[فاطمة يوسف عبد الرحيم]

ضياع مواطن

عبارات تطلق على شكل نداءات متتالية، يقولها أشخاص من أماكن متفرقة في فضاء المسرح(من خلف الكواليس أو من بين الجمهور) تتناوب على القائها مجموعة من الشخصيات: :الخلق : الخلق فضيلة :لا لا، الخلق فريضة : الخلق وهم ،بل سراب: الخلق حياة لا بل حاجة :الحقيقة وجود، وجود من: أنا وأنت :الضمير التزام بحكم الشرع :الضمير، ميزان العدل على الأرض: المصلحة،ها ها الناطق الرسمي باسم الطغاة : السلام ، حلم ضائع منذ وجود الإ نسان على الأرض : السعادة لالا، فقاعات ملونة.
يدخل رجل المسرح أشعث الشعر مضطرب الحال، صائحا : يا أهل الخير ، يا أهل المروءة ساعدوني يا أهل النخوة ، يا أهل الفضل ساعدوني.
(الشخصيات هنا " ص" ويقصد به الصيدلاني ،" س" ويقصد به أي شخصية غير محددة الملامح ويفضل حين تؤدي دورها أن ترتدي قناعا يرسم عليه ملامح غير واضحة يستعان بفنان للرسم التجريدي ويتم توزيعها على المسرح حول الصيدلاني وإعطائها قدرة من الحركةالسريعة المنظمة لتحاور الصيدلاني )
س 1: ها ها ها المروءة مختبأة في بطون الكتب ، تراث قديم ، تراث قديم
ص: ساعدوني الدواء سيتحول الى سمّ قاتل .
س2: الدواء الدواء عدو المرض ، عنصر للشفاء .
ص: يجب أن أنقذه سيموت إن لم أصل إليه قبل تناول الدواء .
س3:يقول موتا ، أمر عادي جدا ، الموت حق ، هو الحق الوحيد الذي يصل إليك في موعده ,لم أنت غاضب ؟
ص: الرجل يعاني من هبوط في القلب صرفت له دواء خافضا للضغط , إن ابتلعه قد يموت وأكون أنا الجاني.
س4: طبعا جمع المال والسعي نحو الثراء ألهاك عن الحفاظ على حياة الناس
س1: آه رب غانية جميلة قد مرت أمامك, فسلبت الّلب والقلب
ص: لا والله بل ازدحام الناس على طلب الدواء الدواء جعلني أخطئ
س2: أنت رجل مفترٍ، أتريد أن تقول أن الأمراض منتشرة
ص: لا أقصد هذا ، فالجميع بخير ولله الحمد, فالأمراض المنتشرة هي التقليدية
س3: أتريد أن تقول أن البلد سخاء رخاء ( يخرج دويّ:سخاء رخاء ، سخاء رخاء )
س1: كيلو البنورة بقرشين ،
س2: التفاح الكيلو بقرشبن أيضا لكن عليه دينارين
س3: والارخص من هذا كيلو اللحم بقرشين أيضا ولكن بزيادة سبعة دنانير فقط
جماعي : بسيطة ، عمولة ، ضريبة ،أتاوة
اس4: يا أخي لا تهتم الموت,يأتيك من كل مكان متعددالأسباب"زورت برجل"
س1: (أنا شرطيّ) يحمل قلما وورقة ، هيا ما اسمه ، عمره ، الطبيب المعالج
ص: محمود سالم ، بلا عنوان , لا أعرف سوى أنه محمود سالم
(يجلس الأربعة على الأرض يستبدلون غطاء الرأس أو القناع)
س2:محمود غانم هذا الإرهابي الذي نبحث عنه، مطلوب ، مطلوب ، ما زمرة دمه
س3: نعم أليس هذا الملتحي الذي يصلي الأوقات الخمسة،يتصدق ويتلو القرآن الكريم
س4: هذا إرهابي، اعترف أين هو ؟
س1: القوا القبض عليه أنه هو أو أحد أعوانه
ص: ياسيدي أنه مواطن عادي مطحون ، آه تذكرت شيئا, لقد اغرورقت عيناه بالدمع عندما قال لي: أنه لا يستطيع دفع الثمن كاملا.
