مشروع الإمام محمد عبده لتطوير التعليم الديني في الممالك العثمانية
نظرات في منهاج الإصلاح التعليمي الذي وضعه الإمام الشيخ محمد عبده لتطوير وإصلاح التدريس الديني في الديار العثمانية
عرف الإمام الشيخ محمد عبده من جريدة " الطريق" التي كانت تصدر في بيروت بأن السلطان عبد الحميد الثاني يريد إصلاح التعليم الديني وأنه أصدر توجيهاته بذلك. فاستغل هذه الفرصة واتصل بالسلطان عبد الحميد، وعرض عليه خدماته عن طريق " شيخ الإسلام" وفي هذا الموضوع كتب شيخ الإسلام بعض الرسائل التي وجدنا ترجمتها العثمانية في أرشيف رئاسة الوزراء بتركيا
آراء الإمام الشيخ محمد عبده حول إصلاح التعليم الديني:-
يمكننا أن نتدارس آراء الإمام الشيخ محمد عبده التي أوضحها في تقريريتألف من إحدى عشرة صفحة في قسمين :الأسباب والمقترحات :
1- الأسباب:
1- بين الإمام الشيخ محمد عبده أنه أعد هذا التقرير انطلاقا من مبدأ الشورى في الإسلام.
2- وأحد هذه الأسباب وأهمها في رأيه هو " المحافظة على الدولة العثمانية" ويقول في هذا الموضوع: إن من له قلب من أهل الدين الإسلامي يرى أن المحافظة على الدولة العلية العثمانية ثالثة العقائد بعد الإيمان بالله ورسوله فإنها وحدها الحافظة لسلطان الدين الكافلة بوقاء حوزته وليس للدين سلطان في سواها، وإنا والحمد لله على هذه العقيدة عليها نحيا وعليها نموت إن شاء الله"
3-إن للخلافة الإسلامية حصونا وأسوارا وإن أحكم أسوارها مااستحكم في قلوب المؤمنين من الثقة بها والحمية للدفاع عنها ولا معقد للثقة ولاموقد للحمية في قلوب المؤمنين إلا ماأتاهم من قبل الدين.ومن ظن أن اسم الوطن ومصلحة البلاد وما شاكل ذلك من الألفاظ الطنانة يقوم مقام الدين في إنهاض الهمم وسوقها الى الغايات المطلوبة منها فقد ضل سواء السبيل.
4- المسلمون قد تخيف الدهر نفوسهم وأنحت الأيام على معاقد إيمانهم فضعف اعتقادهم ووهت عرى يقينهم بما غشيهم من ظلمات الجهل بأحوال دينهم وقد تبع هذا الضعف فساد في الأخلاق وانتكاس في الطبائع وانحطاط في الأنفس حتى أصبح الجمهور الأغلب منهم أشبه بالحيوانات الرتع ،غاية همهم أن يعيشوا الى منقطع آجالهم يأكلون ويشربون ويتناسلون ويتنافسون في اللذات البهييمية وسواء عليهم أكانت العزة لله ولرسوله ولخليفته أو كانت العزة لسائد عليهم من غيرهم . وهؤلاء الهنود وسكان ماوراء النهر وقبائل التركمان وأشباههم يمثلون هذه الرزية أظهر تمثيل ولم تكن هذه المحنة خاصة بقوم من المسلمين دون قوم ولكن عمت بها البلية حتى خشي على قلوب كثير من الرعايا العثمانيين في أن يمسها هذا المرض الخبيث لولا أن تداركها قوة إيمان مولانا أمير المؤمنين خلد الله ظله.
5- هذا الضعف الديني قد نهج لشياطين الأجانب سبيل الدخول إلى قلوب كثير من المسلمين واستمالة أهوائهم إلى الأخذ بدسائسهم والإطاعة لوساوسهم فحلوا عقول عدد غير قليل .ثم انتشرت دعاتهم في أطراف البلاد الإسلامية حتى العثمانية لتضليل المسلمين فلا نرى بقعة من البقاع إلا وفيها مدرسة للأمريكانيين أو العزارية أو الفرير أو جمعية أخرى من الجمعيات الدينية الأوربية .والمسلمون لايستنكفون عن إرسال أولادهم الى تلك المدارس طمعا في تعليم بعض العلوم المظنون نفعها في معيشتهم أو تحصيلهم بعض اللغات الأوربية التي يحسبونها ضرورية لسعادتهم في مستقبل حياتهم .ولم يختص هذا التساهل المحزن بالعامة والجهال بل تعدى الى المعروفين بالتعصب في دينهم وبعض دوي المناصب الدينية الإسلامية.
