عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام
رد: حوار أدبي مفتوح مع وعن الشاعر طلعت سقيرق بمناسبة عيد ميلاده
ياثورتنا امتدي .. امتدي
شعلة غضب ولا ترتدي
أرضي السمرا .. صارت جمرهْ
حجارهْ ونار وغضب وثورهْ
ياثورتنا امتدي .. امتدي
شعلةْ غضب ولا ترتدي
حجر وإيد الشعب الماردْ
شعبي الصامد .. صامد .. صامدْ
ياثورتنا
بكره الفجر بيطلع شدي
ولا ترتدي .. امتدي .. امتدي
إنها الجرعة المأساوية التي أفاضت كأس شاعرنا الكبير طلعت سقيرق ، فجعلت منه شاعرا يمتلك كاريزما شعرية بامتياز .
جرعة الاستلاب والاحتلال والدم والقتل ،ومحاولة تدمير الشخصية الفلسطينية
في هذه الأبيات انتفض شاعرنا بكلمة ذات جمالية ،وبلاغة في التعبير (( أرضي السمار... صارت جمرة )))
وبنبرة تخلخل جذور التناقض والتنافر فيصبح متآلفا ممتزجا من خلال استحضار ثنائية معادلات تعبر عن الألم والمقاومة (((شعلة ، جمره / لا ترتدي ، امتدي )))
وتؤكد الحضور والارتباط بالأرض (((حجارة ، نار/ أرضي ،الشعب )))
وتؤكد على التفاني في حب الوطن والانتماء اللامشروط بالثورة (((امتدي ، شدي ، لاترتدي ))) والتطلع إلى فجر الغد المشرق ، ذاك الأمل الذي عاش في ضلوع الشاعر ، في إبداعه ، يحاوره ويجاوره ، في صمت وعلن ، يأخذه بلا أجنحة إلى أبعد مدى وحدّ.
رد: حوار أدبي مفتوح مع وعن الشاعر طلعت سقيرق بمناسبة عيد ميلاده
[align=justify]بسم الله الرحمن الرحيم
الشاعر الإنسان الأديب الغائب الحاضر طلعت سقيرق...
رحمك الله ياشاعرنا وأديبنا أنت فينا ماحيينا..
لم يكتب الله لنا أن نلتقي يوماً وجها لوجه، ولكننا التقينا بافكارنا وآمالنا وطموحنا عبر صفحات نور الادب وعبر الشبكة العنكبوتية.. كان اللقاء الأول قبل نور الأدب من خلال موقع أوراق 99 وموقع القصة السورية (عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]) وموقع مكتوب عندما جمعتنا فلسطين مع الأخت الغالية الأستاذة هدى نورالدين الخطيب،
لم يكن تعرفي اليك صدفة وانما كان لقاءً مقصوداً لنترجم احلامنا وآمالنا بالعودة الى فلسطين، فمن سماتنا نحن أبناء فلسطين أن لقاءً واحداً كان كفيلا بأن يعود بنا إلى الجذور إلى الأصل ولان فلسطين خلقت الحب بيننا فأزاحت كل الحواجز والألقاب، فمنذ تلك اللحظة عرفنا أننا من نبت واحد وطينة واحدة، وكأننا يعرف أحدنا الآخر منذ زمن بعيد جداً.
لقد حملت وترجمت لنا في أعمالك همّ فلسطين وهي خالدة في وجدان وتاريخ فلسطين، وهي مرجع تحكي قصة الوطن والأرض والعودة، عرفناك بوجدانك الوطني وأدركت من هو الفلسطيني فقلت: ـ أنت الفلسطيني أنت ـ وكتبت كل صنوف الشعر والقصة والمقال، كنت ينبوعاً لاينضب، ومعطاءً بلا حدود حتى وصلت الى مرحلة إنكار الذات، لقد تفوقت حتى على نفسك وأبدعت الجديد في أدبك الراقي حتى أصبحت مدرسة يشار اليها عندما نتحدث عن التجديد. مهما تحدثت عما أبدعته لن أفيك حقك فهو موثق في الكتب والدواوين والمجموعات القصصية والدراسات والمجلات والصحف.
