التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,856
عدد  مرات الظهور : 162,345,749

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > تحرير فلسطين قضيتنا > فلسطين تاريخ عريق ونضال شعب > إسرائيليات > إسرائيليات
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 12 / 08 / 2009, 56 : 07 PM   رقم المشاركة : [1]
د.حسن الباش
باحث / مختص بمقارنة الأديان

 الصورة الرمزية د.حسن الباش
 




د.حسن الباش is on a distinguished road

الأصولية اليهودية بين المستند الأسطوري والاستراتيجية العلمانية للدولة

[align=justify]
من المعروف أن الكيان الصهيوني يجمع في تركيبته السكانية اليهودية أكثر من ثمانين عرقاً ولوناً من اليهود. ومن الطبيعي أن التنوع الكبير حمل تنوعاً دينياً وثقافياً تختلط فيه المفاهيم العقيدية بالمفاهيم الأسطورية والمفاهيم العلمانية الملحدة مع المفاهيم الأمبريالية وما إلى ذلك من مفاهيم.‏

وعندما تتعرض لمفهوم الأصولية اليهودية وعلاقة الأصوليين اليهود بمفهوم الدولة لابد أن نعود أدراجنا قليلاً لنسجل التعريفات والمفاهيم الخاصة التي تميز بعض اليهود عن غيرهم. وخاصة في طبيعة رؤيتهم للعلاقة القائمة مع الحاكمين في الكيان منذ نكبة فلسطين 1948 وحتى الآن.‏

ويمكن لنا في هذا الإطار أن نسلط الضوء على نشأة الأصولية اليهودية وارتباطاتها وما الذي استطاعت أن تفعله أو تلعبه من دور في صنع القرار السياسي في الكيان وذلك عبر تأثيرها القوي في الموقف من الصراع العربي الصهيوني، إضافة لموقفها من الحل الذي تراه لمستقبل الكيان الصهيوني.‏

والواقع أن الأصولية اليهودية نشأت في الإطار الديني منذ أكثر من قرن ونصف ولكنها تجلت كحركة لها تأثيرها القوي بعد عام 1967، أي بعد أن احتلت القوات الصهيونية الضفة الغربية وسيناء والجولان. حيث بات من الواضح أن حاخامات الأصولية اليهودية رأوا في توسع الكيان الصهيوني واحتلاله لأراضٍ عربية جديدة تجسيد الرؤية التوراة وتحقيقاً لنبوءات أنبياء اليهود.‏

وعلى الرغم من تجيير الأصوليين اليهود ما حدث لصالح رؤيتهم الدينية. إلا أن أيديولوجيتهم تحاول إلى هذا الوقت إيجاد المقاربات بين الرؤية التوراتية وبين الواقع السياسي للكيان.‏

وباعتبار أن الأصولية اليهودية تضم عدة تيارات دينية متباينة المستند والتفسير فإنها تقترب أحياناً من الطرح السياسي الصهيوني وتبتعد أحياناً حتى تشكل حالة صدام تتجلى في احتجاجات وصدامات واعتقالات وعمليات تخريب للمتاجر والمؤسسات. ومما لا شك فيه أن الأصولية اليهودية تضم بشكل عام فرقاً وحركات يهودية متناقضة. وفي كل الأحوال فهي متطرفة يلجأ أكثرها إلى العنف. ولكنه العنف الموزع بين العنف المتجه للخارج والعنف المتجه للداخل. أي العنف الموجه ضد العرب، والعنف الموجه ضد اليهود أنفسهم.‏

وفي هذا المنحى يمكن التعرف على فئات أصولية يهودية يعيش أفرادها في الكيان الصهيوني، ولها امتداداتها البشرية في أمريكا وغيرها من الدول.‏

