الفتنـة ... والشّيخ ....!
شِعْر: عبد المنعم ـ محمّد خير- إسبير عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
استهــــــــلال
قَصيدةٌ من الواقع الإفتراضي ، نُظمتْ أيام الشّبابِ، ثمّ زِيدتْ " بَعْدُ "ونُقِّحَتْ، لِتَكونَ مزيجاً من حاليْنْ : هَوَى الشّباب ........ وتَقْوَى المَشيب.
وقد ضربْتُ في هذه القصيدة مثلاً تمثـّلَ في رجلٍ تقيٍّ ورِعٍ، تعرّضَ في شيخوخته لفتنة الإسفار والتبرّج ، فقمتً بتصويرِ تفاعلاتها في النفسِ البشريّة ،علّ التي أسرفَتْ في إسفارهـا الفاحش وتبرّجها الفاضح ، تـدركُ كم يكون خطرُ فعلتها كبيراً ،حين تغـزو الفتنة نفوسَ الشبابِ والمراهقين، وتدفع بهم إلى مخاطر ما كان ليسلَم منها شيخٍ واعٍ طاعن في السّنّ، لولا خوفه من الله وتقواه.
إنّ الفتنـة الجنسيـة هي أمّ الفسادِ والإفساد الأخلاقي؛ وهذا مايسعى ( الغرْبُ) إلى تحقيقه في بعض مجتمعاتنا الإسلامية والعربية المحافظة،ويزيّنه لنا على أنّه ( حضارة و تّقدّم) نصف المجتمع الذي تمثّله المرأة (المغلوبة على أمرها !!)، فيما هو الخطرُ الأعظمُ الأساسُ ، الذي يُسبّبُ انهياراً في الذّاتِ الإنسانية ، فتنهار معها مقوِّماتُ الوطن والمواطن ، فلا يبقى (العيـبُ) عيباً بل يحلو عند فاعليه، ولا (الحيـاءُ) حيـاءً ،بلْ يُستهزأ بالحَييِّ من قِبَل ناظريه .
وبمقدار ما تتحرّرُ الأنثى في زماننا الحالي مـن جمالياتِ الحشمةِ، تكون عند دعاةِ( تحرّرِ! المرأة )، امرأةً مميّزة مفضّلة ذات (حضارةٍ وتقدّم!) ؛ هذا التقدّم الذي جعلَ من بعض مجتمعاتنا مستنقعاً خفيّاً وراء حجاب ،يُغطّي سطحـَه زهورُ السوسنِ الجميلة،التي ترنو إليها العيون،ولكنها تَعمى عمّا هو كائنٌ في أسفلها!
القصيـــــــــــــــدة
خَطَـرَتْ بِقـَدٍّ مائسٍ رَيّـــــــــــــانِ ****** في خَطْوِها إيقاعُ عَذْبِ أغــــــــانِ
*
خالَسْتُهـا نَظَري اتِّقاءَ مَغِيبَـــــــةٍ ******وعَصَيْتُ زُهْدي ، طائعاً حِرْمانـــــي
*
فرأيْتُ ما ألْقَـى وَقـارَ تَبَتُّلــــــــــي ******عُرْضاً وأطْلَقَ في الرُّؤىَ شَيطانـي
*
ومَضَتْ مُخَيِّلَتي تُعَرّي خَبْأهــــــا *******وتَطوفُ في قِمَمٍ وفي وِدْيــــــــــانِ
*
ورأيتُهـا تَسْعَـى إلَيَّ تَحَرُّقـــــــــــاً ...........كَفراشَةٍ فـي النّـورِ والنّيــــــــــرانِ
*
وهَمَمْتُ أنْ أجْنيْ حَــرامَ قُطوفِهـــا ..........لكنّ بُرهـانَ الإلـــــهِ حمانــــــــــــي
*
إنّي لأُمْسِكُ عَنْ خَبـيءِ خِبائهــــــــا.......... وَصْفاً ، فِعِفَّةُ أحْرُفـي تَنْهانــــــــي
*
يَكْفي مِنَ الوَجْهِ الجميلِ تَرَنُّمـــــــي .......... شِعْراً .. ولحناً قد شداهُ بيانـــــــي
*
وجْهٌ كصُبْحٍ، قدْ تجمّعَ زَهْـــــــــــــرُهُ........... في المُقلتينِ كَخُضْرَةِ الرَّيْحـــــانِ
*
وجـْهٌ كَفَجْـرٍ ، كانَ أذَّنَ ثَغْــــــــــــــرُهُ............ فتَوضَّـأتْ برُضابِـهِ شَفَتــــــــــانِ
*
وَجْهٌ منيرٌ ، مــــلَّ قيْــدَ خِمـــــــــــارِهِ ............فبَدا بهيّاً ، زانــهُ عَيْنــــــــــــــانِ
*
عينـانِ لو جمَـــعَ الإلــــهُ جمالَــــــــــهُ ...........في المُقلتينِ، بَصُـــرْتُ إنْ أعمانـي
*
ومضيْتُ أنظرُ كالرضيعِ يُطيـلُ فـــــي........... صدرِ الأمومةِ مَنْهـلِ الظمــــــــــآنِ
*
نَفَرَتْ وقالَتْ : قَدْ أهَنْتَ حَضارَتــــي !........... في نَظْرَةٍ لَمْ تَحْتَرِمْ إنسانـــــــــــي!
