص بالمقهى في أي مكان على الموقع..
- لكي يُجَنِّبَني الإحراج والتعب معه بنشر كتاباته عن طريقي، يرجو بهلول منحَه صفةَ عضو في الموقع، ليكون بقدرته بعد ذلك نشر ما يريد والتعليق على ما يريد بنفسه لا من خلالي...
- أخيراً، يرجو بهلول من كلِّ الذين شعروا أنَّه أضاع وقتهم بقراءة مجريات الليلة الماضية وحيثياتها الكثيرة أن يقبلوا اعتذاره، ويعِدُهم إن عذروه أن يُعوِّضَهم عمَّا أضاعه من وقتهم الثمين بأجمل الأمسيات والجلسات في المقهى، وعلى حسابه..
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28 / 08 / 2016, 55 : 08 PM   رقم المشاركة : [33]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: دعوة إلى فنجان قهوة....

ثلاثة أيام مضت على ما نشرتُه، في هذه الصفحة، حاكِياً فيه ما جرى بيني وبين بهلول في تلك الليلة التي مزَّق في نهايتها نصَّ ما كتبتُه عنه لتعريف أعضاء الموقع به..
ثلاثة أيام بلياليها وهو ينتظر أن يصدر عن أحد أعضاء الموقع تعليقٌ على ما جرى بيننا تلك الليلة التي أبقاني ساهراً فيها حتى الفجر، عَلَّهُ يستشف من تعليق أحدهم ما يُنْبِئُه، ولو جزئياً، بنوعية ردِّ فعل بعضهم على تصرفه معي..
ومع أنني كنتُ منشغلاً جداً خلال تلك الأيام الثلاثة، لم أستطع أن أمنع نفسي عن مراقبته من طَرْفٍ خَفِيّ، وهو يُغالب رغبتَه في أن يطلب مني الدخول إلى الموقع ليرى إن كان أحدٌ قد كتبَ عنه شيئاً، فكنتُ أُشفِقُ عليه وأُقدِّرُ مغالبتَه لنفسه وكَبْتِه لفضولها كي لا يُعطِّلَني عن عملي..
وحين اشتدَّ عليه صمتي وحرصه على عدم إلهائي عن عملي، فكرَ أن يفعل شيئاً يهرب بفعله مما يعاني ومن انشغالي عنه.. ولذلك تقدَّم مني، في النهاية، وسألَني أن أعطيه قلمَ رصاصٍ وعدة أوراق بيضاء، لأنه يريد أن يكتب شيئاً، فأعطيتُه ما طلب، دون أن أسأله ماذا يريد أن يكتب.. ولم يكد يراني أنهمكُ في عملي من جديد، حتى أَعرْضَ عني واسترسل في تسويد الصفحات التي أخذها مني بما لم أعرف ولم أحاول أن أسأله لأعرف..
مع انتهاء اليوم الثالث لانتظاره ماكثاً في غرفة مكتبي، رجاني أن أمنحه بعض الوقت ليكلمني، فأجبتُه إلى طلبه بسرعة، لأنني كنتُ أنا أيضاً أُعاني من ضغط فضولي لمعرفة ردِّ فعله على ما جرى..
كان واضحَ العصبية، على نحو لم أرَه فيه قبلاً، ولا مرة، خلال فترة معرفتي الطويلة به.. فقبل أن ينطق بأيِّ كلمة، رأيتُه يفرك كفيه الكبيرتين ببعضهما على نحو بدا لي عنيفاً إلى حد ما، ثم باعد كفيه عن بعضهما، ورفع يمناهما إلى جبينه ليفرك بأصابعها الكبيرة صدغه ثم أنفه ثم ذقنه..، ثم تكلَّفَ رَسْمَ ابتسامة باهتة على شفتيه، ودون أن يَسْتَرِدَّها، بدأ حديثَه إليَّ بصوت واجف خافت، في البداية، ما لبث أن ارتفع تدريجياً:
- ليتكَ لم تُطلِع أعضاء الموقع على ما جرى بيننا تلك الليلة..
صمتَ هنيهة ثم تابع..، دون أن يُتيحَ لي قول أي كلمة:
- أظنُّ أنَّني أسأتُ لك ولنفسي في وقت واحد.. أكيد.. أكيد أنَّ أعضاء الموقع غضبوا من تصرفي معك... أكيد اعتبروا تصرفي معك غير جيد.. وأكيد أخذوا عني فكرة سيئة، بسبب هذا التصرف... صحيح أستاذ؟
لم أُجِب، لأنني لم أُرِد أن أُقاطع سيالة تفريغه للمكبوت من أحاسيسه وانفعالاته.. ولذلك تابع، وهو ما يزال يفرك جبينه بعصبية:
- أكيد قالوا لأنفسهم، إذا كان هذا الإنسان قد تَصَرَّفَ مع مَن يُناديه أستاذه هكذا، فكيف سيتصرف معنا ونحن لا نعرفه ولا يعرفنا؟
وهنا، أدركتُ أنَّ من الضروري أن أتدخلَ لأساعده على النطق بالقرار الذي اتخذه كردِّ فعل على ما بدا لي أنه أغضبه جداً، فسألتُه:
- وماذا استنتجتَ من صمتهم إذاً؟
حكَّ جبينه بشدة أكبر هذه المرة، حتى تهيَّأ لي أنه على وشك أن يسلخ جلده، ثم قال بنرفزة بادية:
- اسمح لي أن أختصر جوابي على سؤالك بكلمتين ونصّ، فأقول: عدم الجواب جواب..
تَكَلَّفتُ الابتسام وأنا أنهض مقترباً منه، وحين بلغتُه، وضعتُ كفي على كتفه محاولاً مواساته والتخفيف من انفعاله، ثم خاطبتُه قائلاً وأنا أُرَبِّتُ على كتفه:
- والله أنتَ حكيم يا رجل.. قال بهلول قال؟! استنتاجُك صحيح، لكن، مع ذلك أرى أن لا تُحمِّل الأمر أكثر مما يحتمل..!
- كيف يا معلم؟
تابعتُ، وبنفس الطريقة المُهدِّئة:
- للناس ظروفهم يا بهلول.. من يدري.. ربَّما حدث انشغالهم عنك بالمصادفة..
أبعد كفي عن كتفه، بحركة لطيفة، قبل أن يقف بطوله الفارع في مواجهتي.. وبعد أن زرع الغرفة بخطواته مرتين جيئة وذهاباً، وقف قبالتي، حاول أن يقول شيئاً، ثم تراجعَ، ثم رفع يده إلى رأسه من جديد، وراح يهرشه هذه المرة هرشاً عنيفاً، بعصبية بادية، ثم استجمع إرادته وأطلقَ لانفعاله العنان، فجاء كلامه أقرب إلى الصياح:
- صحيح أنني بهلول يا معلمي، لكن عندي كرامة..
قال ذلك، ثم صمتَ هنيهةً، سمعتُ صريف أسنانه خلالها، وفي نهايتها قال بصوتٍ حازم:
- لذلك سأغادر.. نعم سأغادر هذا الموقع.. لن أعمل في نور الأدب حتى لو رَجَوْتَني.. سأغادر إلى غير رجعة..
قال ذلك، ثم نظر إليَّ مستطلعاً أَثَرَ قراره في ردِّ فعلي، ولمَّا لم يجد ردَّ الفعل الذي تَمَنَّاه، تابع يقول، ولكن بعصبية أقل وأسى أكبر:
- صحيح أنني أحببتُ الكثير من أعضائه، من خلال ما قرأتُه من كتاباتهم، لكنَّ محبتي لهم لا تشفع لإهمالهم لي.. ولذلك سأغادر..
قال ذلك ثم اتجه إلى الطاولة التي كان يجلس إليها ويكتب في الأوراق التي أخذها مني، ثم راح، وهو يتجنَّب النظر إليّ، يجمع تلك الأوراق التي كتبَ عليها ما لا أعرف.. وتراءى لي أنه يُبطِئ في جمعها، وكأنَّه كان ينتظر أن أقول له شيئاً يثنيه عمّا هو بصدده، أو يجعله يتراجع عن قراره بالمغادرة.. ولمَّا لم يصدر عني ردُّ الفعل الذي كان يأملُه، ازدادت عصبيتُه وهو يُتابع جَمْعَ تلك الأوراق التي لَفَّها، في النهاية، على بعضها، بعنف، وقدَّمها إليَّ قائلاً بانفعال واضح:
- تفضَّل أستاذ خُذْ هذه الأوراق..
مددتُ يدي وتناولتُها من يده بصمت، فزاده صمتي انفعالاً، بذل جهداً كبيراً للسيطرة عليه، ليتمكَّن من أن يقول لي:
- ألن تسألني ماذا في هذه الأوراق؟
- بلى..
_ لقد مزَّقتُ الأوراق التي ظللتَ تكتبَها تلك الليلة وتعدِّل فيها حتى الفجر.. أتعرفُ لماذا؟ مزَّقتُها لأنني أردتُ أن أُقدِّم نفسي لأعضاء نور الأدب بنفسي وبأسلوبي، وقد فعلت الآن.. ستجد في هذه الأوراق الكثير عني، لقد تحدثتُ فيها عن طفولتي وشبابي وعملي قبل أن أَتَبَهْلَل، وعن حياتي بعد أن تَبَهْلَلْت.. كتبتُها رغم قراري بأن لا أبقى في نور الأدب، كتبتُها ليعرف أعضاؤه أنني لا أستأهلُ الإهمالَ الذي عاملوني به حتى وإن كنتُ بهلولاً..
قال ذلك، وهو يُغالب دمعة غَلَبَتْ إرادتَه في منعها من الخروج من عينه، فسارع يمسحُها بطرف كمه، خجلاً من أراها.. ثم تقدَّم مني مادّاً يده ليُصافحني، ثم مدَّ الأخرى ليُعانقني بكلتيهما مُودِّعاً.. وبينما سمحتُ له، بعد أن أعتقني من عناقه، بالاحتفاظ بكفي الصغيرة بين كفيه الكبيرتين، قال لي:
- اقرأ هذه الأوراق يا سيدي، وأرجو أن تُعجبَك.. وإن رأيتَ أن تنشرها في أي مكان فافعل، وإن شئتَ أن تتلفها فافعل، فأنا موافق سلفاً على أي قرار تتخذه.. والآن.. اسمح لي بالانصراف.. أستودعك الله، وأرجو أن ألقاك على خير دائماً..
قال ذلك، ثم ترك كفي تتحرَّر من بين كفيه، ثم استدار متجهاً إلى الباب بخطوات بطيئة تراءى لي من بطئها وكأنه كان يتمنى لو أدعوه إلى العدول عن قراره.. لكنني لم أفعل، على الرغم من رغبتي الشديدة بذلك وحزني الشديد لفراقه منكسراً هذه المرة، على نحوٍ لم أرَه عليه سابقاً أبداً..
وفي الواقع، لم يمنعني من محاولة إقناعه بالعدول عن قراره بالمغادرة، إلا تَوَهُّمي بأنَّ انصرافه سيكون خيراً له ولأعضاء الموقع الكرام، فقد يتمادى في توجيه ملاحظاته لهم، وفي طريقة حديثه معهم، إن اعتاد عليهم، وعند ذاك قد لا يحتملونه فيقع بينه وبينهم ما لا تُحمَدُ عقباه، وهو ما لا أريده أبداً، ولذلك آثرت المكابرة على نفسي والضغط على عواطفي، وتركتُه يمضي، وأنا لا أعلم حقيقةً، إن كنتُ سألتقيه ثانية، فيما تَبَقَّى لنا من عُمر أم لا..
ولا أُخفيكم أنني ازددتُ ندماً وأسفاً على فراقه، بعد أن قرأتُ ما كتبَه في الأوراق التي أعطانيها وهو يُودِّعُني.. لقد برَّ بوعده في تقديم صورة صادقة عن نفسه في تلك الأوراق، مبتدئاً برسم هذه الصورة من لحظة ولادته، حتى الأيام الأخيرة التي سبقَتْ لقاءَه الأخير بي..
ونزولاً عند رغبته، ووفاءً له، ولقناعتي فوق هذا وذاك، أنَّه بدا لي فيما كتبه عن نفسه شخصيةً جذَّابة، وفناناً صاحبَ أسلوب ممتع في الكتابة، استطاع أن يضحكني وهو يكتبُ مهموماً مفعماً بالأسى، رأيتُ نشر تلك الأوراق. لكن، ودفعاً للإملال، لن أنشرها دفعةً واحدة، كما كتبَها صاحبها، بل تباعاً على دفعات..
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28 / 08 / 2016, 24 : 09 PM   رقم المشاركة : [34]
Arouba Shankan
عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف

 الصورة الرمزية Arouba Shankan
 




Arouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond repute

رد: دعوة إلى فنجان قهوة....

عزيزي بهلول
لا تكن كمن مرّ، وذهب.. تارِكاً في النفس حسرة.. وكمشة ذكريات
أوافقك الرأي بأن تفتتح رُكناً يليق بالدردشات النقدية.. وبأن نتقاسم الكلمة
والفن والإبداع
لا أعلم لِما أشعر بأننا سنُصبح أصدقاء.. سوف نكسر رتابة لقاءاتنا بشيء من إبداعاتنا
ونستدني أمانينا مِن نوافذ الفرح.. ونتحرر من قيود الأنانية.. يومياً يتولد لديّ الشعور بأننا نقترب من بعض أكثر
لا ترحل يا بهلول.. لقد كسرت من جليد المعاملة.. إليك أمدُ يدي.. بباقة مِن الزهور.. التي تُرحِبُ بك على الدوام
توقيع Arouba Shankan
 

مازلت ابنة بلاط رباه في أعالي المجد بين الكواكب ذكره
أحيا على نجدة الأباة ..استنهض همم النبلاء.. وأجود كرما وإباءً
Arouba Shankan غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29 / 08 / 2016, 05 : 11 PM   رقم المشاركة : [35]
عائشة بناني
كاتب نور أدبي
 





عائشة بناني is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: دعوة إلى فنجان قهوة....

أستاذ محمد توفيق الصواف
اعتقدت أن شخصية بهلول أسطورية اختلقتها من خيالك الخصب فأنا عضوة جديدة معكم في المنتدى
لكن يبدو من مقالك الثاني أنها شخصية حقيقية تتنفس وتشكو، تتمنى وتتألم وترسم خططا للمستقبل ثم تعود وتمسحها في لحظة انفعال ...
رفقا بنا أخي بهلول فما زلنا نتخبط في أمورنا العادية وأصبحت اللحظات التي نسرقها من الزمن لنكتب أو نقرأ تتضاءل أمام أعباء الحياة خصوصا و أننا في سن وسط لا يسمح لنا بحمق الشباب ولا حتى بحكمة الشيوخ ومن كان يقول أن خير الامور أوسطها لم يدرك ما معنى أن تكون وسط كل شيء فلا تتجرأ على فعل أي شيء اعذرني استاذ بهلول على سفسطتي لكن يبدو أنني لا أملك للغد إلا ذاكرة لفها الصقيع ولم أعد أملك للكتابة إلا أصبعا يظل في الصباح يتخبط بين الأواني وفي المساء ألفه بضماد أبيض لأطبطبه من آثار معارك المطبخ (ابتسامة عريضة ) ومع ذلك تراني أحتفل بانكساراتي كما فعل زوربا ...وتستاء أنت لمجرد تأخرنا في التعليق ....وتقرر الفراق قبل اللقاء والرحيل قبل البقاء ....
للكتابة مفتاح يحتاج للصبر و للصبر عكاز يمسكه زمان أعرج الرؤيا ....ولا أظنك سوى ممن إذا ركبوا الفلك اتبع مقولة طارق ابن زياد البحر من ورائكم والعدو أمامكم ....
فلتتناول مشرطك ....فنحن في قاعة الانتظار ....
عائشة بناني غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
دعوة, فنجان, قهوة....


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صحبة فنجان قهوة دعاء الفيزازي فنجان قهوة ومساحة من البوح 3 03 / 06 / 2022 48 : 02 AM
فنجان قهوة عند السيدة فيروز... Arouba Shankan كلـمــــــــات 3 07 / 09 / 2020 05 : 04 PM
فنجان قهوة احمق! عمران الشيخ قصيدة النثر 8 06 / 12 / 2012 49 : 11 AM
فنجان قهوة أ. د. صبحي النيّال المقــالـة الأدبية 0 29 / 12 / 2007 49 : 11 PM


الساعة الآن 31 : 01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|