[طلعت سقيرق]

[align=justify]ليست كل أنثى قادرة على جعل الشاعر يكتب قصيدة
للشعر حبيبة لا تشبه غيرها

** ميزة الشاعر طلعت سقيرق أنه يكتب الشعر بروعة لا تشبهها أي روعة .. تسكنه القصيدة ويسكنها .. تعشقه ويعشقها .. وحين أسأل يقول: إن الأنثى هي الوجود الجميل ولولاها لما كان هناك طعم للحياة .. إنه الحوار الذي يدخل عالم الشاعر طلعت سقيرق فماذا يقول ؟؟..**..
حاورته : ريم نصوح رمضان

• بداية ليتك تقدم للقارئ لمحة عن مسيرتك الأدبية ؟؟
• أعمل في الصحافة منذ العام 1975 أي منذ ثلاثين عاما ، لي ثلاثون عملا مطبوعا في الشعر والرواية والقصة والنقد ،عضو اتحاد الصحفيين السوريين واتحاد الكتاب العرب واتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين ورابطة الأدب الحديث في مصر .. أحمل إجازة في الأدب العربي .. عملت رئيسا للتحرير ومستشارا للتحرير ومسؤولا ثقافيا .. صاحب ومدير دار المسبار للطباعة والنشر والتوزيع ..
• معروف أنك صادق فيما تكتب .. الحبيبات اللواتي تكتب عنهن في شعرك هل هن موجودات حقيقة في حياتك أم أنهن من رسم الخيال ؟؟؟
• لا أكتب عن أنثى غير موجودة ولا أستطيع أن أتصنع الحب .. الحب الذي لا يكون موجودا على أرض الواقع هو حب مقتول منذ اللحظة الأولى .. كل واحدة كتبت عنها كانت جزءا من حياتي ومن قلبي .. أنا ضد هؤلاء الذين يكتبون عن حب متخيل أو عن أنثى متخيلة .. الشعر الذي يتناول حبا غير موجود هو شعر كاذب لأنه يدّعي الحب ويريد أن يوهم الآخرين بأنه موجود ، ليحاول الكتابة عن شيء آخر ، عن أي شيء يستطيع أن يكون صادقا فيه ..
• في حوار إذاعي أجري معك مؤخرا قلت إن القصيدة كانت في البدايات وسيلة للوصول إلى الحبيبة ، أما اليوم فقد أصبحت القصيدة هي الغاية بما يعني أن الحبيبة هي الوسيلة .. هل افهم من قولك هذا أن حبك الآن ما عاد صادقا ؟؟.. هل أصبح الحب عندك من اجل قصيدة جديدة فقط ؟؟..
• السؤال صعب وشائك يا ريم .. لكن تعالي نسمي الأشياء بأسمائها .. من قبل ، وفي زمن المراهقة ، أو زمن الخربشات الشعرية كانت الأنثى مطلبا لنا ، بصريح العبارة كنا نسعى إليها ، بل نلهث خلفها ، وبالنسبة للشاعر كانت أداته أو وسيلته هي القصيدة ، من خلالها كان يستطيع أن يصل إلى الفتاة .. الشعر في هذه الحالة يشبه شعر هؤلاء الشعراء الذين كانوا يمدحون الخلفاء وغير الخلفاء ليحصلوا على مكاسب مادية ، هؤلاء أيضا كانت القصيدة وسيلتهم والمال غايتهم !!.. لكن هل على القصيدة أن تبقى وسيلة مع مرور الزمن وتقدم سنوات العمر ؟؟.. للأسف هناك شعراء ربما تجاوزا الستين في العمر ومازالت القصيدة عندهم وسيلة للوصول للأنثى .. هذا يعني عدم احترام للقصيدة وللأنثى معا .. لماذا ؟؟.. لأن الأنثى كيان كامل له مثلما لي مطلق الحرية في الاختيار دون استعمال