بُنودُ الشـَّام
ألقيت بمناسبة تأسيس جامعة حلب
تُلـَوِّحُ بالوصالِ ولا تَجودُ
وتُنعِمُ بالوُعودِ فأستَزيــدُ
ولو رشَفتْ جُمانُ حَبابَ كأسي
لأَلْفَتْ في شَرابيَ مـا تُريـدُ
أنا مَنْ عَطَّرَ الأَنســامَ حَرْفي
فغارتْ مِنْ تَضَوُّعـــهِ الوُرودُ
أنا مَنْ أَسكرَ الأَطْيارَ شَـدْوي
فرَدَّدتِ الـنَـشيدَ كمَا أُريـــدُ
أَنا روحٌ تَـضُمُّ الكَونَ حُبّــــــــاً
وتُطْلِقُهُ فَيزْدَهِرُ الوُجـــــــودُ
وإنْ خـانَ الرفاقُ أَنا الوَدودُ
وذِكـري في الأَنامِ هُو الحَمِيــــدُ
أَنا الباقي إذا صــــــــــــاروا رُفاتاً
وفتَّتَ عَظْمَهم واللَّحْــــــــمَ دودُ
غَرَسْتُ الحَرْفَ في رَوضي أَصيلاً
فأَثْمَرَ في مَغانيَّ الجديـــدُ
فَخارُ النـاسِ أَنْسابٌ ومَجْدٌ
وفَخْرُ الشِعْرِ سالـفُهُ المَجيدُ
فقَصْرٌ لا أُســـــاسَ له مَتينٌ
تُقَوِّضُهُ العَواصِفُ والرُعـودُ
و دَوْحٌ لا جُذورَ لهُ سَيَمْضي
بكفِّ الريحِ ما يوماً تَميـــــدُ
ومَنْ يَـفْخَرْ بقومٍ ليسَ مـنهم
لَقيطٌ ما لِنِسْبَتِـــــهِ شُهـــودُ
فتِلْكَ الـضادُ فاسقِ بها الحَنايا
وكم يَحلو بأَحْرُ فِها النَشيــدُ
وقُرآني بهــــــا ولَها انْتِمَائي
بِروحي ــ يا دُنا ــ عنْها أَذودُ
وللـشَهبـــــــاءِ في جَنْبَـيَّ حُبٌ
على سَعَةِ الوُجودِ وقد يَزيـدُ
ففيها للوَغى والحَرْبِ صِيــــــــدُ
وفيهــا للهَوى والحُبِّ غِيـــــــــدُ
فلِلحَـــرْبِ السيوفُ مُهَـنَّـــــداتٍ
وللحُبِّ اللّواحِـــــــــــظُ والنُهــودُ
وفيها للعُـــــلا صَرْحٌ مَشيـــــــدُ
وأَجْيــالٌ تَرودُ وتَسْتَزيـــــــــــــدُ
لها أَشْــــدو بِها يحلو نشيدي
فيَغْبِطُـني بها الطَيْرُ الـغَــــرودُ
تُطارِحُني الهوى فأنا السعَيـدُ
وتمنحني الرِضا فهي السُعودُ
لأمِّ الجامعاتِ وَقَفْتُ شَـــدْوي
وهِمْتُ بحبِّهـــــا فأنا العَمِيـــدُ
هي العِزُّ الأَتَمُّ بها نَســــــــودُ
هي المَجْـــــدُ الأَشَمُّ ولا أَزيدُ
وجامعَــــــةٌ يَشِعُّ النورُ منهـــا
على خَطَرِ الخلودِ هي الخلودُ
*****
بُنود الـشــام قلبي والوريــــدُ
فدى عينيكِ ما قصفتْ رُعودُ
ومـا هَبت نُسَيْمَات سـُـحيْـراً
بِجَنّـاتِ الخُلود ، فثَمَّ عيـــدُ
وما رَقصَتْ على صدْرِ الروابي
غِلالُ الوَرْدِ أَوْ صَدَحَتْ غَرودُ
