بين الماغوط ورفاعية
[align=justify]
كتب الأديب ياسين رفاعية عن النصوص الأخيرة التي تنشر في «تشرين» للأديب محمد الماغوط، ورأى أنها تسيء لمستوى الماغوط الأدبي، لأنها نصوص ضعيفة لا ترقى بأي شكل من الأشكال لكتابات الماغوط التي أصبحت جزءاً من ذاكرة الأدب العربي الحديث... ولم يكن رفاعية متجنياً أو متحاملاً بأي شكل من الأشكال، بل يمكن القول بكل بساطة إنه أصاب كبد الحقيقة ووضع الأصبع على جرح يكاد يعم بين الكبار.. إذ من غير الممكن أن نؤثر الصمت في حضرة الأسماء الكبيرة استناداً إلى تاريخهم الأدبي العريق!!.. ظناً منا أن هذا التاريخ يعطيهم القداسة ويحميهم من أي نقد مهما كان!!.. ومن هذا المنطلق انبرى عدة أدباء للدفاع عن أدب الماغوط ومهاجمة رفاعية دون إعطاء مبرر واحد لكل هذه الزوبعة!!.. ودون التوقف عند النصوص التي كانت مثار نقد رفاعية.. وظني أن هؤلاء الأدباء انحازوا للشخص لا لمستوى الأدب الذي يكتب، وكأنهم أرادوا أن يقولوا لنا إنه الماغوط ولا يجوز أن يهاجم أي شيء يكتبه، فهو فوق النقد!!..
المنصف والمحب للماغوط ولأدبه ولحضوره الثر الغني في ذاكرة الأدب العربي الحديث، سيرى أن نصوص الماغوط الجديدة في «تشرين» تسيء له ولتاريخه ولحجمه الأدبي ولحضوره الفذ!!.. فالرجل يكتب نصوصاً لا يمكن أن تكون نصوصاً ماغوطية إن صحت النسبة.. لأننا نعرف أن الماغوط صاحب تاريخ أدبي يضع بصمة فاعلة ومؤثرة، فكيف نرضى بصف الكلام الذي يأتي كيفما اتفق، وكأن طفلاً هو الذي يكتب!!.. وإن كنا محبين، وكلنا كذلك، للماغوط فعلينا أن نقول كفاك يا سيدي، فما قدمته من روائع يكفي، ولست بحاجة إلى الجديد إن كان هذا الجديد على هذا المستوى الضعيف!!..
بصدق كنت أتمنى ذات يوم، أن يكون المقربون أو القريبون من نزار قباني صادقين، ليقولوا له في سنواته الأخيرة: «ليتك تبتعد عن الكتابة الشعرية الآن فما قدمته يكفي»!!.. لأنني كنت أقرأ شعراً لا يتناسب مع تاريخ نزار الشعري.. الرجل كان عملاقاً في الشعر، وحرام أن يكتب جديداً لا يكون بمستوى هذه الكتابة!!.. لكن ربما لأنه نزار، ولأن المبدع عندما لا يقبل كلام أحد، فقد ترك له الحبل على الغارب ليكتب ما يكتب.. وهي أشياء لا تعبر عن تاريخ نزار قباني بأي حال!!..
ياسين رفاعية اعترف وقال بمكانة الماغوط الأدبية، وسجل ببصمة عريضة أن الرجل من الأسماء الأدبية الهامة.. لكنه بكل بساطة رأى إلى هذه الهوة الكتابية التي يجر إليها الماغوط فأطلق صرخة حب في وجه الإساءة، ولم يكن مخطئاً.. وحين تكون أي كتابة مشيرة إلى الخطأ فعلينا أن نحترمها لا أن ندافع عن الخطأ ونهاجمها دون أي وعي أو تبرير منطقي!!.. فالقلم أمانة وشرف، وليس من باب «حبك الشيء يعمي ويصم»!!.. علينا أن ندافع عن الخطأ في الأدب الذي يسيء لكاتبه قبل أن يسيء للآخرين.. وكما قدمت فمحمد الماغوط اسم كبير وياسين رفاعية اسم كبير، ومن غير المنطقي أن نأخذ في كيل الاتهامات لأديب مثل رفاعية فقط لأنه قال كلمة حق!!.. وليس من المفيد أو المجدي أن نحول الأمر كله إلى معركة شخصية بين علمين.. إذ كل منهما بغنى عن الإساءة من باب الإساءة ليس إلاّ!!.. والشاهد الحاضر هو النصوص التي يكتبها الماغوط، فهي حاضرة بقوة لتقول عن نفسها ما قاله ياسين رفاعية متهمة من هاجموا رفاعية بأنهم يريدون حجب الشمس بغربال!!.. أو على ما يبدو فقد أرادوا استغباء القارئ الذي يستطيع أن يفرق بين الغث والسمين ببساطة.. ولا يستطيع أي كاتب أن يغطي تلة بحفنة رمل!!.. إنها الحقيقة فلنتعود على قولها مهما كان الثمن..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|