[align=center][table1="width:100%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/38.gif');border:6px solid silver;"][cell="filter:;"][align=justify]
هل نستطيع كأمة بما يرمز لنا عيد الأضحى من معاني روحية ودينية ووجدانية، نسيان تاريخ الأضحية الذي أرادوا به تكريس إذلالنا وتحويلنا لخراف حين أراد هولاكو عصرنا سيئ الذكر راعي البقر السفاح جورج بوش الابن ومن يحركونه بخيوطهم أن يجعل من رئيس أحد أعرق بلاد العرب في التاريخ الإسلامي والإنساني أضحية صباح عيدنا رسالة موجهة أننا عندهم لسنا أكثر من خراف معدة للذبح والسلخ؟؟!
وهل نستطيع مهما حاولنا أن نمنع هذه الغصّة التي أضحت مقرونة بذلك التاريخ الذي مضى عليه أربع سنوات، ومنع تجدد الشعور بالغضب في ذاكرتنا الجماعية عند حلول هذه المناسبة كلما رأينا الخراف مساقة للذبح وإلى أن يأتي اليوم الذي نثأر فيه لكرامتنا الإنسانية ولعراقنا المستباح ؟؟
بمعزل عن اختلاف آراء الناس حول الرئيس صدام حسين بين محب ومبغض، فالإهانة هنا لم تكن لشخصه بقدر ما كانت موجهة لنا حكاماً ومواطنين، تاريخاً وحاضرَ ومستقبل، ولهذا جاءت رد فعل الشارع العربي غاضباً
صحيح أن الرئيس صدام حسين فوت عليهم الكثير من الشماتة برأس منتصب وشموخ نادر ووجه مكشوف غير هياب أمام أقنعتهم حين صعد إلى منصة الموت وكأنه يصعد إلى عرش المجد والكبرياء العربي التاريخي، فترك لنا بكبرياء تلك اللحظات بعض ماء الوجه، ولكن...
في مثل هذا التاريخ وبالرغم من قدسية المناسبة لا أستطيع أن أمنع نفسي في كل عام مع الذكرى من الغضب وانسياب الدموع غزيرة حارقة على صفحات وجهي العربي ووجداني الإسلامي
يمر شريط ذكريات المسرحية المقززة الصهيوهوليودية، وتعاودني المحطة الأولى من تقزيم شخصية الرئيس صدام بما ترمز له في مسرحية القبض عليه في حفرة أعدوها مسبقاً لهذا الغرض ومن ثم تخديره وإلصاق ذقنا بيضاء قذرة طويلة مبعثرة بينما ترك شعر الرأس شديد السواد، بما يوحيه هذا المظهر الذي أعدوا له وأخرجوه ليبدو صورة لمخلوق همجي وحشي متخلف يذكّر العالم بإنسان الكهوف في العصر الحجري( صورة العربي المسلم كما أرادوا ترسيخها في أذهان العالم ) ولم يكن ينقص هذا الإخراج إلا جلد الحيوانات حول الجسد المخدر والسهم بين أصابع الكف، ثم جاؤوا بهذا الإنسان الذي خدروه وأخذوا يفتحون فمه ويعبثون بأسنانه وأضراسه بصورة مماثلة لما يفعله طبيب المسلخ مع الخراف والأبقار، وهذا لأن المسرحية التي أخرجوها رغم مظاهر المحاكمة الهزلية كان السيناريو معد له ليكون أضحية صباح عيد الأضحى عند المسلمين للإمعان في إذلال الأمتين العربية والإسلامية والتلويح به للحكام
العراق مهد الحضارات الإنسانية رئيسه - في الألفية الثالثة – إنسان قادم من العصر الحجري الذي يسكن الحفر، خصوصاً وأنهم كانوا قد نفذوا منذ الساعات الأولى لاحتلالهم مسرحيتهم الإجرامية القذرة للسطو على تاريخ العراق الإنساني العريق و جريمة تهريب آثاره ويوميات اغتيال عقوله وعلماءه ومفكريه...
أذكر وأتمزق من قسوة الذكريات
لماذا لم تقاوم بغداد أسوة بأم قصر والفلوجة وباقي المحافظات على الرغم من أن الإعدادات والتجهيزات كانت تمنحها القدرة على مقاومة تطول لمدة عام على الأقل وأين تكمن الثغرات التي جعلتها تسقط بمثل هذه السرعة المروعة المرعبة ومن هم ثلة الخونة والمتعاونون معهم قبل السقوط ؟؟؟!!
كيف ينسى المهاجر منا في الغرب مظاهر الفرح وعبارات الشماتة الوقحة التي كنا نسمعها " اليوم ثأرنا منك يا هارون الرشيد وسبينا بغدادك" ؟!
