توهج التجربة
[align=justify]
قرأت في أخبار الأدب ( العدد 639- 9/10/2005 ) قصائد جديدة للشاعرة المصرية المعروفة فابيولا بدوي التي تقيم حاليا في فرنسا .. طبعا ليس حدثا وطنيا ولا قوميا ولا عالميا أن نقرأ جديدا لشاعرة أو شاعر في زمن صار فيه ركام الشعر اكثر من الهم ّ على القلب ، وما أكثره في هذه الأيام - الهم وهذا الشعر معا!!-.. وليس مطلوبا منا أن نطبل ونزمر ونقيم دبكة على شرف ديوان جديد يصدر في وطننا العربي ، إذ ما أكثر الدواوين التي صارت تصدر مع طلوع كل شمس وغروبها ، وكأننا نفرّخ شعرا في هذا الزمن الحافل بما هبّ ودبّ من أمور كلها هامة ، وكلها ويا للعجب ،كيفما استدرنا، تتعلق بنا عربيا وإسلاميا وشخصيا!! حتى صار الواحد منا يستيقظ ويبحلق في المرآة نصف ساعة ليتأكد من الخروج إلى الشارع بسحنة متوازنة لا تجعله متهما بالإرهاب !!.. فالعربي متهم حتى وإن ثبتت براءته !!..
كنا في الشعر فصرنا فيما يقف له شعر الرأس استهجانا واستغرابا !!.. المهم أنّ الصديقة الشاعرة فابيولا بدوي بصدد إصدار ديوان جديد في فرنسا ، وما نشرته "أخبار الأدب" من قصائد ،جزء من هذا الديوان على ذمة الروائي المبدع والجميل جمال الغيطاني ، فهو رئيس التحرير ، ورؤساء التحرير كلامهم على الرأس والعين.. كل هذا لا دخل له بالعنوان الذي وضعته للزاوية ، وأنا أطيل فقط قبل الدخول في الموضوع لأن الشاعرة فابيولا لم تعد تراسلني منذ مدة ، وأريد أن أغيظها ، خاصة عندما أتذكر أنها كتبت إهداء جميلا لي عندما أتحفتني بنسخة من "رباعيات صلاح جاهين " فقالت في هذا الإهداء " إلى الشاعر نصف العاقل طلعت سقيرق أرسل أجمل رباعيات لصلاح جاهين أرجو أن نلتقي عليها كما نلتقي على أشعارنا ".. ولم نلتق إلا على الجنون في عالم يصر على أنه لكثرة تعقله صار يقتل الناس دون حساب !!..
أشعار فابيولا الجديدة مليئة بتوهج الإبداع الذي أذهلني بحق ، بعد أن طال انقطاعي عن قراءة شعرها .. تقول " غائب يسكن بمهارة تعاريج حروفي / فيعيدني قصيدة مبعثرة ".. "حينما تلاشت ملامحك / تحولت إلى جمرة في داخلي / الآن احتاج لقليل من الماء " .. " على الرغم من خنادق الغرور/ المحفورة في عينيك / أحبك / مؤشر جديد على أني مواطنة / من العالم الثالث" .. مطر / يستجدي الأرض / في وطن إسفنجي / يستسلم للغيم" .." أنت ووطني / كلاكما مثير للحب / للشفقة / للجنون ".. آه يا صديقتي كم من المسافات قطعت بين الشعر والشعر .. أتذكر وأقرأ .. لا ابحث في تفاصيل الوزن والقافية وكل ما يقال عن إيقاع داخلي .. كل ذلك تأطير لشعر خارج الشعر .. أقرأ الآن وجهك وملامحك وخطواتك شعرا .. المهم يا صديقتي أن نجد الشعر الذي يدفعنا كي نرقص عراة تحت مطر اللحظات الهاربة من أعمارنا قبل أن تهرب بخطوة واحدة إن استطعنا .. تذكرت كل أحاديثنا عن الشعر، تذكرت كلامك عن إبداع ممهور بالحياة الأصيلة ... هو الشعر بكل المسميات وكيفما جاء .. مشكلة من يكتبون قصيدة النثر يا صديقتي أنهم ينظرون للقصيدة ولا يكتبونها ، وذلك مأزقهم .. ها أنت تكتبين ولا تنظرين ، ولكن ما اجمل الشعر حين يقول كلمته المغطسة حتى النخاع بالدهشة والحياة والجمال والذهول .. أختم بقصيدة لك أجدها تحسن الختام وتتقنه حيث :" عشرة أقراص تناولتها ثم / غفوت لأحلم بأني شفيت / استيقظت وتناولت المزيد / وأدركت أني جزء من عال يعشق / الدوائر المغلقة "..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|