بقلم : فاطمه البشر
هناك حيث اللامكان واللازمان تراهم يرقصون على جثث الأحياء ، ومن يرقص هم الموتى أنفسهم ! ربما تشك أنك في حلم ، لكن لو تحققت فستجد أنك في الواقع ، الواقع الذي أصبح فيه الموتى أحياء والأحياء يموتون كل لحظة . يكرم الموتى ، ويتوجون بالأوسمة وأرفع الأسماء ، والأحياء مازلوا يبحثون عما يبقيهم أحياء بين القمامة !
ربما تشك أنك في عالم آخر أو أنك قد جننت ، لكن تأكد أن هذا هو ما نحياه ، ربما لم نعشه كما عاشوه ، لكن يكفي أننا نراهم يموتون كل يوم مئة مرة ، ولا باليد حيلة. ربما لم أكن قد تأكدت تماما من أن هناك فئة من الناس تعيش هكذا ، وربما كان الحد الذي وضعته لأدنى درجات الحياة كان عاليا جدا في واقع لا يعرف إلا العلو على هامات الآخرين !
أين الإنسانية عندما يدوس الضابط الذين تجب عليه حمايتهم ؟! وعندما يغلق المسئول الباب في وجه من أوصله إلى الكرسي خلف الباب الموصد ؟! عندما ترتفع ذراع أحدهم على من حملته في رحمها تسعة أشهر ؟! وأين تلك الإنسانية عندما ترى المصورون يتسابقون ليحصلوا على سبق صحفي في تصوير طفل يموت جوعا، وتجدهم يتساءلون ماذا يمكننا أن نفعل ؟!
ربما تكون الإنسانية في بناء محميات للحيوانات للحفاظ عليها من الانقراض ! وأصبح للحيوانات محميات، أما البشر فمحمياتهم في السجون ، وفي المقابر الجماعية !
يا له من واقع حقير يقدس ما خُلق للإنسان ، على حساب الإنسان ، ربما كان من الأفضل لنا لو جعل الإله مكاننا في الغابة ، ليكن هناك شيئا من التناغم بين المكان والشريعة المطبقة في ذلك المكان ! ثم تراهم يلتقطون فتات الأمور ليصنعوا منها حادثة يتكلمون عنها في مجالسهم ، ويا ليتهم يتحدثون عندما يصبح للكلام معنى !
قد أصبح للامكان مكانا وللازمان زمانا ، وهو مكاننا وزماننا في لحظتنا هذه ، ربما كان مكاننا وزماننا يحكى عنه في القصص الأسطورية المخيفة ؛ وها قد تحققت الأسطورة. وقد تتحقق أسطورة " أطلس " الذي حكم عليه بحمل الكرة الأرضية على كتفيه !
ربما تلك الأساطير التي نرويها الآن عن الحب والحياة السعيدة قد تتحقق في زمان ما ومكان ما بعيدا عن هذا المكان والزمان ، فقد تشبعا جشاعة وخيانة وقسوة ونذالة ، وعقبات لا تعد تواجه من لا يستخدم كهذه الأدوات في الحياة ...
ربما كان من المستحسن أن يعيش كل فرد بروحه ، بدل إنشاء المجتمعات للحروب والفضائح !