كيف نستطيع النوم وقد أعيد عراقنا لما قبل التاريخ وكان يشع بالحضارة والعلماء؟؟
ولو أردنا المقارنة بين هولاكو قائد المغول وبوش قائد رعاة البقر رغم كل أهوال هولاكو نجد كفة الإجرام عند قائد رعاة البقر ووحوش الصهيونية ترجح بما لا يمكن مقارنته خصوصاً والفرق بينهما ألف عام!
أثناء عودتنا عبر الزمن من بغداد هولاكو إلى بغداد بوش نقف قليلاً في أميركا ببداية القرن التاسع عشر عند الفيلسوف والمؤرخ وول ديورانت صاحب موسوعة " قصة الحضارة " المولود عام عام1885م بولاية ماساتشوستس الأميركية من أب أميركي وأم كندية لنسترجع ما سطره عن أسفه الشديد لما حلّ ببغداد متحف الحضارة الإنسانية والتاريخ العريق معتبراً غزو المغول لبغداد أكثر فصول التاريخ وحشية ودموية وتخلف بينما كان يحصي الدمار والخراب وما فقد من كنوز المعرفة في مئات الآلاف من الكتب والمخطوطات الثمينة وقطع الآثار النادرة الفريدة
ونستمع إليه وهو يصف في موسوعته بالجزء الثالث عشر صفحة 379 مشاهد من احتلال هولاكو لبغداد قائلاً: ((وكان المستعصم بالله آخر الخلفاء العباسيين في المشرق من أجلّ العلماء وكبار الخطاطين ، وكان مثال الرقة ودماثة الأخلاق ، شديد الاهتمام بأمور الدين ، وبالكتب ، والصدقات ، وكل هذه أمور لا تتفق مع ذوق هولاكو ، واتهم المغول الخليفة بأنه يتستر على العصاة "الإرهابيين" ، ويمنع ما وعد به من المساعدة على الحشاشين ، وطلب إلى الخليفة جزاء له على فعلته أن يكون خاضعاً للخان الأعظم ، وأن تجرد بغداد من الأســلحة ومن جميع وسائل الدفاع ، ورفض المستعصم هذه الطلبات بإباء وكبرياء ، وحاصر المغول بغداد ، وأرسل الخليفة إلى هولاكو بعد شهر من بدء الحصار هدايا وعرض عليه الصلح ، وخُدع بما وعد به من الرحمة فسلم هو وولداه أنفسهم إلى المغول ، ودخل هولاكو وجنوده بغداد في الثالث عشر من شهر شباط / فبراير عام 1258 وأعملوا فيها السلب والنهب والقتل أربعين يوماً كاملة ، فتكوا فيها بثمانمائة ألف من أهلها من الطلاب والعلماء والشعراء ، ونُهبت أو دُمرت في أسبوع واحد المكاتب والكنوز التي أُنفق في جمعها قرون طوال ، وذهبت مئات الآلاف من المجلدات طعما للنيران ، وأُرغم الخليفة وأفراد أسرته على أن يكشفوا عن مخابئ ثرواتهم ، ثم قُتلوا . وهكذا قُضي على الخلافة العباسية)).
وماذا عساه كان يفعل وهو يكتب موسوعته عن قصة الحضارة لو علم أن بلاده بعد أقل من مائة عام ستحذو حذو المغول في بغداد وتقود مجاز أكثر وحشية ودموية ونهباً وحقداً من مجازر هولاكو وخراباً وعبثاً بالتاريخ وآثاره ؟؟!!!!!
محطة في صباح عيد الأضحى
ذات يوم كانت بغداد هي الدنيا وكانت بغداد هي التاريخ، والتاريخ والحضارة تشع على العالم من بغداد
مَن لي ببغداد أبكيها وتبكيني؟
دَمعٌ لبغداد.. دَمعٌ بالمَلاييننِ
مَن لي ببغداد أبكيها وتبكيني؟
مَن لي ببغداد؟...روحي بَعدَها يَبسَتْ
وَصَوَّحتْ بَعدَها أبهى سناديني
عدْبي إليها.. فقيرٌ بَعدَها وَجعي
فقيرَة ٌأحرُفي... خرْسٌ دَواويني
قد عَرَّشَ الصَّمتُ في بابي وَنافِذتي
وَعششَ الحُزنُ حتى في رَوازيني
والشعرُ بغداد، والأوجاعُ أجمَعها
فانظرْ بأيِّ سهام ِالمَوتِ ترميني؟!