وأولئك أولاد المسلمين يدخلون الى تلك المدارس الأجنبية في سن السذاجة وغرارة الصبى والحداثة .لايسمعون الا مايناقض قواعد الدين الإسلامي ولا يرون الا مايخالف أحكام الشرع المحمدي بل لايطرق أسماعهم إلا مايزدري على دينهم وعقائد آبائهم ويعيب عليهم التمسك بعرى الطاعة لأوليائهم ويقع ذلك منهم موقع القبول لأنه من أساتذتهم القوام على تربيتهم بإذن آبائهم ولا نطيل القول فيما يتلقونه من العقائد الفاسدة والآراء الباطلة فذلك أمر أعرف من أن يبين فلا تنقضي سنو تعليمهم الا وقد خوت قلوبهم من كل فقه إسلامي وأصبحوا كفارا تحت اسم الإسلام ولا يقف الأمر عند ذلك بل تعقد قلوبهم على محبة الأجانب وتنجذب أهواؤهم الى مجاراتهم ويكونون طوعا لهم فيما يريدونه منهم ثم ينفثون ماتدنست به نفوسهم بين العامة من القول والعمل فيصيرون بذلك بلاء على الأمة ورزية على الدولة نعوذ بالله.ولو فقه المسلمون لبذلوا من أموالهم مايجيدون به تربية أبنائهم مع استبقائهم مسلمين في العقيدة عثمانيين في النزعة
6- ويتابع الإمام الإمام الشيخ محمد عبده إيضاح الأسباب:
" هذا ماجلبه الجهل على الأمة الإسلامية وإن غائلته لمن أشد الغوائل وقد كنا نخاف أن تحل بوائقها لولم تدفعها عزيمة مولانا أمير المؤمنين .أما المكاتب والمدارس الإسلامية فقد كانت إما خالية من التعليم الديني جملة وإما مشتملة على شيء قليل لايتجاوز أحكام العبادات على وجه مختصر وطريق صوري لايعدو حفظ العبارات مع الجهل بالمدلول ولهذا رأينا كثيرا ممن قرأ العلوم في المدارس العسكرية وغيرها خلوا من الدين وجهالا بعقائده منكبين على الشهوات وسفساف الملذات لايخشون الله في سر ولا جهر ولا يراعون له حكما في خير ولا شر.وانحط بهم ذلك الى الطلب في الكسب والانصباب على طلب التوسعة في العيش فلا يلاحظون فيه حلالا أو حراما ولا طيبا ولا خبيثا فإذا دعوا الى الدفاع عن الملة والدولة ركنوا الى الراحة أو مالوا الى الخيانة وطلبوا لأنفسهم الخلاص بأي وسيلة وبالجملة فإن ضعف العقيدة والجهل بالدين قد شمل المسلمين على اختلاف طبقاتهم إلا من عصم الله وهم قليلون .
ولهذا نراهم يفرون من الخدمة العسكرية ويطلبون التخلص منها بأية حيلة وهي من أهم الفرائض الدينية المطلوبة منهم . ونرى غيرهم من الأمم يتسابقون الى الانتظام في سلك جنديتهم مع انها غير معروفة في دينهم بل مضادة لصريح نصوصه. ونرى المسلمين يبخلون بأموالهم اذا دعت الحالة الى مساعدة الدولة وصرفها في مصالح الأمة ولايبخلون بذلك على شهواتهم بعكس مانرى في سائر الأمم .وهكذا إنطفأ مصباح العقل في نفوس المسلمين فلا يعرفون لهم واسطة يرتبطون بها ولا يهتدون الى جامعة يلجأون إليها وتقطع مابينهم تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم لايفقهون ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هذه أحوال نذكر منها القليل والله يعلم أن الواقع منها أكثر بكثير
7- ويوضح الإمام الشيخ محمد عبده أسباب وصول المسلمين إلى هذه الحالة فيقول:
" ولو استقرينا أحوال المسلمين للبحث عن أسباب هذا الخذلان ، لانجد الا سببا واحدا وهو القصور في التعليم الديني إما بإهماله جملة كما هو في بعض البلاد وإما لسلوك إليه من غير طريقته القويمة كما في بعض آخر.أما الذين أهمل فيهم التعليم الديني فجمهور العامة من كل ناحية لم يبق عندهم من الدين إلا أسماء يذكرونها ولا يتعهدونها فإن كانت لهم عقائد فهي بقايا من عقائد الجبرية والمرجئة من نحو أنه لااختيار للعبد فيما يفعله وانما هو مجبور مطلق فيما يصدر عنه جبرا محضا. فلهذا لايؤاخذ على تركه الفرائض ولاجتراح السيئات . ومثل أن رحمة الله لاتدع ذنبا حتى تشمله بالغفران قطعا لااحتمال معه للعقاب فليفعل الانسان مايفعل من الموبقات وليهمل مايهمل من المفروضات فلا عقاب عليه وما شاكل ذلك مما أدى الى هدم أركان الدين من نفوسهم واستل الحمية من قلوبهم ولا منشأ له الا عدم تعليمهم عقائد دينهم وغفلتهم عما أودع الله في كتابه وسنة رسوله.
