الحانة
( 1 )
هذه الحانة ُوالليلُ وأصنافُ الهموم
رحلة ٌ تفتحُ لي بابا ً..
لكي أغفو على خدّالنجوم
طائرا ً ما بين أرض ٍ و سماءِ
وليكن تحت حذائي
كلّ ما كانَ ..
فلا شىء مع الوقت يدوم
أيّها النادلُ كأسا ً ..
وليكن للثلج فيها مايكون
قطعة ٌ تكفي .. أو اجعلها اثنتين ِ
الآنَ ناولني الثريّا
واتركِالأرضَ لمن يسكنها منذ قرون ..
إنّني أسكنُ وحدي الآنَ أضواءَ (النيون) .
(2)
أنا والليلُ و أحزاني
على ظلّ القمر
حيثُ تمضي في جراح اللحنآهاتُ الوتر ..
أو يكونُ الدمعُ أضعاف مسافات المدى ..
من دون أن يدري إلىأينَ المَفر ..
إنّ تلك الساعة الخرساءَ لا تدري معاناة الجدار
منذ أن دقّتمساميرا ً لها في صمته ِ
ماتَ الهوى ..
من قبل أن يعلنَ رأيا ً أو قرار
لميكن يعرفُ شيئا ً غير صمت ٍ وانتظار
إنّها تعلمُ أنّ الوقتَ كالسيف ..
فكانتتعلنُ الحكمة َ في دقاتّها ليلَ نهار
ذلك الصامتُ لا يتقنُ آدابَالحوار
أيّها النادلُ كأسا ً ثانيه
( 3 )
مادَت الأرضُ على صوت انفجار؟
أم أنا ارتحتُ لهذا الأصفر المائيِّ
فامتدَت إلى رأسيَ أشباحُ الدوار؟
عد إلى رشدكَ ..
لا شيءَ يثيرُ الوضعَ فالتيّارُ ساكن
إذ عويلُ الريح لاتسمعهُ إلا المآذن
بعضُ زخّات رصاص ٍ ليس إلاّ ..
غيرَ أنّ الوضعآمن
طالما يسمعُ في الليل تعاليمَ ابن ِلادن ..
ثمّ يستقتلُ في تطبيقِها عندالنهار .
أيها النادلُ لا بأسَ بكأس ٍ ثالثه .
( 4 )
قرنُنا العشرونَولّى ..
دون أن يندمَ قابيلُ على قتل أخيه
أو يرى ظلّ غراب ٍ ..
يحرثالأرض لكي يهزأ من عقل سفيه
حيثُ يمضي بخطاه العابثه
أذكرُ الآنَ بأنّ القطّيستمتعُ في قتل ذويه
دون إحساس ٍ بذنب ٍ خلف آثار الخطيئه
لا ولا يرحمُأرواحا ً بريئه
حينما يلعقُ في طيش ٍ دماء ً لبنيه
بين قطّ ٍ وغراب ٍ عشتُ منتيه ٍ لتيه .
أيّها النادلُ أدركني بكأس ٍ رابعة .
( 5 )
كلّ حرب ٍهي لاشكّ دمار ..
حكمة ٌ ردّدها صمتُ محارب .
ليس للبوم مكانٌ غير أحضانالخرائب
منذ أن كان يجوبُ الليلَ بحثا ً ..
عن دليل ٍ لحروب ٍ ..
أو بقايالمصائب .
سنّة الله ولن يفلحَ في تغييرها ضوءُ النهار
فليكن للبوم أعشاشٌ علىطول المدى ..
مادامَ للبلبل أنيابٌ..
وللورد مخالب
ولتكن كلّ بلادي مسرحاً للموت ..
مادامَ سلاطين الهوى ..
لم يأخذوا من مسكن البوم تجارب ..
أولأنّ العاشقَ الأوحدَ فيهم ..
يذبحُ الأزهارَ ليلا ً ..
ثمّ يأتينا نهارا ًباسما ً في زيّ راهب .
أيّها النادلُ أسعفني بكأس ٍ خامسه .
( 6 )
جرحُ هذي الأرض لم يعرف سوى الملح دواء
منذ أن كانت قديما ًكربلاء
واسمُ هذا الوطن ِ المنحوس ِ كربٌ وبلاء
منذ أن كان العراق ..
لميذق يوما ً لغير السيف طعما ً في عناق
من بقايا خطوة ٍ كانت لهولاكو بأرضالأولياء
آه ِ يا جرحَ بلادي ..