س2: إدعاء وافتراء ، مواطن فقير ، قد تقول إنه يفترش الأرض ويلتحف السماء
س3: (ساخرا)يعني أنه يتسول الدواء
ص: لا بل عفيف النفس, تذكرت لأني عندما قلت له"خليها علينا يا رجل " رفض بكبرياء قائلا: إن توفر المبلغ سأعيد لك الباقي حالما استطيع أنه في خطر.ابحثوا عنه
س4: تقول معصوم سالم ، هذا الرجل الذي دوّخ العدالة بارتكابه الكثير من الجرائم .
س1: جرائم ،جرائم لقد أفزع الّناس إذ قام بعشر عمليات اغتصاب , وثلاث حالات قتل أما عن السرقة فحدث ولاحرج
ص:اللهمّ الصبر ، أقول لك يعاني من هبوط في القلب , كيف له أن يقوم بكل هذا ؟
س2: المؤامرة الكبرى بانت أنت تحميه بحجة المرض
ص: بل هو مواطن عادي وكل أعراض المواطنة تظهر عليه
س3: أفصح عن مكنون قلبك
ص: المرض والفقر عرض آه تذكرت أنه يدفع الضريبة التي تفتت عظامه ويغسل الكلى
س4 : أنت تريد أن تقول أنه يقوم بغسيل الأموال العامة,ويتسبب بأزمات اقتصادية قلت لي اسمه مدحور غانم
ص: يا ويلي أنا أرى أنه يقترب من الهلاك وأنا السبب في ذلك
س1:أنت قلت سبب , للموت أسباب والنّاس تموت يوميا بالآلاف
س2:بيب ، بيب ، بيب
ص:الآن وقت الهذر
س3: لا هذه البيب سبب رئيسي للموت على الطرقات عندما تخالف أنظمة المرور
ص: كيف لضميري أن يرتاح إذا مات محمود سالم .
س4: أوه تقول محمود سالم ,لقد مات
ص: اللهم اغفر لي لم أقصد قتله , ومن أين لي أن أدفع الديّة وأنا بالكاد أحصّل قوتي س1:لكنّ محمود سالم الذي أعرفه قد مات منذ خمس سنوات جماعي:ونيف،ونيف،ونيف(ترنيمة)
س2: مسكين مات ولم تحقق أحلامه .
س3: (ساخرا ) ، ها ها ها كيف ، الفضائيات تحقق حلم كل عربيّ
س4: أحلام ،هالات ملونة تزغرد في عالم الخيال,فقّاعات تتلاشى حين تلامس الواقع س1: أنت تقصد الإرهابي الذي يٌقتلع زيتونه ,و ٌيهدم بيته و ٌيقتل أطفاله .
س2: أنت تقصدهم أنهم مساكين يدافعون عن وجودهم .
ص: أنقذوه أرجوكم لا أريد أن أكون السبب .
س3: أنت قلت سبب و يوميا يموت الناس لسبب بسيط وهو نشر السلام .
ص: السّلام ينتشر إذا تحقق العدل
س4: و العدل في زمننا تحقيق مصالح الأقوياء على حساب قهر الفقراء .
س1: النّاس تموت يوميا بالآف والسبب الكوارث الطبيعية
ص: هذا قدر محتوم لانستطيع حياله إلا التسليم
س2:تناسى الاهتمام بمواطن عادي،سفاهة ما تقول
ص:يا أخي مشكلتي في ضميري لن يهدأ لي بال إذا لم أجده
س3:تقول الضمير هذه الجوهرة المفقودة في القيعان
س4: بل الضمائر معروضة على أرصفة الطرقات .( أغنية "ضمير للبيع" تقوم مجموعة بتقديم أغنية تحوي مضمامين فكرة المسرحية )
س1:فلنكن أكثر حزما, ونبحث عن مواطن أليس هو أغلى ما نملك
س2: اكتب يا رهيب ، اكتب يا رهيب .
س3: هيا ما عنوانه
ص: لا أعرف له عنوانا ,لكنّه سللك طريق الجنوب
س4: وكأني أبحث عن إبرة في كومة قش, الآلاف يسلكون يوميا طريق الجنوب
ص: إن مات قد يكون أبا لعدد من الأطفال وسيصبحون أيتاما فقراء
س1: الفقر في كل مكان , حالة جديدة لن تؤثر، أمر عادي جدا