1- الطائفة الحسيدية‏

2- الطائفة الحريدية‏

3- طائفة ساطمر الحسيدية‏

4- غوش إيمونيم (كتلة الإيمان)‏

5- جماعة ناطوري كارتا (حراس المدينة)‏

وتستند الطائفة الحسيدية على الدمج بين المبدأ الشخصي والمبدأ القومي في مصطلح الخلاص وتؤكد أن الخلاص يبدأ بالسلوك اليومي للإنسان الذي يسبق الخلاص الإعجازي وأصبحت فكرة الهجرة إلى فلسطين تجسد العلاقة بين خلاص الفرد وخلاص الشعب وقد ساهمت الحسيدية في تقبل كثير من يهود شرق أوروبا للأفكار الصهيونية ولهذه الحركة أكثر من أربعمائة وأربعين مركزاً في الكيان الصهيوني. وللتوفيق بين نظريتها القائمة على مجيء المسيح المخلص فقد: قامت توافقاً مع دولة الكيان وتحاول هذه الطائفة التقرب من العلمانيين والعمل بينهم. ويؤدي طلبة هذه الفرقة الخدمة في الجيش الصهيوني. وترفع الحركة شعارات (وحدة إسرائيل) وضرورة توحيد الجهود اليهودية ووحدة اسم التوراة، وتقوية التراث اليهودي من أجل وحدة ما يسمى الشعب اليهودي.‏

وتدعو حركة حبد الحسيدية إلى استخدام سياسة قمعية مع العرب وهي تؤيد فكرة أرض (إسرائيل الكاملة). وعلى الرغم من تعاون هذه الحركة مع الحكومات الصهيونية جميعها إلا أنها لا تعترف بدولة (إسرائيل) إذ أنها ترفض إلى الآن الاعتراف بالحدود القائمة، وتطرح شعارات تقول إن دولة إسرائيل هي إسرائيل الكاملة التي أشارت إليها التوراة. وفي عام 1967 دعا الحاخام الأكبر للطائفة المدعو شنيؤورس الدولة إلى الاحتفاظ بالأراضي التي احتلتها تطبيقاً لمفهوم (أرض إسرائيل الكاملة).‏

وقد أعلن الحاخام المذكور عقب حرب1967 (أن على إسرائيل ألا تعيد بوصة واحدة من هذه الأراضي ورأى أنه كان على (إسرائيل) أن تستثمر حرب حزيران بصورة أفضل مما تم. إذ كان يجب عليها أن تشرع فوراً بعملية استيطان واسعة في هذه الأراضي الجديدة، وأن تغزو أراضي عربية جديدة وتحتلها، لأنها ضرورية للمفاوضات المستقبلية ولأمن الدولة).‏

وقد أيد الحاخام شنيؤورس حركة غوش إيمونيم ومشاريعها الاستيطانية في الضفة الغربية وقطاع غزة وقد بعث برسالة تأييد إلى سكان مستوطنة (عشمونا) في رفح هي إحدى مستوطنات غوش إيمونيم جاء فيها (ليبارك الله كل واحد منكم حيث قمتم بالعودة إلى أرض آبائكم واستيطانها. ونعاهدكم أن نسير منتصبي القامة رافعي الهامات، لأننا بهذا العمل نسير وفق تعليمات التوراة الكاملة، التي تفرض علينا المحافظة على كامل التراب ورص الصفوف ووحدة الشعب.‏

والواقع أن حركة حبد الحسيدية وعلى رأسها الحاخام شنيؤورس تساند حركة الاستيطان التي تقوم بها غوش إيمونيم لارتباطها باعتبارات عقدية. إذ أن الحاخام يقتبس من التلمود (سوف تمتد أرض إسرائيل إلى كل البلاد).‏

وبين الطموح الأصولي اليهودي والسياسة المتبعة من قبل دولة الكيان يقع هامش واسع للتعامل بين الاتجاهين. لكن سياسة الحكومات تتبع أساليب أكثر خبثاً وأكثر إنتاجاً على مساحة الواقع. خاصة أنها تفتح باب الاستيطان على مصراعيه وتستولي على أراضٍ جديدة باستمرار، وذلك ضمن خطط استيطانية مدروسة بشكل يؤدي إلى عدم الاختلال الاستيطاني وعدم الإخلال بالرؤية الاستراتيجية (لإسرائيل العظمى) وبينما هي كذلك يلعب الأصوليين اليهود دور المطالب بأكثر مساحة جغرافية تحتلها القوات الصهيونية على اعتبارها جزءاً من (إسرائيل الكاملة) التي تعني أرض (إسرائيل التوراتية) الممتدة من الفرات إلى النيل).‏