وأما الذين أصابوا شيئا من العلم الديني فمنهم من كان همه علم أحكام الطهارة والنجاسة وفرائض الصلاة والصوم وظنوا أن الدين منحصر في أداء هاتين الفريضتين . ومتى أدوهما على مانص في كتب الفقه فقد أقاموا الدين وإن هدموا كل ركن له سواهما ويشتركون مع الأولين في تلك العقائد الفاسدة.ومنهم من زاد على ذلك علم الفروع في أبواب المعاملات متخذا ذلك آلة للكسب وصنعة من الصنائع العادية . وأولئك الأغلب من طلاب الإفتاء أو القضاء.ووظائف التدريس وما شاكل ذلك. لاينظرون الى الدين الا من وجه مايجلب اليهم مادة المعيشة فإن أدى بهم طلب العيش الى مخالفته لم يبالوا بذلك معتمدين على مثل عقائد الجهلة مما قدمنا وهؤلاء لاتختص مفاسد أعمالهم بذواتهم ولكنها تتعدى الى أخلاق العامة وأطوارهم فهذا القسم أعظم الأقسام خطرا وأشدها ضررا في العامة والخاصة وما أفراده بقليل
8- وبعد أن ذكر هذه الأسباب يحول الإمام الإمام الشيخ محمد عبده أمر الإصلاح الى ولي الأمر السلطان عبد الحميد، فيستطرد قائلا:" نعم لاينكر أن الخير في أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأنه يوجد في هذه الطبقة رجال وقفوا عند ماحد الكتاب واستمسكوا من الدين بالعروة الوثقى وأضرم الدين في قلوبهم نار الحمية واستفز اليقين هممهم للنعرة الملية إلا أنهم قليل "
"وقد نظر مولانا أعزه الله ونصره الى عظم هذا الأمر وهول عواقبه فأصدر ارادته السامية بالنظر في وجوه تداركه فياللنعمة العظمى وياللرحمة الكبرى هشت لها قلوب المؤمنين وبشت لورود بشراها وجوه الصادقين وارتعشت أصوات التضرع الى الله بتأييد شوكة مولانا أمير المؤمنين وتأييد دولته وإعلاء كلمته."
ب- مقترحات للإصلاح:
1- من أين تكون البداية ؟!
قبل أن يدخل الإمام الشيخ محمد عبده في تفاصيل اصلاح التعليم الديني، يحذر لجنة الإصلاح في شخص شيخ الإسلام بقوله:- " وإنه بعد التأمل في الأحوال المتقدمة وهي ظاهرة مشهورة والوقوف على سببها الذي أشرنا إليه وهو غير خفي على مدارك مولانا شيخ الإسلام وأعضاء اللجنة الكرام نعلم أن أمير المؤمنين لم يرد من إصلاح الجداول أن يدرس في فنون المدارس الإسلامية بعض الكتب الفقهية مع بقاء التعليم على طرقه المعهودة في المساجد وفي دروس بعض العلماء فإن العلوم العملية إذا لم تبن على عقائد صحيحة وإيمان صادق لاتلبث أن تضمحل ولئن ثبتت فإنما تسوق الى خالية من سر الإخلاص لتكون أشبه شيء بالباطلة في عدم ترتب الأثر المطلوب عليها كما قدمناه. فلا بد أن يكون مولانا الخليفة أعز الله نصره قد أراد أن يوجه النظر الى فن تقوى به العقيدة وسيتحكم سلطانها على العقائد ثم ان تربيته تذكر بما تناله النفس من ذلك العنت فيكون التذككير مستحفظا لما يصل اليها منه.ثم الى فن الفقه الباطني وهو ماتعرف به أحوال النفس وأخلاقها والمهلك منها كالكذب والخيانة والنميمة والحسد والجبن وسائر الرذائل.والمنجي كالصدق والأمانة والشجاعة وسائر الفضائل .ويضم الى ذلك مافي علم الحلال والحرام على ماهو مذكور في الكتاب والسنة ومتفق عليه بين أئمة الملة الإسلامية. ثم الى تربية تحفظ ذلك وتروض النفس على العمل بما تعلم منه . ثم يكون التعليم في هذه الفنون المذكورة والتربية على وفق قواعدها مستندين الى الشرع الشريف بحيث تذكر مآخذها من الكتاب والسنة الصحيحة وما ثبت أثره من أقوال الصحابة وعلماء السلف الأول ومن هذا خذ وضم كحجة الإسلام الغزالي وأمثاله
ويقول الإمام الشيخ محمد عبده:- " فالمقصد بالذات علمان هما أصلان ومجموعهما ركن من الإصلاح والركن الآخر التربية بما يهديان اليه حتى يصيرر المعلوم ملكة راسخة تصدر عنها الأفعال بلا تعمد ثم يتبعها فن آخر يقوي على الغرض منهما وهو فن التاريخ الديني خصوصا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة الصحابة والخلفاء الراشدين ومن تأثرهم من الخلفاء العثمانيين العظام هذا اجمال ماإليه الحاجة من العلوم الدينية إلا أن لكل واحد مقدار على المبدأ والتوسط والنهاية وكل منها غذاء لطبقة من الناس لاقوام لحياتها الدينية والسياسية إلا به
2- تصنيف التعليم في الإصلاح:
قبل أن يدخل الإمام الإمام الشيخ محمد عبده في تفاصيل مايجب إصلاحه في التدريس الديني، أتى ببعض التصنيفات بين الناس بصفة عامة ، واقترح إجراء التعليم حسب هذه التصنيفات، فصنف الناس الى ثلاثة:
1- العامة من أهل الصناعة والتجارة والزراعة ومن يتبعهم .
