الذبيح الصاعد
شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكريا
قام يختال كالمسيح وئيدا يتهادى نشوانَ، يتلو النشيدا
باسمَ الثغر، كالملائك، أو كالطفل، يستقبل الصباح الجديدا
شامخاً أنفه، جلالاً وتيهاً رافعاً رأسَه، يناجي الخلودا
رافلاً في خلاخل، زغردت تملأ من لحنها الفضاء البعيدا!
حالماً، كالكليم، كلّمه المجد، فشد الحبال يبغي الصعودا
وتسامى، كالروح، في ليلة القدر، سلاماً، يشِعُّ في الكون عيدا
وامتطى مذبح البطولة مع راجاً، ووافى السماءَ يرجو المزيدا
وتعالى، مثل المؤذن، يتلو… كلمات الهدى، ويدعو الرقودا
صرخة، ترجف العوالم منها ونداءٌ مضى يهز الوجودا:
((اشنقوني، فلست أخشى حبالا واصلبوني فلست أخشى حديدا))
.
((وامتثل سافراً محياك جلادي، ولا تلتثم، فلستُ حقودا))
((واقض يا موت فيّ ما أنت قاضٍ أنا راضٍ إن عاش شعبي سعيدا))
((أنا إن مت، فالجزائر تحيا، حرة، مستقلة، لن تبيدا))
قولةٌ ردَّد الزمان صداها قدُسِياً، فأحسنَ الترديدا
احفظوها، زكيةً كالمثاني وانقُلوها، للجيل، ذكراً مجيدا
وأقيموا، من شرعها صلواتٍ، طيباتٍ، ولقنوها الوليدا
زعموا قتلَه…وما صلبوه، ليس في الخالدين، عيسى الوحيدا!
لفَّه جبرئيلُ تحت جناحيه إلى المنتهى، رضياً شهيدا
وسرى في فم الزمان "زَبَانا"… مثلاً، في فم الزمان شرودا
يا"زبانا"، أبلغ رفاقَك عنا في السماوات، قد حفِظنا العهودا
مهداة إلى الأخ العزيز الأستاذ جمال سبع