الشكوى المستحيلة!!
• المواطن العربي لايشكو حُكامه ( عادة ً )..ومجرد الحديث في مثل هذا الموضوع..يبدو مُضحكا ً للغاية !!
• فتصوروا ، على سبيل التصور فقط!!، انه في احد الصباحات الطيبة ، يخرج مواطن عربي من منزله بعد أن يحتسى قهوته ويأمر جاريته أو بعلته( لافرق) بأن تبحث له عن اللباس المناسب اللماع!! .
• يتوجه كأي إنسان سبح به الخيال وشطح!! إلى اقرب مخفر للشرطة ..كي يُسجل محضرا ً رسميا ً ضد الحاكم!!.
• شيء مضحك!! لكن تصوروا فقط ..
• ولا تتصوروا انه ( كالعادة ) سيذهب كي يشكو جاره ، لأنكم عندئذٍ ستفيقون من الدهشة ، ولن يكون للأمر اى أهمية ، فهذا واقع تعيشونه كل يوم !! وتفقد القصة عنصر الإثارة ، باعتبار أن المواطن العربي ( عادة ) لايتشابك إلا مع مواطن مثله .. حتى من اجل علبة فارغة رمتها العواصف أمام منزله فيعتقد أنها مؤامرة من جاره ، أو لان دبوس !! صغير قد وخز قدميه عند مروره من أمام منزل جاره!!
- هذا المواطن ( تصوروا ) الذي لايشكو إلا من أخيه.
- ولا يعرض عضلاته إلا عليه.
- ولا يصرخ إلا في وجهه.
- ولا يكتب التقارير إلا فيه!!
• تصوروا في احد الصباحات العربية المتكررة ، وفى مكان ما من الوطن العربي قد دخل مخفر الشرطة ، لايحمل دبوس جاره ، ولا علبته الفارغة !! ولا شريط تسجيل لصوت أخيه وهو يشتم السلطة من وطأة القهر ، حيث استطاع أن يحصل على صوته بفطنة غابت ولاتزال تغيب أمام عدو يبصق على أبواب الوطن كل صباح!!
• تصوروا انه لايتفاخر بسجن أقرانه من الفقراء ،..ولا يجعل من السلطة متنفسا لأحقاده!
• تصوروا انه يرفع قضية كرامة ضد الحاكم !!
• يقول له : أيها الساكن الابدى في القصور العتيقة اعطنا كراسينا واذهب !! كي تنتهي الأحقاد وتموت الدبابيس !!
• يرفع قضية إحساس طفولة ٍ اندثرت على أعتاب رغبات السلاطين !!
• قضية حضارة ومصير وتاريخ ، قضية جرائم ينحني أمامها الشيطان صاغرا ً!!.
• مواطن يفعل هذا المُنكر ، شجاع ، مجنون ، عاقل!! غريب الأطوار في زمن لم يرث غير الطواطم وروائح ( الزفت ) والتماثيل المحنطة والنصب الزائفة ونياشين الصفيح..في زمن ورث عن أحقاب قهر يقول أن الخليفة مُصان..ولا يُخطئ..يعاقب الناس ولا يعاقبه الناس !!.
• الشكوى
• هذا المواطن المثالي..بدل أن يحمل دبوس جاره ، يأتي إلى المخفر تحت إبطه خوازيق السلطة ..يدخل على المحقق الذي يدرك على الفور أن الأمر مُضحك ، وان سيده قد يحاكم الناس على الفساد دون أن يحاكم نفسه !! وبالرغم من ذلك يدخل المواطن المجنون الشجاع والعاقل على المحقق واثقا من نفسه ، يجلس على الكرسي المقابل دون استئذان..يتوكل على الرحمن الرحيم ، ويعلن على الملأ انه يطلب من الشرطة رسميا إحضار المواطن (س ) دون ذكر الألقاب ، فالجميع سواسية أمام القانون..فليأت المواطن (س ) إلى هنا...لقد كان سببا مباشرا في كل عُقدي وعذاباتي النفسية وتشتت أسرتي وضياع أطفالي ، وتخلف آبائي وأجدادي !!فورا استدعوا المواطن (س ).. ابعثوا البرقيات إلى جميع المناطق..عمموا صوره على مخافر الشرطة ، ومن يعرف عنه شيئا ، عليه إبلاغ اقرب مخفر لمنزله!! أو إذا استطاع فليجره الى هنا !!
• يقول للشرطة : أن المواطن (س ) قد باع الأرض ، وانه لم يجد موطئ قدم ينام فوقه ويدافع عنه !!
• قلت لكم تصوروا فقط..ولا تتصوروا أن هذا المواطن الشاكي ، لن يرى عين الشمس بعد يومه هذا!! وبعد هذه المجازفة غير المحسوبة ، فإن الشمس ذاتها ستهرب منه !! وان الجاني سيتحول إلى ضحية !!
• مقلب!!
• ان الضمانة الوحيدة لعدم حدوث هذا الموقف الطارئ ، والذي لاتوجد مادة في القوانين العربية تعالجه ، الضمانة الوحيدة..هي بقاء السجون مفتوحة والتقارير كالنهر الجرار ، وان من يحمل دبوس جاره إلى المخفر سوف يرى عين الشمس بكل تأكيد .. وانه يمكنك أيضا أن تسرق كنوز السلطان ذاته!! شريطة أن تثبت بالأدلة انك لص عادى وانك لاتعلم أنها كنوزه !! وانك سرقت بكل النيات الحسنة !!
• استدراك!!
• يقال ( وهو أيضا من ضمن التصور) أن المواطن العربي عندما يصرخ بصوت عال من وخز الدبابيس التي ذكرناها ، إنما يحدث هذا لأسباب موضوعية ومُلحة !! أهمها أن الصراخ في هذه الحالة ( الحُرة ) سوف يوفر نفسا طويلا للصمت المطبق فوق
( خوازيق) السلطة ، وكأن لسان حاله يقول ( مزيداً) من الخوازيق..فهل سمعتم عن الذين يصرخون من الدبابيس ..ويبتسمون للخوازيق!!!؟؟.
• إلحاق
• السؤال الاخير:
- ترى إذا اكتشف المُحقق أن شكوى المواطن ليست مزحة سمجة..ماذا يفعل عندئذٍ بالضبط!!!؟؟
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|