التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,860
عدد  مرات الظهور : 162,361,651

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > تحرير فلسطين قضيتنا > فلسطين تاريخ عريق ونضال شعب > موسوعة.كتّاب.وأدباء.فلسطين.... > الأقسام > غسان كنفاني
غسان كنفاني نفحات من كتابات الشهيد الأديب غسان كنفاني

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 18 / 10 / 2010, 10 : 07 AM   رقم المشاركة : [1]
عبدالله الخطيب
كاتب نور أدبي يتلألأ في سماء نور الأدب ( عضوية برونزية )
 





عبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond repute

مجموعة أرض البرتقال الحزين.. (2) الأفق وراء البوابة

الأخت الغالية الأستاذة بوران شما.. أنتقيت لك هذه التحفة الأدبية من مجموعة أرض البرتقال الحزين للشهيد الخالد غسان كنفاني
أتمنى أن تنال أعجابك.
دمت بكل المودة و الأحترام.

.....................
الأفق وراء البوابة
بقلم غسان كنفاني
*
*
*
قبل أن يصل إلى رأس السلم وقف ليلتقط أنفاسه.. لا، لا يمكن أن يكون مرهقا
إلى هذا الحد.. إنه يعرف جيداً أنه ليس مرهقاً أبداً.. لقد أنزلته السيارة على باب
الفندق، ثم إنه لا يحمل سوى سلة صغيرة والسلم لم يكن طويلاً كما تصور..
ولكن هذه الدرجات الثلاث الأخيرة هي التي تحطمه دائماً وتذوب ركبتيه وتهدم
إصراره..
وضع السلة على السلم واتكأ بكتفه إلى الحائط.. هل يعود أدراجه؟ بدا له السؤال
عجيباً ولكنه لم يستطع أن يتخلص منه، كان يدق في رأسه كالناقوس.. هل أعود؟
وفي دوامة التردد الذي أخذت تطوف في عروقه تذكر فجأة أنه كان قد وقف نفس
هذه الوقفة قبل عامين وسأل نفسه ذات السؤال، وبعد لحظة واحدة كر عائداً إلى
السيارة، ثم غادر القدس.. هل يعود أدراجه الآن مرة أخرى؟ مد كفه إلى السلة
فقبض على ذراعها بعنف واندفع إلى فوق كأنه يقتلع نفسه اقتلاعاً من بحيرة
طين..
لا! هذه المرة لن أعود! إنه من العار أن أكون جبانًا إلى هذا الحد.. لقد حملت
على كتفي قدراً قميئاً ثقيلاً طيلة عشر سنوات طويلة.. وعلي الآن أن أغسله في
ظل بوابة "مندلبوم"، التي ترتفع فاصلاً من حجارة بين الأرض المحتلة والأرض
الباقية..
لا، هذه المرة لن أعود.. يجب أن أضع حداً للكذب الطويل الذي مارسته مختاراً
أو مرغمًا، لست أدري، طوال عشر سنوات..
حين وصل قبل عامين إلى القدس كان قد عقد عزمه على أن يقابل أمه ويقول لها
كل شيء.. ولكنه في لحظة وقوفه على سلم الفندق شعر أنه لن يستطيع أن يمسح
الكذب الطويل الذي ساقه على أمه عندما كان يراسل الإذاعة قائلاً: "أنا ودلال
بخير، طمنونا عنكم.." لقد نمت الكذبة طيلة هذه السنوات العشر نموًا فظاً حتى انه
لم يجد مبررًا ليقول هذه الحقيقة مرة واحدة حاسمة وقاسية وربما قاتلة أيضاً..
ولذلك فضل يومها أن يكف عن صعود السلم، وكر عائداً إلى السيارة.. وما من
شك في أن أمه قد قضت طيلة ذلك الصباح واقفة في حلق البوابة تتطاول بعنقها
باجثة بين الجموع. وما من شك في أنها أصيبت بخيبة أمل مريرة وفاجعة.. ولكن
ذلك كله يبقى أسهل بكثير من أن يقف أمامها، هناك، بعد عشر سنوات، ليقول لها
الحقيقة القاتلة..
استلقى في سريره وصالب ذراعيه تحت رأسه.. كانت العتمة قد بدأت تبسط كفها
فوق المدينة النائمة ولم يكن ثمة في الغرفة إلا فكرة واحدة حاسمة: لا بد من
الذهاب غداً إلى مندلبوم.!
وغداً سوف تلوح له بكفها المعروقة وسوف تندفع إليه بشعرها الأشيب ووجهها
العجوز المبتل بالدموع، سوف تنهمر فوق صدره
وترجف كما يرجف طير صغير على وشك أن يموت، سوف تمرغ رأسها المكدود
على وجهه دون أن تجد الكلمة التي تستطيع أن تشحنها بحبها المخذول فماذا عساه
يقول لها وهي تخفق فوق صدره كالقلب الذي يخفق في صدره؟ من أين يتوجب
عليه أن يبدأ؟
تقلب في فراشه وخيل إليه أنه يسمع وجيب قلبه يضرب في جسده كله كالوتر
المشدود، سوف يبدأ من البدء، منذ أن غادر يافا إلى عكا ليرى الفتاة التي كانت
أمه تزمع أن تخطبها له: إنه يذكر تلك اللحظة بكل دقائقها، كيف وقفت أمه على
السلم تدعو له بالخير والتوفيق، وكانت خالته تقف إلى جانبها تشير له مطمئنة، هو
يعرف أنها ستلازمها طيلة فترة غيابه، وكان يشد على ذراع أخته دلال التي
رغبت في مرافقته، فتاة غضة في العاشرة من عمرها تغادر الدار مع أخيها لأول
مرة في حياتها.
