[د. ناصر شافعي]

ثقافة الإنترنت بين المزايا والمخاطر

د. سيد دسوقي:
ثقافة الإنترنت تعاني القرصنة عدم والتأهيل وقلة المصداقية.

د. سامي الشريف :
هل ستكون الثقافة الإلكترونية هي لغة المستقبل.

د. إبراهيم أبو محمد :
معظم الشباب العرب يستخدمون الإنترنت بدوافع غير ثقافية بالمرة.

والقارئ والناشر والمثقف العربي..أصبحوا في مأزق يتناوبه كل منهم،ومن جراء هيمنة ثقافة الصوت والصورة بفعل الفضائيات الغزيرة البث التي زاحمت ثقافة الكلمة المكتوبة والمقروءة إلى حد كبير..خاصة مع ما تملكه هذه الفضائيات من إغراءات نفسية وفكرية واجتماعية ..الأمر الذي حدا بالثقافة المكتوبة إلى الزحف إلى ميادين أخري ..أهمها وأوسعها " النشر الإليكتروني"..كبديل معاصر للثقافة الورقية التقليدية ..وبالطبع ..لا تخلو مغامرة من مخاطرة ..نتبينها من هذه الجولة الثقافية ...بين الناشرين والكتاب وكبار المثقفين.

بداية يؤكد الدكتور سيد دسوقي حسين أستاذ هندسة الطيران بجامعة القاهرة :
أن النشر الإلكتروني هو أن الوسائط المعروفة المعاصرة الشديدة الآنية والمفعولية التي لابد من الاستفادة القصوي منها، وهي تتناسب مع الظروف المعيشية التي نحياها من ضيق الوقت وزيادة النفقات، وحتمية الثقافة المعلوماتية الواسعة والمعمقة بشأن الكثير من القضايا التي تترامي أطرافها ومفرداتها في جنبات العالم هنا وهناك..مما يجعل الإحاطة بها غير مكنة إلا عبر البوابات العالمية المفتوحة ..ولا يعني هذا أبدا إلغاء أونسخ الثقافة الورقية لأنها العماد الأول والحجر الأساس للثقافة الإلكترونية.

بل إنني أرى أنها تعمق الإفادة من الهدف النهائي للثقافة الورقية وتعلي من قيمتها ولكنها تحل مشاكلها وتوسع دوائرها وتيسر لها تحقيق أهدافها ذلك عند الناشر الحقيقي أو القارئ أو المثقف الحقيقي.

ويضيف د. سيد دسوقي :
ولكن هذه الدوائر الثقافية الواسعة للنشر الإلكتروني تلقي في الوقت ذاته بعشرات من علامات الاستفهام، وأحيانا علامات التعجب حول القرصنة وأساليب الغزو ومدى المصداقية والتمويل ..والتأهل المعرفي لهذه الثقافية ولكن علينا أن نعلم أن 40 % من القراء أصبحوا يستخدمون الإنترنت كما نشر ذلك مؤخرا اتحاد الصحف العالمي.
مزايا وأخطاء.

فيما يرى أ.د سامي الشريف وكيل كلية الإعلام:
أن الثقافية الإلكترونية أصبحت بالفعل تستحوذ على اهتمامات القراء، وشغفهم وتحتل مكانا بارزًا بين اهتماماتهم ..وعلى سبيل المثال..ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلا، تراجع متوسط التوزيع اليومي للصحف في الأشهر الستة الأخيرة من عام 2005 إلى 15 ،45 مليون نسخة من 46.25 مليون نسخة من نفس الفترة من العام السابق، بسبب التزايد في قرءاة الصحف الإلكترونية وفي إحصائية حديثة صدرت من مؤسسة إنترنتوورلد ستانس على موقعها على الإنترنت وأوحت أن عدد مستخدمي الشبكة المعلوماتية زاد على المليار مستخدم من أصل 6.5 مليار هم سكان العالم.

ويضيف د. سامي الشريف:
أن منطقتنا العربية تشهد نموا متسارعا في نسبة المستخدمين ..فخلال الفترة من عامي 2000 – 2005سجلت نسبة مستخدمي الشبكة العالمية في العالم العربي نموا بنسبة 454 % فيما كانت النسبة علي مستوي العالم 182% فقط.

وحول الفائدة والمفعولية الثقافية للنشر والتثقيف الإلكتروني يقول خبير البرمجيات محمود المراكبي :

إن الإنترنت يخلق مساحة كبيرة من التفاعل بين المرسل والملتقي ،أو بين المتلقين أنفسهم أو المرسلين أنفسهم ،حيث يفتح مساحات واسعة من النقاش حول موضوع معين، بدون تكلفة كالاتصال بالهواتف ،أو إرسال فاكسات.

فتكلفة المشاهدة هي نفسها تكلفة التثاقف والتفاعل، وعلاوة على ذلك أصبح الإنترنت والبريد الإلكتروني وسائل تفاعل بين الوسائل الإعلامية الأخرى، كالصحف والإذاعات والتليفزيون كما أنه يتيح للوسيلة الإعلامية الواحدة استخدام أكثر من وسيلة إعلامية أخري وهوما يطلق عليه Multimedia وهي عبارة عن نقل المعلومة بعدة وسائل ووسائط مثل النص والصوت والصورة والرسوم المتحركة ..ومن ثم إتاحة الفرصة للقارئ لاستخدام أكثر من حاسة..مثل السمع والبصر وأحيانا اللمس فهو يستطيع أن يرى ويشاهد ويسمع ويقرأ ما يحب..في عملية سريعة ومتكاملة..وهي أمور كانت مستحيلة من قبل.

