مهرجان ... قصة قصيرة
مهرجان
الأنباء انتشرت في كل مكان قبل وصول فريق السحرة ، والرغبة استعرت في نفوس الكبار والصغار ، واللجان المشرفة على المهرجان بدأت أعمالها يقودها عمدة المدينة ، وساحة العرض تزينت بالبالونات والمصابيح ولافتات الترحيب ، والنساء بدأن باختيار الملابس والعطور ومستلزمات زينتهن ، وكبار القوم تنافسوا على حجز المقاعد الأمامية لإظهار مكانتهم اللائقة في مثل هذا المهرجان الكبير .
في يوم المهرجان ، بدت المدينة مهجورة إلا من الفقراء ، وعند بدء المهرجان كانت الأنظار موقوفة على ما يقدمه السحرة من أعمال خارقة وأفعال غريبة ، أحد السحرة مسخ منديلا كان يمسكه إلى حمامة راحت تصفق فوق رؤوسهم بجناحيها وسط تصفيق الحشود ، وآخر أخرج أفعى من مؤخرة زميله وقد عقدت الدهشة ألسنة الجميع ، وثالث بدأ الدخان يتصاعد من منخريه حتى ملأ الفضاء ، ورابع ألقى فراسته بأن الخير سيصل إليهم قريبا ، فأينع الأمل في النفوس ، وتورد التفاؤل في القلوب . وعند فترة الاستراحة كان طائر السعد يحلق فوق الرؤوس والابتسامات تتناثر من الشفاه ، والفرحة تعم الجميع .
انتهت فترة الاستراحة ، وخرج شيخ السحرة يعلن عن الفقرة القادمة من برنامج المهرجان . كان يرتدي سروالا أحمرا لمّاعا ، وتزينَ صدره بصورة كبيرة لأسد هائج ، وبدت جفونه مصبوغة بالأحمر القاني عندما رفع نظارته السوداء . وبصوت ثابت يفرض الانتباه على المشاهدين ، انطلق هادرا :
ــ ستكون فقرتنا التالية مفاجئة عظيمة سنكشف فيها عن الأعمال المخزية التي مارسها كل منكم في السر ، وستكون أفعالكم التي تحرصون على إخفائها ظاهرة للعيان أمام الجميع .
قالها واختفى مسرعا وراء ستارة سميكة لتهيئة مستلزمات المفاجأة .
عند خرجه ، فوجئ شيخ السحرة بخلو الساحة من المتفرجين إلا من طفل غرق في الضحك حتى بات تنفسه عسيرا ، وعندما رمى ببصره إلى الطريق ، كان الزحام على أشدّه في سباق محموم للخروج من ساحة العرض وقد خلّف وراءه الكثير من القتلى والجرحى كان في مقدمتهم عمدة المدينة الذي مات مخنوقا تحت أرجل الهاربين من ساحة المهرجان .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|