ولكن الأمور جرت على غير ما اشتهى وغير ما اشتهت فبعد أن غادر يافا بأيام
قليلة انقطع الطريق واستحالت العودة، لقد عانى كثيراً من القلق في تلك الأيام
السوداء التي أمضاها بعيداً عن أمه، ليس بسببه هو ولكن بسبب دلال التي تعني
لأمه كل شيء في البيت، هي التي تعطي العجوز نكهة الحياة حين يكون الموت
في الجوار، وهي التي تعني الحياة كلها حين تعني الأشياء كلها الموت.
لا.. هذا القسم من القصة لم يهم بأية حالة، إنها تريد بلا شك أن تعرف أموراً
أكثر غموضاً من هذا الجزء من القصة.
ومرة أخرى تقلب في فراشه محتارًا، كانت الغرفة تنوس بضوء شاحب مريض،
وكانت السلة الصغيرة تتكئ على الجدار مثل شيء حي، لماذا لا يبدأ بالقصة من
نهايتها؟ لماذا لا يحكي لها كيف دخل عكا وكيف جرت الأمور بعد ذلك؟
كان في الغرفة حين تفجرت جهنم في وجهه.. ارتد مع من ارتد حين بد الظلام
يطوي عكا، قائت بندقيته القصيرة كل ما في جوفها ثم تحولت إلى عصا، مجرد
عصا ناشفة لا تصلح لشيء، ذهب إلى غرفته وعانق دلال، كانت تبكي في ظل
الرعب الذي خيم فوق المدينة، وقبل أن يعي، كانت الأكتاف قد انهدت فوق الباب،
وانفتح رشاش ثرثار فزرع في الغرفة رصاصاً كالمطر، ثم انكشف الدخان عن
أربعة رجال يسدون أمام عينيه باب الغرفة الخشبي، ولكنه لم يتحرك، كانت دلال
ترتعش في دمها بالخفقات الأخيرة من أنفاسها، وعندما شدها إلى صدره كأنه يريد
أن يسكب فيها قلبه ودمه، حدقت إليه ثم رفعت حاجبيها لتقول شيئاً ولكن الموت
سد الطريق أمام الكلمة.
هل بكى؟ إنه لا يذكر شيئاً الآن، كل الذي يذكره أنه حمل أخته القتيل بين ذراعيه
وانطلق إلى الطريق يرفعها أمام عيون المارة ليستجدي دموعهم كما لو أن دموعه
وحدها لا تكفي، ليس يدري متى تيسر للناس أن ينتزعوا الجسد الميت من بين
ذراعيه، ولكنه يعرف أنه حين فقد أخته الميتة، حين ضيع جسدها البارد
المتصلب، أحس بأنه فقد كل شيء: أرضه وأهله وأمله، ولم يعد يهمه أن يفقد
حياته ذاتها، ومن هنا مضى يضرب في الجبال، تاركاً أرضه، هارباً من القدر
الذي لاحقه كالسوط.
لو قال ذلك كله لانمحت الأكذوبة الكبرى التي بناها في عشر سنوات، ستصير
أمه في تلك اللحظة تعرف أن دلال قد ماتت، منذ عشر سنوات وان ابنها قد كذب
طويلاً حين دأب على تكرار تلك الجملة الباردة عبر أسلاك الإذاعة: "أنا ودلال
بخير طمنونا عنكم".
نهض إلى النافذة ففتح الستائر القاتمة وأخذ يحدق إلى الطريق.. يجب أن يحررها
من الكذبة ويحرر نفسه من القدر الأسود الذي حمله وحيداً، يجب أن يقول لها أن
دلال مدفونة هناك، وأن قبرها الصغير لا يجد من يضع عليه باقة زهر في كل
عيد، وأنها، أمها، على بعد أشبار من قبر عزيز لا يتيسر لها أن تزوره.
كان اللقاء في ظل البوابة الكبيرة باكراً صباح اليوم التالي، لم ير علي أمه فيما
كان يتفرس بالوجوه، خالته فقط كانت هناك، لم يعرفها بادئ الأمر، لكنها عرفته
واستطاعت أن تدله على مكانها بين الجموع، وفي غمرة اللقاء سألته السؤال الذي
أتى خصيصاً ليجيب عليه:
- أين دلال؟
وفي العينين الصغيرتين المترقبتين ذاب كل الإصرار الذي حمله معه، كأن قوة
حفية تمسكت بحلقه وأخذت تهزه بلا هوادة:
- ولكنك لم تقولي لي أين أمي
وتلاقت العيون مرة أخرى، نقل علي السلة من يد إلى أخرى وحاول أن يقول
شيئاً، ولكن حلقه كان مسدوداً بغصة فوق ذراعه، وأتاه صوتها مشحوناً بأسى
لا يصدق:
- أين دلال
- دلال
ومرة أخرى أحس بالضعف يأكل ركبتيه وبدا كأنه يدفع عن نفسه إحساسًا
بالإغماء، رفع يده ومد السلّة باتجاه خالته:
- خذي هذه السلة لأمي، فيها بعض اللوز الأخضر..
ولم يستطع أن يكمل، كانت نظرة فاجعة قد انسكبت من عيني المرأة العجوز،
وبدأت شفتها ترتجف، نظر وراء كتفها وأكمل بوهن:
- .. كانت تحبه.
وفي فترة الصمت الواسعة التي انفتحت بينهما كألف قبر أحس برغبة هائلة تدفع
به إلى الفرار وكانت خالته تدور أصابعها في الحقيبة الصغيرة التي وضعت فيها
رداء دلال الأخضر، كان إحساس مباشر يصل بين صدريهما، هي واقفة هناك
تأتلق عيناها بدمع صامت وهو يحس النصل اللامع يجرح حلقه، مد يده ورفع إليه
وجهها ثم انتشل نفسه بسؤال خافت:
- كيف تركت يافا؟
حاولت خالته أن تقول شيئاً ولكنها لم تستطع، تزاحمت سيول من الكلمات في
حنجرتها فسكتت وابتسمت ابتسامة باهتة لا معنى لها، ثم مدت يدها الراجفة تمسح
على كتفه بحنو كسيح فيما أخذ هو ينظر بهدوء إلى الأفق الذي يقع خلف بوابة
مندلبوم.