قوانين وأخلاقيات المهنة:

لكن الدكتور محمد كمال إمام أستاذ بحقوق الإسكندرية :
يرى أن صحافة وثقافة الإنترنت لا تزال، في المنطقةالعربية ، غامضة قليلة المصداقية وذلك بسبب هلامية المصادر المعلوماتية بها، وسطو المواقع بعضها على بعض، وتعرضها بصفة عامة لقرصنة ..وأن مشرعي القانون لم يوجدوا حتى الآن قوانين أو تشريعات خاصة وواضحة بالنسبة للإنترنت ،وحتى على المستوى المهني حتى الأن لا يعد صحفيو الإنترنت صحفيين تعترف بهم نقاباتهم المهنية..كل ذلك بسبب عدم وضوح الإطار القانوني الذي يعملون من خلاله حيث لا يعاملون بنصوص القوانين والتشريعات المنظمة للعمل الصحفي حتى إنها جميعا حتى الآن..لا تخضع لأي ميثاق شرف خاص بها، بحيث تلزم به صحفييها اوتتعامل به مع جمهورها..لذلك فهي صحافة وثقافة مبهرة،ولكنها تحتاج إلى الكثير من المصداقية والأخلاقية والتأطير القانوني الذي يعد اللبنات الأولى لبناء أية ثقافة صحيحة.

أما المفكر الإسلامي أ.د إبراهيم أبو محمد رئيس المؤسسة الأسترالية الثقافية الإسلامية :
فيرى أن الثقافة الورقية في البلدان العربية ، مازالت تتفوق على الثقافة الإلكترونية لما تتمتع به من مصداقية ومهنية وحرفية ، وتمتعها بنوع من الحميمية بينها وبين القارئ ..إلى جانب أن اكثر مستخدمي الإنترنت في المنطقة العربية من الشباب..ومعظمهم يستخدم الانترنت لدوافع غير ثقافية بالمرة.

ويضيف د. إبراهيم:
إذا كانت الدراسات الصحفية الغربية قد حددت عام 2018 ليكون العام الأخير بصدور صحيفة ورقية مطبوعة ، وأن باعة الصحف أو الكتب سوف يختفون من أرصفة الشوارع والمكتبات لتحل محلها شاشات الكمبيوتر، فإن هذه الدراسات ـ لو صحت ـ تبقى صالحة للدول الغربية فقط، أما أن يحدث هذا بالنسبة للمنطقة العربية،فإنه شبه مستحيل بالمرة.

ولأن النشر الإلكتروني العربي مازال بعيدًا عن مجالات هذه التقنية، التي يخشى أن تجعل الثقافة العربية بعيدة عن التأثير والتأثر..يرى..د.خالد عزب ، المدير الثقافي بمكتبة الإسكندرية أن الوسيلتين (الورقية ـ الالكترونية) لا غنى لبعضهما عن الآخر، فلكل منهما مزاياها وعيوبها..لكن الثقافة في النهاية تبقي هذه الكلمة أو الفكرة أو المعلومة، أو النمط الحضاري المعاشر والذي يمكن للفرد أن يتمثله ويستدعيه ويحياه ..إضافة إلى الغموض الشديد في مفهوم حقوق النشر والملكية الفكرية فالملكية الفكرية في الإنترنت هي ملكية السبق لا ملكية الصدق..ولعنا هنا نستدعي المثل العربي _ الشهير الحق لمن صدق لا لمن سبق..وهناك العشرات بل المئات من الأسئلة القانونية والأخلاقية، التي لم تجد لها إجابة حتى الآن بخصوص النشر الإلكتروني..ويجب علينا انتظار الزمن الذى سيكون العامل الأساسي في بلورة المفاهيم الجديدة الحاكمة وتشكيلها لهذا النمط الثقافي الشديد التطور والتقدم، بحيث تتناسب هذه المفاهيم والقوانين مع متطلبات عصر الثقافة الإلكترونية للتعامل الفكري السليم ، عبر معايير سليمة لبناء ثقافة سليمة بعيدة قدر الإمكان عن الملوثات والشوائب.

أتحاد الناشرين الإلكترونيين العرب:
وتبقى الحاجة في النهاية ملحة إلى إنشاء اتحاد عربي للناشرين الإلكترونيين يعمل جنبًا إلى جنب مع أتحاد الناشرين العرب كما يؤكد ذلك شيخ الناشرين رشاد كامل كيلاني في أنه لابد من تعزيز حركة النشر والاستفادة من التقنيات الحديثة وضرورة وضع الاستراتيجيات والأطر القانونية الحاكمة لمثل هذا النشاط الثقافي المرتقب، خاصة مع وجود أزمات النشر الحالية المستسهلة ، مما يعيق عمليات النشر الكبرى الخاصة بالأعمال العلمية الجادة والمتخصصة والموسوعية ،ولكننا نأمل ألا يكون نسخة إلكترونية من عيوبنا الثقافية المعاصرة.

=============
المصدر: مجلة التبيان العدد (32 )