كيف أتقنتَ جنون الزحف في هذا المسار
منحروب ٍ لحروب ٍ لحصار
دون أن تبصرَ شكلا ً لدواء
أو ترى في غير طعم الملحأهلا للمذاق
دمعة ً كنتَ لها شكلُ العراق .
أيّها النادلُ أتحفني بكأس ٍسادسه .
( 7 )
قد تموتونَ من الحسرة يا أخوة َ يوسف ..
بعدما يجلدكمسوطُ الندَم !!
منذ أن أودعهُ الجبّ إلى قعر الألم ..
منذ أن بيعَ بذاك السوقفي سعر ٍ رخيص
كانَ يستشعرُ ظلّ الله في عطر القميص
فارتضى سجنا ً به العمرعلى كفّ العدم
وارتدى ثوب بريءٍ متّهم .
هاهو الآنَ يغنّي ..
( أضاعونيوأيّ فتى ً أضاعوا
ليوم كريهة ٍ وسداد ثغر ِ ) .
أيها النادلُ لا بأسَ بكأس ٍسابعه .
( 8 )
بعض حبّات ٍ من الزيتون في ماعون (مزّه(
يجعلُ الوسكيّذا طعم ٍ لذيذ ٍ ..
دونَ أن يكشفَ لغزه
إنّما التلفازُ يغريني بجلد الذات ..
يدميني من الأخبار ..
كي يوقظ أحلامي الجميلات ِ بوخزه
( إنّ أطفالا ًيموتون بغزّه ..
إنّ أطفالا ً يموتونَ بغزّه
إنّ أطفالا ً .. وقد قالت حماس ...)
ما به العالمُ لم يجعل مع الموت قياس
إنّ أحلامَ العصافير لها في كلّيوم ٍ ..
وردة ٌ عند النعاس .
شاهَت الأخبار ..
إن كان لها في كلّكاس
شبهُ إدمان ٍ على القتل بأرض ٍ مُستفزّه
أيها النادلُ نخبا ً ثامناً
في صحّة الباقينَ من أطفال غزّه
( 9 )
صوتُ زخّات رصاص ٍ ..
ليسفي الأمر جديدٌ ..
فلقد أدمنتُ أصوات الرصاص
مثلما أدمنتُ داءً ودواءً ..
دون أن أعرفَ يوما ً للخلاص
حين كان العمرُ فيما كان كالطفلالوديع
كنتُ أستنزف غيم الروح
كي تمطرَ أزهاريَ عطرا ً للجميع
نصبُ عينيّخريفٌ وبأجفاني ربيع !!
كنتُ لا أرضى من الدنيا بغير الحبّ ..
أو أحيا بغيرالحبّ ٍ ..
إذ أخرجتُ دفء النار من قلب الصقيع ..
غيرَ أنّ الوقتَ أعمى ..
ليس ممّا يفرض العمرُ مناص
ويكأنّ العمرَ لا يرضى بما دون القصاص
أيّهاالنادلُ كأسا ً رابعه ..
_ سيّدي ..
كأسكَ الآن تكونُ التاسعه .
( 10 )
هذه الأنثى تغنّي ..
ولها صدرٌ شهيّ ٌ مرمريّ
يجعلُ الحبّ يناديني لأنسى ..
كلّ أحزاني وداءَ السُكريّ
ما تزالُ الروحُ خضراء ً ..
ومازال لهيبُالشوق يدعوني ..
ويجتاحُ مساماتي بشكل ٍ بربريّ
آه ِ لوما كنتُ في الداء ِحبيسا ..
كنتُ جمّعتُ نساء الأرض في جامعة الحبّ ..
وأعلِنتُ عليّهنَرئيسا
بعد إجراء انتخاب ٍ صوَريّ ..
آه ِ كم أهوى بأن أدفنَ مذبوحا ً على صدر) إليسا)
أيّها النادلُ ..
_ عذرا ً سيّدي ..
ما عادَ في الحانة روّادٌسواك .
يا إلهي ..
أيّ صوت ٍ باتَ يدعوني لكي أغفو هناك
أيّها النادلُ ..
لا أقوى على شيءٍ فرأسي مُثقله
دون أن تفرغَ منها الأسئله
غادرِ الحانةَ واتركني هنا ..
ما بين أشباح ٍ وباب ٍ مقفله
إنّ بيتي لم يعد بين البيوت ..
مثقلٌ جسمي ورجلايَ خيوط العنكبوت ..
هكذا أشعرُ فاتركني لوحدي ..
إننيأشعرُ أني سأموت ..
أشعرُ الآن أموت
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|