عرفتك كإنسان بكل ماتحمل تلك الكلمة من معان سامية وعلاقاتك الطيبة بعائلتك وعلى وجه الخصوص بوالدتك، كثيرة هي سجاياك، كنت صديقا صادقاً للصغير والكبير، مقبلا على الحياة، هل أتحدث عن بشاشتك وتسامحك أم تواضعك كما تتواضع سنبلة القمح الممتلئة خيراً؟ فكل من عرفك يشهد بذلك، فأنت القنوع الذي طغت طموحاتك الأدبية على كل ماهو مادي في هذه الحياة، عملت بصمت ورحلت بعد مسيرة حافلة بالعطاء وكرست حياتك من اجل فلسطين وكنت ناطقاً بلسان الوجدان الفلسطيني ومعبرا عن آماله وطموحه وستردد وتحفظ الأجيال الفلسطينية والعربية كل ماكتبت. وهذا هو عزاؤنا انك بيننا باعمالك وروحك الطاهرة، الحزن يفور في قلوبنا لرحيلك المبكر والمفاجئ ونعدك باننا على العهد ماضون وهاهي أديبتنا الغالية الأستاذة هدى نورالدين الخطيب تحمل الراية وماضية في الطريق التي تعاهدتما عليها وفاءً لروحك الطاهرة.
ان حزننا هو على فقدان الأخ والصديق، ولكننا نراك محلقا في السماء كروحك بين السحب البيضاء نقية طاهرة.
ذكراك خالدة مادام فينا عرق ينبض، هو عهد من أسرتك في نور الأدب.
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
رد: حوار أدبي مفتوح مع وعن الشاعر طلعت سقيرق بمناسبة عيد ميلاده
سيذكرني النايُ ذات َ مساء ٍ
قريب ٍ.. بعيدْ
سيسرح ُ بالأغنيات ِ وحيدا
ليرعى جميعَ فصول النشيدْ
أدقّ ُ على باب ِ عمري
فيفتح ُ وجه ٌ غريب ٌ
ويسألُ
من أنت َ .. ماذا تريدْ ؟؟..
/ أنا سيدي كنتُ من قبلُ
داخل َ هذا المكان ِ
أنظف ُ بعض َ الحروف ِ
وأقطفُ وردَ الكلام ِ
أعيدُ الصباح َ النديَّ
إلى ضحكة ٍ من صفاء ٍ
وأركض ُ نحو الحكايات ِ
كي ينهضَ السروُ أحلى
وكي أستردَّ الزمان َ الشريدْ /
أدقّ على باب ِ عمري
فيصرخ بي قد سمعتك َ
هل من مزيدْ؟؟..
لقد قلت ما شئتَ هل من جديدْ ؟؟..
/ أنا سيدي أعزفُ الآن صوتي
على سدرة الروح أحكي
لكلّ الذين يريدون وردة عشق ٍ
بأني سأغسل بالشمس ِ بعض الدروب ِ
سأرتدّ نحوي قليلا
وأرسل للزهر دفءَ الوريدْ /..
أدقّ فيصرخ ُ
ماذا تريد لماذا
تدقّ جدار الزمانْ
وما أنت إلا قصائدُ شعر ٍ
تلاشى المكان الذي كنت فيه ِ
تلاشى الزمان ُ
فأيّ زمان ٍ وأيّ مكانْ ؟؟..