الكويت - 1958

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع عبدالله الخطيب
 [frame="3 98"][frame="2 98"]
لاَ تَشك ُ للنّاس ِ جرحا ً أنتَ صاحبُه .... لا يُؤْلم الجرحُ إلاَّ مَنْ بهِ ألم
don't cry your pain out to any one
No body will suffer for you
You..! who is suffering
[/frame]
[/frame]
الثورة تتكلم عربي
عبدالله الخطيب غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أرض, الأفق, البرتقال, البوابة, الحزين, غسان, كنفاني


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ارض الباسيفلورا الحزينة تغزو ارض البرتقال الحزين نبيل عودة نقد أدبي 0 16 / 06 / 2011 32 : 01 PM
مجموعة أرض البرتقال الحزين.. (4) / ثلاث أوراق من فلسطين ج1 عبدالله الخطيب غسان كنفاني 6 18 / 01 / 2011 00 : 02 AM
مجموعة أرض البرتقال الحزين.. (3) السلاح المحرم عبدالله الخطيب غسان كنفاني 0 31 / 10 / 2010 59 : 12 AM
مجموعة أرض البرتقال الحزين..(1) أبعد من الحدود عبدالله الخطيب غسان كنفاني 0 10 / 10 / 2010 22 : 12 AM


الساعة الآن 16 : 12 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|