ويرى بعض الدارسين أن الحافز المباشر لنشوء الأصولية اليهودية المعاصرة هو حرب حزيران عام 1967. وقد انتهت المرحلة الأولية من تطور الحركة بعد سبعة أعوام عقب حرب 1973 بقيام حركة غوش إيمونيم. وتشكل العقائد الأسطورية الدينية النواة الأساسية لحياة اليهود السياسية. واستناداً إلى هذه العقائد الأسطورية التي استمرت في العقل اليهودي وجدت الأصولية اليهودية المعاصرة طريقها للنشوء المباشر بعد حرب عام 1967.‏

وأهم ما يميز نزعات الأصولية اليهودية العمل الاستيطاني المستمر. فجماعة غوش إيمونيم تنقم من إخلاء مستوطنات في سيناء أو غزة مثلاً. وقد ولّد الانسحاب التكتيكي الإسرائيلي من بعض المستوطنات ردة فعل عند الأصوليين أدى إلى مواقف صدامية وأعمال عنف مما جعل كثيراً من اليهود ينضمون إليها.‏

وعند صعود مائير كاهانا وحركة كاخ إلى السطح بدأت خطوات متسارعة لتصعيد الأعمال الإرهابية ضد العرب من جهة وضد بعض اليهود. وقد رافق ذلك تصعيد واضح في الاستيطان في نابلس والخليل والقدس.‏

وقد صارت الأعمال الإرهابية ضد العرب في المناطق المحتلة أمراً يومياً وشبه شرعي حتى أن الصحافة الصهيونية ذاتها اعترفت أنه بين عامي 1980- 1984 وقع 380 اعتداء على المواطنين الفلسطينيين نجم عنها مصرع 23 مواطناً وأصيب 191 إصابة بليغة وخطف 38 مواطناً. كما وقع 41 اعتداء آخر على المؤسسات الإسلامية والمسيحية وأغلب من نفذها هم جماعة غوش إيمونيم الأصولية اليهودية.‏

وترى غوش إيمونيم أن الصراع مع العرب حول الأرض هو الحقبة الأخيرة والحاسمة في معركة الكيان الصهيوني الدائمة لقهر قوى (الشر) العربية المعادية. ونظرة هذه الحركة للفلسطينيين يحكمها رفض الإقرار بأية علاقة حقيقية بين الفلسطينيين أو أية جماعة إنسانية أخرى غير اليهود وبين أرض (إسرائيل) لأن مثل هذا الإقرار يتناقض مع النبوءة القائلة (إن أرض إسرائيل) أرض الميعاد سوف تلفظ أي شعب آخر يحاول العيش فيها.‏

وتلتقي أفكار حركة غوش إيمونيم مع الحسيديين والحاخام شنيؤورس في تبني إقامة حكم اليهود على أرض (إسرائيل) الكاملة. لكن طرح هذه الحركة أمرٌ والتعامل مع سلطات الكيان أمر آخر. حيث توفر (السلطة كل الإمكانات للاستيطان اليهودي في حين أنها لا ترفع سياسياً شعار (إسرائيل) الكاملة إنما ترفع شعار (إسرائيل العظمى) كما سبق وأشرنا.‏

الأصولية اليهودية في المواجهة العكسية‏

لقد كان واضحاً أن المشروع الصهيوني عندما طُرح على اليهود ارتكز على مقولات توراتية حتى يضمن اليهود الأصوليين وكافة الحركات اليهودية الدينية. إلا أن تعدد الاتجاهات الدينية اليهودية وكذلك تعدد المذاهب والتفاسير لمقولات التوراة جعلت من بعض الحركات الأصولية اليهودية مناقضاً للمشروع الصهيوني. وهذا التناقض نابع من الاستناد إلى تفسيرات دينية خاصة. قد تخالف في ظاهرها المشروع الصهيوني ولكنها تتجاوب مع أجزاء منه في جوهرها.‏