2- طبقة الساسة ممن يعملون لدى الدولة في تدبير أمور الرعية وحمايتها من ضباط العسكرية وأعضاء المحاكم ورؤسائها ،ومن يتعلق بهم ومأموري الإدارة على اختلاف مراتبهم.
3- طبقة العلماء من أهل الإرشاد والتربية
أ- الطبقة الأولى:هم أولاد المسلمين الذين يوقف بهم غند مبادىء القراءة والكتابة وشيء من الحساب. يعلمون ذلك الى درجة محدودة ينتفعون بها في معاملاتهم ثم ينصرفون ثم ينصرفون الى أعمالهم الصناعية والتجارية والزراعية وما يشبهها وهم كتلامذة المكاتب الرشدية والعسكرية والملكية والمكاتب الخيرية الأهلية. فهؤلاء يهم الدولة منهم أن يكونوا تمام الطاعة إن عازتهم أرواحهم سلموها وان استقرضتهم أموالهم بذلوها محتسبين بذلك في سبيل الله غيرساخطين ولا مستكرهين ثم لايكون لوسوسة أجنبي منفذا الى قلوبهم ،فيجب أن يودع في أفئدتهم لبدايات تعليمهم مواقد الحمية ومعاصم الأنفة الملية ككما كان ذلك في نشأة الإسلام وبداءة الخلافة العثمانية وكما هو معروف الآن عند الأمم الأوربية مما أخذته عن أسلافنا.ولاتدرك هذه الغاية من أبنائنا الا بعقيدة صادقة واستقامة ثابتة ومحبة خالصة ولهذا ينبغي أن توضع لهم كتب التعليم الديني على الوجه الآتي:
1- كتاب مختصر في العقائد الإسلامية المتفق عليها عند بلا تعرض للخلاف بين الطوائف الاسلامية مطلقا يستدل فيه على العقائد بالأدلة الإقناعية القريبة المثال مع الاستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة والإلمام بشيء من الخلاف بيننا وبين النصارى وبيان هذيانهم في معتقداتهم لتكون الخواطر في استعداد لدفع مايرد عليها من وساوس دعاة الإنجيل المنبثين في كل قطر.
2- كتاب مختصر في الحلال والحرام من الأعمال وبيان الأخلاق الخبيثة والصفات الطيبة والتنبيه على البدع المستحدثة التي لم يرد في الكتاب فرضها ولا في السنة أثرها وظهر في العامة ضررها ويستدل فيها بآيات الكتاب وأحاديث السنة وأعمال الصديقين من سلف الأمة ولابد أن يكون مدار الكتاب على أن الإنسان انما خلق ليكون عبدا لله. فكل شيء دون الله ورسوله مبذول.
3- كتاب في التاريخ الديني مختصر يحتوي على مجمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة الصحابة من وجه مايتعلق بالأخلاق الكريمةوالأعمال العظيمة وفداء الدين بالأرواح والأموال مع الإلمام بالسبب في تسلط الاسلام على الأمم في وقت قصير مع قلة أهله وكثرة معارضيه وقوتهم واثبات أن ذلك انما كان بسر الصدق في المكافحة والاتحاد في المجاهدة وكل ذلك على وجه مختصر ثم يتبع ذلك بتاريخ الخلفاء العثمانيين مختصرا.
