القديس
بقلم الأديب "وليد قدورة"
ما الذي يجعل لاعباً مميزاً حائزاً على بطولة العالم عازفاً عن المشاركة بالكرنفالات و المهرجانات الرسمية الشعبية التي تقام في بلاده من للاحتفال بهذه المناسبة؟
أثار انتباهي الخبر ، فتشت عن أصول اللاعب العرقية المنحدرة إلى أجداد أجداده قائلاّ أنها قد تكون عربية ، و تساءلت عن الدين الذي يعتنقه ، و اجتهدت أن أعرف عن اتجاهاته الفكرية ، و إلى أي فريق سياسي ينتمي ، فلم أكتشف إلّا أن أبناء جلدته يطلقون عليه لقب "القديس" و خضت غمار الاستكشاف عنه فعلمت أن إيكر كاسياس حارس المنتخب الإسباني لكرة القدم و قائده إنما هو طفل معدم أصلاً نشأ في " سوستوليس" أحد الأحياء الفقيرة في ضواحي مدريد ، لم تنتزعه الشهرة ، و لم يبعده الفن عن أترابه الأصليين الذين تربي في أوساطهم فظل مخلصاً لهم ، متفقداً شؤونهم الحياتية ، مشاركاً في إقامة مشاريع إنتاجية لهم تدفع عنهم غول الجوع و ذل الفاقة.
"القديس" كما يدعونه هناك ، لم يكتسب اللقب عن عبث - كما يبدو- و لا عن زيفٍ كاذب في المشاعر ، بل عن إحساس إنساني مرهف رقيق يكمن في داخله ، بدا واضحاً جلياً كالشمس حين امتنع عن النزول إلى الميدان الرئيسي للعاصمة الإسبانية للاحتفال قائلاً : " من المستحيل مشاركة الناس الفرح و الضحك و البهرجة الإحتفالية عندما أرى ما يحدث في قطاع غزة المحاصر"
إيكر كاسياس الذي يضع تفاصيل خطته لزيارة غزة سواءً بشكل فردي أو على متن رحلة أسطول جديد إلى القطاع المحاصر لم يحتفل بأعياد الميلاد و رأس السنة الميلادية نظراً لتزامنها مع الهجوم الإسرائيلي على فلسطين القطاع ، و هذا من جملة الإكتشافات المثيرة في تركيبة هذا القائد الذي تسلم كأس العالم الذهبية بيد ثابتة في مونديال العالم.
تعليق، درس ، لفت انتباه ، كل ذلك جائز و ممكن حين يحدث من طرف أسطورة عالمية يفعل ما يؤمن به ، و يفصح عما يؤول في صدره ، دون اكتراث لأي تبعات محتملة . لم ألتقط أي خيط يقودني إلى تسلسل أصوله العائلية و هو لا يهتم بذلك أصلاً ، فقد أضفى عليه لقب " القديس" الكثير ، و أصبح محبباً إليه أكثر من أي انتماء آخر.
وليـد قـدورة
كاتب و أعلامي فلسطيني