/ .. سيذكرني الناي ذات مساء ٍ
ويذكر أنّي
صعدتُ الدروب جميع الدروب ِ
بخفقة ِ قلب ٍ وهمسة ِ فنِّ
وما كنتُ يوما سوى ما أريدْ
زهورا وعطرا وروحا وحبا
وخفقا يضخّ دماء َ النشيدْ
(شعر طلعت سقيرق)
هاجس الموت يسكننا جميعاً .. يسرح في الخيال ويسأل عن أحبة وناس ..
نراه ينظر إلى ما بعد الموت ويسأل هنا:
أدقّ ُ على باب ِ عمري
فيفتح ُ وجه ٌ غريب ٌ
ويسألُ
من أنت َ .. ماذا تريدْ ؟؟..
/ أنا سيدي كنتُ من قبلُ
داخل َ هذا المكان ِ
رد: حوار أدبي مفتوح مع وعن الشاعر طلعت سقيرق بمناسبة عيد ميلاده
طلعت سقيرق لمن لم يعرفه ولمن يعرفه أيضاً هو رجل شفاف .. ودمث الخلق .. وطيب القلب .. وخفيف الظل .. ومحبوب من الجميع ..
طلعت سقيرق كان شخصاً ذكياً .. ومحاوراً ناجحاً .. ولا يحب أن يكثر
من الكلام .. بل كان قليل الكلام , لكن كلماته كانت تنزل في الميزان كما يقولون ..
كان قوي الحجة , وسريع البديهة , ومترفع عن كثير من الأشياء
التي تدور من حولنا .. فلم يكن يحب الخوض في الأمور التي لا فائدة منها ..
ولم يكن يستهويه النقاشات والجدالات التي لا توصل إلى شيء ..
كان واضحاً جداً .. بسيطاً جداً .. عميقاً جداً .. غنياً جداً .. وكان يتعامل
مع الجميع بنفسية مرتاحة جداً .. كان يفتح لهم الأبواب الموصدة
ويسأل عن كل شيء فيه إفادة .. ولا يتأخر أبداً .. وكان دائماً يلطف الأجواء
حين تكون الأمور قد وصلت إلى مرحلة من السخونة والاحتدام..
وأهم شيء كان فيه وخسرته أنا كفلسطينية هو أنه كان صوت فلسطين هنا ولم يملأ مكانه أحد للأسف الشديد ..
رحمه الله فهو شخصية لن تتكرر ..
رد: حوار أدبي مفتوح مع وعن الشاعر طلعت سقيرق بمناسبة عيد ميلاده
أحب أن أعقب على ملاحظتك أستاذة ميساء بخصوص الصوت الفلسطيني وأضيف لها أن الشاعر والكاتب طلعت سقيرق كان متابعا بشكل حثيث للتقويم الفلسطيني بكل أحداثه وأعياده ومناسباته وكأن عقارب وقته تأبى أن لا تكون إلا فلسطينية وكما تضمنت الكثير من قصائده ذكر فلسطين مناطق وطبيعة و ميزات تضمنت نصوصه تتبعا للمشهد الفلسطيني عموما ومواكبة للحركة الشعرية والأدبية بشكل خاص.
تحيتي
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
رد: حوار أدبي مفتوح مع وعن الشاعر طلعت سقيرق بمناسبة عيد ميلاده
[align=justify]
إنساناً حقيقياً لا يمكن أن يجامل حين لا تجب المجاملة
يحترم قلمه ويحترم فكره ويرفض توظيف الأقلام ، وكان يصر على أن الفكر والأدب أوكسيجنهما الحرية .. ولهذا لم ينتسب يوماً لأي حزب أو فصيل ورفض الكثير من المراكز التي يلهث خلفها البعض - بينه وبين المادة بون شاسع - ما كان يغريه شيء ، إلى حد غريب لم يكن يهتم بالمادة .. لم يكن المال والمكاسب المادية تعنيه لا من قريب ولا من بعيد.. ولدي في هذا قصص كثيرة وحكايات سأكتب عنها مستقبلاً في: " طلعت سقيرق كما أعرفه " كان وفياً للصداقة ورابط الدم..
