سحابة صيف
أخذت السماء تتأمل شؤون الناس في زمن امتهن الشر فيه حرفة ، زمن رفعوا فيه لسفينة الحياة شراعا نسج من خيوط الطمع واللهفة ،
قلبت بصرها من بلد لبلد ومن مدينة لمدينة ومن شارع لآخر حتى أصابت بسهام نواظرها رجلا لم يكن كباقي الناس ، رجلا لقبه الناس بالمجنون
شعره كثيف ووجهه مصفر تراكبت مقلتيه وتداخلت في وجنتيه ، على جسده النحيل رقعة من قميص ازرق وسروال ممزق يجر أذياله وسط المدينة
حافي القدمين حانيا ظهره واضعا يده اليسرى على بطنه من شدة الجوع ممسكا باليمنى قطعة خبز دنيئة دناءة المزبلة التي أخذت منها ، لو أن
الوحوش رأته لتقطعت قلوبها ولكن قلوب الناس في تلك الصبيحة كانت مغلفة بجدار حب الذات الملذات .
رثت السماء خاله فبكت ، بكت ودمعوها على الأرض جرت ، سرقتها الأحلام صعقتها الآلام فومضت برقا ، اصطكت اسنانها غضبا فأسمعت الناس رععدا،
لا زالت على حالها تصارع أهوالها وتتبعه بعيونها لى ان اتخذ حيطا من الحيطان متكأ له يريد التهام ما معه و لكن انين طفل تسرب الى مسامعه ، ادار
المجنون رأسه ببطئ شديد حتى لمحه ، كان طفلا هزيلا عيناه البريئتان ذابلتان تذرفان دمعا حرك هذا فيه فطرته الانسانية ومشاعره النقية ،رسم على
وجهه اابتسامة صادقة ، اتجه نحوه اعطاه ما معه وقد آثره عن نفسه ..
في هته اللحظات انجلت غمامة السماء لتضهر زرقتها، زرقة الأمل فالخير اصل ولو قل وما هذا الزمن الا سحابة عابرة ، سحابة صيف .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|