*
لاتَظْلِميني.. ما أهَنْتُـكِ ، نَظْرَتــــــــي.............. رُشْدٌ ، حَطَمْتُ بِهَدْيهِ أوْثانـــــــــي
*
في ناظِرَيْكِ عَقَلْتُ قارِبَ عِفَّتــــــي .................فَطَبيعَتي تَخْشَى هَوَى القِيْعـــــــانِ
*
ياأنْتِ، يارمزَ( التَّبَـرُّجِ والتّحــرّرِ!) ..................فِكْــرِ سوءٍ قـادَنا لِهَـــــــــــــوانِ
*
ومِنَ الغَرابَةِ ، بَعدُ ، أنْ تتعفّفـــــــي.............. عمّا عَرَضْتِ على شهودِ عِيـــــــانِ
*
لَسْتِ الحَضارَةَ ، أنْتِ صالةُ مَعْـرِضٍ.............. عرَضَ الحِمَى لإهانَةِ الأديـــــــــانِ
*
إنَّ الحَضـارَةَ أُسُّها في بِنْيَةِ (1) الـ................ إنسانِ لا في بُنْيَـةِ (2) العُرْيـــــانِ
*
إنَّ الحَضارَةَ،أُسُّها فِكْرُ الإلــــــ ...... ................هِ ،وليْسَ بنيانـــاً وعُرْيَ حِســـانِ
*
فيكِ النَّقيـضُ؛ تَبَـرُّجٌ وتَعَفُّـــــــــــفٌ ..................لايَستَوي الضِّدانِ في الإيمـــــانِ
*
كونـي كما عَيْنَيْكِ، نـورَ هِدايــــــــَةٍ................... لا نـارَ غَيٍّ فـي أَتـونِ غَــــــــوانِ
*
فالشَّمْسُ نورٌ في مَسارِ حُدودِهــــــا................... والشَّمْسُ إنْ مَرَدَتْ ..لَظَى بُركـانِ
*
فإذا رَجَعْتِ إلى مَسارِكِ، فافتَحــــــي................... لي ناظِرَيْـكِ، ليصطفيكِ جَنانــــــي
*
ولئنْ أطَلْتُ تَبَصّـُري ، لاتُغمضـــــي. ..................عيناكِ في تقواكِ محرابــــــان(3)
*
وصَحَوْتُ مِنْ سَكَري وخِطْءِ تَخَيُّلـي ..................... فوجَدْتُني والتَّوْبُ(4)ذِكْرُ لِسانـي
*
صارَعْتُ فيكِ هَوَىً ولَمْ أُذْعِنْ لـــــــهُ .....................لكنّ ضَعْفي شاءَ لي إذعانـــــــــي
*
هي نــظرةٌ أولى عـــثا شـــيطانُـــــها .....................والنّظرة الأولى قَضتْ خُسرانـــي
*
فحملْتُ وِزْري في تَبَصُّرِ فتنـــــــــــةٍ.................... والوِزْرُ في شيخوختي ضِعفــــانِ
*
ــــــــــــــــــــــــ
(1) بِنيةُ الإنسان بكسرِ الباء : الفِطْرةُ التي خُلِقَ وتخلّق منها .
(2) البُنية بضمّ الباء : ما يبنيه الإنسان .
(3) المحراب (لغةً ) له معانٍ إضافية أخرى ، والمعنى الذي قُصَِده الشاعر
في هذه القصيدة هو الذي ورد في المعاجم :
المُعجم الوسيط ،معجم المنجد ، والقاموس المحيط .
وجاء فيهم مايلي :
المحراب : جمْع محاريب ، هو صدر المجلس /صدر البيت
وأكرمُ موضعٍ فيه .
وجاء في قاموس الصحاح :
المحراب ، هو الغرفة ، مستشهداً بما قاله وضّاح اليمن:
رَبّةَ محرابٍ إذا جئتها لم ألْقَها أو أرتقي سُلّما
(4)التّوب: التّوبة.
*************************************