رد: الإخـــــلاص الأنانـــــــي
الزميلتان الأديبتان فاطمة البشر وخولة الراشد
مداخلتان شيقتان حقا.
اود توضيح "انانيتي" في خياري لهذا النص ، وما وجهني لهذا المبنى الفكري القصصي.
الفلسفة تفسر الواقع، وقد اهتمت الفلسفة الاغريقية بكل ما يتعلق بطبائع الانسان، وما اوردته في القصة هو لتزويد القارئ بمعرفة اولية ، بأن الفكر الانساني منذ الاغريق، كان متنبها للكثير من العوامل التي تبدو وكأنها بنت يومنا.وقد جاءتني فكرة القصة وانا أقرأ عن مفهوم الأنانية الفلسفي ، وكيف فسره افلاطون وصحبه، فبدأت خيوط الحدث القصصي تتشكل ، حول قضية تعتبر في المجتمعات العربية والغربية ظاهرة سائدة، تقريبا بنفس العقلية ونفس الميول الأنانية.
لا اعني بالأنانية سلبيات أخلاقية اطلاقا. هي ظاهرة أخلاقية لها جوانبها الايجابية الكبيرة، وتخلق دوافع للتقدم والرقي . ولها جوانب سلبية، يبدو ان التعبير يوحي بها تلقائيا.. لو عدنا للتعبير اللاتيني نجد أن الأصل جاء من ego والتي تعني "أنا" والمصطلح تحول الى egoism , وتفسره الفلسفة الحديثة بأنه مبدأ في الحياة( انظر تعبير "مبدأ") وخصلة خلقية يدلان على سلوك الانسان من زاوية موقفه من المجتمع والناس الآخرين، وان الانسان يؤثر في علاقاته مصلحته الخاصةعلى مصالح الآخرين، وهذا أمر طبيعي بحدود أخلاقية معينة.وتشكل الانانية احدى أكثر تجليات الفردية صراحة وعلنية.
من الخطا تقييمها سلبا فقط ، لأنننا بدون الأنانية نفتقد للكثير من الدوافع الايجابية التي تعود بالخير من "نشاطنا الأناني" على المجتمع والناس. والنموذج الأقرب كتابة نصوص قصصية تشد القارئ وتثير اهتمامه ونشاطه الذهني.. الكاتب لولا انانيته ، لما امسك القلم.. الكتابة هي تعبير عن تجليات الأنانية ، التي يطمح اليها كل من حمل القلم وابدع نصا ما.. فهل نقول عنها لا أخلاقية؟
اذن الأنانية تخضع للنسبية أيضا.. أي ان الحكم عليها غير مطلق.. انما قياسا لعدم تجاوزها حدود حق الآخرين بان لا يخضعوا لأنانية فرد ما لدرجة الغاء انانيهم .. والنظريات الجديدة واسعة للغاية، وبعضها يربط الأنانية بنوع النظام أيضا، وليس بالفرد فقط...وما جعلني اضيف افلاطون وصحبه للقصة ، ينبع من قناعتي ان القصة ليست نصا للمتعة فقط، انما مادة فكرية للتوعية ايضا ، التوعية للواقع الاجتماعي والتوعية الذهنية بما ابدعه الفكر الانساني، وواضح أن الفلسفة تشكل قمة الابداع الذهني للبشرية.
|