يسألني: هدى هل اتصلت بعمك ؟
هل تواصلت مع أقاربك؟
حتى أقاربي من جهة أمي - أي من ليسوا أقاربه - رباط الدم .. رباط الدم..
رابط الدم وصلة الرحم سلسال مقدس يا هدى ولا يجوز قطعها بأي حال.
قبل بلوغ العشرين من العمر عادة لا نعي أهمية الأشياء والناس إلى حد كبير .. لكنه أصر عليّ ، يجب أن تذهبي معي لزيارة شاعر حيفا حسن البحيري .. كانت زيارة هامة لا أنساها ..خرجت من تلك الزيارة فعلاً ممتلئة، وأعرف الكثير والمزيد عن الحراك الأدبي في حيفا قبل عام 48 - عن أهلي وأقاربي - عن جدي - وبشكل خاص عن عمي الأكبر غير الشقيق لأبي الشاعر بدر الدين الخطيب حفيد الشيخ يوسف النبهاني ( جده لأمه ) - شخصية ثرية كالشاعر حسن البحيري - أثرت روحي بشكل غريب وكان لها تأثير علي لم يزل ..
كان طلعت يحب كثيراً الشاعر حسن البحيري.. وكان محقاً ..
سرعة البديهة وخفة الظل النادرة لدى طلعت كإنسان.. حكايات وحكايات ومواقف..
سأعود للرد والتعليق على ما تفضل به السيدات والسادة
عميق تقديري لكم
مديرة وصاحبة مدرسة أطفال / أمينة سر الموسوعة الفلسطينية (رئيسة مجلس الحكماء ) رئيسة القسم الفلسطيني
رد: حوار أدبي مفتوح مع وعن الشاعر طلعت سقيرق بمناسبة عيد ميلاده
الغالية الحبيبة الأستاذة هدى الخطيب
أهنئك وأهنئ أنفسنا وأهنئ أبناء شعبنا العربي عامة والفلسطيني خاصة بذكرى
مولد شاعرنا العملاق شاعرنا الإنسان بكل مافي هذه الكلمة من معاني ,
وذكراك أخي العزيز والغالي الأستاذ طلعت سقيرق باقية فينا طالما كُتبت لنا الحياة
ولا يمكن لنا أن ننساك , ونعاهدك كأسرة نور الأدب أن نبقى أوفياءاً لك ولنور الأدب
ولتوأم روحك الغالية الأستاذة هدى الخطيب , فنم قرير العين , ورحمك الله رحمة
واسعة وألهمنا الصبر على فراقك .
اسمحي لي غاليتي أستاذة هدى أن أنقل لكم هذا اللقاء الصحفي الرائع مع الراحل
العظيم وفيه يجيب على أسئلة الصحفية نجاح الدروبي , وفي هذا اللقاء يظهر لنا جلياً
انسانية الإنسان وروحه الطيبة المحبة لأهله وأسرته وعشقه لوطنه فلسطين
, وتواضعه وبساطته , وتعلقه وحبه لكل فنون الأدب وخاصة الشعر , إذ يقول : " كيف
يكون شاعراً من لا يكون نبع حب "
لن أطيل وأترك لكم فرصة التمتع بهذا اللقاء الحميمي الرائع .
في حوار مع الشاعر والأديب طلعت سقيرق :
كيف يكون شاعراً من لا يكون نبع حب ؟؟
تواصلي مع ناسي وأهلي هو الوسام الذي يشرفني
حوار : نجاح الدروبي
يكفي أن تطّلع على إبداع الشاعر طلعت سقيرق لتدخل عالما من عوالم السحر والجمال ، وتتعرف على كل ألوان الحب البديع المتوهج من سماء قصائده كألف شمس وشمس ..إنه الفنان المطبوع على المغامرة والتجديد ودخول عوالم مليئة بالمغاير ، وكأن نجوم فنه لا تعرف الأفول ..
