الحجّ في تراثنا الشعبي
محمد توفيق السهلي
في الليلة الأخيرة ، قبل توجّه شخص ما إلى الديار الحجازية ، لأداء فريضة الحج ، تبدأ النساء بالتوافد على بيته ، ويُحْضرن السكّر والشراب والبسكوت وغيرها ، ويجتمعْن في حلقة ثم يأخذن في توديع الحاج غناءً وهذا يسمّونه ( التَّحْنين ) ، ومنه :
فرَشوا سجّاده في حَرَم النبي
حجّه بْسَعاده يازوّار النبي
على بير زمزم وتْوَضّا الرسول
في أباريق والشمع والبخور
************
واركبْ جوادَك يا أبو فلان
ربّي اللي رادَك تزور النبي
واركب عَ مهرْتَك يابو فلان
ربي اللي طلبك تزور النبي
وفي صباح اليوم المخصص للسفر ، يتوافد أهل القرية رجالاً ونساءً لتوْديع الحاج .
وفي بعض مناطق فلسطين ، عندما يقترب موعد سفر المرء إلى بيت الله الحرام ، يبدأ أقاربه وأصدقاؤه بتوجيه الدعوات إليه لتناوُل الطعام عندهم .
ومما كان يقوله المودّعون : ( إنْ شا الله تْحِجّوا وترجَعوا بالسلامه ) ، وغير ذلك من عبارات المجاملة .. ويسهر الناس في بيت الحاج حتى ساعة متأخرة ، متبادلين الحديث الذي يدور عادةً حوْل الحجّ وبلاد الحجاز ، وخاصة من قبل الحجاج الذين أدّوا الفريضة من قبل .
وعند عودة الحجيج إلى قراهم ومناطقهم ، وحالما تطل السيارة التي تقلّهم ، يأخذ هؤلاء بالتلويح بالمناديل الخضراء التي رُكّبتْ على العصيّ الخشبية .. وكان المستقبِلون في الماضي يطلقون النار فرحاً وابتهاجاً ، وتطلق السيارة زمورَها بشكل متواصل لإعلام أهل القرية بعودة الحجاج ( إذا عادوا جميعاً سالمين ) ، أمّا إذا توفي أحدهم أثناء تأدية فريضة الحج ، فإنهم لايُقْدِمون على مثل هذه الأمور وذلك مراعاة لأقارب الحاج المتوفى .
وكانت الهدايا التي يأتي بها الحجاج متنوعة ، مثل مناديل الرأس النسائية ، والحطّات والطراقي والدشاديش للرجال والأطفال ، والقلائد الخرزية والمعدنية والعباءات والخواتم والأساور والعقُل ( جمع عقال ) القصب للأطفال .
ويقدم الحاج للمهنئين التمر الحجازي وشيئاً من ماء زمزم ، وتوزع عليهم الهدايا وخاصة المسابح بأنواعها المختلفة ، ويخصص الحاج بعض الهدايا لمن أعطوه نقوداً عند وداعه ، وقد تقدم القهوة أحياناً في هذه المناسبة ، وربما قدم بعض الحجاج للمهنئين سواكات من شجر الأراك الحجازية.
ويبدأ أقارب الحاج وأصدقاؤه بدعوته لتناول الطعام عندهم ، وقد تستمر مثل هذه الدعوات شهراً أو أكثر في بعض الحالات .
وبعد مدة يتوجّه الحاج إلى بيت المقدس والخليل للصلاة في المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي الشريفيْن وهذا مايسمّونه ( تقديس الحِجِّه ) .
مديرة وصاحبة مدرسة أطفال / أمينة سر الموسوعة الفلسطينية (رئيسة مجلس الحكماء ) رئيسة القسم الفلسطيني
رد: الحج في تراثنا الشعبي
الأخ الأستاذ محمد توفيق السهلي
"الحج في تراثنا الشعبي " موضوع شيّق ومهم جداً .
أشكرك على هذا الجهد الرائع , وبانتظار المزيد .
مع فائق تقديري واحترامي .
مهما حاول المبدعون أن يسردوا تاريخ فلسطين وتراثها لن نفي فلسطيننا حقها
انه تراثنا العريق .. انها هويتنا الفلسطينية
شكراً لك من الأعماق على هذا التوضيح عن الحج في تراثنا الشعبي
لقد ذكرتني عندما كان يعود قريب لنا من الحج كيف يأتي بالهدايا التي ذكرتها
وكيف كنا نفرح بها
اللهم اجعل لنا ولكم صلاة في المسجد الاقصى
آمين ... آمين ... آمين
دمت بخير