*
عدْ بي لبغداد أبكيها وتبكيني
دَمعٌ لبغداد.. دَمعٌ بالمَلايينِ
عُدْ بي إلى الكرخ..أهلي كلهُم ذ ُبحُوا
فيها..سأزحَفُ مَقطوع َالشرايينِ
حتى أمُرَّ على الجسرَين..أركضُ في
صَوبِ الرَّصافةِ ما بينَ الدَّرابينِ
أصيحُ : أهلي...وأهلي كلهُم جُثثٌ
مُبعثرٌ لَحمُها بينَ السَّكاكينِ
خذني إليهم.. إلى أدمى مَقابرِهم
للأعظميةِ.. يا مَوتَ الرَّياحينِ
وَقِفْ على سورِها، واصرَخْ بألفِ فم ٍ
يا رَبة َالسور.. يا أ ُمَّ المَساجينِ
كم فيكِ مِن قمَرٍ غالوا أهلتهُ؟
كم نجمَةٍ فيكِ تبكي الآنَ في الطينِ؟
وَجُزْ إلى الفضل ِ..لِلصَّدريَّةِ النحِرَتْ
لحارَةِ العدل ِ..يا بؤسَ المَيادينِ
كم مَسجدٍ فيكِ.. كم دارٍ مُهدَّمَةٍ
وَكم ذ َبيح ٍ عليها غيرِ مَدفون ِ؟
تناهَشتْ لحمَهُ الغربانُ، واحترَبَتْ
غرثى الكِلابِ عليهِ والجراذينِ
يا أ ُمَّ هارون ما مَرَّتْ مصيبتنا
بأ ُمةٍ قبلنا يا أ ُمَّ هارون ِ!
*
أجري دموعا ًوَكبري لايُجاريني
كيفَ البكا يا أخا سبْع ٍ وَسبعينِ؟!
وأنتَ تعرفُ أنَّ الدَّمعَ تذرفهُ
دَمعُ المُروءَةِ لا دَمعَ المَساكينِ!
*
دَمعٌ لفلوجةِ الأبطال..ما حَمَلتْ
مَدينةٌ مِن صِفاتٍ، أو عناوين ِ
للكِبرياءِ..لأفعال ِالرِّجالِ بها
إلا الرَّمادي.. هنيئا ًللمَيامين ِ!
وَمرحبا ًبجباه ٍ لاتفارِقها
مطالعُ الشمس ِفي أيِّ الأحايينِ
لم تألُ تجأرُ دَباباتهم هلعا ً
في أرضِها وهيَ وَطفاءُ الدَّواوينِ
ماحَرَّكوا شَعرَة ًمِن شيبِ نخوَتِها
إلا وَدارَتْ عليهم كالطواحينِ!
*
يا دَمعُ واهملْ بسامَرَّاء نسألها
عن أهل ِأطوار...عن شمِّ العَرانين ِ
لأربع ٍ أتخمُوا الغازينَ مِندَمِهم
يامَن رأى طاعنا ًيُسقى بمَطعون ِ!
يا أ ُختَ تلعفرَ القامَتْ قيامَتها
وأُوقدَتْ حولها كلُّ الكوانين ِ
تقولُ برلين في أيامِ سطوَتِها
دارُوا عَليها كما دارُوا ببرلينِ
تناهبُوها وكانتْ قرية ًفغدَتْ
غولا ًيقاتلُ في أنيابِ تنينِ !
*
وَقِفْ على نينوى..أُسطورَة ٌبفمي
تبقى حُروفكِ يا أ ٌمَّ البراكين ِ
يا أ ُختَ آشور..تبقى مِن مَجَرَّتهِ
مَهابَة ٌمنكِ حتى اليوم تسبيني
تبقى بوارِقه ُ، تبقى في القه ُ
تبقى بيارِقهُ زُهرَ التلاوينِ
خفاقة ًفي حنايا وارِثي دَمه ِ
يحلقونَ بها مثلَ الشواهين ِ
بها، وَكِبرُ العراقيين في دَمِهم
تداوَلوا أربعا ًجَيشَ الشياطينِ
فرَكعُوهُ على أعتابِ بَلدَتهم
وَرَكعُوا مَعهُ كلَّ الصَّهايين ِ!
*
يا باسقاتِ ديالى..أيُّ مَجزَرَةٍ
جَذ َّتْ عروقكِ يا زُهرَ البَساتين ِ؟
في كلِّ يَوم ٍ لهُم في أرضِكِ الطعِنتْ
بالغدرِ خِطة ُ أمْن ٍ غيرِ مأمونِ
تجيشُ أرتالهُم فوقَ الدّروع ِبها
فتترُكُ السوحَ مَلأى بالقرابين
" دمع لبغداد للشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد "
[/align][/cell][/table1][/align]