أعماله المطبوعة كثيرة وقد توزعت بين الشعر والقصة والرواية والنقد .. كما كتب المسرحيات ذات الفصل الواحد والتي قدم أكثرها على خشبات المسرح ولم تجمع في كتاب ، وله أكثر من ستين أغنية وطنية غنتها الفرق وتناقلها الناس .. وهو رئيس تحرير مجلة المسبار ، وصاحب دار المسبار للطباعة والنشر والتوزيع ..عضو اتحاد الصحفيين في سورية، واتحاد الكتاب العرب .. تناول النقد أعماله الإبداعية في الكثير من الصحف والمجلات والإذاعة والتلفزة .. أجريت معه حوارات كثيرة،من بينها هذا الحوار الذي يطمح لطرح المغاير :
*كيف يقدم الشاعر طلعت سقيرق نفسه باختصار ؟؟
** إنسان بسيط يحاول أن يجد له مكانا ما في هذا العالم المترامي الأطراف ..عملت في الصحافة منذ ثلاثين عاما .. شكلت الحروف أصابعي فأصبحتْ أشجار كلام وأنهار غناء .. لي خمسة وعشرون عملا مطبوعا بين الشعر والرواية والقصة والقصة القصيرة جدا والنقد.. أظن هذا يكفي ..
*ما الثقافات التي اطلعت عليها ولونت بها موهبتك ؟؟
** أولا أنا خريج قسم اللغة العربية في جامعة دمشق ، واطلاعي الواسع كان ومازال على تراثي العربي الغني والرائع وشديد الثراء .. ما تشكل من ملامح الروح والوجدان والإبداع كان وما زال مما هو عربي ، فكان لي هذا الامتداد الذي أحبه وأفخر به .. كانت البيئة الشعبية التي ولدت وعشت فيها مصدرا ثقافيا لا ينضب ، فأنا من مواليد دمشق، ولدت وتربيت وعشت في حي الشيخ محي الدين الملاصق لجبل قاسيون والنابض حتى الشريان برائحة الناس الطيبين .. من يعرف أن يقرأ المكان الشعبي بشكل جيد يختزن ثقافة لا تنضب ..أما من جهة الاطلاع على ما هو غربي فأنا للأسف لا أتقن لغة أجنبية إلى الحد الذي يتيح لي قراءة أدبها ، طبعا قرأت الكثير من المترجم ، هذا نقص أعترف به إذ من الأولى أن أجيد اللغة التي أريد الإطلاع على أدبها ، وإذا صعب إتقان الكل فقد كان مفترضا إتقان الجزء ..
*لا غرو أن الحب يقوم مقام حجر الزاوية في بناء إلهامك .. ماذا منحك هذا الحب وإلام يرمز؟؟
**الشعر دون حب شعر محكوم عليه بالإعدام سلفا .. كيف يكون شاعرا من لا يكون نبع حب ؟؟ من هنا أعترف أن الحب كان في كل جزء من حياتي ومازال .. وبعيدا عما يطيب للجميع أن يقولوه علنا أو همسا من أنني كثير العلاقات شديد الولع بالجمال الأنثوي..أقول إنني أحب بالمعنى الشامل للحب ، ربما كانت أمي ومازالت هي الحب الأكبر في حياتي ، لأنها ببساطة شديدة أروع مصدر للحب ، أمي شكلت ملامح قلبي بحبها الكبير لكل الناس ، علمتني أن أحب دون طلب ثمن لهذا الحب ، أو طلب مقابل ، لذلك يستغرب كثيرون حين أتعامل بحب واندفاع طبيعي للعطاء غير منتظر لأي مقابل ، والبعض يصر على الشك ، على كل هذه مشكلتهم ومشكلة زمن أصبحت المصلحة فيه أعلى من أي قيمة !!..