وسائل ظاهرها التودد وباطنها الخديعة !!.. هذا ما جعلني فيما بعد أغير مفهوم المراهقة للقصيدة ، فأنا اكتب القصيدة لأنثى أحبها وأحترمها وأقدرها، إلى جانب حبي واحترامي وتقديري لقصيدتي .. لا أريد من هذه الأنثى شيئا توصلني القصيدة له ، لأنها أنثى تطابقت مع القصيدة فكانت هي القصيدة وكانت القصيدة هي الأنثى .. هنا أقول لك يا ريم شيئا أعتبره هاما للقصيدة وللشاعر ، فليست كل أنثى قادرة على جعل الشاعر يكتب قصيدة تخصها ، للشعر حبيبة لا تشبه غيرها .. قد احب أنثى ما لسنوات طويلة ولا اكتب عنها شيئا ، وقد حدث هذا مرات .. تأبى القصيدة أن تكون لهذه الأنثى .. وقد تستوقفني أنثى عابرة في زمن عابر فأجد القصيدة تشتعل بها .. وقد أحب واحدة تجعل القصيدة تخاصرها وتراقصها كل يوم .. هكذا الشعر ، وهكذا هي التجربة أو ربما تجربتي .. وأقول لك بصريح العبارة إنني بحاجة للحب دون توقف .. لا أعرف الحياة دون حب .. وحين نتحدث عن الشعر ، فإنه من غير الممكن أن تقوم القصيدة خارج عالم كامل من الحب ..
• ما هي العلاقة التي تربطك بدمشق وأنت الشاعر الفلسطيني الذي يحمل ما يحمل من الخيال الجميل عن مدينته حيفا والحب الكبير لها ؟؟...
• دمشق حبيبة تسكن الوجدان .. ولدت وتعلمت وكبرت فيها .. هذه المدينة تسكنني بكل تفاصيلها وجمالها حتى ليصعب أن أشرح حبي لها ، فهي الوجه القريب الملاصق بشكل يومي مما يعني تعود حبها أو إدمانه .. كل صداقاتي منذ الطفولة حتى الآن كانت ومازالت في دمشق ، كل عمل شعري أو إبداعي كان في دمشق .. فهي الحبيبة الدائمة لي ..
• كتبت عن فلسطين الكثير ومن دواوينك على ما أذكر " أنت الفلسطيني أنت " " هذا الفلسطيني فاشهد " " قمر على قيثارتي " وهناك في النثر الكثير .. أين دمشق في شعرك؟؟.. وفي كتاباتك بشكل عام ؟؟.
• هي موجودة في كتاباتي بشكل يكاد يطل من كل حرف .. في الشعر تجدينها ، في القصص ، في النقد .. أبطال قصصي لا يتحركون إلا في مدينة دمشق على الأغلب .. سأقول لك شيئا ، دمشق تشبه الزوجة ، عندما نكتب الغزل نكتب لكل الحبيبات ولا نكتب للزوجة مع أنها حاضرة في كل حرف من حروف الغزل .. تعودنا دمشق وتعودتنا ، عرفناها حتى الجذور وعرفتنا .. صعب أن أقول لزوجتي صباح مساء "أحبك" مع أنني بالتأكيد احبها .. أما فلسطين فهي غائبة بعيدة مشتهاة .. حتى الشاعر السوري يكتب عن فلسطين أكثر مما يكتب عن دمشق ، لأنها الحبيبة الأسيرة ، ولأنها القضية والشيء الذي نطلبه كحق مغتصب عليه أن يعود لنا .. هذا هو الفرق ..
• من يقرأ رواياتك وقصصك وشعرك يحس أن هناك موسيقى متناغمة الألحان ..لنأخذ الشعر ، في " القصيدة الصوفية " وهي مطولة ثم في " ومضات " وهي قصائد قصيرة، تحضر الموسيقى الرائعة الآسرة والصور المدهشة ، ما سر هذه الموسقة العذبة في كل شعرك ؟؟..
