مري بقربي تتفتح أهازيج هذا المكان .. هكذا نطق لسانه في غفوة عن انظار المارة التي ترمقه .. هو ما أراد يوما الا أن تكون له .. هو ما ابتغى أن يناور كل مساء كي يأخذ منها موعدا للقاء .. تسأل ساعته القديمة عن مواعيد أخرى للابتداء .. يبقى ينتظر صباح مساء ..
وجهها دائما صامت لا يتحرك جامد .. صوتها اذا ما نطقت ناعم لا تتكلم هي الا نادرا .. أف لم لم تأتي .. أف لكل مرساة لكل بحار لم يلتقط صيدا .. لم يخترع طعما .. أف لكل رسام لم يأخذ الفرشاة لونا .. أف تتحجر العبارات في فمه و يبقى منصوب القامة في يده اليمنى رشاش و الأخرى على زناد الضرب .. يراقب كل الوجوه بتمعن .. بتأفف .. الكل حوله سائر .. الكل يتحاشى عينيه الرافضتين لكل أفاق الراحة و الأمان .. هو لا ينام .. هو يكابد و يتمادى في صنع لوحات الاستعداد التام ..
على الوجه الآخر من الرصيف عين ثاقبة .. عين تتفحص المكان بمهارة خارقة .. رجل واحد في مرمى البصر .. رجل واحد هدف مختصر .. تتحرك أنامل القناص على بؤرة محددة .. طلقة صامته .. طلقة باردة .. طلقة بصدر كل الأماني الغائبة .. ينتهي العد على وجهه فجأة .. فجأة يتراءى له الحلم المباغت .. فجأة يراها قادمة على وجهها شروق المدينة الغادرة .. على وجهه كانت نظرة واحدة .. على كل وجوه المارة صرخة أخرى متكررة .. يسقط الرشاش من يده المثقلة .. ويسقط هو في دوامات الدم المتناثرة .. قد كان هنا ينتظر العاصفة .. قد رحل من هنا فما أقصر بوابات الحلم التي بدت أول العمر راقصة ..
وليد مروك
رأس الخيمة
ديسمبر 2010