أيضا زوجتي تعطيني الكثير من الحب والدفء والجمال والألق والروعة وقد كانت ومازالت رائعة في عشقها وحنانها ، يضاف إلى ذلك أخوتي وأولادي وأصدقائي ، أنا محاط بالحب فكيف لا يكون الحب مصدر إلهامي .. مرة سئلت زوجتي كيف تستطيعين تحمل كل هذه العلاقات التي تربط زوجك بالنساء ألا تغارين ؟؟ قالت ببساطة أذهلتني :(( زوجي ليس إنسانا عاديا ، زوجي شاعر ، الإنسان العادي تستطيع أن تحدد حركته أن تضبطها أما الشاعر فصعب ، يصعب أن أضع أنا أو سواي طلعت سقيرق بين اليدين أو في قفص ، إنه طائر يحب اتساع الفضاء ..يحلق ولا يعرف غير التحليق ..ثقتي به دون حدود ، وليس من حقي أن أصادر شخصية عامة لتكون ملكاً فرديا .. هكذا هو الشاعر ))..
*هل عشت حالة لذة في قصائدك ؟؟ ما نوع هذه اللذة ؟ وما درجتها ؟؟
**كل قصيدة تضعني في حالة قصوى من حالات اللذة .. أشعر بلذة الغياب والانطلاق نحو أفق لا يحد ، هناك حالة من حالات الوجد الرائع التي تتملكني وأنا أكتب .. أشعر بأنني طائر يملك من الفضاءات الكثير .. تتملكني حالة صوفية حقيقية..وأجمل لذة في كتابة الشعر أنني أقف حائرا أمام فيضان لا يقاوم ..
*هل يفقد الشعر حسه بافتقاده روح التلقائية في سرد المعاني ؟؟
**هذا أكيد .. الشعر مرتبط بالتلقائية حتى العمق .. حين نريد هندسة القصيدة نقتلها،نطلق عليها الرصاص دون رحمة .. كيف للشاعر أن يكتب الشعر وهو يقيس المسافة بين خطوة وأخرى ، بين صورة وصورة ، إنه الفيضان الذي لا يحد .. الشعر روح تحلق وتنطلق بتلقائية شديدة ..
*هل تنوع الأخيلة في القصيدة يعطي غنى لها أم العكس هو الصحيح ؟؟
**أرى أن الشعر خيال في جزء كبير منه ، الأدب بشكل عام لا ينفصل عن الخيال ، والشعر هو الأقرب إلى الخيال .. أما أن يكون الشعر دون خيال فهذا يعني التحول إلى النظم ، وهو بذلك يترك أرض الشعر الخصبة .. عندي أن الخيال ركن أساس وضرورة ملحة في الشعر .. وتنوع الأخيلة شيء طبيعي إذ يصعب القول بأحادية الخيال ، وكلما اتسع مدى التنوع كلما انبنت القصيدة بشكل أجمل ..
*ليتك تحدثنا عن وقع الشعر في نفسك وعن قصائدك إلى أي مدى تحمل من سمات شخصيتك ؟؟
**صدقيني يا نجاح أن الشعر هو حياتي كلها ، وأن حياتي هي سطر من سطور الشعر في مؤلفه الكبير الضخم ويأتي كل شاعر ليضيف سطرا آخر وهكذا .. يحمل الشعر الكثير من ملامح وجهي أو لنقل إنه المعبّر الحقيقي عن شخصيتي .. أجد نفسي وأنفاسي وأحاسيسي ومشاعري ودفق عمري في الشعر ..