ولعل الأكثر بروزاً من بين تلك الحركات والمذاهب، الطائفة الحسيدية (الأتقياء) وهي حركةُ مغالية في التشرد وتكفر الدولة والحركة الصهيونية. بل إنها تعادي الأحزاب الدينية الأخرى التي تشترك في الانتخابات وتتعامل سياسياً مع السلطة الحاكمة مثل حزب (أغودات إسرائيل) أو الحزب الديني القومي.‏

وأهم ما تؤمن به هذه الطائفة بأن إقامة الدولة الصهيونية قبل قدوم المسيح المنتظر إنما هو عقاب خطير من الله. وأن الكنيست (البرلمان في الكيان الصهيوني) تدنيس لأوامر الله وإهانة للتوراة لأن قانونه يناقض شريعة موسى.‏

ولا يعني رفض الحريدية للمشروع الصهيوني رفضاً لقيام دولة (إسرائيل) إنما تسعى هذه الطائفة إلى ما يقوله من غسل (إسرائيل) وتنظيفها من شوائبها الصهيونية وجعلها تتطور في اتجاه حكم التوراة(2) الذي لن يتم إلا عن طريق تطور سلمي على غرار ما حدث للشيوعية في الاتحاد السوفياتي. تسقط فيه كل أوثان الصهيونية العلمانية الكافرة لتصبح شريعة التوراة هي المرجعية الأولى للحياة في (إسرائيل) ومن أكبر جماعات الأصولية اليهودية جماعة ساطمر وهي طائفة حسيدية. ولها فروع في أمريكا وفي كثير من الدول عدا الكيان الصهيوني.‏

ولهذه الجماعة نظرة خاصة بها حول الأراضي وإقامة دولة اليهود. فهي ترى أن انتصار اليهود عام 1967 على العرب ينطوي على معجزة ولكن هذه المعجزة جاءت لتدفع العلمانيين للصحوة والعودة إلى الله باعتبارهم كفار. وليس الانتصار هو مساعدة من الرب، لأن هذا الشعب على قول حاخام الطائفة هو شعب من المارقين عن الدين ولا يستحقون مساندة الرب لهم. ويعود عدم تواجد أتباع ساطمر بشكل كبير في الكيان الصهيوني إلى معاداتها للفكرة الصهيونية. ومحاربتها للبدع التي يصنعها بعض الجماعات الأصولية اليهودية الأخرى مثل جماعة حبد التي يتزعمها الحاخام العنصري مندلي شنيؤورس وكبقية الأصوليين فإن جماعة ساطمر وغيرها من الرافضين للصهيونية يرون بأن شعب (إسرائيل مازال مغضوباً عليه في المنفى. وأنه لا معنى للصهيونية أو لدولة (إسرائيل) لأن وجودها تمرد على الله. وكما تقول جميع مدارس الحريديم والحسيديم وبقية الأصوليين اليهود فإن دمار الهيكل الثاني في عام 70 ق. م ليس مجرد مأساة تاريخية وإنما عقاب إلهي لشعب (إسرائيل) إشارة من السماء إلى أن اليهود لا يستحقون دولة خاصة بهم. ويقولون إنه من خلال التوبة واتّباع الوصايا الحقيقية لن تحدث إلا مع قدوم المسيح المنتظر الذي سيخلص اليهود من بؤسهم وآلامهم ويرى الحارديم أن الصهيونية كانت منذ تأسيسها في أوائل القرن التاسع عشر ثورة مباشرة على الله وخطيئة دينية من الدرجة الأولى. ويضيفون أن الله قد أوضح لشعبه أن عليهم أن يصبروا إلى أن يقرر الوقت الذي يتجمعون فيه وأن عليهم ألا يثوروا على أي دولة وألا يقيموا أي مستوطنة يهودية في أرض (إسرائيل) وإنما يمكن لهم فقط أن يموتوا في فلسطين ويُدفنوا من دون أن يحق لهم إقامة دولة.(3)‏