ثم تكون هذه الكتب للعثمانيين من العرب عربية ومن الأتراك تركية ومن غيرهم بلسانهم إن وجدوا وما يذكرفيها من الآيات والأحاديث يفسر باللغة الموضوعة فيها
ب- الطبقة الثانية: هم أبناء المسلمين الذين ينتظمون في المدارس السلطانية والشرعية والملكية والحربية والطبية وما يتبعونها . والذي يهم الدولة منهم أن يكونوا اسنادا لها حفاظا لما استحفظوا عليها من شؤونها الجندي منهم حامل لنفسه على ذباب سيفه حتى ينتصر أو يموت والمحكم منهم لفصل الخصومات قابض على ميزان العدالة ناظر الى كنف النظام فهو يتحرى الحق ويحكم به أو يموت . والمولىّ منهم أمرا في ادارة الرعية آخذ منظار بحذق ودراية ليستبين مايخفى من مصالح الرعية وما يدق من مسالك أحوالها ليضبط الأحوال ويلزم الحدود ويوفر وسائل العمران فهو يقيم للدولة ماقامت من مصالح رعاياها إلا أن يحول دون ذلك الموت فيموت.
فهذه الطبقة بعد أن تشارك الطبقة السابقة في مبدأ التعليم الديني يزاد لها بعد ماتقدم كتب أعلى من تلك التي في الفنون نفسها لتوضع لهم في المدارس العالية أو الإعدادية على الوجه الآتي:
1- كتاب يكون مقدمة للعلوم يحتوي على المهم من المنطق وأصول النظر وشيء من آداب الجدل.
2- كتاب العقائد يوضع على قواعد البرهان العقلي والدليل القطعي مع التزام التوسط واثبات الطريق الأقرب ومجانبة الخلاف بين المذاهب الاسلامية أيضا . إلا أنه يتوسع فيه فيما بيننا وبين النصارى لايضاح الفساد اللازم لعقائدهم بوجه أجلى وأوضح وتفصيل شيء من فوائد العقائد الاسلامية في تقويم المعيشة المدنية فضلا عن غاية السعادة الأخروية.
3- كتاب يفصل فيه الحلال والحرام،وأبواب الفضائل والرذائل ببيان أكثر مما في البدايية وتوضيح لأسباب الأخلاق وعللها وآثارها على وجه يقنع العقل وتطمئن اليه النفس ثم بيان الحكم ببعض الأحكام الدينية وفوائدها في الحياة البشرية مع الاستناد في هذا وفي سابقه الى الى نصوص الدين وسير السلف الصالح كما تقدم ويكون مدار الكلام في الكتابين على مايضرم الحمية في القلوب ويرفع النفوس لمقام لايطلب فيه الا معالي الأمور.
1- كتاب تاريخ ديني يحتوي على تفصيل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسير الصحابة والفتوحات الاسلامية العظيمة في القرون المختلفة وما جاء به الخلفاء العثمانيون من ذلك والاتيان على كل هذا من وجه ديني محض فان ذكرت فيه الوجوه السياسية كانت تابعة للفرع الديني ويبين في هذا الكتاب ماكانت تنبسط اليه سيادة الاسلام من أقطار الأرض وديودع فيه من العبارات مايحرك القلوب الى طلب المفقود فضلا عن حفظ الموجود ثم تبسط فيه أسباب التقدم الاسلامي بأدق مما كان في السابق.وأبناء هذه الطبقة كالسابقين من اخوانهم يكفيهم أن يتعلموا هذه الكتب بألسنة آبائهم ومايذكرمن النصوص العربية ينشرلغيرالعرب كما سبق ولا يلزم لتربيتهم أن يتعلموا اللسان العربي الا مايفرض عليهم في العبادات . وما يتلونه من ذلك فلا بد من ايقافهم على حقيقة معناه بالتفسير حتى ييكون كل قائل عارفا بمدلول مايقول ليترك الذكر أثرا في الفكر كما هو مطلوب الشارع. وقد يندرج في هذه الطبقة بعض من يناط به التعليم في المدارس والمكاتب الاسلامية الابتدائية اذا وجدت فيهم الأوصاف التي تؤهلهم لذلك من الحمية والعفة ومحبة الدولة والوقوف عند أحكام الشرع الشريف مع التبصر في الممنوعات والمطلوبات وتمميز ماهو من الدين مما ليس منه وإن خالف أوهام العامة
2- الطبقة الثالثة:
هم أبناء المسلمين الذين عقلوا ماتقدم من كتب الطبقتين وكشف الامتحان امتيازهم في فهمها وتخلقهم بالصفات المقصودة بوضعها . فانتخبوا لذلك على أن يرقى بهم الدرجة العليا في العلم والعمل حتى يكونوا عرفاء الأمة وهداة الملة ليناط بهم التعليم الديني في المدارس العالية والاعدادية والابتدائية اذا كثر عددهم وبهم يناط التعليم لأهل طبقتهم .فهؤء لايكفي لابلاغهم الغاية المطلوبة للدولة منهم دراسة ثلاثة أو أربعة من الكتب الدينية بل يجب أن يزاد لهم على ماتقدم كتب كثيرة يزدادون بها بصيرة في دينهم ويكتسبون القدرة في البيان لإفادة غيرهم فمن المعلوم أنه لايكفي المرشد مايكفي المسترشد. ولأجل هذا نقتصر في بيان مايحتاجون اليه على ذكرالفنون دون استعراض لأعيان الكتب إلا قليلا. فلتكن الفنون على الوجه الآتي ان شاء الله.
