مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
لغة الشوق والفرح - الكتاب الفلسطيني - طلعت سقيرق
[align=center][table1="width:100%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/92.gif');border:4px double purple;"][cell="filter:;"][align=justify]
نقترب من شباك الشوق فتدمع العين ، ونقترب من شباك الفرح فيصفق القلب أو يكاد.. لكل شيء طعمه .. للعيد طعمه.. للشوق طعمه .. للحبّ طعمه .. ومن الصعب أن نكسر الأشياء أو نتخلى عنها بدعوى هذا الشيء أو ذاك ، فالحياة يجب أن تعاش بكلّ ما فيها ، ويجب أن نتواصل معها بنبضها الممتد.. وطبيعيّ أنّ من فقد وطنا ، وبيتا ، وشارعا ، ووجودا في زمن ومكان ، تختلف مشاعره عن أيّ إنسان آخر.. وله حين يكون العيد مفتوحا على الأيام أن ينظر من شباك العمر إلى هذا العيد نظرة اللاجئ المبعد عن الوطن ، البعيد عن كلّ شيء .. لكن هل يعني ذلك انكسارا نفسيا ينفي طعم الفرح بشكل مطلق ، هل يعني ذلك أن نمشي بكيان مطوي مقهور غريب؟؟.. هل يعني ذلك أن يكون الفلسطينيّ دون ملامح ، أو بملامح كابية مطوية ممسوحة ؟؟.. ولماذا؟؟..أليس من حق هذا الإنسان أن يكون مليئا بالفرح مع كل عيد؟؟.. أليس من حقه أن يفرش الأمل في كل درب مع كل نسمة فرح ؟؟.. إنه شيء طبيعيّ أن نحب ونفرح ونملأ الدنيا بما نريد ..
المقاومة باعتقادي تكون خاسرة ومتراجعة ولا معنى لها لو أنها ارتبطت بالحزن والكآبة والذوبان والتراجع .. وهي بالتأكيد تختلف تماما عندما تكون مقاومة أمل وفرح وتصميم وتشبث بكل ما هو أصيل .. فالعطاء إشراق مثل إشراق الشمس، يضيء كل شيء ، وأول ما يضيء النفس والذات والإيمان داخل كل واحد منا .. لا خطوة إلى الأمام إن كنا مكسورين ، ولا خطوة إلى الأمام إن كنا مهمومين حتى التراخي والفقد والشعور بالتراجع الدائم .. علينا أن نرسم الصورة بشكلها المشرق المتطلع إلى الضوء الرائع الذي يشع ثقة حين نتشبث به ولا نتركه لحظة واحدة .. أما حين نكون غير ذلك فلا معنى لأي مقاومة مهما كانت قوية شديدة متماسكة.. فكل مقاومة هي مقاومة أمل قبل أي شيء آخر ، وكل مقاومة هي مقاومة فرح لأنها تسعى إلى التحرير والعودة وتخليص الأرض من غاصبها ..
يطلّ العيد ، فترقص العصافير دفعة واحدة معلنة أنّ الشجر المحنى بالنشيد معقود بالانتظار .. وحين يقول الشارع للشارع كل عام وانتم بخير ، والشباك للشباك كل عام وانتم بخير ، والوجوه للوجوه كل عام وانتم بخير تتغير الأشياء وتكبر الصور وتصير أحلى .. فنبع العيد مأخوذ من إحساسنا الذي لا يهدأ بأن الوطن عائد .. ولأن الوطن عائد ، فلا شيء يكسر فينا ضوء الأمل ، لا شيء يمكن أن يغير فينا إيماننا الشديد بخطوة مرسومة على شارع يقودنا مباشرة إلى بيتنا هناك في فلسطين ، هذا البيت الذي لا نقبل سواه ، لأنه حق والحق لا يمكن التخلي عنه ..
يطلّ العيد ، فنقول بكل ما فينا لكل وردة كل عام وأنتم بخير.. نقول لكل صورة من الصور كل عام وانتم بخير.. نقولها كبيرة بحجم إدراكنا الذي لا يخبو أننا نحبّ الوطن بقدر حبنا للحياة ، ونحب الحياة بحجم حبنا للوطن ، ونحب أن نستمر في العطاء بحجم حبنا للفرح الذي يقودنا نحو صباحنا المشرق الجميل .. إنه العيد ، والعيد حين يكون بحجم وطن ، بحجم حياة ، بحجم شمس مشرقة ، لا بدّ أن يأتي كبيرا رائعا مضيئا حاملا كل معنى الزمن الجميل ..