ولعل حركة ناطوري كارتا (حراس المدينة) من أصغر الحركات الأصولية عدداً أو من أكثرها تشرداً تجاه الصهيونية والدولة.. فحتى أواخر الستينات نجحت هذه الحركة في إقامة جيب ثقافي وجغرافي لها على حدود القدس الشرقية. وهذه الإقامة في أحياء مثل مياشياريم ضمنت للحارديم بشكل عام عزلة تامة عن القدس العلمانية. وقد انهار هذا الترتيب بعد حرب 1967 حيث أن الحي الذي سيطر عليه الأصوليون كان لابد من نقله شمالاً باتجاه خط الهدنة القديم وذلك بسبب خطط ضم القدس الشرقية. وأخذت تحيط بهم الأحياء العلمانية الاستيطانية.‏

أما مفهومهم لأرض (إسرائيل) فإنه يقوم على معتقدات وتفسيرات توراتية خاصة. فهم يرون أن إقامة دولة (إسرائيل) كفر وحرب على الله. وأن كل ما تنتجه الدولة العلمانية نجس يجب عدم التعامل معه. وعلى اليهود أن ينتظروا قدوم المسيح المنتظر ليقيم الدولة الإسرائيلية المؤمنة.. فالمسيح بنظرهم هو وحده المخول بإقامة دولة (مملكة إسرائيل) وتعتبر مركز ناطوري كارتا أن الصهيونية انتهكت العهود الثلاثة التي قطعها اليهود للرب قبل خروجهم إلى المنفى وهي ألا يسببوا الألم للأغيار الذين يقيمون بينهم وألا يحاولوا احتلال أرض (إسرائيل) بالقوة وألا يستعجلوا الأمور. وترى ناطوري كارتا أيضاً أن استقلال (إسرائيل نقض أسس قوانين الشريعة، لذا رفضت الاعتراف بالدولة وقوانينها وقد عاصر حاخام ناطوري كارتا احتلال الضفة وقطاع غزة وقد أصدر وقتها أمراً بمنع أتباع الطائفة من الذهاب إلى هذه المناطق حتى لو كان الهدف هو زيارة الأماكن المقدسة.‏

وأهم ما في أفكار هذه الطائفة أنها تدعو اليهود للهجرة من فلسطين إلى الخارج. وأن أبناء الطائفة يعتبرون أنفسهم فلسطينيين. ويقول في ذلك الحاخام هيرش وهو سكرتير الطائفة (نحن الحريديم نعرف أنفسنا كيهود فلسطينيين. فالقَسَم المقدس يجبر الشعب اليهودي على عدم السيطرة على البلاد المقدسة أو أي بلاد أخرى) ويعتقد هيرش أنه بإمكان اليهود أن يعيشوا ويربوا أبناءهم في ظل الدولة الفلسطينية حسبما يريدون. ويقول نحن لا نزور حائط المبكى أو البلدة القديمة أو منطقة أخرى جرت السيطرة عليها بالقوة لأن ذلك يعتبر تجازاً)(4).‏

وعلى الرغم مما يظهر من تناقضات أحياناً وصدامات دينية أحياناً أخرى بين الأصوليين والدولة والأصوليين وأمثالهم فقد استطاعت الحركة الصهيونية ورغم اتساع التنوعات الفكرية أن تصل إلى لغة مشتركة بين العلمانيين والدينيين وأن تكسب جناحاً من اليهود التقليديين في داخلها. وقد لعب هذا الجناح الديني دوراً مهماً في بداية الحركة الصهيونية في تشجيع هجرة الدينيين إلى فلسطين كاحتياطي إنساني يشترك في الحركة الصهيونية(5).‏

