رد: البنيان ( قصة قصيرة جداً )
الأديب الجميل دكتور ناصر
شدتنى هذه القصة منذ العنوان وتساءلت لماذا اختار القص مفردة " البنيان" ولم يختر مفردة " البناء"؟ او حتى يكتب عنوانا آخر البناء الهدم -مثلا- ولكنى وجدتنى بعد تامل العنوان انه تناص مع مفردة "البنيان" الواردة فى حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا
وهنا أدركت أن الأنسب لهذه القصة مفردة "البنيان "التى تحمل ضمنا الدعو الى التماسك فى مواجهة الانهيار الدائم الذى يهدم على رؤوسنا كل شئ , ثم تأتى القصة مضيئة هذا العنوان وكاشفة ما يحمل من دلالة متفجرة , ولقد نجح القاص بدرجة امتياز فى ان يغلف القصة بغلاف السخرية أو ما يسمى ب"الباروديا" وهى السخرية اللاذعة حين يجعل الخطاب القصصى للقصة ينتهى عند لعب الطفل الذى يبنى بيته اللعبة وينهار منه ثم نجح أيضا فى توظيف المفارقة والدهشة حين اقحمنا فى بداية القصة فى عالم الكبار حيث هذا الوصف الذى جعلنا نغرق فى مأساة انهيار المبنى والصراخ والعويل ثم يضعنا بوصفه طبيبا تحت دش بارد ينزل منه ماء يصل الى درجة الصفر حتى يخفض لدينا حرارة التفاعل مع هذا الوصف الحارق حين نكتشف ان انهيار المبنى كان لهذا الصغير الذى لم يفلح فى بناء مبنى متامسك , هذه واحدة والأخرى هى أننى أرى أن القاص يحاول ان يبرز المسافة اللا مرئية بين عالم الكبار بما يحمل من زيف وخداع وقسوة وعالم الصغار بما يحمل من براءة وطهر وسذاجة وهى مفارقة جميلة تشعرنا بمرارة الواقع الذى جعلنا نعلم حتى الصغار كيف لا ينجحون فى احكام امورهم
ولا نملك الا نحيي القاص الكبير دكتور ناصر على هذا العمل الجميل
|