1- كتب تفسير القرآن: هذا أعظم مايتحاج اليه ليفهم القرآن تفهما وتطلبا لما أودع الله فيه من الأسرار والحكم . فالقرآن سر نجاح المسلمين ولا حيلة في تلافي أمرهم الا ارجاعهم اليه وما لم تقرع صحبته أعماق قلوبهم وتزلزل هدّته رواسي طباعهم فالأمل مقطوع . ونحبذ أن يؤخذ القرآن من أقرب وجوهه على ماترشد اليه اللغة العربية ليستجاب الى دعوته كما استجاب لها رعاة الغنم وساقة الإبل ممن نزل القرآن بلغتهم . والقرآن قريب لطالبه متى كان عارفا باللغة العربية ومذاهب العرب في الكلام وتاريخهم وعوائدهم أيام الوحي . فعلم ذلك من أجود الوسائل لفهمه .فإذا احتيج الى وسيلة أخرى فأولاها مطالعة كتب التفسير الذاهبة مذهب تطبيق مفاهيم الكتاب على المعروف عند العرب كتفسير الكشاف وتفسير القمي النيسابوري ومن أخذ مأخذهما .
2- فن الحديث : على شرط أن يؤخذ مفسرا للقرآن مبينا له. مع اطراح مايخالف نصه من الأحاديث الضعيفة والاجتهاد لارجاع الأحاديث الصحيحة اليه اذا كان ظاهرها يوهم المخالفة .
3- فنون اللغة العربية من نحو وصرف ومعان وبيان وتاريخ جاهلي وما يتبع ذلك ليتمكن بها من فهم القرآن والحديث .
4- فن الأخلاق والآداب الدينية بتفصيل تام وإحاطة كاملة على نحو ماسلك الإمام الغزالي في الإحياء مع تطبيق تلك القواعد الأدبية الشرعية على الأحوال المشهورة.
5- فن أصول الفقه:من وجه ما يمكن من صحة الاستدلال بالنصوص الشرعية ويوقف على الكليات الشرعية ليستأنس بها في فهم الأحكام ونرى أفضل كتاب يفيد المقصد كتاب الموافقات للشيخ الشاطبي المطبوع في تونس.
6- فن التاريخ القديم والحديث: ويدخل في ذلك سيرة النبي صلى الله عليه وسلم بالتفصيل وتاريخ الانقلابات التي عرضت على الممالك الاسلامية الأولى وتاريخ الدولة العثمانية وما كان منها في انهاض الإسلام من كبوته التي كباها في القرون الوسطى بعد الحروب الصليبية مع التدقيق في أسباب ماوصلت اليه الملة في هذه الأيام ليتبين أنه لاسبب لذلك الا الجهل بالدين والانحراف عن أحكامه وانشقاق عصا الأمة الذي لاطائل له.
7- فن الخطابة والإقناع وأصول الجدل لغرض التمكن من تقريرالمعاني في الأذهان وتثبيت العقائد في النفوس وإلزامها الأخذ بمكارم الأخلاق وفضائل الأعمال والارتفاع بها عن دنايا الصفات وسفساف الأمور.
8- فن الكلام والنظر في العقائد واختلاف المذاهب والبحث في أدلة كل لا لتحصيل العقيدة بل لزيادة البسطة في الفكر والسعة في الرأي .ولا بأس بقراءة الكتب الحكمية الاسلامية لتمكين الاحاطة بوجوه المسائل العقلية.
ويعدد الإمام الشيخ محمد عبده لطلاب هذه الطبقة الأسس التالية:
1- لابد أن تكون هذه الطبقة تحت نظر شيخ الاسلام خاصة وتكون إدارتها تحت عنايته في سلكك مخصوص .
2- أن يدعى لها بالمدرسين المتبصرين من أي أرض يوجدون بها
3- أن ينتخب طلبة العلوم لها من أقوى الناس إدراكا وأزكاهم أخلاقا
4- أن يراعى في انتخابهم كمال الدقة في الامتحان .
5- أن لايعطى الطالب منها شهادة ببلوغه الغاية من علومها وتأهل للتدريس إلا بعد الامتحان الشديد في العلوم المتقدمة والبحث الكامل عن سيرته وأحواله وأعماله والتحقق من تقدمه في الفضيلتين العلم والعمل.
