يوميات جريحة في صحراء بعدك
أحتاج كثيراً أن أكتب وأحكي وأشكو لك كعادتي، أن أخلع عن وجهي قناع قوتي وأستسلم لتمرد ضعفي وزفرات أنّاتي أمام هذا الشعور بالذعر والقهر الذي استوطن على حين غفلة أيام حياتي
عن أشباح الليل التي تلاحق أنفاسي، عن حكايات وحدتي وغربتي ونزف روحي وجحيم دموع تلسعني في بعدك أنت
اشتقت لك ولم أعد أطيق بعدك، اشتقت لك جداً وأشعر بأني أصبحت أضعف من سيف الانتظار ...
بين رجاء وذهول وخوف في وادي من الحرمان ساهرة في عينيك أنتظر صحوتهما إلى أن يلوح مع كل صباح شفق احمرار عينيّ لأتوه من جديد في صحراء غربتي ووحدتي والناس من حولي والشمس التي لم تعد تشرق عليّ...
ما أصابك أصابني في مقتل وجعلني أشبه ما أكون بجثة تحمل نعشها فوق أكتافها وتتحرك في دروب وعرة المسالك شائكة لا تنبت فيها غير الوحوش
جثة أنا تنزف روحها شيئاً فشيئاً وهي تسير فوق هذه الدروب الوعرة، ورائحة القبور وطعم التراب يملأ حواسي...
على صخور مرضك تحطمت ذاتي وتناثرت أشلائي كآخر أدمع الكون ميتة تحمل نعشها وتمضي بعيداً وقد سقط أو يكاد آخر عنقود الحياة في دالية عمري...
جريحة أم ذبيحة لست أدري غير أني أنا لم أعد أنا ولم أعد أشعر بالحياة تضخ في شراييني!
أبكي... أضحك... أتحدث... أمشي... أجلس... أحتسي قهوتي...
ما الذي يعيدني إلى الحياة بعدما فقدت رمز شيفرة الأمان؟!
جبل أنت ما ظننت يوماً أن يقع والجدار الصلب الذي كنت أستند إليه يا ابن عمتي
لو تعرف ماذا فعل بي مرضك وكيف شعرت أني لا أقف على أرض ثابتة وكيف فقدت الشعور بالأمان
لا يا طلعت، في عز أزمة مرضك لم أصدق حرفاً من كل ما قيل ولم يخالطن الشعور لحظة أنك على درب الرحيل مضيت مبتعداً...
كنت وما زلت أشعر رغم كل الذعر وقسوة الجرح ومرارة النزف أنك ما زلت هنا وأنك عائد وأن قوتك الروحية وشفافيتك ستحميك، لكن الألم كان مريراً وشعوري بالأمان هو الذي انهار والحزن التهم مبسمي والخوف حطم صلابتي على صخور مفاجئات الأقدار وبتّ في حالة ذعر دائم من المجهول الذي لم يأت بعد ويمكن له أن يغدر بنا في أية لحظة دون أن يعطينا أي مؤشر....
آه يا طلعت ما أقسى هذه الحياة حين يخيم الخوف فوق صفحاتها ونسير في مسالكها على غير هدى
هدى الخطيب
مونتريال في 10 تشرين الأول/ أوكتوبر 2011
[/align]