س2:ما رأيكم نبحث عنه في الحاسوب الذي يعرف كل كبيرة وصغيرة عن كل مواطن
س3: الحاسوب لا تعلم أنه يعاني من هبوط في القلب ومن الفشل الكلوي والفقر س4:الحواسيب تحسب الضرائب وفواتير الكهرباء والماء والهاتف والتحركات الخفية
1: هذه الحواسيب مصاصة دماء الشعوب لا تترك صغيرة ولاكبيرة.
س2: الشعوب بليدة لاهية بأسباب الفساد ,
س3: مقهور نائم في أي الملفات نجده .
س4: ابتلعه فايروس القهر.
ص: يحب أن نكثف الجهود للبحث عنه
س1: دعك من هذا أنبحث عن مواطن عادي .
س2: في حكومات الغرب إن فقد طفل تهتز الأنحاء ولا تقعد إلا إذا وجد .
س3: ونحن هنا لا نقوم ولا نحرك ساكنا إذا ضاعت شعوب بأكملها.
س4: كاننا فوق رقعة الشطرنج .
ص: وما علاقة الشطرنج في هذا الموضوع .
س1: لأننا حجارتها ٌيلعب بنا كما يشاؤون .
ص: من هم ؟
س2: اللّهم اجعل كلامنا خفيف عليهم .
س3: أنت تضيع الوقت وتعطي الموضوع أكثر مما يستحق ,لأن محمودك هذا مّيت ,
ص: كيف ؟
س4 : لو نظر حوله وفكّر سيموت قهرا
س1:هذه إهانة أتقصد أن الملايين أحياء لأنهم لا يفكرون .
س2: التفكير سفاهة هذا العصر .
س3: اتصل بالمسؤولين وستصل الى ما تريد .
س4:ها ها ، اتصل تربح جوائز سخيّة بل أرسل"ماسج" اتصالات ,اتصالات تزيد
الأغنياء واحدا وتزيد الفقراء ألفا (آلو ، آلو ، أغنية تضمن مضمامين تبين مدى تفاهة جيل هذا الزمان )
ص: أيموت هكذا بلا ثمن .
س1: الغلاء في كل مكان وما ضرك لو كان الموت رخيصا .
س2: الجراد قادم ليأكل الأخضر واليابس , فإن مات بسبب الدواء أهون عليّ من أن أموت بسبب الجوع والقهر
س3: مسكين .
س4: من ؟
ص: محمود سالم .
س1:لا الجراد لآنه لن يجد أخضرا يأكله .
س2: لعله أطلق ساقيه للريح .
ص: حلّق في العالم مهاجرا ساعيا لكسب رزقه في قيعان الذل والمرارة .
س3: ربما ابتلعه زلزال تسانومي .
س4: لعله يخزّن أشعة الشمسية العربية في كهوف الزمن،
خوفا من أن تغتال الكرامة العربية في صراع الثروات.
ص: الأمل مفقود في العثور على محمود سالم في صراعات العالم .
س1: يا أخي عد إلى غيبوبتك أقصد بيتك وضع ضميرك الحيّ في ثلاجة
س2: قد تحتاجه يوما إذا عادت الأمور إلى مجراها وعدل الموازين إلى نصابها
(يخرج الجميع ويبقى الصيدلاني على المسرح مهموما يفكر (يغني منولوج أو موال يعبرفيه عن حالة الاختناق التي يعاني منها هو أو المواطن العربي بشكل عام )
ص: يا قوم إرجعوا لقد وجدته ،الجميع: أين ..أين ، أين( من خلال الستائر)
ص:ناظرا إليهم في عيونكم ،في قهركم ، في عذاباتكم في ضياعكم
في أقبية السجون في غيابات الظلم.
س3: أهو المطحون دائما .
ص: نعم أنه هناك في فلسطين ،في العراق ، في أفغانستان يرتع في مجاهل الفقر والجهل الظلم، يتخبط في تداعيات الخلق يغرق في بحور الحيرة أنه ، أنا وأنت وهم وأنتم .يدخلون المسرح يتحركون كالدمى الأيدي ممدودة باستقامة ثم مسدولة يرددون نحن "محمود سالم" ، مظلوم مطحون ، مقهور (يسبلون الأيدي يخفضون الرأس ثم يلوّحون بالأيدي للجمهور ويخرجون )