إصلاح التعليم:-
1- إن المكاتب والمدارس المنشأة في الممالك العثمانية إن لم تكن قليلة بالنسبة للرعايا العثمانيين فالداخل اليها قليل بالنسبة الى عدد الأهالي . فإن الجمهور الأعظم من سكان القرى والأغراب المتنقلين في أكناف المملكة وأشباههم لايرون ضرورة لتعليم أبنائهم ولا يقدرون التربية الحسنة حق قدرها فإصلاح جداول التعليم في المدارس لاتصيبهم فائدته بل يحرمون منها كما يحرم الكبار من العامة اذا جاوزوا سن التعليم وهؤلاء وأولئك من جسم الدولة ولهم وظائف من الأعمال يطالبون بأدائها والحال فيهم من الجهل على ما وصفنا والمضرة اللاحقة بالدولة من جهلهم هي كما بينا . فمن الواجب الإلتفات اليهم بإصلاح أرواحهم لتستفيد الدولة منهم فائدتها من سواهم .وذلك لايكون الا بترتييب دعوة تنبههم الى الواجب عليهم من تعليم أبنائهم ونحملهم على السعي في تربيتهم ثم تخدعهم من طبائعهم وتلين من قساوة قلوبهم . ثم انهم لو رغبوا في التعليم وكلفت الدولة بإنشاء مكاتب لتربية أبنائهم والانفاق عليها لزادت النفقات لكثرة مايلزمها من المصاريف في إدارة شئون المملكة .فلا بد أن يكون من وظائف الدعاة تحريض الموسرين والأغنياء أن يبذلوا من فضل أموالهم ماينفق في انشاء المكاتب وعمل التعليم فيها ويؤلفوا لذلك لجانا وجماعات في كل بلد وبقعة ، لتدبيره والقيام عليه تحت مراقبة من يقدم بالدعوة فيهم.
2- ويكون من وظائف الدعاة إلقاء الوعظ العام في المساجد والمجامع ليذكروا الناس بما نسوا من دينهم ويعرفونهم ماجهلوا منه ويشربوا قلوبهم حب الدولة ويقرروا في نفوسهم بلطف البيان أن أمير المؤمنين وخليفة رسول رب العالمين أولى بهم من أنفسهم.
3- خصائص المرشدين:ومن ذلك أن يكون لأهل الدين دعاة مرشدون ينبثون بين العامة ليستفتوهم على أمور دينهم ويبادرونهم بالدواء قبل استفحال الداء. وهؤلاء المرشدون يجب أن يكونوا على الأوصاف التي شرحناها في أهل الطبقة الثالثة علما وعملا. وبالجملة فلا بد أن يكونواأطول الناس باعا في الفنون الأدبية الشرعية وأسعهم علما بعلل الأخلاق وأمراض النفوس، وأقدرهم على التماس منافذ القلوب للدخول اليها بما يصلحها. ثم يكونوا أقوم الناس سيرة لايخالف عملهم قولهم فيكونون مثالا للناس يحتذونه وقدوة لهم يتبعونها ثم لابد أن يكونوا في كل قوم بلغتهم بل يجب أن يكونوا ممتازيين بفصاحة اللسان وجودة النطق بين القوم الذين يرشدونهم ليقبلوا عليهم بالاستماع.
4- خطب الجمعة :ومن هذا تلزم المبادرة الى اصلاح الخطبة في مساجد الجمعة وتوليتها قوما يحسنونها وييدرجون فيها مايمس أحوال العامة في تصرفاتهم المشهودة ويبينون لهم مضار الفساد ويهدونهم سبل الرشاد كما هو مقصود الشارع في فرض الخطبة في الجمعة . وهذا باب عظيم من الإصلاح إذا وجهت العناية إليه رجونا منه النفع الكثير والخيرالغزير.
مسألة: مايلزم من معلمين وكتب من أجل الإصلاح ؟
ويتناول الإمام الشيخ محمد عبده ذلك على شكل مواد، فيقول:
1- فإن سأل سائل أين الكتب التي توضع للطبقة الأولى والثانية من المتعلمين ؟ وأين الرجال الذين يصلحون للتعليم والتربية ؟ وأين الذين يقومون بتربية الطبقة الثالثة وتهذيبها ؟ وأين الذين يمكن للدولة أن تعتمد عليهم في إرشاد العامة وتبثهم دعاة؟ ثم من أين توجد مصاريف هذه الأعمال ؟ ثم كيف شرطت في أهل الطبقة الثالثة أن يحصلوا تلك العلوم الكثيرة مع الإيغال فيها والوصول الى حقائقها وذلك يستدعي زمنا طويلا.
فالجواب: أما وضع الكتب للطبقتين فسهل جدا ولو كان أحدنا لوضعها لتيسر ذلك بعون الله عز وجل.في أقرب وقت ممكن متى صدر الأمر بذلك تحت نظر مولانا شيخ الإسلام.