• كل ما أكتبه من شعر ينبع من الداخل ومن رقصة مطلقة مع وقع الوجود وموسيقاه ، وقبل ذلك كوني مسكونا بالحب لكل شيء .. الحب يعطي هوية الصدق وقوة المشاعر لما نكتب ، مما يعني فيضانا من اللحن الجميل ، إنه السر ربما أو هو شيء آخر .. الأهم يا ريم أنني متصالح مع ذاتي وهذا يعطيني توازنا وتناغما ينعكسان على ما اكتب ..
• الوطن والألم الموجود فيه ومن اجله موجود في كتاباتك مثل " هذا الفلسطيني فاشهد " أريد أن أسأل : هل تستطيع الكلمة أن تقف في وجه الطلقة ؟؟..
• طبعا لا .. الطلقة طلقة، والكلمة كلمة ، ومن العبث أن نغير وندعي ونحمل الأشياء فوق ما تحتمل .. لكن الكلمة يا ريم تعطي الإنسان شحنة تجعل الطلقة أقوى والوقوف بثبات أشد .. الكلمة تجعل الطريق أكثر التصاقا بخطواتنا .. والكلمة هي نحن في علاقتنا مع الوطن ومع من نحب ، إنها المعبّر الصادق عن مشاعرنا ..
• بعيدا عن السياسة والوطن لنتكلم عن الحب في حياتك ، قلت في حوار سابق إن الشاعر الفلسطيني اقدر على الحب من غيره وأن له قلبا دائم النبض .. ليتك توضح اكثر ؟؟..
• لم تبتعدي يا صديقتي عن الوطن والسياسة .. على كل هذا الكلام قلته حين سئلت " هل من حق الفلسطيني أن يحب وان يكتب شعر الغزل ؟؟" وقد قلت على الفور : ومن قال لكم إن الفلسطيني دون قلب ؟؟.. أعتقد يا ريم أن الفلسطيني مخلص اكثر في حبه لأنه صاحب قضية ، وصاحب القضية اكثر التزاما واكثر تعمقا في مفهوم الحب .. كانت هناك فكرة جاهزة تضع الفلسطيني في إطار يقول إنه مناضل وكفى!!.. هذا يعني خلق نموذج من الفلسطيني لا يتغير .. أعتقد جازما أن الفلسطيني عاشق من طراز رفيع ، ومترع بالشوق اكثر من أي إنسان آخر ، لأن الحبيبة عنده تعطي الكثير من المعاني الرائعة ..
• ماذا تعني الأنثى للشاعر طلعت سقيرق ؟؟..
• الأنثى هي الوجود الجميل ولولاها لما كان هناك طعم للحياة .. كل كلمة ترقص فرحا وطربا لا بد أن تكون مسكونة بالأنثى .. منذ البدايات كانت الأنثى سيدة القصيدة عندي ومازالت .. متهم بحبي للكثيرات ، وهو الاتهام الذي لا أنفيه ، وهل هناك اجمل من الأنثى في هذا الوجود ؟؟..
• تقول إنك أحببت كثيرات ومازلت مستمرا رغم حبك للزوجة ، فهل أنت الآن في حالة حب؟؟..
• أنا في حالة حب دائمة كما قلت لك .. يسألني البعض كيف تحب اكثر من واحدة وأجيب لا أدري .. أختم هنا بمقطع من قصيدة وردت ضمن قصائد ديواني " في اجمل عام " وقد صدر في العام 1975 أقول فيه:
في داخلي غرف كثيرهْ
في كل واحدةٍ أميرهْ
مدت ضفائرها المثيرهْ
فلترحلي
لا تنسجي ألف اعتذارْ
لا تتركي في عالمي صوتاً معارْ
لا تختفي في لحظة خلف الستارْ
كي تظهري في حالة تدعى انهيارْ
تدعى بعالمنا دمارْ
لست الأخيرهْ
[/align]