ملاحظة : هذا العمل المسرحي عُرض على مسرح وزارة التربية والتعليم سنة 2004 ونال المركز الأول وقامت طالبات مدرسة اليرموك بأداء الأدوار وأشرفت على التدريب أنا المعلمة كاتبة النص المسرحي وبإشراف مخرج من التلفزيون الأردني .

[نعيم الأسيوطي]

الكاتبة المسرحية / فاطمة يوسف عبدالرحيم
تحية حب وتقدير
قرأت النص وتعاطفت مع المواطن العربي المغلوب على أمره والمقهور دوما وجميعنا يعرف الأسباب ..
أعجبني جدا شخصية الصيدلي صاحب الضمير الحي وهم في زماننا هذا عملة نادرة وللحق أقول أنك نجحت في بناء شخصية الصيدلي فجاءت معبرة تماما عن الإنسان المخلص في عمله وهو ما نفتقده اليوم ..
وكم كنت أتمنى أن يستيقظ الضمير العربي فنخطو نحو التقدم بخطى ثابتة مثل اجدادنا الأولين ..
كما انك رسمت ببراعة شخصيات ( س ) فأحيانا يكون مستسلم وقاهر ويشعر بالوجع وضاع والبطل الغائب في النص ( محمود سالم ) وكنت أشعر بالسعادة لو تم التركيز على فكرة واحدة أساسيه إلا أنني تقبلت النص من حيث الشكل فقد خدمت كل الأفكار الثانوية الفكرة الرئيسية فتشكل من النص نسيج واحد ..
وهناك إبداع آخر وهو الفضاء المسرحي الذي أعطي لحركة الممثلين حرية التحرك فلم تتقيد الكاتبة بمكان أو زمان واحد بل كان الهم العربي في الفضاء المطلق أي يمس الإنسان العربي الذي يشعر بالضياع تماما ..
وقد أحسنت ختام النص عندما تلاحم الصيدلي مع الجمهور بشكل بريختي فتحولوا جميعا إلي دمى تتحرك على خشبة المسرح وهكذا هو حال الإنسان العربي حاليا تحركه القادة والساسة كيفما يريدون ..
همستي الوحيدة لحضرتك ( أنني شعرت بحالة توهان في المقدمة المنطقية للنص وربما يكون السبب هو سوء التنسيق الذي كتب به النص ..
الكاتبة المبدعة / فاطمة لا نشعر بمتعة وجمال النص المسرحي إلا إذا تحول من شخصيات على الورق إلى شخصيات تنبض بالحياة على خشبة المسرح .. فتمنيت أن أشاهده ......
مودتي وتقديري

[فاطمة يوسف عبد الرحيم]

الأستاذ والأديب نعيم الأسيوطي
تحية وبعد
أشكر لك هذه المبادرة الكريمة في قراءة عمل مسرحي ، وكما ذكرت أن العمل المسرحي يشاهد ولا يقرأ ، وأشكر لك الملاحظة عن ضعف أو سوء تنسيق في النص ، فأنا يا إخي لي تجربة جيدة نوعا ما في كتابة المسرح المدرسي ، لقد قدمت ما يقرب من 15 عملا مسرحيا ومن خلال مساندة التلفزيون الأردني في إخراج العمل المسرحي ، ونلت جوائز كثيرة وعندي رغبة في نشر أعمالي من خلال هذا الموقع ، أما المقدمة تقصد فيها سوء ترتيب الحوار أم هي ضعيفة ، لكني لاحظت أن المسرح السوري يعتمد هذا النهج في تقديم حوار جماعي أو فردي بسيط لإعطاء المشاهد فكرة عن العرض المقبل على مشاهدته ، على أية حال أشكر لك ملاحظاتك القيمة حول شخصيات العمل وأحب أن أقرأ رأيك في مسرحياتي القادمة ولي كتاباتي في القصة القصيرة موجودة على الموقع وشكرا على هذا التواصل
ودمتم
أختكم فاطمة يوسف

[هيا الحسيني]

[align=justify]تحياتي لك سيدتي
أتابع باهتمام ومتعة كل كتاباتك والحقيقة أنك تملكين موهبة فذة
شكراً لك
كل الشكر والتقدير[/align]