2- أما الرجال الذين يعلمون في الطبقتين الأوليين وفي الثالثة أيضا ، والذين يليقون لوظيفة الإرشاد فهم اذا تعسر وجودهم في بلد واحد أو مدينة واحدة فالبحث عنهم في اطراف بلاد المسلمين يهديي الى الكفاية منهم لبداية المشروع متى صدقت النية وخلصت الوجهة لله وللحق في البحث والاختيار.
3- ويكتب الإمام الشيخ محمد عبده مايلي عن طول فترة التعليم:" وأما طول الزمان في التعليم على أهل الطبقة الثالثة فقد علمنا أن الرؤساء الروحانيين من الطائفة النصرانية يقيمون في تعلم لاهوتهم خاصة خمس عشرة سنة بل وعشرين زيادة على الزمن الذي يصرفونه على سائر العلوم . ومن المقرر عندنا أن مايشتغلون به هو الباطل . فليس من المنكر ولا الغريب أن يطول على طلاب الحق زمن البحث للإحاطة بأطرافه حتى يتمكنوا من نصره وتأييده.
4- المصاريف : وفي هذا الموضوع يقترح الإمام الشيخ محمد عبده مايلي : " وأما المصاريف فإنه متى وجد ولو عدد قليل من الرجال العارفين الصادقين وهم موجودون في زوايا الخفاء يظهرهم البحث الصحيح والطلب الدقيق.وقاموا في الناس بالنصيحة من قبل الدولة وظهر حسن تصرفهم واستقامتهم فتتأكد ثقة الناس بهم فلا تقصر أيديهم عن تخليص الأموال الوافدة من أيدي المؤمنين المترفين من أهالي المملكة العثمانية بل وغيرهم لتصرف في هذا السبيل . ويقول الإمام الشيخ محمد عبده:" إن ما وصلت إليها الأمم الأوربية يجب أن يكون حافزا لنا كي نفكر ، ولابد أن نتحرك على ضوء ذلك التفكير..
وبالثقة بعون الله وتوفيقه يذكرنا الإمام الشيخ محمد عبده بهذه الآيات الكريمة:" إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون" ( سورة النمل الآية 128)، " ياأيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولاينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم" ( سورة التوبة الآية 33)
" هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال" ( سورة الرعد الآية 11)
وضع العلماء:
يرى الإمام الشيخ محمد عبده أن هذا الإصلاح عندما يطبق لابد أن يتابع العلماء، وأن يحذروا عندما يخالفون الأحكام ومايدرسونه، فالعاملون في هذه الوظيفة والمعلمون يجب أن يكونوا مجهزين بأحسن الصفات العقلية، وعليهم أن يركزوا اهتماماتهم بتصرفاتهم وتناولهم الأنسب لموضوع العقيدة التي يدرسونها، وعليعم أثناء التدريس أن يهزوا قلوب الطلاب فيوقظوهم ويحمسوهم وذلك غاية التدريس الديني. يقول الإمام الشيخ محمد عبده في هذا الموضوع:" إن غاية التعليم الديني في كل الدرجات، هو تثبت حب الدين في القلوب، واعتبار فوق كل شيء في أعمالنا، وبهذا التفكير نحصل على القوة الروحية والمالية بسرعة، من أجل حفظ الدين ونؤيد أمير المؤمنين الذي يحافظ على هذا الدين خير الحفاظ . ولتكن الأمة مدركة لمسؤوليتها متخوفة من أحداث التقصير. ولتكن كلماتها هي السائدة في السياسات الخارجية - بواسطة حكوماتها- وذلك بعد تأمين الطمأنينة الداخلية للمسلمين. إن المقصود الوحيد لبرامج الإصلاح هذه، هي إحياء هذه الأمة التي أشرفت على الهلاك.
نتيجة التعليم الديني الصحيح:
وفي تقريره يقول "الإمام الشيخ محمد عبده " عن هذا الموضوع:" يجب أن نؤمن قطعيا بأن التعليم الديني إذا تم إصلاحه بالأساليب المتطورة فسوف تسري الحياة من جديد في هذه الأمة العثمانية، وإن هذه الحركة ستوحد جميع المسلمين رغم كل الأعداء تحت راية الدولة العلية العثمانية، وستحقق كلمة التوحيد الإسلامية بأسرع ما يمكن.
الإمام الشيخ محمد عبده جاهز للمهمة:
ويبين الإمام الشيخ محمد عبده في نهاية مشروعه أنه مستعد لتقديم ما يستطيع من أجل تحقيق كل هذه الإصلاحيات ويعبر عن ذلك بقوله :" فإن دعينا إليها لم نتأخر عن بثها والله الهادي إلى سواء السبيل "