ومما يؤكد ارتباط العلمانيين بالأصوليين في هذا الاتجاه أن المعسكر العلماني استفاد جداً من المقولات التوراتية بشأن الأرض حتى أن بن غوريون العلماني والذي لا يؤمن بإله يعتبر أن العهد بين الله والشعب الذي منح الخالق بمقتضاه الشعب (أرض فلسطين المقدسة) كانت بمثابة الأسطورة الشعبية لديه. وكان يهمه جداً أن تكون هذه الأسطورة مغروسة في الوجدان اليهودي. ولذلك يجب أن تكون سارية المفعول حتى بعد أن ثبت أن الوعد المقطوع هو مجرد أسطورة شعبية ليس لها أي مصدر إلهي. وهكذا ارتكزت هذه الرؤية على أن الدين اليهودي هو التعبير عن الإجماع ولذلك فإنها لا ترى ضرورة لإثارة ما إذا كانت التوراة من أصل سماوي أو أرضي ما دامت تعبر عن هذا الإجماع الذي يجب أن يبقى ساري المفعول.‏

ويتضح أنه في سبيل قيام (دولة) لليهود يجب على العلمانيين أن يضحوا بكل أفكارهم الإلحادية من أجل إرضاء اليهود الأصوليين باعتبارهم يشكلون رصيداً بشرياً للدولة ويلتقون بالمحصلة معهم في إنشاء دولة تجمع كافة اليهود.‏

وبالمقابل فإننا نجد أيضاً أن الأصوليين اليهود قد طوروا من عقليتهم بحيث أصبحت الحركة الصهيونية مقبولة لديهم. ويعتبر الأصوليون مدنّسي يوم السبت من العلمانيين والكافرين بالعقيدة اليهودية معبرين شرعيين عن العودة إلى صهيون. وعن شريعة توطين فلسطين وأن المشروع الصهيوني يمكن اعتباره بداية الخلاص وبتعبير آخر فإنه كما أن القومية العلمانية رأت في الدين تعبيراً عن روحها فإن الأصوليين اليهود رأوا في الصهيونية العلمانية تعبيراً عن اليهودية التقليدية.‏

وتخلص بنتيجة بأن اليهود جميعاً لا يختلفون حول مبدأ احتلال الأرض وإقامة دولة (إسرائيل) التوراتية أو العلمانية أو غير ذلك من الأوصاف. ولعل من يراهن على هذا الطرف أو ذاك فإنه واهم وهو كمن يراهن على سراب.‏

فلا تجد من بين الأطراف اليهودية من يرفض قيام دولة، تجمع اليهود. ولا تجد من لا يطالب بترحيل الفلسطينيين من أرض فلسطين، ولن نجد من يتخلى عن القدس كعاصمة يهودية أبدية لكافة طوائف اليهود وحركاتهم الدينية أو العلمانية.‏

مراجع تمت الاستفادة منها:‏

1- إيان لوستك. الأصولية اليهودية. شحنة متفجرة تهدد العالم. مجلة الشاهد العدد 86- 1992‏

2- رشاد عبد الله الشامي. القوى الدينية في إسرائيل ص307. عالم المعرفة العدد 186‏

3- إيهود سبرينزاك. الأخ ضد أخيه (العنف في إسرائيل من أتاليا إلى اغتيال رابين ص1 1994‏

4- رشاد عبد الله الشامي القوى الدينة في إسرائيل ص324‏

5- المرجع السابق ص35.‏

[/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
د.حسن الباش غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المستند الأسطوري والاستراتيجية العلمانية للدولة، الأصولية اليهودية


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
’’الشمعدان’’.. الرمز الأسطوري اليهودي مازن شما إسرائيليات 0 25 / 09 / 2014 29 : 04 AM
التناقضات اليهودية ـ اليهودية، والصهيونية ـ اليهودية.. مازن شما اعرف عدوك 5 03 / 11 / 2012 36 : 08 PM
هدوبة : قصيدة ملحونة حسن الحاجبي فضاءات الزاجل والنبطي والشعبي 11 02 / 06 / 2012 33 : 01 AM
التهمة: منافس للدولة نبيل عودة الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 2 19 / 08 / 2011 19 : 11 PM
سياسة الانبطاح المِثلي لبعض الأكاديميين والأدباء والكُتَّاب العرب تحسين الأدب الساخر 2 26 / 08 / 2009 05 : 09 AM


الساعة الآن 33 : 11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|