وما أُمُّ الشَهيدِ نَعَتْ فتاهــــا
مُزَغْردةً فهَلَّلتِ الخُلُــــــــــودُ
ومــا خفقتْ بنود الشـام عزّاً
وما نَذَرَ الدِمــــاءَ لها شَهيــدُ
فَطاولْ قاسيونُ النَجْمَ تيهــاً
فَفوق ذُراكَ قد درج {الوَليدُ}
*****
برغمِ زمانِنا ، رغـــمِ المآسي
برغمِ ذوي المَخازي نحن صِيدُ
أَما احْتَشدَتْ قُوى الدنيا علينا
لِتَسْحَقَنا فقُهْقِرَتِ الحُشــود؟
وكــم من أُمَّــــةٍ بادتْ بخَطْبٍ
أَمـا انْقرضَت بأمريكا الهُنود؟
أَما انْدَثَرتْ برغم البأس عـادٌ
أَمـا هَلَكَتْ ـ لمَوْعِدِها ـ ثَمود؟
وإنّا ـ أُمَّــــــةَ القُرآنِ ـ أَقْــــوى
ولو جَمَعَ الشَياطينَ الـيهــودُ
نُسورُ الشامِ نحنُ لنا الأَعالي
وتَعْرِفُ مِخْلَبِ النَسْرِ الـقُرودُ
مُتـــون السِنْـــدِيانِ لنا قِلاعٌ
وحِجْرُ الياسَمين لنا لُحــــــودُ
فيـــــا نَتِنَ اليهـودِ أَبِحْ ودَمِّرْ
وشَرّدْ ما استَطعتَ ومَن تُريدُ
وجَمِّعْ شُـــذَّذَ الآفاقِ حتّى
إذا ضاقتْ بِجَمْعِكُمُ الحُدودُ
أَتَيناكم ـ على قَدَرٍ ـ سِباعــاً
تُمَزِّقُ لَحْمَكم فهو الوَعيـــــدُ
ومَا نَفْعُ الحَديدِ إذا الْتَحَمْنـا
أَظافِرُنا المَقـامِــــــعُ والحديدُ
*****
فقـــــل للراكعين وقـــد تَعَرَّوْا
لِذي اللَّذاتِ سَعْيُكُمُ حَمِيــــدُ
رَبِحتــــم ذِلَّةَ الدَاريـْن فاهْـنَوا
ببيعِكُمُ فعيشُكُمُ سعيـــــــــدُ
وأَيّةُ صِبْغَــــــــةٍ للعيش أهْنـا
مــن الراضي القَنوع بما تجودُ
فإنّ الحرَّ أَشقى مَن عليهـــا
وأَسْعَدُهم بِنِعْمَتِها العبيـــــدُ
*****
إذا الأقوى أَرادَ فكُنْ مُطيعــــاً
فلن يَجْني سوى القهرِ العَنيدُ
وإمّـــــا شئتَ أنْ تَحْيا سَعيداً
فلا تثريبَ يَكفيــــــــكَ القُعودُ
*****
خَسِئْتم يا رؤوسَ الذُلِّ شاهت
وُجوهُكُمُ وغَشَّاها الصَــديـــــدُ
خُـــــــذوهُ سَلامَكم هذا فإنّـي
أنا وعدُ السمـَــــــاء أنا الوَعيدُ
أنا العَربيُّ مـهمَــا شُــدُّ قيْدي
ومهمَــــا اشتدتِ الدنيا شديدُ
غَدِي كالأمسِ مَـــأثَرتي فإنّي
أنا المجدُ القديمُ أنا الجديــــدُ
*****
وأَهْـونُ مــــــا رأَتْ عَيناي باكٍ
كَرامَتَهُ وقد دِيسَـــــــتْ عُهودُ
فـلا ما باع مَرْدودٌ إليْـــــــهِ
وما أُوتِيـهِ مِن ثَمَنٍ زَهيـــــــدُ
*****
صِلي يا شامَنا يومي بأَمْسي
ففي يُمْناكِ يا شــــامُ الخُلـودُ