عملات أثرية .. ثمينة ونادرة
وصلتني دعوة لحضور" المعرض الدولي للعملات الأثرية .. الثمينة والنادرة " .. اندهشت عندما وجدت خانة المُرسِل فارغة .. مما أدى إلى ترددي بعض الشئ لتلبية الدعوة .
ولكن بعد تفكير وتأني , دفعني حب الاستطلاع للذهاب والمشاهدة .. فأنا من محبي زيارة المعارض .. سواء الحديث منها , لمعرفة التطور والتقدم في شتى مجالات المعرفة .. أو القديم ( وهي الأجمل بالنسبة لي ).. للتعرف على تاريخ المقتنيات الأثرية النادرة والثمينة عبر الأزمنة المختلفة .. خاصة العملات الأثرية , وذلك لتتبع الأحداث التاريخية ومعرفة تاريخ الأمم من خلالها .
انطلقت بسيارتي في اليوم المحدد .. وأنا في غاية السعادة و الشغف لرؤية العملات النادرة التي تشدني وتجذبني إليها .
عندما وصلت , وجدت زحام شديد , وصالة العرض تضج بالزائرين والمدعوين من جنسيات وتوجهات وأعمار مختلفة .
دخلت وأخذت أتجول في أرجاء المعرض , وأنا في اندهاش وتعجب وحيرة لِما رأيته وشاهدته !! المعروضات كانت في صناديق زجاجية , مكتوب عليها " ممنوع اللمس " , " للمشاهدة فقط " .
هاهي عملات مختلفة من الذهب الخالص لها بريق خاص يخطف الأبصار .. وعَبق التاريخ أضفى عليها بلماساته السحرية جمال وحلاوة , كُتب عليها الحق والعدل والرحمة والنُبل والتواضع والشهامة .. وعملات فضية رقيقة .. كُتب عليها الصدق والأمانة والشرف والإخلاص , و أخرى برونزية لامعة .. كُتب عليها الحب و الإيثار و الوفاء والعطاء والكرم .
عملات نادرة ضربت وصكت .. منذ قيام الدولة الإسلامية في عهد رسولنا الكريم مروراً بالخلفاء الراشدين إلى أن نصل إلى زمن الرومانسية -الزمن الجميل - زمن انطلاق المشاعر والأحاسيس المتدفقة المليئة بالحب والتسامح .
شاهدت علامات الاندهاش والاستغراب على وجوه الزائرين والمشاهدين .. متعجبين وغير مصدقين .. ومتسائلين بسخرية وتهكم .. هل هذه الصفات والأخلاق كانت موجودة !!
فانتبهت وصُدمت .. أحسست أني تائهة متخبطة وسط الزحام .. وجدت الأرض تهتز من تحتي وتزلزلني .. شعرت بانفعالات وأحاسيس تتصارع بداخلي .. حتى كادت أن تفتك بي .
فهي عملات ثمينة ونادرة حقاً .. ولكنها مع الأسف ليست نقدية بل أخلاقيةومُثل وقيم تربوية ومشاعر إنسانية .
فجأة دق جرس المنبه معلناً ميلاد يوم جديد .. واستيقظت من نومي لأِجد عيناي مبللتين بالدموع .. أخذت أتساءل ..هل ما شاهدته كان كابوس أم واقع نعيشه !!
هل أجمل الصفات والمشاعر والأحاسيس الإنسانية الجميلة والنبيلة التي خصنا بها المولى عز وجل .. تحولت إلى مجرد معروضات في صناديق زجاجية للعرض والمشاهدة فقط !! فهي أصبحت نادرة وغريبة في عصر التكنولوجيا .. عصر بلا قلب ولا مشاعر ولا أخلاق ولا قيم ولا مبادئ ولا ضمير .. عصر مادي مخيف متوحش .. متصارع ومتناطح .. تتحكم فيه المصالح .. سواء الشخصية أو الدولية .
نداءواستغاثة .. بل صرخة إلى جميع المحافل الدولية الحقوقية الإنسانية ..انقذونا قبل أن نتحول إلى أجساد جامدة متحجرة قاسية بلا قلوب حانية .. تحركنا المفاتيح بدلاً من المشاعر والأحاسيس .
ولازلت أتساءل هل ميلاد يوم جديد واشراقة شمس تشع نوراً على الكون .. يعطينا الأمل في ثورة إنسانية أخلاقية داخلية مجتمعية للتبديل والتغيير !!
مرفت شكري