[frame="10 98"]
قديما قال سيدنا عمر الفاروق متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ...وما كان ابلغ كلام هذا الرجل العظيم الذي صاغه الاسلام واختلط الايمان بروحه ودمه ..فأدرك أن العبودية لا تكون الا لله وحده..وعلى وجه الاختيار لا الالزام..على قاعدة قول الله تعالى_(فمن شاء فليومن ومن شاء فليكفر(..فلماذا يقيم بعض الناس أنفسهم في زماننا هذا وفي أزمنة خلت.. حراسا على حريات غيرهم...ويفلسفون الحرية على أنها فوضى...وتكمم الافواه بدعوى مراعاة خصوصيات أو أحداث أو ظروف او حتى اشخاص...ولكي لا ينفجر الانسان المضغوط المسلوبة حريته...يسمح له بالتعبير المقنن...باسم مستعار أو بفن لا يفهم رموزه الا خاصة الخاصة...وتصاغ القوانين الرادعة لتلغي كل حق في الحرية...فيصير الكلام همسا ...والموقف سرا في الاعماق لا يعرفه الا رب الارباب المطلع على الجهر وما يخفى...وأتذكر صورا مشرقة في عصر ذهبي كان ...عندما يقف أعرابي جلف ليجر بكل جفاء ثوب رسول الله ويؤذي كتف رسول الله صلى الله عليه وسلم...وبكل الصلف يقول يا محمد اعطني من مال الله واعدل فما هو بمالك ولا مال ابيك....وبكل سماحة حبيبنا المصطفى يقول بلى ماهو بمالي ولا مال أبي ومن يعدل ان لم يعدل رسول الله ...ويعطي الرجل نصيبه من مال الله...أكان الرجل يجرؤ على هذا لو علم ان محمدا صلى الله عليه وسلم أو صحبه....كانوا سيصبون عليه جام غضبهم ويقابلوا... صلفه وجفاءه بجفاء مثله...لا والله كان الرجل آمنا على نفسه ...مستوفى الحرية...فصرخ مطالبا بحقه وان كان قد أساء الادب لغلبة الطبع....وأتذكر عمر الفاروق الذي يهابه حتى الشيطان..عندما قررمحاربة غلاء المهور...وهو الرجل الحصيف بعيد النظر...فيرغب في تحديد سقف أعلى للمهر لا يجوز تجاوزه...فتقف امرأة...لم تكن نائبة برلمانية ...ولا عضو مجلس شورى...انها امرأة من عامة الناس...تسمع كلام عمر الفقيه والخليفة....فتقول بجرأة ...ليس ذلك لك ...ألم تسمع قول الله تعالىوآتيتم احداهن قنطارا...ان رب السماء والارض لم يجعل للمهر حدا...فكيف يريد عمر ان يحدده وان كان في ذلك مصلحة للمسلمين....وبكل عنفوان المؤمن يقر عمر بخطا اجتهاده ويقول...أخطأ عمر واصابت امراة...انها مجرد امراة لكنها امراة فهمت انها امرأة حرة...لها الحق في ان تجادل الخليفة ان بدا لها انه لم يحسن الاجتهاد....ويقر عمر بحقها في مخالفته علنا أمام الملأ ويصوب رأيها...هذه ليست أحلام يقظة ولا عوالم مثالية...انها الحرية النفسية والفكرية والجسدية...التي يصوغها الاسلام بمفاهيمه ومبادئه...فيطلق العنان للفكر والروح والجسد ....ليتناغم مع الناس والمخلوقات والكون ...فلا يؤذي نفسه ...فضلا عن أن يفكر في أذية غيره...أنها الحرية التي تصنع الابداع...وتحرر الفكر وتكتشف عوالم الطبيعة والانسان...وتميز بين الحق والباطل...والنافع والضار...وتجعل الانسان يدرك حقا ان لوجوده أهمية ولحياته قيمة...ا
[/frame]