*باعتبارك كاتب رواية وقصة ما الجو المكاني والزماني الذي أجريت فيه أحداث قصصك ؟؟
** لي أربع مجموعات قصصية .. وأنت يا نجاح تضعين إصبعك على الجرح لأنني أفقد تماما الشعور بخارطة المكان والزمان .. لذلك تجدين شخصياتي مأزومة وحائرة ولاهثة في أكثر القصص .. أشعر في كثير من الأحيان أنني أتعب شخصياتي في هذا الدوران الدائم حول الذات الإنسانية ثم الغوص حتى الغرق في مفصل الضاغط النفسي .. وما كتب حول قصصي من أنها قصص تركز على عمق النفس البشرية صحيح .. أيضا هناك تركيز شديد على انفلات حدود العقل ، تجدين في قصصي شخصيات قد تبدو في قمة الجنون كما قد تبدو في قمة العقل والتعقل.. أشير هنا إلى سقوطي في بؤرة الزمن الذي مضى ، أنا شخص يعيش جزء كبير منه في زمن جميل ركض من بين الأصابع وصار في ذمة الماضي ، لذلك ترين هذا الميل الشديد إلى المحافظة على براءة الطفولة ، إنني أتمسك بطفولتي ولا أرضى أي بديل عنها ، هذا طبعا يفرضه الشاعر لا القاص ، لأن الشاعر طفل كبير إلى ما لا نهاية ..
*كيف تودع شخصيات قصصك على الورق ؟؟
**هناك شخصيات أودعها بشكل عادي جدا ، لا أحتاج معه إلى البكاء ، ولا أحتاج معه إلى جيشان المشاعر .. وهناك شخصيات تبقى ملاصقة لي رغم تركها فوق الورق،أشعر أنها تمشي معي في الشوارع ، وأحيانا تدخل بوابة الأحلام لتقول لي أشياء غريبة .. بعض الشخصيات تكون من القوة إلى الحد الذي تريد فيه أن ترسم امتدادا لصورتها التي كانت في القصة .. صعب أن نصف شخصيات القصة بتجرد لأن القصة حياة وحيوية وعالم مليء بالنبض .. أتدرين أحيانا أعشق شخصية ما فأصبح أسيرها لفترة طويلة ، تلك مشكلة ، ولكنها لذيذة .. الشخصيات التي نقتنصها من الحياة ثم نحاول تشخيصها على الورق هي الشخصيات الأصعب لأنها تذكرنا دائما بالأصل ، وقد نكون على علاقة دافئة مع هذا الأصل فأين المفر ؟؟
*ما علاقتك بالنقد ؟ ما هي مواصفات الناقد الجيد وكيف يجب أن يكون نقده كي يدفع بالحركة الأدبية إلى الأمام ؟؟
** أولا كتبي في النقد لا تخرج عن النقد الانطباعي ، وللنقد الانطباعي حسناته وسيئاته ، ربما أن ما فيه من هوى يكفي لإخراجه إلى حد ما من دائرة النقد الذي يبني ، فهو نقد ذاتي شخصي شديد الولع بشعرية النقد ، وهذا ليس من النقد الموضوعي الذي نريده .. أرى أن الناقد الجيد ، والذي لا أمثله ، هو الناقد الموضوعي القادر على الغوص في كل جزئيات العمل الإبداعي ليقدم رؤية تفيد القارئ والمبدع معا ، هو مبدع جديد للعمل ،وهو بنّاء ذو قدرة مدهشة ، وهذا قليل فيما نقرأ من نقد .. ربما أستطيع استحضار أسماء قليلة ، لا داعي لذكرها..لكن في كل الأحوال النقد يحتاج إلى غواص ماهر يعرف كيف يتعامل مع النص الإبداعي..
