تخليت عن وزر حزنى
ووزر حياتى
وحملتنى وزر موتك،
أنت تركت الحصان وحيدا..
لماذا ؟
وآثرت صهوة موتك أفقا ،
وآثرت حزنى ملاذا
أجبنى ..أجبنى ..لماذا ؟
****
عصافيرنا يا صديقى تطير بلا أجنحة
وأحلامنا يا رفيقى تطير بلا مروحة
تطير على شرك الماء والنار ، والنار والماء ،
ما من مكان تحط عليه ، سوى المذبحة
وتنسى مناقيرها فى تراب القبور
الجماعية ..الحب والحب
أرض محرمة يا صديقى
وتنفرط المسبحة
هو الخوف والموت فى الخوف ،
والأمن فى الموت
لا أمن فى مجلس الأمن يا صاحبى ،
مجلس الأمن
أرض محايدة يا رفيقى
ونحن عذاب الدروب
وسخط الجهات
ونحن غبار الشعوب
وعجز اللغات
وبعض الصلاة
على ما يتاح من الأضرحة
*****
ومن كل قلبك أنت كتبت
وأنت كتبت ..ومن كل قلبى
كتبنا لشعب بأرض ..وأرض بشعب
كتبنا بحب.. لحب
وتعلم أنا كرهنا الكراهية الشاحبة
كرهنا الغزاة الطغاة
ولا ..ما كرهنا اليهود ولا الانجليز
ولا أى شعب عدو ..ولا أى شعب صديق ،
كرهنا زبانية الدول الكاذبة
وقطعان أوباشها السائبة
كرهنا جنازير دبابة غاصبة
وأجنحة الطائرات المغيرة والقوة الضاربة
كرهنا سواطير جدرانهم فى عظام الرقاب
وأوتادهم فى التراب وراء التراب
وراء التراب
يقولون للجو والبر انا نحاول للبحر
القاءهم ،
يكذبون
وهم يضحكون بكاء مريرا ويستعطفون
ويلقوننا للسراب
ويلقوننا للأفاعى
ويلقوننا للذئاب
ويلقوننا فى الخراب
ويلقوننا فى ضياع الضياع
وتعلم يا صاحبى ، أنت تعلم
بأن جهنم ملت جهنم
وعافت جهنم
لماذا تموت اذا ..ولماذا أعيش اذا ولماذا
نموت ، نعيش، نموت ، نموت
على هيئة الأمم الساخرة
وعهر ملفاتها الفاجرة
لماذا ؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟
وما كل هذا الدمار وهذا السقوط
وهذا العذاب
وما كل هذا ؟ وهذا ؟ وهذا ؟
********
لأنا صديقان فى الأرض والشعب والعمر والشعر ،
نحن صريحان فى الحب والموت ..
يوما غضبت عليك ..ويوما غضبت على
وما كان شيئ لديك ، وما كان شيئ لدى
سوى أننا من تراب عصى
ودمع سخى
نهارا كتبت اليك ..وليلا كتبت الى
وأعياد ميلادنا طالما أنذرتنا بسر خفى
وموت قريب ..وحلم قصى
ويوم احتفلت بخمسين عاما من العمر ،
عمر الشريد الشقى البقى
ضحكنا معا وبكينا معا حين غنى وصلى
يعايدك الصاحب الربذى :
على ورق السنديان
ولدنا صباحا
لأم الندى وأب الزعفران
ومتنا مساءا بلا أبوين ..على بحر غربتنا
فى زوارق من ورق السيلوفان
على ورق البحر ليلا
كتبنا نشيد الغرق
وعدنا احترقنا بنار مطالعنا
والنشيد احترق
بنار مدامعنا
والورق
يطير بأجنحة من دخان
وها نحن يا صاحبى صفحتان
ووجه قديم يقلبنا من جديد
على صفحات كتاب القلق
وها نحن ، لا نحن ، ميت حى ، وحى ميت
بكى صاحبى على سطح غربته مستغيثا
بكى صاحبى ..
وبكى ..وبكيت
على سطح بيت
ألا ليت ليت
ويا ليت ليت
ولدنا ومتنا على ورق السنديان ..
ويوما كتبت اليك ، ويوما كتبت الى
وأسميتك نرجسة حول قلبى..
وقلبك أرضى وأهلى وشعبى
وقلبك ..قلبى..
******
يقولون موتك كان غريبا ..ووجه الغرابة
أنك عشت
وأنى أعيش، وأنا نعيش ، وتعلم ، تعلم أنا
حكمنا بموت سريع يمر ببطء
وتعلم ، تعلم أنا اجترحنا الحياة
على خطأ مطبعى
وتعلم أنا تأجل اعدامنا ألف مرة
لسكرة جلادنا تلو سكره
ولله مجد الأعالى ، ونصل السلام الكلام
على الأرض..
والناس فيهم ـ سواناـ المسره
أنحن من الناس ؟ هل نحن حقا
من الناس ؟
من نحن حقا ؟ ومن نحن حقا ؟
سألنا لأول مرة
وأخر مرة
ولا يستقيم السؤال لكى يستقيم الجواب ،
وها نحن
نمكث فى حسرة بعد حسرة
وكل غريب يعيش على ألف حيره
ويحمل كل قتيل على الظهر قبره
ويسبر غور المجرة..يسبر غور المجرة..
****************
تعانقنى أمنا ، أم أحمد ، فى جزع مرهق
بعذاب
السنين
وعبء الحنين
وتفتح كفين واهنتين موبختين
وتسأل صارخة
دون صوت ، وتسأل أين أخوك ؟ أجب ،
لا تخبئ على ،
أجب أين محمود ؟ أين أخوك ؟
تزلزلنى أمنا بالسؤال ؟فماذا أقول لها ؟
هل أقول مضى فى الصباح
ليأخذ قهوته بالحليب
على سحر أرصفة الشانزليزيه ،
أم أدعى أنك الآن فى جلسة طارئة
وهل أدعى أنك الآن فى جلسة هادئة
وهل أتقن الزعم أنك فى موعد للغرام ،
تقابل كاتبة لاجئة
وهل ستصدق أنك تلقى قصائدك الآن
فى صالة دافئة
بأنفاس ألفين من معجبيك ..وكيف أقول
أخى راح يا أمنا ليرى بارئه ..
أخى راح يا أمنا والتقى بارئه..
****
اذا أنت مرتحل عن ديار الأحبة
فى زورق للنجاة ، على سطح بحر
أسميه يا صاحبى أدمعك
ولولا اعتصامى بحبل من الله يدنو سريعا،
ولكن ببطء،..
لكنت زجرتك : خذنى معك
وخذنى معك
خذنى معك …..