*مجلة المسبار الثقافية الصادرة حديثا ، أنت صاحبها ورئيس تحريرها ، ما مكانها بين المجلات الآن ؟؟ هل تحقق الهدف المبتغى من تأسيسها ؟؟
** الطموح كبير ، والأمنيات كبيرة ، لكن المجلة ما زالت عند عددها الخامس .. مكانها بين المجلات يصعب أن أقول عنه شيئا محددا، إذ من غير المعقول أن أتحول إلى قادح أو مادح لشيء يخصني ، الآخرون أقدر على فعل ذلك .. كان الهم ومازال أن نحرك بركة ثقافية راكدة .. قلة هي المجلات التي وصلت إلى انتشار واسع وحققت حضورا فاعلا مثل العربي في الكويت ومجلة عمان في الأردن .. الذهنية التي تدير المجلة يجب أن تكون ذهنية ديناميكية ذكية ، لذلك كانت قلة هي المجلات التي وصلت إلى تحقيق معادلة الانتشار وجودة المستوى الثقافي .. دعي الزمن يحكم بالنسبة للمسبار فما زلنا في البدايات ..
*عناوين كثيرة يعلن عنها في الصحافة مثل (( دليل المبدعات العربيات )) (( دليل المبدعين العرب في القرن الحادي والعشرين )) وغيرها طبعا كلها لك .. أين وصلت في هذه المشروعات ؟؟
** أمام جدار مسدود .. لا أعرف لماذا .. ما أفكر به كثير .. لكن الفردية لا تحقق كل شيء .. المبدع إنسان أناني يريد أن يصل إلى الذروة رافضا العمل المشترك ، مثل هذه الأعمال تحتاج إلى مؤسسات ، لكن بقيت الأنانية عائقا .. على كل كتاب ((المبدعات العربيات)) يعمل فيه منذ سنوات وأظن أنه أصبح شبه منجز الصديق الشاعر أحمد دوغان ، ولا داعي لأن أخوض في تجربة أعرف أن هناك من بدأ العمل قبلي بها وهو أقدر مني على إنجازه كونه سبقني في هذا العمل بسنوات طويلة، ما كنت أعرف عندما بدأت أن شاعرنا أحمد دوغان يقوم بعمل كهذا ، وعندما عرفت كان علي بشكل طبيعي أن أتوقف ، وأظن أن كتابه سيرى النور قريبا ، وهو كتاب شامل واسع فيه من الجهد الكثير ، ومن يعرف الأستاذ أحمد دوغان يعرف أنه إنسان دقيق في عمله ، واسع في علمه ..
*هل تصف نفسك ؟؟.. هل أشبعت هذه الكتابات والمؤلفات نفس عاشقها ، أم أن هناك جديدا ؟؟
** أنا شاعر يحب الحياة والناس ، أشعر بالدفء حين تصل قصيدتي إلى قارئ جديد .. خجول إلى حد كبير .. جريء إلى حد مخيف .. الطفولة هي عالمي الوحيد الذي أهرب إليه وأعيشه .. من جهة الأعمال فما أقل ما قدمت ، وما أكثر ما أحلم بتقديمه . طبعا هناك جديد بشكل دائم. ربما يصدر لي ديوان بعنوان ((خذي دحرجات الغيوم )) ومجموعة قصصية بعنوان (( امرأة تسرج صهوة الروح )) .. أقول ربما..
*ألا يراودك حلم نقل أعمالك الشعرية عن العربية إلى اللغات الأخرى للوصول للعالمية ؟؟
** بعض أعمالي نقلت إلى الإنكليزية والألمانية والفارسية ، طبعا بشكل ضيق .. لكن ليس عندي هذا الطموح في الوصول إلى العالمية ، لأن الأهم عندي أن أصل إلى كل مواطن عربي ، لست مولعا بجائزة نوبل وسواها ، من لا يحقق طموحه في وطنه أو يسعى إلى ذلك لا يستحق برأيي أي شيء .. العالمية أن أكون أنا بصدق وشفافية ، العالمية أن يسمعني ابن حارتي أولا ، ابن مدينتي ، ابن وطني العربي ، وبعدها يأتي كل شيء في وقته وبشكل صحيح .. حين أفكر بأبناء بلدي ، وأحقق تواصلي معهم ، أكون قد حققت العالمية التي أريد .. تواصلي مع ناسي وأهلي هو الوسام الذي يشرفني ..